سودانايل:
2025-01-26@07:25:21 GMT

المعادلة العقلية في الصراع السياسي

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
السؤال الذي يطرح بعد كل ثورة و انتفاضة في السودان لماذا تخسر القوى السياسية معركة الديمقراطية في سنينها الأولى من التغيير؟
أن محاولة البحث عن الإجابة على السؤال تتطلب مواجهة الحقيقة، حقيقة الذات و رغائبها، حقيقة المعرفة و كيفية توظيفها من أجل الوصول على إجابات مقنعة، حقيقة الموقف من الأخر، حقيقة الأهداف المطلوب تحققها في الواقع، حقيقة أن التحول الديمقراطي يجب أن يؤسس على التسوية السياسية، حقيقة أن التسوية تعني القبول بمبدأ التنازلات المتبادلة، و أخيرا يجب الرد على العديد من التساؤلات التي تكون مطروحة و بوضوح، و بعيدا عن البحث عن شماعات تعلق عليها الأخطاء.

واحدة من أسباب الفشل في السودان لإنجاز مهام الثورة أو الانتفاضة السابقة، أن النخب السياسية عجزت أن تدير حوارا فيما بينها، الخوف من الحوار هو تأكيد و أعتراف بضعف القدرات؛ و الضعف يتبين عندما تعجز النخب السياسية بعد التغيير أن تحدث تغييرا في المفاهيم السائدة، أي أن تؤسس لثقافة جديدة تشكل أرضية لعملية التغيير المطلوبة..
أن طول النظم الشمولية في أي دولة، يعمل على تجريف مساحة الحرية، و يضعف الممارسة الديمقراطية، الأمر الذي ينعكس سلبا على المؤسسات الحزبية و يضعفها، فالديمقراطية تؤسس على الحرية و صراع الأفكار و الأراء من خلال الحوارات المفتوحة، و التي تتواصل مع الحراك داخل المؤسسات الحزبية و الأكاديمية و البحثية و منظمات المجتمع المدني، بهدف ضبط المفاهيم لكي تخلق أرضية مشتركة للثقافة المطلوبة لعملية التغيير. لكن التجارب التاريخية أثبتت أن النخب السياسية السودانية لا تلتفت لهذه القضايا، لأنهم جميعا يعتقدون أن قوة السلطان وحدها هي التي تستطيع أن تحدث التغيير، مما يؤكد أن النخب تريد أن تحدث التغيير بذات الثقافة و الإرث السياسي ما قبل الثورة و الانتفاضة.
في ظل شعارات الديمقراطية المرفوعة في سماء السياسة؛ يحاول البعض أن يفرضوا على المرء آرائهم إعتقادا أن الآخرين ليس أمامهم خيار غير الإذعان و الرضوخ لمبدأ الأستاذية الذي يتعاملون به. و آخرون يهددون بالتدخل الدولي استنكارا لرفض البعض الرضوخ. إذا لم تفعلوا كذا و كذا أن المجتمع الدولي سوف يفرض قرار التدخل، أو أن مجلس الأمن سوف يفرض التدخل العسكري امتثالا للبند السابع. و يتجاهلون أن المنظمات الدولية نفسها رغم أن القوانين و الاتفاقات الدولية تحكمها، إلا أن قراراتها تحركها مصالح الدول داخل هذه المؤسسات. و من الصعوبة بمكان أن يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا بالتدخل في أي دولة بعيدا عن صراع المصالح الإستراتيجية الدائر بين الدول..
في ظل هذا الركود العقلي و الثقافي السياسي؛ أتذكر قول سلامة موسى في كتابه "ما هي النهضة" يقول ( كل تحرك اجتماعي يحتاج إلي تحرك ثقافي و ليس هناك غير الأمم الزراعية التي تستطيع أن تعيش على ثقافة راكدة لا تتحرك و لا تتباين و لا تتنوع لآن المجتمع المتحرك يحتاج إلي ثقافة متحركة متباينة و متنوعة.. و من هنا تكون ضرورة الانقلاب الثقافي لإيجاد انقلاب في الحضارة) أن التحرك الذي يشير إليه سلامة موسى يحتاج إلي عقل نقدي يواجه الحقائق، و يتعامل معها بذهن مفتوح، و لا يحاول تغيبها بتبريرات واهية. أن العقل السياسي السوداني بمختلف تياراته الفكرية هو عقل تبريري، التبرير لا يجعل صاحبه يتعرف على سباب الأخطاء التي تسببت في الفشل. لذلك يتراكم الفشل في السودان منذ عشرات السنين. و ربما يرجع ذلك لتراكم الثقافة الشمولية، و أيضا ثقافة "الحوار و الشيخ " المهاجرة من حقل الصوفية إلي الساحة السياسية، هي التي تسببت في تعطيل العقل السياسي السوداني. أن حالة الركود تفقد المرء الجسارة التي يستطيع أن يقدم فيها أراءه بقوة دون خوف أن يرميه الأخرين بصفات الانحرافية و التخازلية و الكوزنة و غيرها من المحبطات و الفزاعات التي تستخدم للحد من تقديم الأفكار و الآراء.
أن العقل السياسي السوداني و حتى المثقفين أمام تحدي: هل هم قادرين أن يقدموا أفكارا تساعد على الخروج من الأزمة، و فتح حوارات فكرية و سياسية بهدف خلق أرضية للثقة ثم الوصول منها إلي توافق وطني؟ و نسأل الله حسن البصير..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

