الهلال الأحمر السوداني ووأد المبادئ الأساسية – حالة ولاية نهر النيل
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
جمعية الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر في كل دولة هي منظمة فريدة مختلفة عن بقية المنظمات التطوعية غير الحكومية في أنها تأخذ صفة الوطنية والعالمية في نفس الوقت لأنها جمعية وطنية في إتحاد دولي لجمعيات شقيقة.. فهي بهذه الصفة تعمل داخل الدولة المعينة ولا تأتمر بأمر حكومتها في القضايا السياسية والعسكرية ولا ترتهن لإرادة الحكام ولا تواليهم ولا تشايعهم.
كان لابد من هذه التقدمة الخاطفة لتوضيح وضع جمعية الهلال الأحمر السوداني في الظرف المعقد من حرب تدور رحاها في السودان لما يقارب العام. فقد نشر تلفزيون السودان الرسمي وضمن نشرة الأخبار الرئيسة خبراً مفاده (استعداد جمعية الهلال الأحمر السوداني) ضمن النفرة التي تنتظم ولاية نهر النيل وتقديم خدمات الجمعية أمام كافة الإرتكازات بالولاية مصحوباً بترديد شعار سياسي يدلل على انحياز الجمعية لأحد طرفي الحرب وهو الجيش النظامي.
بالنظر للخبر قد يراه المشاهد العادي حدث عادياً ضمن حركة الاستنفار وطغيان حالة التعبئة والقتال داخل المدن ولا يشغل باله كثيراً أن يكون متطوع أو موظف أو عضو بالجمعية يرتدي شعارها ويعلن موقفا منحازا لأحد أطراف النزاع المسلح... غير أن المطلعين على أدببات ومبادئ هذه الجمعية فلا يمكن أن يكون ذلك الحدث مجرد حدث عابر، وإنما يُنظر له بإعتباره موقفاً مرفوضاً جملة وتفصيلاً ويستدعي التدخل الفوري والعاجل من اللجنة الدولية للصليب ICRC والإتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر IFRC على أعلى المستويات حفاظاً على أرواح بقية المتطوعين ومَن يرتدون شارة الجمعية. ذلك لأن شارة الجمعية محمية بموجب القانون الدولي الإنساني وبموجب اتفاقيات جنيف. لذلك فإن ما بثه التلفزيون الرسمي ويعلن فيه منتسبو الجمعية وبإسمها الانحياز لطرف من أطراف النزاع المسلح يخالف تماما كل مرجعيات الجمعية ويخرق أهم المبادئ التي تقوم عليها الجمعية بل ويصادر حق الجمعية في الوصول الآمن ويعرض حياة بقية المتطوعين للخطر في المناطق التي يسيطر عليها الطرف الاخر من النزاع المسلح.
إن أهم المبادئ التي يخرقها هذا التصرف هي الحياد وعدم التحيز والاستقلالية.. فبغض النظر عن موقف المنتمي للجمعية الشخصي من الحرب الدائرة ومصلحته الخاصة في أن ينحاز لهذا الطرف أو ذاك، يمكن أن يكون ذلك متاحاً ومفهوماً بشرط واحد هو التخلي عن العمل بالجمعية موظفاً كان أو متطوعاً لأن مثل هذا التصرف يضرب وبشكل مباشر أيضا في نزاهة الجمعية Soiety's integrity بل وفي الحركة الدولية برمتها.. والمعروف أن منتسبي الجمعية يقدمون خدماتهم التطوعية بغض النظر عن هوية وأصل أطراف الصراع بمعنى أنه على الجمعية أن تقدم خدماتها لأفراد الجيش السوداني بنفس المستوى الذي تقدم بها خدماتها لأفراد الدعم السريع وهنا تتجلى أهمية وجود الجمعية الوطنية لأن مبدأ الحياد يحتم تقديم الخدمة التطوعية لأفراد النزاع بدون تحيز وبناء على حاجة الناس لها وفقا لمبدأ الإنسانية وبعيداً عن حالة التجييش والتشنج والدعاية الحربية التي يبثها أطراف النزاع المسلح كما يحدث في حالة السودان الراهنة.
إن التزام الحكومة السودانية باتفاقات جنيف يجب أن تضمن للجمعية أجواء مواتية للعمل بحرية وفقا للمبادئ سالفة الذكر بما فيها تمكين منتسبو الجمعية من العمل بحرية وبلا تدخل في شؤونها، كما أن على منتسبي الجمعية احترام الشارة التي يرتدونها لا لقدسيتها فقط، وإنما لضمان أن يعاملهم أطراف النزاع المسلح على أنهم رسل إنسانية يقدمون خدماتهم من أجل تخفيف وطأة الحرب على المتحاربين والمواطنين على حد سواء.
د.محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الهلال الأحمر
إقرأ أيضاً:
برعاية الهلال الأحمر الإماراتي.. تنظيم أطول سفرة إفطار صائم في المكلا
المكلا - وام
شهدت مدينة المكلا في محافظة حضرموت تنظيم أطول سفرة إفطار في المدينة، برعاية هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.
شارك فيها 4000 شخص من فئات عمرية واجتماعية متنوعة مقارنة بـ2000 شخص العام الماضي.
تأتي هذه السفرة ضمن سلسلة من الأنشطة الخيرية التي تنظمها الهيئة بهدف تعزيز القيم الإنسانية والتواصل الاجتماعي، حيث عبر المشاركون عن سعادتهم وامتنانهم لهذه الفرصة، مؤكدين أن المناسبة تجاوزت مجرد تناول الطعام لتصبح منصة لتقوية الروابط الاجتماعية.
وأعرب المهندس حامد سالم قوايا، مشرف مشاريع الهيئة، عن سعادته بالمشاركة في رعاية هذه السفرة الناجحة، مؤكداً أهمية التعاون المستمر مع الشركاء المحليين لتنظيم مبادرات خيرية مستقبلية.