عبد الكريم البليخ عشقت لينا هَويان الحسن، التي تعد من الوجوه البارزة في الرواية السورية، مكر البادية وأضواءها البرّاقة، ومعتركاتها ولهو شبابها وشاباتها، في ظل متاهات مبهمة، منذ نعومة أظفارها. فرحت بتآويل الحياة، على الرغم من منغّصاتها وآلامها، ولم تكن تعرف يوماً أنَّ البادية ستكون هي الملهمة الأساس لحكاياتها وحوارياتها.
كانت صرخاتها تتحدّى المحيط، أو بالكاد، وهي تعلن حريتها التي استوحتها من رمال الصحراء، ومن سراب البادية، وشيم أهلها الذين يتحلّون بالشجاعة والذكاء الفطري، واحتفائهم بالضيف وتكريمه، والانغماس بما يتطلبه الحال حيال أي شيء نقيض ذلك. وسبق أن حازت على جائزة “ابن بطوطة لأدب الرحلة”، عن كتابها “كعب الجنية”.. وهي تعمل بشعار “اجعل من نفسك بحيث لا يُعوضك أحد”. وتؤكد “أن الأدب مثال ريشة الطاووس الملونة التي تشبه في الوقت نفسه العين. الأدب عين سحرية تتحرى التاريخ، لا دوافع عندي غير الشغف”. عن ولادتها تقول: “ولدت يوم تختبئ الظباء، وتسرح الذئاب. احتفلت دائماً بيوم ميلادي تحت سطوة عواصف يناير المهيب، القاسي، اللامبالي، الكتوم، حاكم أعماق الزمن، تحت اشراف كوكب زُحل الذي تقود الثعابين المجنّحة عَربته الإلهية. مواليد برج الجدي يتصفون على أنهم: “خطرون، صموتون، كتومون، يحبّون العزلة وكل ما هو سرّي، تأمليون”. “ولدوا عجائز، رأوا الشر قبل أن يروا الخير، الضعف هو أوّل ما تلاحظ بصائرهم في كل مجال”. عميقون، يبرعمون ببطء. عنيدون ومصرون، عمال لا يتعبون.. يستخدمون أي شيء قابل للتجميع أو للتطوير. رغباتهم للتعلم شرهة، يتواثبون على المشاريع بأنفاس قصيرة، يتعاطون أشياء صعبة وتجريدية. يعيشون بأكثر من مستوى في آن واحد، يستطيعون تتبع أفكار متنوعة في ذات اللحظة، لا يستهدون سوى في اللجج. اختصار ذكي قدمه ميللر عن مواليد برجه.. و هنري ميللر روائي ورسام أمريكي. تألقت في رواياتها التي أسهمت في تأليفها: “معشوقة الشمس” 1998، “التروس القرمزية” 2001، “التفاحة السوداء” 2003، “بنات نعش” 200، “سلطانات الرمل” 2009، “نازك خانم” 2013، “ألماس ونساء” 2014، “البحث عن الصقر غنام” (رواية للفتيان) 2015، “الذئبة أم كاسب” (رواية للفتيان) 2016، “الذئاب لا تنسى” 2016 “بنت الباشا” 2017، “ليست رصاصة طائشة تلك التي قتلت بيلا”، “أنطاكية وملوك الخفاء”، القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد، “حاكمة القلعتين” آخر رواية على اللائحة الطويلة لجائزة بوكر العربية 2023 روايتها “ألماس ونساء” الصادرة عن “دار الآداب”، تعد أول نصّ أدبي سوري يُكتب عن المهجر السوري. تتبع خطوات نساء مختلفات، هاجرن من دمشق وقطعن الأطلسي صوب المهجر السوري في بوينس أيريس وساو باولو، ليصنعن حياتهن بحرية أكبر. عن بطلات الرواية تقول الحسن: “نسائي نرجسيات إلى حدّ الأنانية، دائماً مشغولات بأنفسهن وطموحاتهن الشخصية ورغباتهن مع كبرياء كبيرة”. إضافة إلى أربعة كتب توثيقية، وهي: ـــ “مرآة الصحراء” (كتاب توثيقي عن البدو)، 2000 ـــ “آنا كارنينا تفاحة الحلم” (دراسة سيكولوجية)، 2002 ـــ “نمور صريحة” (مجموعة شعرية)، 2011 ــ “رجال وقبائل” (كتاب توثيقي عن أعلام البادية السورية)، 2013، تضمّنت أسلوباً مشوّقاً في السرد، ولافتاً في الموضوع. من عناوين تلك الروايات التي أنتجتها الروائية البدوية الأصل، وأصرّت دائماً على أن تكون بدوية الطابع، حتى في شكل أغلفتها الخارجية الممزوجة بعبق البادية السورية التي أعلنت فيها حرية التعايش، وكانت مشوار الألف ميل الذي صدّرت منه عالمها الإبداعي، ناهيك بالأقوال والترانيم والحكم. ها هي لينا هَويان الحسن، بنت بادية حماه المبدعة، المشرقة في ثورتها، ثورة