قد تدفع الولايات المتحدة التشكيلات الكردية في سوريا إلى التعاون مع دمشق، وهي مسألة طرحت في جدول أعمال المناقشات بالإدارة في واشنطن بمشاركة تركيا التي تنظر إلى حلفاء أميركا الرئيسيين في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية باعتبارهم تهديدا لأمنها القومي.

وفي تقريره الذي نشرته صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية، قال إيغور سوبوتين إن مجرد الحديث عن التقارب بين الإدارة الذاتية ودمشق قد يشير إلى استعداد البنتاغون لسحب القوات الأميركية من سوريا.

وحسب ما أفادت به مصادر في واشنطن لموقع "المونيتور" الإخباري، تناقش إدارة الرئيس جو بايدن تغيير السياسة تجاه سوريا.

ووفقا لهذه المصادر، طرحت مسألة الحاجة إلى التقارب بين دمشق وما تسمى قوات سوريا الديمقراطية (التحالف الذي يهيمن عليه الأكراد والذي تسيطر واشنطن من خلاله على الشمال)، وتم اقتراح إنشاء لجنة سياسات مشتركة بين الإدارات للتشاور بشأن مصير قوات سوريا الديمقراطية على المديين المتوسط والطويل.

وأكد أحد مصادر "المونيتور" وجود مناقشات حاليا على مستوى الخبراء والمستشارين، موضحا أنه "إذا تمت التوصية بتغييرات كبيرة في السياسة فقد يستغرق أي قرار أشهرا، إن لم يكن سنوات".

وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن الحسابات تجري على أمل إعادة انتخاب بايدن، ومع ذلك في حال عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي سيتغير النهج تجاه شمال شرق سوريا، حيث سيتم نشر القوات الأميركية.

معارك بين الجيش الحر التابع للمعارضة السورية وما تسمى قوات سوريا الديمقراطية بمحيط منبج (ناشطون) تفاعل محدود

وذكر الكاتب أن فكرة التعاون بين قوات سوريا الديمقراطية والقصر الرئاسي في دمشق طرحت سابقا، حيث كان على القوات الكردية الموافقة على تفاعل محدود مع نظام الرئيس بشار الأسد طوال وجود مشروعها العسكري السياسي.

وكان هذا واضحا بشكل خاص في عام 2019 عند تسليم قوات سوريا الديمقراطية بعض مناطقها إلى جيش النظام خلال مواجهة الهجوم التركي.

وفي عام 2014 أنشأت إدارة باراك أوباما شراكة مع القوات الكردية لتدمير النواة الإقليمية لتنظيم الدولة في الأراضي السورية، وتعليقا على ذلك ذكرت واشنطن أن هذا كان تعاونا مؤقتا وتكتيكيا.

ويرى مراقبون أن الجدل الدائر بشأن تقليص المسافة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية يشير إلى أن الولايات المتحدة ستقوم في مرحلة ما بإجلاء قواتها من سوريا وفقا للسيناريو الأفغاني.

وفي ربيع عام 2023 أجرى الأميركيون تدريبات محاكاة لفهم الشكل الذي سيبدو عليه انسحاب قواتهم من سوريا.

وفي هذا الشأن، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي إنه لا يحيط إدارة بايدن علما بالخطط.

وأضاف "هذا غير قابل للتطبيق نظرا لعلاقاتنا مع نظام الأسد الذي يرفض النظر في أي حوار هادف معنا من أجل المستقبل الديمقراطي للبلاد بأكملها، بما في ذلك الأكراد ووضع الجيش السوري العاجز عن حماية أراضيه من تنظيم الدولة، والأمر سيان بالنسبة لأراضينا".

وأكد عبدي أن تنظيم الدولة يسيطر بالفعل على أجزاء من محافظة دير الزور غرب الفرات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ويحافظ على وجوده على طول الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى دمشق.

صمت الشريك الأميركي

وأشار عبدي إلى حقيقة عدم اتخاذ واشنطن رد فعل على التكثيف الأخير للقصف عبر الحدود الذي بدأته تركيا رغم تعرض البنية التحتية الحيوية في أراضي الإدارة الذاتية للهجوم، وذلك وفقا لجهاز أمن الدولة، مما يشير إلى تقارب بين مواقف الولايات المتحدة وتركيا حسب القادة الأكراد.

وأضاف أن "صمت شريكنا الأميركي في وقت تهاجمنا فيه المسيّرات التركية يقودنا إلى استنتاج مفاده أن الأتراك يتصرفون بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة".

وذكرت الصحيفة الروسية أن المناقشات بشأن الوجود الأميركي تتكشف في وقت تتعرض فيه الوحدة العسكرية الأميركية لإطلاق نار كثيف من القوات الموالية لإيران في سوريا والعراق ردا على استعداد إدارة بايدن لدعم إسرائيل في عمليتها بغزة.

وحسب ما أفادت به مصادر في وكالة "نورث برس" الكردية، بدأ الحرس الثوري الإيراني تدريب قوات الدفاع الوطني المرتبطة بدمشق لتوسيع دائرة نفوذه في شمال شرق سوريا.

