يزفُّ مركز تحقيق النصوص بجامعة الأزهر لقرائه في معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام هذه الدرة اليتيمة العمدة في بابها؛ كتاب: (إرشاد السَّالكين إلى الجمعِ بين طُرُقِ المُحقِّقِين من الفُقَهَاء والمُريدِين لاتحَادِ المُستَنَدِ فِي الدِّين) للفقيه العارف بالله سديد الدين محمَّد عبد المُعْطِي اللخمِي الإسكندَرِيّ المَالِكِيّ (ت638هـ).

وَهَذَا الكتابُ النَّفِيس الَّذِي نُقَدِّمُه لأوَّلِ مَرَّة بينَ يَدَي القَارِئ  الكَرِيم؛ كتَابٌ كَرِيم، جَمُّ العِلْم، فَرِيدٌ فِي بَابِه، مُتَفَرِّدٌ فِي أُسلُوبِه، رَبَطَ فيهِ مُؤلِّفُهُ بينَ عِلْمِ الحَقِيقَة وعِلْمِ الشَّريعَة، وَوَصَلَ فيهِ الأُصُولَ والفِقْهَ بِالطَّريقَة، وَبَرْهَنَ على أنَّ مُستنَدَهُمَا الرَّكِين واحدٌ هو الدِّيْن (الكتَابُ السُّنَّة).

يقول فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، في تقديمه الرائع له: «مِن الكتبِ مَا قَيَّضَهَا اللهُ -تعالى- للجَمْعِ بَينَ المَنَاحِي المُتَبَاعِدَة، والمَذَاهِبِ المُتعَارِضَة، والتَّيارَاتِ المُختَلِفَة، التي يَسِيرُ كلٌّ منها فِي وادٍ؛ بحيثُ لا يَلتقيَانِ على ما نَحْو ما وَصَفَ الأولُ: 
سَارَتْ مُشَرِّقَةً، وَسِرْتُ مُغَرِّبًا
** شَتَّانَ بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبِ؟!

ويَحتَدِمُ التَّعَارُضُ والتَّنَاكُر ويَشْتَدُّ حينَ يَرَى كلُّ فريقٍ أنَّهُ هو وَحْدَهُ الذي يَمْلِكُ الصَّوَابَ، وأنَّ غَيرَهُ على خَطَأ مَحْضٍ. 

ولا شَكَّ أنَّ هذَا الاختلافَ مِن شَأنِهِ أنْ يُفَرِّقَ الكلمَةَ المَجمُوعَة، ويُشَتِّتُ الشَّمْلَ المُلْتَئم؛ بل ويذهبُ بالقُوَّة، ويَأتِي بالضَّعْف، وقد حذَّرنا ربُّنَا من هذا التَّفَرُّق الذي لا يعودُ على الأمة إلا بالضَّعْفِ والفَشَلِ...وفي هذَا الميدانِ المُهِمّ يَأتِي هذا الكتاب الذي يقدِّمُهُ (مَركَز تَحقِيق النصوصِ بجامعة الأزهر) لأول مرَّة، الذي يحمِلُ عُنْوَان: «إرشاد السَّالكين إلى الجمعِ بين طُرُقِ المُحقِّقِين من الفُقَهَاء والمُريدِين لاتحَادِ المُستَنَدِ فِي الدِّين» لأبي محمَّدٍ عبد المُعْطِي اللخمِي الإسكندَرِيّ المَالِكِيّ- رحمه الله تعالى-، الذي يَجْمَعُ فيهِ بينَ مَذْهَبَينِ طَالَ تَعَارُضُهُمَا؛ حتَّى كأنَّهَمُا عَصِيَّانِ على الاجتمَاع، بعيدانِ عن التَآلفِ والاتفاق؛ وَهُمَا: مذهبُ علماءِ الشَّريعَة، ومَذْهَبُ علمَاءِ الحَقِيقَة، أو بعبارةٍ أُخْرَى: بينَ مذهبِ الفقهَاءِ ومذهبِ الصُّوفِيِّين، بما يعنَي الجَمْعَ بين الفِقْهِ والتَّصَوُّف، وإزالةَ مَا يُتَوَهَّمُ بينهما من التَّعَارُضِ والتَّناكُرِ والتَّبَاعُد؛ ليعودَ العِلمَان والمَذهَبَان مُتَآلفين مُتَحَابّينِ مُتَواصِلَين، يَسْنِدُ كُلٌّ منهما صَاحبَه ويُعَاضدُهُ، ويُؤيّدُهُ ويُسَانِدُه، وأنَّ الفَقِيهَ لا غِنَى له عَمَّا فِي عِلْمِ التَّصَوُّف من العِنَايَةِ بإصلاحِ القُلُوب، وكذَا المُتَصَوِّف لا غِنَى له عن الفِقْهِ وأُصُولِهِ وقَوَاعِدِه».

