تآكلت موجودات البنوك السودانية المقدرة بنحو 45 تريليون جنيه بمقدار النصف بعد أن فقدت العملة الوطنية أكثر من 50 بالمئة من قيمتها خلال الفترة الأخيرة حيث يجري تداول الدولار الواحد حاليا بنحو 1100 جنيه، مقارنة مع 600 جنيها قبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل، وعلى آثرها خرجت البنوك بالكامل عن الخدمة ليغلق أكثر من 70 بالمئة من الفروع العاملة في البلاد والبالغ عددها 39 بنكا حكوميا وتجاريا.


وأكد بنك السودان المركزي في بيان منشور على موقعه الرسمي؛ تعرض المصارف لعمليات نهب وتخريب واسعة منذ بداية الحرب.
وتعهد البنك في سبتمبر بالعمل على تقليص الأضرار التي لحقت بالقطاع ومعالجة الانخفاض في قيمة العملة الوطنية؛ إلا أن الأشهر الثلاث الماضية شهدت خروج العشرات من أفرع البنوك في ولايات وسط وغرب البلاد بسبب اتساع رقعة الحرب؛ كما استمر التراجع الكبير في قيمة الجنيه.
وأثارت إجراءات اتخذتها بعض البنوك بتخفيض أعداد كبيرة من قوتها العاملة ومنح بعضها إجازات لأكثر من 45 بالمئة من موظفيها مخاوف جدية حول سلامة القطاع المصرفي في البلاد.
وحذر خببران اقتصاديان في حديث لموقع سكاي نيوز عربية من انهيار القطاع بسبب الدمار الهائل الذي تعرض بسبب الحرب والشكوك المتعلقة بإمكانية استرداد القروض الممنوحة بعد خسارة معظم المستثمرين لأنشطتهم ومؤسساتهم الصناعية والإنتاجية.

صعوبات كببرة
من المتوقع أن يحتاج القطاع المصرفي السوداني إلى سنوات طويلة حتى يتعافى من أزمته الحالية خصوصا في ظل تأثير الحرب على مجمل اقتصاد البلاد.
وبحسب البنك الدولي وصندوق النقد؛ فقد انكمش نمو البلاد إلى سالب 18 في المئة حيث توقفت عجلة الإنتاج في معظم مناطق البلاد وفقدان معظم الأسر مصدر دخلها لترتفع معدلات الفقر إلى أكثر من 65 بالمئة. وقدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة للحرب بأكثر من 100 مليار دولار بحسب بيانات مستقلة؛ كما توقف أكثر من 400 مصنع عن العمل تماما بعد اندلاع الحرب.
ووفقا لمحمد شيخون، أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية فإن الحرب الحالية أضرت بالقطاع المصرفي الذي ظل يواجه خلال العقود الثلاثة الأخيرة مشكلات هيكلية كبيرة بسبب السياسات التي اتبعت في تسعينيات القرن الماضي والتي شابها الكثير من الفساد والأخطاء.
ويقول شيخون لموقع سكاي نيوز عربية إن اندلاع الحرب في منتصف أبريل في الخرطوم ألقى بالمزيد من الظلال القاتمة على أوضاع القطاع المصرفي حيث تعرضت معظم البنوك لعمليات نهب وتدمير واسعة في وقت لم تكن معظم تلك البنوك تحتفظ باحتياطات كافية لدى المصرف المركزي.
ويوضح “صحيح أن نحو 95 بالمئة من الكتلة النقدية الموجودة في البلاد والمقدرة بنحو 900 تريليون جنيه كان يتم تداولها في اقتصاد الظل؛ إلا ان معظم الـ 5 بالمئة المتبقية والمقدرة بنحو 45 تريليونا لم يكن يخضع لرقابة البنك المركزي بشكل كامل؛ وكانت معظم البنوك تفشل في الوفاء بمتطلبات “بازل” المتعلقة بالحد الأدنى لرؤوس الأموال”.
ويشير شيخون إلى أن البنوك فقدت فرصة تعزيز اوضاعها خلال فترة التسعينات “بعد تبخر معظم مداخيل الدولة من النفط والذهب المقدرة بنحو 150 مليار دولار في أوعية الفساد مما جعلها بعيدة عن تمويل العمليات الإنتاجية والتنموية”.
ولا يتفق شيخون مع إجراءات تقليص العمالة أو سياسات منح إجازات بدون أجر التي اتخذتها بعض البنوك في محاولة لمعالجة الأزمة الحالية التي تمر بها؛ وشدد على أن مواجهة الآثار المترتبة على القطاع المصرفي نتيجة الحرب لا يمكن ان تنجح دون معالجة الخلل الهيكلي المزمن في القطاع؛ ويوضح “هنالك حاجة للقضاء على تشوهات البنك المركزي وضبط عمليات طباعة العملة وتغيير العملة الحالية من أجل إعادة الكتلة النقدية الهاربة إلى المظلة المصرفية والضريبية وبالتالي وقف أنشطة الاقتصاد الخفي خصوصا فيما يتعلق بتجارة العملة”.