وزعمت الوكالة الكردية أن ضباط الفيلق بدؤوا بتدريب نحو 80 شخصا من محافظة دير الزور على تنظيم أعمال تخريبية ضد القوات الكردية، ويخطط المدربون الإيرانيون لإكمال التدريب خلال شهر، وأفادت الوكالة بأنه تم تزويد الجيش السوري بالأسلحة الإيرانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات سوریا الدیمقراطیة الولایات المتحدة تنظیم الدولة

إقرأ أيضاً:

«الخصخصة في سوريا».. هل تكون «طوق النجاة» الذي ينتشل البلاد من أزمتها؟

في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سورية، ومع تولي الإدارة زمام الأمور، طرح موضوع “الخصخصة” نفسه كأحد الحلول لإنعاش الاقتصاد السوري المنهك، فهل تكون الخصخصة طوق النجاة الذي ينتشل سوريا من أزمتها الاقتصادية الخانقة؟

وفي هذا السياق، رأى المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي، في حديث لقناة “سكاي نيوز عربية”، أن “الخصخصة تمثل طوق نجاة للاقتصاد السوري المنهك، مشدداً على أن الدولة لم تعد تملك خياراً آخر سوى الاعتماد على القطاع الخاص لتشغيل المؤسسات المتوقفة عن العمل وتحديث خطوط الإنتاج القديمة”.

وقال المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي: “إن الخصخصة تمثل ببساطة عملية نقل ملكية الأعمال أو الصناعات أو الأصول من القطاع العام إلى القطاع الخاص”.

وأكد أن “سوريا اليوم لا تملك خياراً آخر سوى الاعتماد على القطاع الخاص لقيادة النشاط الاقتصادي، نظراً لحالة الإفلاس التي تعاني منها الدولة وغياب الفوائض المالية التي تمكنها من الاستثمار المباشر”.

وأشار الدكتور القاضي إلى أن “الحل يكمن في جذب استثمارات من القطاع الخاص المحلي والعربي والدولي بهدف خلق فرص عمل جديدة، خاصة وأن معظم مؤسسات القطاع العام متوقفة عن العمل منذ تسلم الإدارة الجديدة البلاد”.

وأوضح أن “خطوط الإنتاج في هذه المؤسسات قديمة جداً، ويعود بعضها إلى حقبة التأميم قبل أكثر من خمسين عاماً، ما أدى إلى تراكم العمالة الزائدة والزائفة”.

وأضاف: “كان الأمر وكأن حكومة الرئيس المخلوع مهمتها الأساسية دفع رواتب وهمية لشراء الولاءات، وهو ما شكل مدخلاً كبيراً للفساد”.

وأكد أن  “هناك ما يقارب نصف مليون عامل مسجل لا يعمل فعلياً، وبعضهم لا يعرف حتى اسم المؤسسة المسجل عليها”.

وشدد القاضي على “أهمية إدخال القطاع الخاص لتشغيل وتحديث هذه المؤسسات، قائلاً: “القطاع الخاص سيعزز الكفاءة الإنتاجية من خلال إدخال خطوط إنتاج حديثة، وسيوفر بيئة تنافسية حقيقية تؤدي إلى خفض الأسعار وتحد من الفساد، مما سيكون حافزاً مهماً لجذب المزيد من الاستثمارات”.

وحول آليات تنفيذ الخصخصة، أوضح القاضي “ضرورة اتباع نهج شفاف مع تحديد إطار تنظيمي واضح للعلاقة بين الدولة والشركات الخاصة، كما أكد أهمية بناء شبكات أمان اجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفاً، بعيداً عن سياسات التوظيف الزائف التي ساهمت في تدمير الاقتصاد خلال العقود الماضية في ظل حكم حزب البعث”.

وأشار المستشار الاقتصادي القاضي إلى أن “الحكومات السابقة كانت تخصص ما بين 100 إلى 200 مليار ليرة سورية سنوياً لدعم الشركات العامة الخاسرة، وهو ما استمر لأكثر من 40 عاماً، وقال: “من غير المعقول أن نستمر بهذه الطريقة التي أثقلت كاهل الاقتصاد دون أي مردود حقيقي”.

وحول أفضل آليات الخصخصة، رأى القاضي أن “نموذج البناء والتشغيل ثم النقل (BOT) هو الأكثر نجاعة، ووفق هذا النموذج، تتولى الشركة الخاصة بناء مشروع مثل طريق، أو جسر، أو مستشفى، أو مصنع إسمنت، أو معمل جرارات، ثم تشغله لفترة محددة تتراوح بين 10 إلى 15 عاماً. خلال هذه الفترة تحصل الحكومة على جزء من العوائد وتضمن الحفاظ على حد أدنى من فرص العمل، وهو ما يسهم في خلق وظائف جديدة”. وبعد انتهاء المدة، تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة كمؤسسة فعالة وحديثة يمكن لاحقاً إدراج جزء من أسهمها في السوق وفتح الباب أمام المواطنين السوريين للاستثمار فيها، بينما يستمر القطاع الخاص في إدارتها بكفاءة. واعتبر القاضي أن هذا النموذج هو “الحل الأمثل لإنعاش الاقتصاد السوري”.