شيخ العقل عزى بوالدة الأمير الوليد بن طلال والتقى كفوري

قدم شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى ووفد كبير من المشايخ والمسؤولين من مشيخة العقل والمجلس المذهبي ومؤسسة "العرفان التوحيدية"، التعازي بوالدة الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود شقيقة الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، في مركز "البيال" اليوم. 

وضم الوفد أعضاء من مجلس إدارة المجلس المذهبي ورئيس مؤسسة "العرفان التوحيدية" الشيخ نزيه رافع ومشايخ ومسؤولين في مديريتي المجلس ومشيخة العقل ومستشارين.


وفي دار الطائفة في بيروت، استقبل أبي المنى متروبوليت صيدا وصور ومرجعيون للروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري، على رأس وفد كنسي من المطرانية، ضم: رئيس الديوان الأب ابراهيم سعد، كاهن راشيا الفخار والماري والفرديس الأب فخري مراد، الأب نيكتاريوس اركيلوس، والشماس الياس تامر.

تناول البحث، خلال اللقاء، قضايا روحية إسلامية - مسيحية عامة، وسبل تعزيز التضامن الأخوي بين اللبنانيين عموما وأبناء الطوائف في الجنوب خصوصا.
وقدم كفوري إلى شيخ العقل مجموعة من الكتب حول تاريخ كنيسة أنطاكيا للكاتب الدكتور أسد رستم.

وبعد اللقاء، قال كفوري: "إنها زيارة للسلام وسؤال الخاطر لصاحب السماحة، لا سيما أنها تربطنا بسماحته علاقة شخصية وتاريخية على مستوى الطائفتين، خصوصا في منطقتي الجنوب ووادي التيم وأيضا في الشوف، ونحن وطائفة الموحدين حال واحدة منذ زمن طويل".


كما استقبل شيخ العقل المدير العام لتعاونية موظفي الدولة الجديد نزيه حمود، يرافقه النقابي أكرم عربي، وتهدف الزيارة إلى وضع أبي المنى بأوضاع المؤسسة. 

وتمنى أبي المنى لحمود "التوفيق في مهامه الجديدة وخدمة الموظفين".

 كما استقبل شيخ العقل عضو المجلس المذهبي أيوب الجردي، ثم ترأس اجتماعا للجنة الأوقاف في المجلس المذهبي بحضور رئيسها المحامي حمادة حمادة والاعضاء.  


وعزى شيخ العقل على رأس وفد، في دار الطائفة، بالراحل فؤاد الديب العود.


وفي دارته في شانيه، استقبل وفدا من آل الصايغ، بحضور مفوض التعبئة في الحزب التقدمي الاشتراكي عصام الصايغ ووكيل داخلية الجرى جنبلاط غريزي، ووفداً من آل فيصل من عين دارة.

مقالات مشابهة

  • دراسة تكشف: تناول الكثير من اللحوم الحمراء قد يسبب الخرف وتدهور الصحة العقلية
  • هل يشمل التغيير مديرية المخابرات؟
  • النمر: ارتفاع السكر في الجسم يضر العقل والقلب والكلى ..فيديو
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل رجلٌ والعاطفة امرأة؟!
  • لماذا تعتبر النخب العبرية أن إسرائيل هُزمت في غزة؟
  • عبد الله سلامة: رحلة الإسراء والمعراج إيمانية بعيدة عن العقل
  • الاستخبارات الخارجية الروسية: بعض النخب الغربية قد تحاول إشعال صراعات دولية
  • نبيل فهمي: نتنياهو أفشل شيء في المعادلة الإسرائيلية.. ويمانع وجود دولة فلسطينية
  • شيخ العقل عزى بوالدة الأمير الوليد بن طلال والتقى كفوري
  • ماهي الدلالات السياسية التي تحملها زيارة وزير الخارجية السعودي إلى لبنان؟