العدوان مستمر والخذلان أيضاً
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
العدوان مستمر والخذلان أيضاً
بقدر سعادتنا بمقاطع التضامن مع فلسطين، وهي كثيرة، بقدر شعورنا بالتقصير الشديد تجاه غزّة، ليبقى السؤال بلا إجابة واضحة للأسف: ماذا نفعل؟
نحن لسنا بخير، وشعورُنا بالعجز يقتلنا ونحن نرى أهل غزّة، وفي شمال القطاع، وصلوا حد الجوع والعطش، وأصبحوا يأكلون أي شيءٍ يجدونه.. ولا يجدون.
ما أراه من تعاطف الغرباء وتضامنهم مع أهل غزّة، يعيدني لوضعنا، متضامنين ومتعاطفين عربًا! والمقارنة دائما لصالحهم للأسف، نظرا لما يربطنا وما يربطهم بفلسطين.
ما الذي يدفع هؤلاء الأغراب لترك أعمالهم، ليفعلوا شيئاً حقيقياً تجاه ناس في غزة لا تربطهم بأولئك الناس أيّ روابط عرقية أو دينية أو ثقافية كالتي تربطنا نحن بهم؟
هل هو مناخ الحرية الذي عاشوه واعتادوا على أن يستفيدوا من كل الفرص المتاحة لهم فيه تعبيراً عن آرائهم، وهو ما تفتقر إليه أغلبية العرب والمسلمين في بلدانهم؟
هل هو الشعور بالذنب تجاه مسؤوليّة حكومات الغرب التي أنشأت الورم السرطاني المسمّى إسرائيل وطناً لليهود على أرض شعب فلسطين، ولا علاقة لهم بها بعدما ساهموا بتشريد شعب فلسطين؟
* * *
نحن، ومنذ ما يزيد على المائة يوم، لم نفعل شيئاً حقيقياً من أجل وقف العدوان الصهيوني الشرس على غزّة. نعم دعوْنا وكتبْنا وشاركنا في بعض الفعاليات والوقفات، ورفعنا العلم الفلسطيني في مناسبات كثيرة، وتوشّحنا بالكوفية كلما خرجنا إلى واحدةٍ من هذه الفعاليات والمناسبات، وسخّرنا حساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بالعدوان والتعريف بما يجري وإعلان التضامن مع الفلسطينيين هناك.
لكن الحرب مستمرّة بكل غطرستها، وأهلُ غزّة الذين كانوا يموتون أو يصابون أو يهجرون أو يفقدون أحبابهم فقط، أصبحوا الآن يجوعون ويعطشون، بعدما منع عنهم الصهاينة كل مقوّمات الحياة تقريباً. ومع هذا، لا نفعلُ شيئاً سوى ما بدأنا به.
بل بدأ كثيرين، كما يبدو، يشعرون بالملل وبالتعب وباللاجدوى مما يقومون به تجاه ما يحدُث، فصمتوا أو قلّلوا من مشاركاتهم وأنشطتهم. ألومهم بالتأكيد على هذا الشعور المقيت بالملل والاعتياد، وألوم غيرَهم أكثر على صمتهم منذ البداية على ما يحدُث، لكن هذا لا يعني أنّنا، نحن المستمرّين على سبيل التنديد والتضامن، بخير.
نحن لسنا بخير، وشعورُنا بالعجز يكاد يقتلنا ونحن نرى أهل غزّة، وفي الشمال من القطاع تحديداً، وصلوا إلى حد الجوع والعطش، وأصبحوا يأكلون كل شيءٍ يجدونه أمامهم.. ولا يجدون.
لا أعرف ما علينا تحديدا فعله، ولكنه موجود. لا بد أنه موجود، ولا بد للتضامن مع من نحبّ أن يكون أقوى مما هو عليه. لا بد من وسيلةٍ ما تُشعرنا بأننا على الأقل استطعنا أن نساهم بالتخفيف عنهم. أننا وقفنا معهم، وأن التاريخ سيضعنا، في يوم ما، في الجهة التي يقفون فيها بلا تردّد.
