مجمع سجون سري في سيناء.. لماذا يبني نظام السيسي معتقلات بأماكن نائية؟
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
يواصل النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، بناء المزيد من السجون، محملا الميزانية العامة للدولة المزيد من الأعباء، في وقت تعاني فيه مصر من أزمات مالية واقتصادية خانقة دفعت حكومتها لمواصلة الاستدانة من المؤسسات المالية الدولية، وأجبرتها على بيع بعض أصولها العامة ورهن عدد من السيادية منها،
والثلاثاء، كشفت "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان"، المعنية بالشأن السيناوي في شبه الجزيرة المصرية، عن بناء الحكومة المصرية مجمع سجون ضخم على نحو "شبه سري"، بمنطقة صحراوية معزولة في شمال سيناء.
وينضم مجمع السجون الجديد، إلى 91 سجنا رئيسيا في البلاد، بُنى منها في عهد السيسي 48 سجنا، وذلك إلى جانب مقرات الاحتجاز في الأقسام والمراكز الشرطية التي تصل لـ382 مقرا، بخلاف السجون العسكرية والأخرى السرية، مجهولة العدد والأماكن.
لكن المثير هو إنشاء مثل هذا المجمع الكبير من السجون في شمال سيناء التي لا يتعدى عدد سكانها نحو نصف مليون نسمة، ما يثير التساؤلات حول أسباب إنشاء مثل هذا السجن في شمال سيناء.
"مجمع سجون الجفجافة"
ووفق الرسوم الهندسية التي اطلعت عليها "المؤسسة" والمعلومات التي حصلت عليها أكدت أن مجمع السجون الجديد يجري بناؤه قبل عامين وتحديدا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2021، في منطقة صحراوية معزولة بالقرب من قرية "الجفجافة" التابعة لمدينة الحسنة، موضحة أنه يتبع وزارة الداخلية، وتشرف على إنشائه "الهيئة الهندسية للقوات المسلحة"، ويتسع لـ20 ألف سجين.
ولفتت إلى أن المجمع المقام على مساحة 6 كم مربع بطول نحو 3 كم وعرض 2 كم، ويتشابه في تصميمه مع مجمع سجون "وادي النطرون" بالصحراء الغربية الذي افتتحت عام 2021، تظهر الصور أن السلطات قامت بتجريف مزارع مملوكة لمدنيين لإنشائه.
واعتبرت المنظمة الحقوقية أن إقامة مجمع سجون الجفجافة بهذه القدرة الاستيعابية الكبيرة أمر مثير للاستغراب، خاصة وأنه يبعد عن أقرب تجمعات عمرانية بمدينة بئر العبد، بـ65 كم.
وألمحت إلى أنه لا تربط المنطقة أي خطوط مواصلات عامة، ما يجعل النزلاء بمعزل عن العالم، مرجحة أن حجمه الكبير يدل على أنه سيستقبل سجناء من خارج سيناء، مشيرة إلى أن أي محاكمات تقام فيه ستعني صعوبة بالغة للمحامين وذوي المساجين في الوصول للسجن وزيارة ذويهم.
وعن بناء المجمع الذي يقع شرق "مطار البردويل" العسكري بنحو 8 كم، قالت "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان"، إنه يشمل 6 سجون، 4 منها (نمطي)، كل منها بسعة 3360 نزيل (مساحة 7794 متر مربع)، و3 منها سجون رجال، وأحدها رجال ونساء.
وإلى جانب سجنين مشدد، كل منهما سعة 3312 نزيل (مساحة 38400)، يوجد مجمعين للمحاكم، كل منهما 8 قاعات، بالإضافة إلى مبنيين سكن ضباط جماعي، سعة 48 ضابط لكل منهما، ومبنيين سكن ضباط عائلي، 11 وحدة لكل منهما.
وبحسب المنظمة، فهناك مبنيين سكن أفراد وعاملين، سعة 360 فرد لكل منهما، ومبنى كتيبة مجندين سعة 600 مجند، ووحدة خيالة سعة 10 حصان، وحدة كلاب سعة 30 كلب، وعدد 14 برج مراقبة ارتفاع 25 متر، وعدد 358 برج حراسة ارتفاع 9 متر.
