موقع النيلين:
2024-07-05@23:20:59 GMT

صديق محمد عثمان: الحي الله.. والدائم الله

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT


□□ الحي الله.. والدائم الله ..
□□ عشة محمود في شأن الله
□□ وايه الدنيي غير
لمة ناس في خير
او ساعة حزن
□ خلال زيارتي الاخيرة للسودان في شهر ديسمبر الماضي للقاء الاهل وتلقي العزاء في الوالد الحبيب محمد عثمان سيداحمد، كان اكبر همي ان استطيع الوصول من قرية ودالشافعي إلى المدينة عرب لعزاء عمتي شقيقة الوالد الكبرى عائشة سيداحمد التي كانت بمثابة ام الوالد الثانية ولم تكن مجرد عمة ورغم المرض والكبر والمناسبة الحزينة فقد اسعدني ان اجلس بجوارها واتحسس وجهها الصبوح وقسماتها الوضيئة واقضي معها بعض الوقت.

□ في طريق عودتي من المدينة عرب توقفت فوق كبري بيكة وانا مشدود بالمنظر المروع لمئات الالاف من البشر وهم يحملون امتعتهم الشخصية ويجرون اطفالهم وهم خارجون من مدينة ودمدني في اليوم الثالث لهجوم الجنجويد على المدينة وانطلاق الإشاعات بسقوطها في ايدي التتار الجدد ، الامر الذي كذبه الواقع لاحقا ذلك اليوم.

□ كان نصيب عائلتي المباشرة اعتداء الجنجويد على مكان عزاء والدي ونهب ست سيارات من المنزل امام مرأى ومسمع من الاسر والأطفال الذين احتجزوا اثنان منهم رهائن لضمان خروجهم بالسيارات المنهوبة ولم يطلقوا سراحهم إلا بعد ساعات.

□ وتعرضت شقيقتي وزوجها وأطفالها لإطلاق نار على سيارتهم خلال رحلتهم من ودالشافعي إلى المدينة عرب والحمد لله لم يصب احد. كان جنديان من قوات التتار قد اختطفا احدى السيارات المنهوبة والتي يبدو انها كانت محملة بالنفائس من الذهب والحلي دون غيرها من السيارات الاخرى وحاولا الفرار بها من القوة التي كانا يتبعان لها والتي انطلقت تطلق النار على اي سيارة متحركة دون تمييز بسبب ذلك.

□ وبعد خروجي من السودان وعودتي إلى بريطانيا وقعت احداث المدينة عرب التي استباحها الجنجويد واقتادوا بعض شبابها وقاموا بتصفية بعضهم بدم بارد واضطروا معظم سكانها إلى الخروج غير الآمن غربا نحو ود ربيعة والمناقل وغيرها من المدن والقرى، وخرج أهلنا إلى المناقل لأسابيع ثم عادوا إلى المدينة بعد دخول القوات المسلحة لها ولكن المنطقة كلها اصبحت ارض عمليات اذ يعتمد الجنجويد على التحرك من منطقة إلى اخرى واشاعة الفوضى وعدم الامن والاعتداء على الأرواح والأعراض والممتلكات.

□ وبعد الهدوء النسبي وخروج افراد اسر من عايلتنا كل إلى وجهته تعرضت اسرة شقيقتي مرة اخرى إلى النهب في الطريق حيث تم اعتراض البص الذي يحملهم في الطريق إلى سنار وضرب الرجال ونهب اموالهم تحت تهديد السلاح واحيانا تعذيب الاطفآل امام والديهم لاغراض ابتزاز الاموال وحلي النساء.

□ وبعد رحلة طويلة جدا من المدينة عرب إلى سنار إلى هيا استطاعت اسرة شقيقتي الوصول إلى عطبرة.

□ وصباح يوم الثلاثاء ١١ رجب ١٤٤٥ هـ الموافق ٢٣ يناير ٢٠٢٤ أسلمت عمتي عائشة سيداحمد محمد عثمان بنت الروضة بت عائشة بت محمود الروح إلى بارئها واضطر ابنائها إلى انهاء مراسم العزاء بانتهاء مراسم مواراة الجثمان الثرى بينما ابنها الأكبر لا يزال في طريقه من بورتسودان وابنها الاصغر في طريقه من عطبرة وسيمر كل واحد منهما عن طريق هيا كسلا القصارف سنار ويضطر كل واحد منهما للمبيت في كسلا ليلة وفي سنار ليلة ليصل إلى المدينة عرب في اليوم الثالث.

□ بينما شقيقة عمتي الصغرى عمتي زينب سيداحمد محمد عثمان محبوسة بمدينة الحوش لا تستطيع الوصول إلى المدينة عرب بسبب سوء الاحوال الامنية وندرة وسائل المواصلات.