لكن هيهات! فما أراه من تعاطف الغرباء وتضامنهم مع أهل غزّة، يعيدني إلى وضعنا، متضامنين ومتعاطفين عرب! والمقارنة دائما لصالحهم للأسف، بالنظر إلى ما يربطنا وما يربطهم بفلسطين.
كلما رأيت مقطعاً لوقفة حاشدة في واحدة من المدن الغربية والأميركية تنديداً بالعدوان الصهيوني المستمرّ على غزّّة، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني، شعرتُ بكثير من الأسى الشخصي على أحوالنا، نحن العرب الذين نزعم إننا نؤدّي أفضل ما لدينا تجاه ما يحدُث بمجرّد الدعاء والكلمات المكتوبة وبعض الفعاليات التي قد لا تفعل سوى أنها تُريح ضمائرنا مؤقّتا تجاه ما يحدُث.
ما الذي يدفع هؤلاء الأغراب إلى أن يتركوا أعمالهم وأوقاتهم الخاصة، ليفعلوا شيئاً حقيقياً تجاه الناس في غزة من دون أن تربطهم بأولئك الناس أيّ روابط عرقية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الروابط التي تربطنا نحن بهم؟
هل هو مناخ الحرية الذي عاشوه واعتادوا على أن يستفيدوا من كل الفرص المتاحة لهم فيه تعبيراً عن آرائهم، وهو ما تفتقر إليه أغلبية العرب والمسلمين في بلدانهم؟
أم هو الشعور بالذنب تجاه مسؤوليّة حكوماتهم الغربية التي أنشأت هذا الورم السرطاني المسمّى إسرائيل وطناً لليهود على أرضٍ لا يملكونها، وليست لهم أي علاقة بها بعدما ساهموا بتشريد أصحابها الفلسطينيين؟
رأيتُ قبل قليل مقطعا لسيدة بريطانية اقتحمت ندوة يحاضر فيها مسؤول حكومي بريطاني منحازاً في ما يقوله في المحاضرة إلى الجانب الإسرائيلي، لكن السيدة رفعت صوتها وهي تلوّح بعلم فلسطيني كبير، محتجّة على ما يقوله هذا المسؤول الذي فرّ هارباً لمجرّد اعتلائها المنصّة، ومحاولة مواجهته بحقائق عن استهداف الاحتلال الإسرائيلي النساء والأطفال في غزّة وأشياء أخرى كانت مسترسلةً في تكرارها، قبل أن ينتهي المقطع القصير.
مقطع آخر بدت فيه مجموعة من المواطنين النرويجيين وهم يتظاهرون في طقسٍ مثلج فعلياً غير مكترثين سوى بالاحتجاج على استمرار العدوان الصهيوني، مطالبين بوقف الحرب فورا، رغم أنها حربٌ بعيدة عنهم، ولا تكاد تؤثر على سير حياتهم، لا من بعيدٍ ولا من قريب.
وبقدر سعادتنا بمثل هذه المقاطع وغيرها، وهي كثيرة، بقدر شعورنا بالتقصير الشديد تجاه غزّة، حيث يبقى السؤال بلا إجابة واضحة للأسف: ماذا نفعل؟
*سعدية مفرح كاتبة صحفية وشاعرة كويتية
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العرب الغرب فلسطين الخذلان غزة الجوع العطش العدوان الصهيوني التضامن الإنساني وسائل التواصل الاجتماعي
إقرأ أيضاً:
تصرّف غير لائق.. عفاف شعيب تعلن سرًا في حياتها الفنية
«لا تزال تفعلها ابنة جعفر، كوماندا الحلوانية في الشهد والدموع، زينب المكافحة العفية القوية والمشعة في ذات الوقت أنوثة في حب زوجها شوقي الموهوب والحالم في عالم الفن وعالم الغرام بها، والأخت حاضنة أسرار شقيقها في رأفت الهجان»… وغيرها من الأدوار والأعمال والشخصيات التي أثرت بها عفاف شعيب الحياة الفنية وأحبها وعاش تفاصيل أدوارها كل بيت مصري وعربي على شاشة التليفزيون والسينما.. حاورها موقع صدى البلد الإخباري في حديث من القلب .. وإلى نص الحوار :
*وجودك دائمًا يُضيف لأى عمل درامي تشاركين فيه .. لماذا عفاف شعيب مُقلة في تواجدها بالأعمال الفنية؟
فى الحقيقة يُعرض عليّ أعمال بشكل مستمر، ولكني لم أشعر بقوة العمل والدور حتى أقوم بتجسيد شخصيته ولا أحب أن أفرض نفسي على الجمهور بشكل غير لائق.