وألمحت إلى استغلال المنطقة المحيطة بالمجمع وعساكر الأمن المركزي والمسجونين للزراعة، "في نمط متصاعد للنشاط الاقتصادي غير الشفاف لوزارة الداخلية"، وفق وصف المؤسسة، وذلك بعد إزالة كيلو متر مربع من الأراضي الزراعية، ونزع ملكيتها دون تعويض أصحابها، وفقا لمقابلتين أجرتهما المؤسسة مع سكان محليين.
تقرير جديد تكشف فيه مؤسسة سيناء عن مجمع سجون انشأته الهيئة الهندسية التابعة للجيش المصري، لصالح وزارة الداخلية، بشكل شبه سري في منطقة صحراوية معزولة وسط سيناء، عقب تهجير سكان محليين من المنطقة وتجريف مزارعهم.
المفارقة أن سعة السجن تصل إلى 20 ألف نزيل وهي تعادل عدد السكان في… http://pic.twitter.com/xsYacKflZp — Sinai for Human Rights (@Sinaifhr) January 23, 2024
نشطاء سيناويون، وخبراء أمن مصريين، تحدثوا مع "عربي21"، عن رؤيتهم لأسباب إنشاء ذلك المجمع من السجون في منطقة نائية بشمال سيناء، وهدفه من ذلك، وتوقعاتهم لمن يتم إعداد وتجهيز ذلك المجمع الضخم، وما إذا كان لنقل السجناء من محافظات مصر كما يجري في مجمع وادي النطرون بالصحراء الغربية.
"تبتلعها الرمال"
الناشط السيناوي مسعد أبوفجر، قال لـ"عربي21"، إن "ما أعرفه هو أن الفرعون (رئيس النظام) طوال تاريخه يبني في الصحراء مبان تبتلعها الرمال، هذه نقطة"، مضيفا: "والنقطة الثانية هي خلال سيطرة الفرعون النادرة على سيناء لا يقدم شيء سوى الدمار".
من جانبه، قال الناشط السيناوي والحقوقي المصري أشرف أيوب، لـ"عربي21"، إن "عدم الإعلان عن بناء مجمع سجون الجفجافة، أعتقد أنه يرجع لسببين".
أكد أن "السبب الأول هو التعتيم المستمر على كل ما يتعلق بسيناء، والتعتيم على أهداف التدابير التي ترسم الواقع بشبه الجزيرة".
وأضاف: "والسبب الثاني، أن يكون مجمع السجون هذا حربي، حيث أن ما صدر من قوانين وقرارات، تصب في احتكار سيناء وثرواتها ملكية خاصة للجيش".
ونفى أيوب، أن يكون لبناء هذا المجمع "علاقة بما يحدث في قطاع غزة من حرب إبادة دموية وتحديث عن تهجير الفلسطينيين لسيناء"، معتقدا أنه "لا علاقة له بهذا الشأن لأنه يقع في المنطقة (ب) حسب الملاحق الأمنية، لاتفاقية (كامب ديفيد)".
"للحماية والتضييق"
وفي رؤيته، قال الباحث المصري في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، إن "الحديث عن هذا المجمع بدأ منذ نحو 3 سنوات وليس جديدا، وذلك ضمن سياسة بناء سجون في مناطق نائية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، شرح أهداف النظام من بناء سجون نائية، بأنها لـ"تيسير حمايتها، وللتضييق على السجناء وعائلاتهم"، موضحا أنه "مثلما يوجد سجن في الوادي الجديد حاليا (وادي النطرون)".
وأشار إلى أنه "قد كان هناك معتقل قديم في مدينة (الطور) خًصص لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين بعد حرب فلسطين عام 1948".
وأكد مولانا، أن "السجن الجديد لا علاقة له بالحرب في غزة"، مبينا أن "العمل فيه بدأ منذ بضعة سنوات".
ويرى أنه "يأتي ضمن سياسة التوسع في بناء السجون لاستيعاب أعداد كبيرة من السجناء بالأخص السياسيين، في حال حدوث احتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية".
"ولمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون الحالية، وإخلاء السجون الموجودة داخل المدن لبيع أراضيها والاستفادة بثمنها، وفق قول الباحث المصري.