وقال الدكتور إبراهيم الهدهد، مدير المركز، قال: «قامَ على خِدمَتِهِ وتَعلِيقِ حَواشِيه رَجُلانِ : أحدُهُمَا خِرِّيتُ تَحقِيقٍ وتَدْقِيقٍ؛ وهو الدكتور أحمد رجب أبو سالم، أستاذ اللغويات المساعد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، عضوُ مركزِ (تحقيق النصوص بالجامعة)، وساعدَهُ في ذلك: شَيخٌ مُرَبٍّ سَالِك، فَقِيه؛ وهو الدكتور محمد مُهَنَّا عبد الصَّمَد، أستاذُ الشَّريعَةِ والقَانُون بجامعةِ الأزهَر؛ ليكونَ العِلْمُ والذَّوقُ قَرينَينِ فِي الخِدمَة، كَمَا اقتَرنَا تَصْنِيفًا وتَدقِيقًا، وقَدْ بَذَلا ـ تقبّلَ اللهُ عَملَهُمَا ـ الجَهدَ اللائقَ بإخراجِ هذا العَمَل، فَلَهُمَا كُلُّ الشُّكر.

كما أكد الدكتور أحمد رجب أبو سالم، عضو المركز، أن أعمال المركز لهذا العام كانت متميزة وجمعتْ بين فنون المعرفة المختلفة، ويتوالى الإعلان عنها تباعًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب ابراهيم الهدهد بجامعة الأزهر الف ق ه الذی ی

إقرأ أيضاً:

أستاذ بجامعة الأزهر: الابتلاءات فرص كبيرة للخير والبركة

أكد الدكتور محمد ورداني، أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، أن كل ابتلاء يمر به الإنسان في حياته، سواء كان همًا حزنًا أو تحديًا صعبًا، هو في الحقيقة طريق رئيسي للخير، رغم أنه قد يبدو في البداية غير منطقي.

وقال محمد ورداني، خلال حلقة برنامج «ولكن»، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء: «قد يظن البعض أن الابتلاءات هي محض شر، لكن الحقيقة أن هذه الابتلاءات هي فرص كبيرة للخير والبركة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه».

وتابع: «عندما نرضى بما قدره الله، نكون قد حولنا المحنة إلى مكسب عظيم، بينما في حالة السخط، فإن الشخص يفقد فرصة تكفير ذنوبه ويزيد من المعاناة النفسية.»

وأوضح أن قدرة الإنسان على التعامل مع الأزمات والابتلاءات بشكل صحيح هي المفتاح لتحويل تلك الأوقات الصعبة إلى لحظات من الربح الروحي، مشيرا إلى أن الأنبياء والصالحين، الذين هم أقرب الناس إلى الله، مروا بأشد الابتلاءات، لأن الابتلاء يزداد مع زيادة الإيمان والدين والصبر.

كما أضاف أنه من خلال الابتلاء يصبح الإنسان أكثر قربًا إلى الله، حيث قال: «عندما يبتلى الإنسان، ويشعر بأن المخلوقين قد يتخلون عنه، فقط الله سبحانه وتعالى هو الذي يمكنه احتواءه. وهو وحده القادر على أن يصب على قلبه السكينة والرحمة.»

ولفت إلى أن الابتلاء ليس عقابًا، بل فرصة لتقوية العلاقة بالله، مؤكداً أن اللجوء إلى الله في الأوقات الصعبة، وتقبل الأمر بقول «وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد»، هو الطريق الذي يفتح أمام الإنسان أبواب السكينة والطمأنينة.

مقالات مشابهة

  • غدًا.. انطلاق فعاليات المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجي بجامعة الأزهر
  • أستاذ بجامعة الأزهر: الأمراض المناعية الذاتية تصل إلى 100 نوع
  • الدكتور أبو اليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديد اقتصادي
  • بالعربية والإنجليزية.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره "معجم مصطلحات الحج والعمرة"
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم "معجم مصطلحات الحج والعمرة".. بالعربية والإنجليزية
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم معجم مصطلحات الحج والعمرة
  • باللغتين العربية والإنجليزية.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره "معجم مصطلحات الحج والعمرة"
  • أستاذ بجامعة الأزهر: الابتلاءات فرص كبيرة للخير والبركة
  • أستاذ بجامعة الأزهر: القرآن ثابت ويتطلب تجديد الفهم لمواكبة تغيرات العصر
  • أستاذ تفسير بجامعة الأزهر: فهم القرآن الكريم يتجدد حسب ظروف كل عصر