*رغم وجودك كضيف شرف بمسلسل محارب رمضان 2024 إلا أن الدور حقق نجاحًا كبيرًا.. هل لا يوجد علاقة بحجم الدور ونجاحه؟
بالتأكيد، أنا أعجبت بفكرة الدور لأنه مؤثر وترتب عليه الكثير من المشاهد والتفاصيل على مدار المسلسل ، وحسن الرداد فنان مميز وناهد السباعي وجميع المشاركين بالعمل لذلك قبلت الدور.
ما رأيك في وضع الأعمال الدرامية فى الوقت الراهن.. وما الاختلاف بينها وبين الأعمال التى طرحت سابقًا؟
فى الحقيقة أن لا أتابع أعمالاً درامية بشكل مستمر ولا أتذكر جميع الأعمال ولكن يلفتني افتقاد الكثير من الأعمال لسيناريو حقيقي وحوار قوي، ونحن نشأنا على الأعمال القوية التى كانت دائمًا تهدف لرسائل قوية وكنا نستمتع بمشاهدة نفس العمل مرارًا وتكرارًا .
مع طرح للعديد من الأعمال السينمائية واتجاه الكثير من النجوم نحوها .. ما رأيك فى الأعمال السينمائية حاليا؟
رغم عدم متابعتي المستمرة إلا أننى عندما أشاهد منهم لا يعجبني لأن شباب مصر يجب أن يظهر بشكل لائق ووطني أكثر، ولكن أري إبهارًا دائمًا فى الصورة والتقنية.
هل من الممكن أن تعود الفنانة عفاف شعيب مجددًا للسينما خلال الفترة المقبلة كما يطالبك الجمهور بشكل دائم؟
أنا بالفعل أحضّر لعمل سينمائي جديد وسيكون عملاً وطنيًا ولكن لم يحدد موعد بدء التصوير حتى الآن.
رغم ابتعادك بشكل كبير عن اللقاءات والأعمال الفنية .. ما سبب تعرض اسم عفاف شعيب للكثير من الشائعات بشكل مستمر؟
أنا لا ألتفت للشائعات وبالطبع واجهت الكثير من التحديات فى بداياتي وكره الكثير من جميع الحاقدين وأعداء النجاح وذلك بسبب توفيقي فى أعمالي وحب الناس المستمر لي .. لكنى لم أعادِ أحدًا أو آخذ موقفًا عدائيًا من أحد.
بما أنك شاركتى الفنان الراحل محمود عبدالعزيز فى عدة أعمال .. ما الرسالة التى توجهينها له فى ذكرى رحيله الثامنة التى كانت توافق أمس؟
أريد أن أقول له ربنا يرحمك ويجعلك من أهل الجنة انت إنسان جميل ورائع وتميزت فى جميع الأعمال الذى قدمتها ، قدمت الشر والكوميدي وكلها مميزة وناجحة بجانب شخصيتك الطيبة الرائعة.
ما رأيك فى السوشيال ميديا فى الوقت الراهن .. وهل تزيد من انتشار السلبيات والشائعات دائمًا؟
بالطبع السوشيال ميديا لها إيجابيات وسلبيات ورغم تواجد العديد من الإيجابيات والأشياء المفيدة إلا أننى لا أهوى متابعتها بشكل مستمر لأنى لم أملك الوقت الكافي لذلك.
هل من الممكن نشاهد عفاف شعيب تقدم محتوى هادفًا وقويًا من خلال السوشيال ميديا؟
فكرت فى الأمر وكثيرًا عرضوا عليّ هذه الفكرة لكنني لا أحبذ.. خاصة أن هذه الأفكار تريد الاستمرارية دائمًا وأنا وقتى ضيق للغاية ولم يتسع الالتزام بالكثير من العادات التى من الممكن أن تشغلني عنها.
صدى البلد
إنضم لقناة النيلين على واتساب