بعد خسارتها لنصف موجوداتها.. البنوك السودانية نحو الهاوية
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
تآكلت موجودات البنوك السودانية المقدرة بنحو 45 تريليون جنيه بمقدار النصف بعد أن فقدت العملة الوطنية أكثر من 50 بالمئة من قيمتها خلال الفترة الأخيرة حيث يجري تداول الدولار الواحد حاليا بنحو 1100 جنيه، مقارنة مع 600 جنيها قبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل، وعلى آثرها خرجت البنوك بالكامل عن الخدمة ليغلق أكثر من 70 بالمئة من الفروع العاملة في البلاد والبالغ عددها 39 بنكا حكوميا وتجاريا.
وأكد بنك السودان المركزي في بيان منشور على موقعه الرسمي؛ تعرض المصارف لعمليات نهب وتخريب واسعة منذ بداية الحرب.
وتعهد البنك في سبتمبر بالعمل على تقليص الأضرار التي لحقت بالقطاع ومعالجة الانخفاض في قيمة العملة الوطنية؛ إلا أن الأشهر الثلاث الماضية شهدت خروج العشرات من أفرع البنوك في ولايات وسط وغرب البلاد بسبب اتساع رقعة الحرب؛ كما استمر التراجع الكبير في قيمة الجنيه.
وأثارت إجراءات اتخذتها بعض البنوك بتخفيض أعداد كبيرة من قوتها العاملة ومنح بعضها إجازات لأكثر من 45 بالمئة من موظفيها مخاوف جدية حول سلامة القطاع المصرفي في البلاد.
وحذر خببران اقتصاديان في حديث لموقع سكاي نيوز عربية من انهيار القطاع بسبب الدمار الهائل الذي تعرض بسبب الحرب والشكوك المتعلقة بإمكانية استرداد القروض الممنوحة بعد خسارة معظم المستثمرين لأنشطتهم ومؤسساتهم الصناعية والإنتاجية.
صعوبات كببرة
من المتوقع أن يحتاج القطاع المصرفي السوداني إلى سنوات طويلة حتى يتعافى من أزمته الحالية خصوصا في ظل تأثير الحرب على مجمل اقتصاد البلاد.
وبحسب البنك الدولي وصندوق النقد؛ فقد انكمش نمو البلاد إلى سالب 18 في المئة حيث توقفت عجلة الإنتاج في معظم مناطق البلاد وفقدان معظم الأسر مصدر دخلها لترتفع معدلات الفقر إلى أكثر من 65 بالمئة. وقدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة للحرب بأكثر من 100 مليار دولار بحسب بيانات مستقلة؛ كما توقف أكثر من 400 مصنع عن العمل تماما بعد اندلاع الحرب.
ووفقا لمحمد شيخون، أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية فإن الحرب الحالية أضرت بالقطاع المصرفي الذي ظل يواجه خلال العقود الثلاثة الأخيرة مشكلات هيكلية كبيرة بسبب السياسات التي اتبعت في تسعينيات القرن الماضي والتي شابها الكثير من الفساد والأخطاء.
ويقول شيخون لموقع سكاي نيوز عربية إن اندلاع الحرب في منتصف أبريل في الخرطوم ألقى بالمزيد من الظلال القاتمة على أوضاع القطاع المصرفي حيث تعرضت معظم البنوك لعمليات نهب وتدمير واسعة في وقت لم تكن معظم تلك البنوك تحتفظ باحتياطات كافية لدى المصرف المركزي.
ويوضح “صحيح أن نحو 95 بالمئة من الكتلة النقدية الموجودة في البلاد والمقدرة بنحو 900 تريليون جنيه كان يتم تداولها في اقتصاد الظل؛ إلا ان معظم الـ 5 بالمئة المتبقية والمقدرة بنحو 45 تريليونا لم يكن يخضع لرقابة البنك المركزي بشكل كامل؛ وكانت معظم البنوك تفشل في الوفاء بمتطلبات “بازل” المتعلقة بالحد الأدنى لرؤوس الأموال”.