"تبعات الشرعية"
وفي تقديره، قال السياسي المصري، رضا فهمي، إن "السيسي أسوأ وأخطر من حكم مصر منذ العهد الملكي، لأن من سبقوه كان لديهم شكل من أشكال الشرعية، فجمال عبدالناصر لديه شرعية القيام بثورة ضد (ملك فاسد)، وأنه أنقذ الشعب من الملك، وقاد الضباط الأحرار، وحول مصر لنظام جمهوري، فلديه معطيات اكتساب الشرعية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وأنور السادات كان لديه شرعية كنائب لعبدالناصر، وطبيعي أن يأتي محله، بجانب شرعية انتصار (حرب 1973) بغض النظر عن تقييمنا لمآلات الحرب، وحسني مبارك جاء بعد وفاة السادات، وكان نائبا له، وأكمل مساره، ونجح بعملية التحكيم الدولي مع إسرائيل حول طابا".
عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا، أكد أن الوضع مختلف شكلا وموضوعا بالنسبة للسيسي، فلم يكن نائبا للرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، بل قام بانقلاب عليه، وبالتالي قضية الشرعية تصنع له هواجس ومخاوف أن يبتزه الآخر من خلالها".
"تمكين المشروع الإسرائيلي"
ولفت إلى أن "المقدمة السابقة تقول إن السيسي، يدفع أثمان ضخمة مقابل بقاؤه، وليس لديه خيارات غير إرضاء أمريكا وإسرائيل بشكل كامل، ولذا كان جزءا من صفقة القرن التي تبناها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب".
وأوضح أنه "ولذلك فهناك مدينة كاملة بناها في شمال سيناء، تسع عدة ملايين وبها مطار وميناء بحري ومخطط لها منطقة تجارة حرة، وبقى مجمع سجون يستقبل من يقوم بالشغب أو من يرفض الوضع المفروض، تماما كما هو مصير أكثر من 60 ألف معتقل يقوم السيسي، بتدويرهم في السجون منذ منتصف 2013".
وقال فهمي: "وبالتالي أرى أن مجمع السجون هذا مرتبط ببعدين: الأول، هو خطة تهجير الفلسطينيين لرفح، وثانيا، لحالات التمرد التي قد تنشأ عن هذا الوضع بين أهالي سيناء الذين تم تهجيرهم من رفح ومحيطها، فالموضوع لم يمت ولم يخفت ومتوقع حدوث إنفجار بأي لحظة من الأهالي الذين أجبروا قبل سنوات على ترك منازلهم وأراضيهم".
ويعتقد أن "فكرة بناء مجمع السجون لنقل بعض المعتقلين المصريين احتمال قائم، ولكنه ليس أساس، فالمجمع يعد جزءا من البنى التحتية لخدمة مشروع تهجير الفلسطينيين لسيناء، خاصة وأن أهل سيناء أهل شكيمة ومقاومة ولن يسلموا بهذه البساطة وسيرفضوا عملية التهجير وسيتعامل معهم تعاملا خشنا وسيكونوا بين خيارين بين الموت بسلاح الجيش أو يبقوا بالسجون".
وخلص السياسي المصري للقول إن "وضع المجمع بتلك المنطقة مستهدف به الفلسطينيين ضمن مشروع صفقة القرن، والتهجير، وأيضا لأهل سيناء المتوقع منهم حدوث انتفاضة أو ثورة أو عصيان مدني".
وأكد أن "السيسي يعمل لحساب تمكين المشروع الإسرائيلي أو (الشرق الأوسط الجديد) الذي بشر به الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز في كتابه الشهير، بالإضافة لصفقة ترامب التي كانت قبلة حياة للسيسي، وأوقفها مجيء الحزب الديمقراطي للحكم في واشنطن".
وأشار إلى أن "السيسي، كما في بعض استطلاعات الرأي، متلهف لعودة ترامب للبيت الأبيض، كطوق نجاة له من مأزقه الحالي، لأن تهجير الفلسطينيين لسيناء سيكون له ثمن مادي ضخم سواء بإلغاء ديون مصر ودفع مبالغ أخرى، كما حدث في عهد مبارك عند مشاركته أمريكا بغزو العراق".
"سجون أشد قسوة"
ومنذ الانقلاب العسكري الذي ضرب البلاد منتصف 2013، وأطاح بأول تجربة ديمقراطية شهدتها البلاد، ويقود السيسي، (وزير الدفاع حينها)، حملة أمنية على أنصار أول رئيس مدني منتخب الراحل محمد مرسي، طالت بعض أطياف المعارضة الأخرى.
وقدرت منظمة العفو الدولية في كانون الثاني/ يناير 2021، عدد المعتقلين في مصر بنحو 114 ألف سجين، فيما أكدت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، أن عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين حتى آذار/ مارس 2021، نحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سياسي.