ملامح الضعف
يؤكد المستشار المالي والمصرفي، عمر سيد أحمد أن الحرب ألحقت أضرارا كبيرة بالقطاع المصرفي الذي عانى كثيرا من تآكل رؤوس الأموال بسبب الانخفاض المستمر في سعر صرف الجنيه خصوصا في الفترة الأخيرة التي ارتفع فيها سعر الدولار إلى أكثر من 1100 جنيه مقارنة بنحو 600 جنيها قبل اندلاع الحرب.
ويقول سيد أحمد لموقع سكاي نيوز عربية “هنالك العديد من ملامح الضعف في القطاع المصرفي السوداني بعضها يرتبط بعوامل هيكلية قديمة وبعضها ناجم عن الآثار التي ترتبت عن الحرب”.
ويوضح “لازمت الحرب العديد من عمليات النهب والتدمير التي أثرت على البنية التحتية للبنوك وأفقدتها مبالغ طائلة من موجوداتها الأمر الذي زاد من اوجاع البنوك التي كانت تعاني أصلا من خلل هيكلي كبير وضعف في كفائتها المالية التي كانت أقل من الكفاءة المالية المعيارية العالمية المنصوص عليها في اتفاقيات بازل الثلاث التي تحدد الحد الادنى لراس المال المفترض ان يحافظ البنك عليه أو يحتفظ به لكي يكون مؤهلا لمواجهة الأضرار المباشرة التي قد تقع على القطاع المصرفي في حالات كحالة الحرب الحالية.
ويضيف “معظم البنوك السودانية لم تكن لديها التحوطات المالية والفنية اللازمة لمواجهة الآثار الكارثية الناجمة عن الحرب؛ لذلك ستعاني خلال الفترة المقبلة من فقدان ثقة العملاء خصوصا في ظل التوقعات التي ترجح عدم قدرتها على استرداد أموال المودعين التي قدمت كقروض لمستثمرين وتجار فقدوا معظم أنشطتهم الاقتصادية بسبب الحرب وبالتالي ستتراجع قدرتهم على تسديد تلك القروض”.
ويشير سيد أحمد إلى مشكلة أخرى قد تزيد من الأزمة الهيكلية في القطاع المالي والمصرفي وهي مسألة الانفلات في طباعة العملة ونزول أوراق نقدية مزورة أو لم تكتمل طباعتها إلى الأسواق.
ويطرح سيد أحمد عدد من الحلول لمواجهة أزمة القطاع المصرفي الحالية الاستعانة بالخبراء والمختصين لإجراء إعادة هيكلة صارمة للقطاع المصرفي والبنك المركزي وضبط عمليات طباعة العملة والقيام بعمليات دمج واسعة تقلص العدد الحالي للبنوك الوطنية من 41 إلى 8 أو 9 بنوك كحد أقصى حتى تكون قادرة على الوفاء بمتطلبات الكفاءة المالية.

سكاي نيوز

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القطاع المصرفی اندلاع الحرب بالمئة من سکای نیوز خصوصا فی سید أحمد أکثر من

إقرأ أيضاً:

شاهد بالفيديو.. الحسناء المصرية “خلود” تعود لإشعال مواقع التواصل السودانية بترديدها أغنية الفنانة ندى القلعة التي تمجد فيها ضباط الجيش (حبابو القالوا ليهو جنابو)

عادت التيكتوكر المصرية الشهيرة “خلود”, لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان, بمقطع فيديو جديد حظي بمشاهدات واسعة.

وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فإن التيكتوكر المصرية تحظي بشعبية كبيرة داخل مواقع التواصل الاجتماعي.

https://www.facebook.com/reel/1219975879062460

واشتهرت “خلود”, بدعمها للجيش السوداني, عبر مقاطع فيديو تقوم بنشرها على حساباتها عبر السوشيال ميديا.

ووفقاً لما شاهد محرر موقع النيلين, فإن التيكتوكر الحسناء ظهرت خلال المقطع وهي تردد مع الفنانة ندى القلعة, أغنيتها تمجد فيها ضباط الجيش (حبابو القالوا ليهو جنابو).

محمد عثمان _ الخرطوم

النيلين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. الحسناء المصرية “خلود” تعود لإشعال مواقع التواصل السودانية بترديدها أغنية الفنانة ندى القلعة التي تمجد فيها ضباط الجيش (حبابو القالوا ليهو جنابو)
  • المركزي العراقي يصدر ضوابط لترخيص البنوك الرقمية
  • مطابع العملة السودانية تدفع بقافلة دعما لمواطني شرق الجزيرة وتوتي
  • تربويو اليمن يدشنون إضراباً مفتوحاً ويشلون العملية التعليمية في أربع محافظات محررة
  • قبيل صدور تقرير عن المجاعة .. الحكومة السودانية تنسحب من نظام عالمي لمراقبة الجوع
  • سقوط معظم أسماء طلاب الشهادة السودانية المسجلين بالسفارة في كمبالا من القوائم النهائية
  • البنك المركزي يطلق حملة جديدة للتثقيف المالي وتعزيز الثقة في القطاع المصرفي
  • 232 يوماً على إغلاق العدو الصهيوني للمعابر.. وغزة باتت على شفا الهاوية
  • مجلس إدارة اتحاد مصارف الإمارات يؤكد على متانة ومرونة القطاع المصرفي وقدرته على السعي لمواصلة النمو في 2025
  • تفاصيل التحقيقات مع متهمين بالاتجار فى العملة بالسوق السوداء