ويشير شيخون إلى أن البنوك فقدت فرصة تعزيز اوضاعها خلال فترة التسعينات “بعد تبخر معظم مداخيل الدولة من النفط والذهب المقدرة بنحو 150 مليار دولار في أوعية الفساد مما جعلها بعيدة عن تمويل العمليات الإنتاجية والتنموية”.
ولا يتفق شيخون مع إجراءات تقليص العمالة أو سياسات منح إجازات بدون أجر التي اتخذتها بعض البنوك في محاولة لمعالجة الأزمة الحالية التي تمر بها؛ وشدد على أن مواجهة الآثار المترتبة على القطاع المصرفي نتيجة الحرب لا يمكن ان تنجح دون معالجة الخلل الهيكلي المزمن في القطاع؛ ويوضح “هنالك حاجة للقضاء على تشوهات البنك المركزي وضبط عمليات طباعة العملة وتغيير العملة الحالية من أجل إعادة الكتلة النقدية الهاربة إلى المظلة المصرفية والضريبية وبالتالي وقف أنشطة الاقتصاد الخفي خصوصا فيما يتعلق بتجارة العملة”.
ملامح الضعف
يؤكد المستشار المالي والمصرفي، عمر سيد أحمد أن الحرب ألحقت أضرارا كبيرة بالقطاع المصرفي الذي عانى كثيرا من تآكل رؤوس الأموال بسبب الانخفاض المستمر في سعر صرف الجنيه خصوصا في الفترة الأخيرة التي ارتفع فيها سعر الدولار إلى أكثر من 1100 جنيه مقارنة بنحو 600 جنيها قبل اندلاع الحرب.
ويقول سيد أحمد لموقع سكاي نيوز عربية “هنالك العديد من ملامح الضعف في القطاع المصرفي السوداني بعضها يرتبط بعوامل هيكلية قديمة وبعضها ناجم عن الآثار التي ترتبت عن الحرب”.
ويوضح “لازمت الحرب العديد من عمليات النهب والتدمير التي أثرت على البنية التحتية للبنوك وأفقدتها مبالغ طائلة من موجوداتها الأمر الذي زاد من اوجاع البنوك التي كانت تعاني أصلا من خلل هيكلي كبير وضعف في كفائتها المالية التي كانت أقل من الكفاءة المالية المعيارية العالمية المنصوص عليها في اتفاقيات بازل الثلاث التي تحدد الحد الادنى لراس المال المفترض ان يحافظ البنك عليه أو يحتفظ به لكي يكون مؤهلا لمواجهة الأضرار المباشرة التي قد تقع على القطاع المصرفي في حالات كحالة الحرب الحالية.
ويضيف “معظم البنوك السودانية لم تكن لديها التحوطات المالية والفنية اللازمة لمواجهة الآثار الكارثية الناجمة عن الحرب؛ لذلك ستعاني خلال الفترة المقبلة من فقدان ثقة العملاء خصوصا في ظل التوقعات التي ترجح عدم قدرتها على استرداد أموال المودعين التي قدمت كقروض لمستثمرين وتجار فقدوا معظم أنشطتهم الاقتصادية بسبب الحرب وبالتالي ستتراجع قدرتهم على تسديد تلك القروض”.
ويشير سيد أحمد إلى مشكلة أخرى قد تزيد من الأزمة الهيكلية في القطاع المالي والمصرفي وهي مسألة الانفلات في طباعة العملة ونزول أوراق نقدية مزورة أو لم تكتمل طباعتها إلى الأسواق.
ويطرح سيد أحمد عدد من الحلول لمواجهة أزمة القطاع المصرفي الحالية الاستعانة بالخبراء والمختصين لإجراء إعادة هيكلة صارمة للقطاع المصرفي والبنك المركزي وضبط عمليات طباعة العملة والقيام بعمليات دمج واسعة تقلص العدد الحالي للبنوك الوطنية من 41 إلى 8 أو 9 بنوك كحد أقصى حتى تكون قادرة على الوفاء بمتطلبات الكفاءة المالية.
سكاي نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القطاع المصرفی اندلاع الحرب بالمئة من سکای نیوز خصوصا فی سید أحمد أکثر من
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب