حسم بعيد المنال عن إسرائيل
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
حسم بعيد المنال عن إسرائيل
كل من يتكلّم عن حسم مطلق لا يقول الحقيقة، بل يروي حكايات خرافية.
الجيش الإسرائيلي ما زال بعيداً عن حسم الحرب وعن تحقيق الأهداف التي جرى تحديدُها لإنجاز الحسم.
إن أسوأ نُذُر هجوم طوفان الأقصى، والذي يجب أن يُشغل إسرائيل طويلاً هو أن هناك فقداناً لأي مشاعر خوف ورهبة منها.
مقياس استعادة الردع الإسرائيلي كامنٌ في استرجاع شعور الخوف هذا من ردّة الفعل الإسرائيلية الصارمة، وهذا لا توحي به تطوّرات الحرب في غزّة.
فقدان المقاومة الشعور بالخوف والرهبة يؤول لإنجاز استراتيجي بعيد المدى على مستوى أبعد من الساحة الفلسطينية، لن يبدّده سوى إنجاز استراتيجي إسرائيلي موازٍ مما لم تتراكم بعد مؤشّراته في الواقع.
* * *
تستدعي مواجهة المقاومة الفلسطينية لآلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزّة، فضلاً عن صمودها، رغم اقتراب الحرب من نهاية شهرها الرابع، مزيداً من الاعترافات الإسرائيلية باستحالة بلوغ نقطة الحسم في المعارك الدائرة.
وقد تمثّلت ذروة هذه الاعترافات، في الأيام القليلة الفائتة، في ما صدر عن اثنين من كبار القادة العسكريين والأمنيين السابقين:
- الأول هو القائد السابق لهيئة أركان الجيش والوزير في المجلس الوزاري الحربي، غادي أيزنكوت، الذي أكّد أن كل من يتكلّم عن حسم مطلق لا يقول الحقيقة، بل يروي حكايات خرافية.
- الثاني هو الرئيس السابق لجهاز الأمن العام (الشاباك) والوزير السابق، يعقوب بيري، الذي أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي ما زال بعيداً عن حسم الحرب وعن تحقيق الأهداف التي جرى تحديدُها لإنجاز الحسم.
وبالتزامن مع موعد كتابة هذه السطور، نظّم جنودٌ في الجيش الإسرائيلي وضبّاطه في تشكيلات الاحتياط نشاطاً احتجاجيّاً ضد تسريحهم من الخدمة العسكرية تحت شعار "تم تسريحنا من دون حسم المعركة".
ومع أن الاحتجاج يعبّر عن الحنق جرّاء انعدام النيّة من أجل الحسم، إلا أنه، في الوقت نفسه، يشفّ عن عجز القدرة على بلوغه، وعمّا لم تتمكّن إسرائيل من تحقيقه حتى اللحظة من وراء إعلانها الحرب على غزّة.
ويُلاحظ في أكثر من مقام على صعيد ما ينشر من أدبيات الحرب الإسرائيلية أن من بين الدوافع المباشرة للكلام عن الحسم واللهاث خلفه وضرورته، ثمّة دافع هو الأبرز لأن تُحرز إسرائيل ما يوصف بأنه إنجازٌ متميّز من شأنه أن يعادل الإنجاز الكبير الذي سجّله هجوم طوفان الأقصى من حركة حماس يوم 7 أكتوبر.
ولتوضيح المقصود، يكفي اقتباس ما يقوله نائب الكنيست السابق والسكرتير السابق للحكومة الإسرائيلية، تسفي هاوزر، إن أسوأ نُذُر هجوم طوفان الأقصى، والذي يجب أن يُشغل إسرائيل طويلاً هو أن هناك فقداناً لأي مشاعر خوف ورهبة منها.
وهو أمرٌ من شأنه أن يؤول إلى إنجاز استراتيجي بعيد المدى على مستوى أبعد من الساحة الفلسطينية، لن يبدّده سوى إنجاز استراتيجي إسرائيلي موازٍ يتجسّد في تفكيك مقدّرات "حماس"، وهو ما لم تتراكم بعد مؤشّرات إلى أنه حاصل في الواقع، أو على وشك أن يحدُث.
وبرأيه، مقياس استعادة الردع الإسرائيلي كامنٌ في استرجاع شعور الخوف هذا من ردّة الفعل الإسرائيلية الصارمة، وهذا لا توحي به تطوّرات الحرب في غزّة.
ينبغي أن نستدرك هنا كي نقول إن ما يهم هذه المقاربات، ومثلها منثور بكثرة في شتى وسائل الإعلام الإسرائيلية، هو إبراز جانبٍ من الإخفاقات التي تطاول الأداء العسكري الإسرائيلي في سياق الحرب المستمرّة على غزّة. ومع هذا، فيها ربما مناشدةٌ بأن لا تحسّ إسرائيل نفسها قوية أكثر مما كانت، وفي الوقت نفسه، تشير، ولو من غير قصدٍ، إلى قدرات المقاومة الفلسطينية ومقدّراتها.
كذلك لا بُد من أن نضيف أن الحسم بعيد المنال عن إسرائيل، بموجب ما يؤكّد المحللون العسكريون فيها في شبه إجماع، لأسبابٍ كثيرة أخرى، منها: عدم تمكّنها من تحقيق تقدّمٍ ملفت في إلحاق أضرار بما يصفونها بأنها "معامل تصنيع الأسلحة والذخيرة" التي بحيازة "حماس"؛ استعصاء عملية إطلاق الأسرى والمخطوفين؛ عجزها عن المساس بقادة الجناح العسكري لحركة حماس.
يُضاف إلى ذلك ما نقلته وسائل إعلام أجنبية عن مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى بشأن عدم تقدّم الحرب وفقًا للوتيرة التي كانت متوقّعة من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عند بدايتها، فقد كان هناك توقّع بأن تكون للجيش سيطرة عملياتية على مدن غزّة وخان يونس ورفح بحلول نهاية عام 2023.
لكن في حين أن تحقيق هذا الهدف تمّ في مدينة غزّة، فإن المعارك في خان يونس مستمرّة، ولم تبدأ القوات الإسرائيلية بأي عمليات جدّية في رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع.
*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل فلسطين غزة حماس حسم المقاومة الفلسطينية طوفان الأقصى الردع الإسرائيلي إطلاق الأسرى عن حسم
إقرأ أيضاً:
ميقاتي: الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة والمتصاعدة ضد لبنان تحولت لجرائم ضد الإنسانية
أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي؛ أن موقفه وقراره هو الحفاظ على كرامة لبنان والحرص على احترام السيادة الوطنية بكل مظاهرها برا وبحرا وجوا ولن نتهاون مع أي خرق أو اعتداء.
وأشار ميقاتي في تصريحات له، الي ان الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة والمتصاعدة ضد لبنان تحولت إلى جرائم ضد الإنسانية.
وشدد علي ان الحرب الإسرائيلية تستهدف كل لبنان والاعتداءات طالت جميع مظاهر الحياة وشملت الجيش ويونيفيل في خرق واضح للنظم الأخلاقية والقوانين الدولية.
ونوه بان المدخل الرئيسي لأي حل مقبول من لبنان هو وقف الحرب عليه والتنفيذ الكامل للقرار 1701 والبدء بانتخاب رئيس للجمهورية.