ومع الأعداد الهائلة للمعتقلين لأكثر من 10 سنوات ونصف تقريبا، قام السيسي ببناء 48 سجنا، أهمها وأكثرها اتساعا مجمع سجون "وادي النطرون" النائي بالصحراء الغربية، ومجمع سجون "بدر"، قرب العاصمة الإدارية الجديدة، شمال شرق القاهرة.
ورغم شكاوى آلاف المعتقلين من أوضاعهم السيئة داخل السجون المصرية، إلا أن شكاواهم من أوضاع أشد صعوبة في السجون الجديدة وخاصة سجون بدر، أثارت الجدل حول إصرار النظام على مواصلة الانتهاكات بحق المعتقلين برغم دعاية بنائها على أحدث طرز معمارية واشتراطات دولية.
والمثير أنه ووفق "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان"، فإن مجمع "سجون الجفجافة"، يضم مجمع محاكم، وذلك ضمن سياسة انتهجها النظام، بإقامة المحاكمات بالقضايا السياسية في السجون، ما يحرم المعتقلين من رؤية الشارع المصري ورؤية ذويهم بقاعات المحاكم العامة، ويفرض قيودا على المحامين ولجان الدفاع عن المتهمين.
"أهداف اقتصادية"
لكن، مراقبين، يرون أن للسيسي، هدف اقتصادي من بناء السجون الجديدة، بنقل المسجونين من السجون المركزية، وتلك التي تحتل أماكن حيوية وذات قيمة اقتصادية، ونقل ملكيتها للصندوق السيادي المصري، ومن ثم بيعها أرضا خالية للمستثمرين أو تطويرها وتأجيرها.
"الصندوق"، الذي آلت إليه أغلب مباني القاهرة التاريخية والتراثية ومباني الوزارات والهيئات التي جرى نقلها للعاصمة الإدارية الجديدة، ضم إلى ممتلكاته في آذار/ مارس 2023، مبنى وزارة الداخلية المصرية وسط مدينة القاهرة، وبداخله "جهاز أمن الدولة" السابق، والمعروف باسم "سلخانة لاظوغلي".
وفي 5 كانون الأول/ ديسمبر 2022، جرى نقل ملكية 10 سجون ومراكز احتجاز بمناطق حيوية بمساحات شاسعة وسط الكتل السكنية لعواصم المحافظات من ملكية وزارة الداخلية لوزارة المالية.
وهو ما اعتبره مراقبون خطوة من النظام لبيع تلك المساحات الشاسعة من المباني والأراضي، وتمهيدا لطرحها للبيع للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب أو استغلالها في بناء عقارات سكنية وتجارية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري السيسي السجون سيناء مصر السيسي سيناء السجون المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تهجیر الفلسطینیین وزارة الداخلیة السجون الجدید فی شمال سیناء وادی النطرون مؤسسة سیناء فی السجون من السجون کل منهما إلى أن
إقرأ أيضاً:
أكبر جبل جليدي في العالم ينجرف بشكل خطير نحو جزيرة نائية ويهدد حياة ملايين من طيور البطريق والفقمة
يناير 24, 2025آخر تحديث: يناير 24, 2025
المستقلة/- يتجه أكبر جبل جليدي في العالم نحو الاصطدام بمنطقة جورجيا الجنوبية البريطانية، وهو ما قد يعرض حياة الملايين من طيور البطريق والفقمات للخطر.
انفصلت كتلة الجليد التي تزن تريليون طن، والتي أطلق عليها اسم A23a، عن موقعها الشهر الماضي وبدأت في الانجراف نحو الشمال.
يتحرك الجدار الجليدي العملاق ببطء من القارة القطبية الجنوبية في مسار تصادم محتمل مع جورجيا الجنوبية، وهي أرض خصبة لتكاثر الحياة البرية.
قال اندرو مايجرز، عالم المحيطات الفيزيائية في هيئة المسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية، ان صور الأقمار الصناعية تشير الى انه على عكس “الجبال الجليدية العملاقة” السابقة، فإن هذا الجبل الجليدي لم ينهار الى قطع اصغر وهو يشق طريقه عبر المحيط الجنوبي.
وقال ان التنبؤ بمساره الدقيق كان صعب ولكن التيارات السائدة تشير الى ان العملاق سيصل الى الجرف القاري الضحل حول جورجيا الجنوبية في غضون اسبوعين الى اربعة اسابيع.
