عبد العالي رحو: موقف المجتمع التواتي من الإستعمار الفرنسي في رواية الطرحان لعبد الله كروم
تاريخ النشر: 18th, July 2023 GMT
عبد العالي رحو عند تصفح رواية الطرحان لعبد الله كروم يظهر جليا الصراع بين المستعمر وسكان تلك المنطقة ويظهر كذلك صورة الآخر في مواجهة الذات أو الأنا الأصلية على الرغم من محاولة المستعمر الظهور بشكل متعايش إلا أن صورة الآخر العدو فتحت باب الصراعات فحاول كاتب الرواية أن يكشف مظهرا من مظاهر علاقة الشرق بالغرب وعدم إنسانية المستعمر ومحاولته الهيمنة والسيطرة على الشعوب وخيراته كما أنه تحدث في مواضع أخرى عن العنصرية المقيتة التي يتسم بها المستعمر الفرنسي فعلى لسان السباعي ولد النجوم (بطل الرواية )يقول ” في المعسكر في الفيتنام اكتشفت الفرواق بين المجندين العرب والجنود من أصول فرنسية، لم نكن في القيمة سواء….
. سكن الغربيون منازل تليق بالدرجة الأولى من المجندين بينما كان نصيبنا الخيام التي تساوى فيها كل مجند عربي حتى أولئك الفنانين والمسعفين والطباخين وغيرهم ” الطرحان 191 فهنا نرى أن المبدع يوجه القارئ إلى إلقاء الضوء على صراع البقاء والوجود بين الشرق والغرب أو بالأحرى بين الغرب والعرب ورفض تلك الهيمنة الإستعمارية التي أكلت الأخضر واليابس ومن جهة أخرى نجد في الرواية على عكس ما قدمته الروايات الأروبية التي عبرت عن مثالية الإنسان الأروبي ونظرة الأرووبين تجاه القارة الإفرقية وشعوبها. فرواية الطرحان عبرت عن الصورة المثالية في الإلتزام بالروح الوطنية والتمسك بالهوية الثقافية النابعة من الأصل والأصالة المحلية، ولم تساير ما كتب الأروبيون عن مجتمعات البلدان التي احتلوها وراء البحار والتي أخضعت الأرض وأهلها لخدمة مصالحها التجارية والإقتصادية والعسكرية ومـــــــارست فيــــــــها مختلف أشكـــــــــال الجــــــور والتعسف والحروب والتنكيل بالشعوب المغلوب على أمرها في سبيل الإستلاء على خيراتها وثرواتها الباطنية وغيرها ، تلك القوة المطهدة التي قتلت الأبرياء في الجزائر والفيتنام وغيرها من البلدان الإفريقية للهيمنة الإقتصادية. ولابد الإشارة إلى أن الإستعمار الأروبي الغاشم في إفريقيا وآسيا كان عدوا للإنسان والثقافة بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى فلم يكتف بالقتل والحرق والنهب بل عمل جاهدا على طمس الثقافة والهوية للشعوب المستعمرة وقتل المثقفين الرافضين للهيمنة الإستعمارية وكذا حرق وسرق مخطوطاتهم ومؤلفاتهم وكذا العمل على محو التراث المحلي، كما كان الإستعمار يمارس الضغط على الأهالي لعدم ممارسة العادات والتقاليد التي ورثوها أب عن جد، في المقابل كان الإستعمار يحاول فرض والتسويق للنمودج الغربي من ثقافة وحضارة وفرضها على الشعوب بشتى الطرق المعلنة والغير معلنة. كما أننا نستخلص موقف آخر من الطرحان هو موقف التسامح والتعايش مع الآخر سلميا ويظهر في صورة المرأة الفرنسية نادين زوجة الرائد جنسون يقول عبد الحفيظ بن جلولي عن هذا الموقف ” نادين تكره الحرب وتقرأ بلزاك، أي إنّها تمثل الرقي الوجداني في عمق الصّحراء التي تمثل تحديا أمام غطرسة المستعمر، إنّها تقهره بأسرار جمالها وصلابتها، التي سوف تقع جسرا بين الذات الإستعمارية وأداة إدانتها والتي تكون سببا في إخراج السباعي من الأمية