□ رحلت الحاجة ( عشة محمود) كما كان لقبها وكنيتها على جدتها والدة والدتها حبوبتنا الكبيرة عشة بت محمود من جهة جرا ريفي الدبة بالشمالية، رحلت وفي رصيدها حياة من الكفاح مع زوجها الراحل العم عثمان عبدالحليم الرجل الذي كان يجسد حياة الكدح والكفاح والمثابرة في طلب الرزق الحلال. رحلت عمتنا عائشة بنت سيداحمد ود حُمد عثمان ود سيد احمد ود عبدالجبار ولم يكن احد من كبارنا يجسد هذا النسب المنسول إلى آباءنا الكبار في العفاض وجرا وقرى ريفي الدبة باكثر منها. كانت امًا ثانية لوالدنا المرحوم ولذلك كنا نجد عندها ذات الدلال والمعاملة الرقيقة التي كنا نجدها عند حبوباتنا وربما اكثر.

□ هكذا اصبح الناس عاجزون عن الاجتماع في الملمات الكبرى كما اعتادوا لمواساة بعضهم بعضا والسير خلف نعش الاحباب والأعزاء والشهادة لهم بما علموه من سيرة الحياة المكافحة والصبر على مكاره الحياة. تعرض الكبار إلى الاهانة البالغة بانتهاك التتار خصوصيات منازلهم وغرف نومهم والعبث بمقتنياتهم البسيطة التي استودعوها ذكريات حياة الشظف وضيق العيش وحلاوة المصابرة على الرزق الحلال. وامتهنت كرامتهم وهم يشاهدون احفادهم خائفين يملأ صدورهم الرعب وتملأ عيونهم الصغيرة الدموع وهم عاجزون عن بث الطمأنينة في نفوسهم. وتم احتقار مشاعرهم واحاسيسهم المرتبطة بالمكان والمساكن والمقتنيات على قلتها وبساطتها مهما كانت مسبحة من ذكريات حج او عمرة او خاتم او أسورة من ميراث منتسب إلى جدة عالية او ربما كتاب او البوم صور او صندوق او شنطة قديمة.

حدث كل هذا للناس البسطاء الذين صبروا وتجاوزوا وكانوا كرماء جدا في التسامح مع سفاهات النخب المتعاقبة على حكمهم وتكليفهم اثار وتبعات سياسات وافكار لا تصدر إلا عن نفوس وضيعة ومروءات ناقصة وعقول تافهة ارتضت القيام بدور الوكيل للمستعمر في جباية الاموال والاحتفاظ بالموارد بكرا لضمان رفاه حياة نخب أوروبا والغرب.

حدث كل هذا ونخبنا لا تزال في جهالتها تتودد للجهات التي تسوم شعبها كل هذه الاهانة واهدار الكرامة الانسانية ويبلغ بها السفه والجرأة حدا يجعلها تقلل من حجم المعاناة المادية والاحتقار المعنوي الذي يعانيه الشعب وترتفع اصوات منها بالمناداة بالتفاوض وانهاء الحرب وتبذل جهدا ومثابرة في محاولة مساواة الذين يفعلون كل هذا بالشعب بالجيش الوطني والقوات المسلحة التي عاش الشعب في كنف حمايتها عقودا دون ان يتعرض لما يتعرض له الان.

○ اللهم ارحم والدتنا وامنا الكبيرة الحاجة عائشة سيداحمد واغفر لها واكرم وفادتها وعاملها باللطف والإحسان واجعل ما قاسته في ايامها الاخيرة كفارة لها.

○ ونسألك ان تأخذ الذين تسببوا في معاناتها ومعاناة كل كبير وصغير ومريض اخذ الجبارين.
○ وأن تؤمن اهلنا من الروع وتحفظ كرامتهم وعزتهم وأنفسهم وترفع البلاء عنهم.
○ إنك نعم المولى ونعم النصير .

صديق محمد عثمان
Siddigmohamed Osman

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: محمد عثمان

إقرأ أيضاً:

رئيس الجمهورية يصل إلى المدينة الجديدة سيدي عبد الله

وصل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى المدينة الجديدة سيدي عبد الله. للإشراف على إنطلاق عملية توزيع السكنات عبر كامل التراب الوطني.

مقالات مشابهة

  • بوحدة مناظير عائشة المرزوق بقنا العام.. استخدام تقنيّة جراحية جديدة دون الاحتياج إلى عناية مركزة
  • معسكر عائشة.. قلعة داعش التي يتمنى استعادتها وبوابة جحيم 3 محافظات
  • معسكر عائشة.. قلعة داعش التي يتمنى استعادتها وبوابة جحيم 3 محافظات - عاجل
  • 7 محطات يستعين بها الرسول في تعامله مع زوجاته
  • غار ثور.. أيقونة الهجرة والملاذ الآمن للنبي وصاحبه
  • وزير الأوقاف يستقبل رئيس جامعة القاهرة بالعاصمة الإدارية
  • خاص| سلوي عثمان ضيفة شرف في "روكي الغلابة" وزوجة محمد رضوان
  • طاقم حكام مباراة الأهلي والداخلية في الدوري المصري
  • رئيس الجمهورية يصل إلى المدينة الجديدة سيدي عبد الله
  • حي الزيتون.. قلعة حصينة تحولت لـ"كابوس" تؤرق بمقاومتها الاحتلال