لكن ما قد يحدث بعد ذلك هو مجرد تخمين، كما قال.
قد يتجنب الجرف وينتقل الى المياه المفتوحة وراء جورجيا الجنوبية، وهي اقليم بريطاني في الخارج على بعد حوالي 1400 كيلومتر (870 ميل) شرق جزر فوكلاند.
أو قد تصطدم بالقاع المنحدر، وتعلق لشهور أو تتفكك إلى قطع.
وقال مايجرز إن هذا السيناريو قد يعيق بشكل خطير الفقمة والبطاريق التي تحاول إطعام وتربية صغارها على الجزيرة.
وقال: “لقد رست الجبال الجليدية هناك في الماضي وتسبب ذلك في وفيات كبيرة لصغار البطريق وصغار الفقمة”.
بعرض حوالي 3500 كيلومتر مربع (1550 ميل مربع)، انفصل أكبر وأقدم جبل جليدي في العالم والمعروف باسم A23a عن الجرف القطبي الجنوبي في عام 1986.
ظل عالقًا لأكثر من 30 عامًا حتى انفصل أخيرًا في عام 2020، وتأخرت رحلته الثقيلة شمالًا أحيانًا بسبب قوى المحيط التي أبقته يدور في مكانه.
وصف مايجرز – الذي واجه الجبل الجليدي وجهاً لوجه أثناء قيادته لمهمة علمية في أواخر عام 2023 – “جرفًا أبيض ضخمًا، يبلغ ارتفاعه 40 أو 50 مترًا، يمتد من الأفق إلى الأفق”.
وقال: “إنه مثل هذا الجدار الأبيض. إنه يشبه إلى حد كبير لعبة العروش، في الواقع”.
اتبعت A23a نفس المسار تقريبًا الذي سلكته الجبال الجليدية الضخمة السابقة، حيث مرت بالجانب الشرقي لشبه جزيرة أنتاركتيكا عبر بحر ويديل على طول طريق يسمى “ممر الجبل الجليدي”.
كان هذا الكتلة الضخمة من المياه العذبة، التي تزن أقل بقليل من تريليون طن، يتم حملها على طول أقوى “تيار نفاث” للمحيط في العالم – التيار المحيط بالقطب الجنوبي.
قال مايجرز إن ذلك كان يتبع “خطًا مستقيمًا تقريبًا من مكانه الحالي إلى جورجيا الجنوبية” حيث تتحول المياه بسرعة إلى ضحلة وينحني التيار بشكل حاد.
وقال إن الجبل الجليدي قد يتبع هذا التيار إلى البحر أو يصطدم بالجرف.
إوتقوم طيور البطريق والفقمة المقيمة على طول ساحلها الجنوبي برحلات بحث عن الطعام في المياه الجليدية لإحضار ما يكفي من الطعام لتسمين صغارها.
وقال مايجرز: “إذا توقف الجبل الجليدي هناك، فسوف يسد مكان تغذيتهم جسديًا، أو سيضطرون إلى الالتفاف حوله”
“هذا يحرق كمية هائلة من الطاقة الإضافية بالنسبة لهم، وبالتالي فإن هذه الطاقة أقل بالنسبة للصغار والكتاكيت، مما يتسبب في زيادة الوفيات”.
وكانت أعداد الفقمة والبطاريق في جنوب جورجيا تعاني بالفعل من “موسم سيئ” مع تفشي إنفلونزا الطيور “وهذا [الجبل الجليدي] سيجعل الأمر أسوأ بكثير”، كما قال.
“سيكون الأمر مأساويًا إلى حد ما، لكنه ليس غير مسبوق”.
وأضاف مايجرز أنه مع ذوبان A23a في النهاية، فقد يملأ المحيط بقطع صغيرة – ولكنها لا تزال خطرة – من الجليد يصعب على الصيادين التنقل فيها.
كما سيزرع الماء بالعناصر الغذائية التي تشجع نمو العوالق النباتية، وتغذية الحيتان وغيرها من الأنواع، والسماح للعلماء بدراسة كيفية امتصاص مثل هذه الأزهار لثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
ورغم أن الجبال الجليدية ظاهرة طبيعية للغاية، قال مايجرز إن معدل فقدانها من القارة القطبية الجنوبية يتزايد، ويرجع ذلك على الأرجح إلى أزمة المناخ الناجمة عن أنشطة الإنسان.