وتعلم لغة المستعمر بل أكثر من ذلك ستصبح عشيقته “، وهذا دليل على أن شيئ من الإنسانية كانت مخبأة في بيت القائد الإستعماري الذي حاول الإنتقام من السباعي بشتى الطرق ودائما يجد نادين حائلا بينه وبين السباعي الذي يعترف بفضلها عليه يقول ” فيما يخصك أنت نادين فإنني عاجز عن رد الجميل إليك مثقل بفضلك مشبع بإحسانك صدقيني كل معاجم اللغة لم توفر لي-لحد الآن- الكلمة المناسبة التي توفيك حق شكرك وتكافئ لك جزاء إحسانك عجزت وعرجت اللغة معي شمخت نخلة أثمرت بالخيرات وتسامت شمسا أضاءت عتمة الصحراء نورا أنقدني من ظلام الجهل وإغلاقه وفتحني على العالم وأنواره،الفرنسية التي تعلمتها منك غنيمتي في هذين الحربين وبها تواصلت هنا مع الناس المجد لك واللعنة على الكولونياليزم ” الطرحان 205 وعلى العموم فإن الرسالة والحمولة المعرفية والثقافية لرواية الطرحان ركزت على بث روح التواصل الحضاري مع الآخر والانفتاح العقلاني على ثقافته وحتى على التعايش سلميا مع الآخر وكذلك نجد في الطرحان أن المبدع أبرز الثقافة الفرنسية في شقها الآخر لدى المثقف المناهض للحروب وداعمي للثورة التحريرية الذين دافعوا عن مسيرة كفاح هذه القضية العادلة ، ونجد من أمثال نادين كثر في الثورة الجزائرية الذين شرفوا بأصدقاء الثورة على غرار فرانسيس جونس وزوجته كوليت وجون بول سارتر ووأدان ومنهم كثير و التاريخ يشهد على تجريمهم للإستعمار. ماستر نقد حديث ومعاصر -جامعة طاهري محمد بشار /الجزائر
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
أسوشيتد برس: سكان الجنوب ينتظرون تعويضات حزب الله التي لا تأتي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أنه في جنوب لبنان، وبعد عام على انتهاء جولة القتال الأخيرة التي خلفت المنازل والبنية التحتية والأراضي الزراعية في حالة خراب، لا يزال آلاف الأسر النازحة ينتظرون التعويضات.
وبينت الوكالة أن هذه الوعود، التي تكررها حزب الله باستمرار، لا تزال غير محققة، وبالنسبة للكثيرين ممن فقدوا كل شيء، أصبح الصمت أعلى من التعهدات خيانة يشعرون بها في كل منزل غير مرمم وكل حقل مهجور.
وبحسب الوكالة، كان من المتوقع أن تقع المسؤولية المالية عن هذه التعويضات على عاتق "قرض الحسن"، الذراع المالي الرئيسي لحزب الله، غير أن هذه المؤسسة، التي كانت تُصوَّر ذات يوم على أنها ركيزة لدعم المجتمع الشيعي اللبناني، تواجه الآن أزمة سيولة حادة، فالعقوبات الغربية والقيود المصرفية المشددة والديون الداخلية المتزايدة قد شلت قدرة "قرض الحسن" على العمل، ولا يزال آلاف طلبات التعويض معلقة، والمدفوعات الموعودة مؤجلة إلى أجل غير مسمى دون تفسير أو مساءلة.
ونقلت الوكالة عن أحد المواطنين، قائلًا: "جاءوا بعد القصف، والتقطوا الصور، وأطلقوا الوعود، وعانقوا أطفالنا ثم اختفوا". وأضاف: "طلبوا منا التحلي بالصبر في الحرب. والآن، بينما نعاني في السلام، لا نجد لهم أثرًا".
ولفتت الوكالة إلى أن هناك تناقضًا بين خطاب حزب الله وأفعاله، وبات ذلك يغضب قطاع عريض من اللبنانيين، موضحة أن الحزب الذي كان يصف نفسه ذات يوم بأنه “حامي الجنوب”، يراه الكثيرون الآن غير قادر بالوفاء بالتزاماته، وهناك تصور متزايد بين المدنيين بأن القيادة أصبحت منفصلة عن احتياجات المجتمعات التي تدعي تمثيلها.