الحرف، الذي عرفت كيف تصوغه، وبإتقان يدٍ خبيرة، فأجادت، ومن هنا لمع نجمها، وذاع صيتها، وتلوّنت أفكارها بحروف كثيرة أمتعتنا بها، وسُررنا. تالياً أثمرت تحدياً لم يكن في يوم ما إلّا ذاك الظل في خباء منكسر البيت الذي صار مع مرور الوقت ملاذاً للإنتاج، وغيّر الكثير في حياة أديبة شابة مثقفة، أجادت فن استعمال الحرف الذي تناول حكايات البادية المترفة بالروعة والبهاء، على الرغم من الصعاب التي واجهتها، فكانت متنفساً لإبداعها الذي سطّر رؤية متجدّدة في عالم مؤسي. وكان للحب جانب في بعض ترانيمها العفوية، وللجمال نكهته الخاصة أيضاً “لا يكفي أن يكون الجمال فاتناً، لا بد أن يكون جارحاً أو ضارباً”. وفي حديثها عن الصحراء، إنها “المكان الذي يعطيك حرية إلى حد العصيان”. وسبق للروائية السورية الحسن أن وصلت أعمالها القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد لثلاث مرات 2016، 2017، 2018، إضافة إلى الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2015، عن روايتها “ألماس ونساء”، وجائزة الشيخ زايد القائمة القصيرة لأدب الأطفال لعام 2016 عن رواية “البحث عن الصقر غنام”.. فضلاً عن جائزة الشيخ زايد القائمة القصيرة لأدب الأطفال لعام 2017 عن رواية “الذئبة أم كاسب”. بقي أن نشير إلى أن الأديبة السورية لينا هَويان الحسن، ولدت في البادية السورية، 7 يناير 1977، في مجتمع قبلي وعشائري، وتنتمي لقبيلة الجميله القيسية. تقول: من حق الكاتب أن يختلف عن نفسه وعن غيره، فلا بأس أن يغامر لحظة ويقدم لقارئه نصاً جديداً غير متوقع، وفي روايتها “حاكمة القلعتين”، وهو نصّ متفرّد وجديد في موضوعه، مؤلفاً من اثنتي عشرة أسطورة، واثنتي عشرة قصة، واثنتي عشرة امرأة. درست في مدينة دمشق بكلية الآداب، وتخرجت من قسم الفلسفة مع ليسانس وشهادة دبلوم دراسات عليا، كما عملت في الصحافة السورية بين عامي 2003 و2013 في صحيفة (الثورة) الرسمية حيث أشرفت على ملحق الكتب بين عامي 2006 و 2013. وبين عامي 2003 و2006، عملت بالصحافة الثقافية النقدية حيث كتبت مقالات متنوعة: سينما، نقد، تشكيل، مسرح، ومحاورات ولقاءات مع مفكرين وأدباء وفنانيين. غادرت سوريا مطلع عام 2013 لأسباب شخصية، وتقيم في بيروت حالياً. كتبت خلال ذلك في عدّة منشورات ودوريات وصحف عربية.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الشیخ زاید
إقرأ أيضاً:
لينا شاماميان: أنا عنيدة جدًا وحلاوة صوتي ورثتها من أمي.. فيديو
أكدت الفنانة السورية لينا شاماميان على أنها ورثت حلاوة الصوت من والدها ووالدتها، حيث كانا يتمتعان بصوت جميل وجذاب، مشيرة إلى نبرة صوتها تشبه صوت والدتها.
وكشفت لينا شاماميان، خلال لقاء خاص مع الإعلامية شيرين سليمان، ببرنامج سبوت لايت المذاع على قناة صدى البلد، قائلة: «كان أصدقائي زمان واحنا صغار يكلموني على التليفون الأرضي، وماما ترد عليهم وتعرف قصصي كلها، وبعدها أصحابي يعرفوا إنها كانت ماما ونظل نضحك».
وأشارت لينا شاماميان إلى أنها كانت «طفلة شقية»، أثناء الطفولة، ولكن مع الوقت تحولت إلى شخصية هادئة، بسبب الكبت، قائلة: «أنا عندي ميزة وعيب في نفس الوقت وهي إني شخصية عنيدة جدًا، لأني برج السرطان والطالع برج الميزان والصاعد برج القوس، فأنا سرطان ميزان قوس، وهذه الأبراج عنيدة، وهذه صفة إيجابية وسلبية في ذات الوقت».
وتابعت لينا شاماميان حديثها قائلة: «وأهلى اشتغلوا كتير على أنهم يكسروا فيّا هذه الصفة، وهذا صح إذا بتربي طفل، وفي نفس الوقت كنت بحب أحكي أشياء كتيرة، وأعتقد أن كل إنسان بيتخلق بيبقى عارف عايز أيه، ومع الوقت بنلاقي نفسنا بنعمل كل شئ كان نفسنا فيه، وانا في مرحلة إني بعمل اللي أكون عايزاه».