وشدد الدكتور القاضي فيما يتعلق بالعمالة الزائدة والزائفة، على “ضرورة إيجاد فرص عمل حقيقية لهؤلاء من خلال إطلاق المزيد من المشاريع خارج إطار القطاع العام، إلى جانب تقديم قروض صغيرة ومتوسطة الأجل لدعم المشاريع الصغيرة”.

وتحدث القاضي “عن أبرز التحديات التي تواجه عملية الخصخصة، وأولها حجم العمالة التي ستكون في المؤسسات بعد إتمام صفقة إشراك القطاع الخاص، وأكد أن هذا الجانب يتطلب مفاوضات دقيقة مع الإدارات الجديدة لتلك المؤسسات، أما التحدي الثاني، فهو إقناع المستثمرين من القطاع الخاص بتولي إدارة مؤسسات تعاني من خسائر متراكمة وتعمل بخطوط إنتاج قديمة ومتهالكة”.

بالمقابل، حذر الباحث الاقتصادي عصام تيزيني، من التسرع في “طرح الخصخصة دون دراسة معمقة، معتبراً أن الشركات العامة تمثل جزءاً أساسياً من الاقتصاد السوري ويجب التعامل معها كملك للشعب وليس كأصول تابعة للنظام السابق”.

بدوره، قال الباحث الاقتصادي المختص بالشأن السوري عصام تيزيني في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “إن معالجة ملف شركات القطاع العام المنتجة يحتاج الى دراسة هادئة تعتمد التقييم والبحث العلمي والمهني ولا يجوز أن نتسرع ونطلق حلولاً قد يظهر للبعض أن ظاهرها اقتصادي وباطنها سياسي فهذه الشركات ملك السوريين ولا يجوز أن نتعامل معها وكأنها ملك النظام البائد”.

واعتبر الباحث الاقتصادي تيزيني أن الخصخصة ملفاً شائكاً، وقال: “على الفريق الذي يتصدى للخصخصة أن يفكر بعقلية القطاع الخاص الذي يبحث ويمحص كثيراً ويقترح حلولاً لإعادة تنشيط عمل الشركات أما عندما يعجز بهذه المهمة فيمكن أن يلجأ للبيع أو الشراكة مع القطاع الخاص، أما وأن يستسلم منذ البداية ويطرح شعار الخصخصة دون عناء البحث فهذا لا يستقيم”.

وقال: “على الحكومة والفريق الوطني الذي سيدير ملف الخصخصة أن يراعي مايلي: الابتعاد عن طريقة البيع الكلي لشركات القطاع العام، طرح الشركات للاستثمار بالشراكة وفق تعاقدات تحددها طبيعة الشركة المراد استثمارها، الأخذ بعين الاعتبار الجدوى الاجتماعية وتأثيرها على عشرات آلاف العمال والموظفين الذين يعملون في هذه الشركات، الابتعاد عن الأسلوب الذي اتبعه النظام المخلوع بمنح مزايا ومكافآت للشركات الأجنبية على حساب الشركات المحلية، فكانت عقود الاستثمار التي أجراها بمثابة عقود إذعان ولنا في تعهيد مصانع السماد لشركة روسية مثال ولشركة إيرانية بمناجم الفوسفات مثال آخر وشركة مرفأ طرطوس لشركه روسية أيضا مثال ثالث وغير ذلك الكثير والذي حرم السوريين في نص عقودها بشكل جائر من الاستفادة من عوائدها المادية والاجتماعية”.

يذكر أنه “سجل الاقتصاد في سوريا انكماشا بمقدار الثلثين تقريباً، فيما يعيش نصف سكانها الآن في فقر مدقع، وذلك وفقاً لتقرير صدر أخيراً عن وكالتين تابعتين للأمم المتحدة، هما لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)”.

مقالات مشابهة

  • «الخصخصة في سوريا».. هل تكون «طوق النجاة» الذي ينتشل البلاد من أزمتها؟
  • سوريا.. بدء توريد «النفط» من المناطق التي يسيطر عليها «الأكراد» نحو دمشق
  • سوريا: الأكراد يستأنفون تسليم النفط لمناطق الحكومة المركزية بدمشق
  • فرنسا ترحب بقرار مجلس الأمن بشأن سحب القوات الرواندية من شرق الكونغو الديمقراطية
  • في تحول خاطف.. كيف اختفت رموز نظام الأسد من أسواق دمشق وحلّت محلها ألوان الثورة؟
  • ما هو المخفي خلف عودة “اليهود السوريين” لسورية بعد سُقوط الأسد وكيف بارك نظام الشرع عودتهم؟
  • سوريا.. القبض على “مجرم” متورط بإلقاء براميل متفجرة على المدنيين / صور
  • أحمد الشرع يلتقي السفير الصيني في دمشق لأول مرة منذ سقوط الأسد
  • المجتمع الدرزي في سوريا يطالب بضمان دور فاعل للأقليات في الحكم الجديد
  • محطة "القدم" للقطارات بدمشق.. إرث عثماني دمره نظام الأسد