دعم المواهب وتحفيز الإبداع
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
لم تقف جهود وزارة الإعلام عند الارتقاء بالقطاع الإعلامي بكافة أنواعه وحسب، بل حرصت على إحداث حالة من الحراك الثقافي والفني من خلال تنظيم النسخة الأولى من "مهرجان عين للأفلام القصيرة"، بهدف الارتقاء بالفيلم العُماني والإسهام في تطوير المحتوى الإبداعي.
ولقد وُلد هذا المهرجان كبيرًا، حيث يتنافس فيه 55 فيلمًا متأهّلًا من أصل 71 فيلمًا مشاركًا، ضمن 3 فئات هي: الأفلام الروائية القصيرة والوثائقية وأفلام الأطفال.
ومن المميز في هذا المهرجان أنه شهد مشاركة كوكبة من كبار الفنانين والمخرجين من داخل عمان وخارجها، بالإضافة إلى ما تضمنه من جلسات ثقافية وحلقات عمل لمناقشة الفنون المتعلقة بإنتاج الأفلام، مثل كتابة السيناريو والإخراج وواقع سوق الأفلام السينمائية في المنطقة والعالم.
كما أن هذا المهرجان يساعد صناع الأفلام على الترويج لإبداعاتهم من خلال نشرها في منصة عين أو في بعض دور السينما، حتى يتمكن المهتمون من مشاهدة هذه الأعمال الفنية والتعرف على صناعها، وهو ما يؤكد الاهتمام الملموس بالمواهب العمانية في مختلف المجالات.
إنَّ مثل هذه المهرجانات ستفيد قطاعا كبيرا من شبابنا العماني المهتم بصناعة الأفلام، سواء المهتمين بالتأليف أو السيناريو أو التصوير أو التمثيل أو الإخراج أو العمليات المتصلة بإنتاج الأفلام السينمائية، وستثري بالتأكيد منصة عين بالأفلام القصيرة لتقديم محتوى هادف.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مفتاح البقاء في عالم مُتغير
د. أحمد بن موسى البلوشي
الابتكار، ذلك المفهوم السحري الذي يحمل في طياته مفاتيح التقدم والتطور، وهو ليس مجرد فكرة عابرة أو ومضة إبداعية أو كلمة نتداولها، بل هو عملية مستمرة ومنهجية تهدف إلى تحويل الأفكار الجديدة إلى واقع ملموس يحقق قيمة مضافة، وفي عالم يتسارع فيه التقدم وتتغير فيه المعطيات بشكل مستمر، لم يعد الابتكار خيارًا ترفيًّا، بل أصبح ضرورة حتمية لمواكبة التغيرات المتسارعة في مختلف جوانب الحياة، وهو لا يقتصر على مجال معين، بل يشمل جميع جوانب الحياة ومجالاتها؛ فأغلب الدول والمؤسسات التي تتبنى الابتكار وتستثمر فيه تتمتع بميزة تنافسية، وتحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا، والأفراد الذين لا يسعون إلى تطوير أفكار جديدة لحياتهم وتعاملاتهم وحلول مبتكرة للتحديات التي يواجهونها، يواجهون خطر التخلف عن الركب أمام موجة التقدم.
لطالما كان الابتكار محركًا رئيسيًا للنجاح، فالتاريخ يشهد أن الحضارات التي تفوقت كانت تلك التي احتضنت الإبداع وسعت إلى التطوير المستمر، والتفكير خارج الصندوق، والأهم من ذلك، يتطلب الابتكار ثقافة مجتمعية تقدر الإبداع وتحترمه. اليوم، نرى كيف أن الدول التي تستثمر في البحث والتطوير تحقق تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا ملحوظًا، في حين تتراجع الدول التي تفتقر إلى بيئة مشجعة للابتكار.
الابتكار يتجلى في صور وأشكال متعددة، فقد يكون ابتكارًا في المنتجات أو الخدمات، أو ابتكارًا في العمليات والأساليب، أو حتى ابتكارًا في نماذج الأعمال، أو حتى في أساليب العيش والحياة، والهدف الأساسي منه هو إيجاد حلول جديدة ومبتكرة للتحديات، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق النمو المستدام. فمثلًا الشركات التي تقاعست عن التطوير والابتكار لما وصل له العالم من تقدم خرجت من السوق، مثل ما حدث مع شركة "نوكيا" و"كوداك"، والأمر لا يقتصر على الشركات فقط، فحتى الدول التي لا تستثمر في الابتكار تجد نفسها تعاني من تراجع اقتصادي وتدهور في مستويات المعيشة، وكذلك الإنسان إذا لم يجد طرقاً مبتكرة لطريقة حياته يصبح أسيرًا للروتين والتكرار، ويفقد شغفه بالحياة. الابتكار في طريقة العيش لا يعني فقط الإبداع في العمل أو المشاريع، بل يشمل أسلوب التفكير، والتعامل مع التحديات، وحتى العادات اليومية. كلما اكتشف الإنسان طرقًا جديدة للنظر إلى الأشياء، زادت قدرته على التطور والتأقلم، مما يجعل حياته أكثر متعة ومعنى.
ويُعد ترسيخ ثقافة الابتكار أمرًا بالغ الأهمية لضمان التطور المستدام، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع البحث والتطوير عبر توفير بيئات محفزة تدعم الإبداع على مستوى الأفراد والمؤسسات، إلى جانب تعزيز التعليم القائم على الإبداع بحيث يركز على تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات. كما أن دعم رواد الأعمال والمبتكرين من خلال تقديم التسهيلات والتمويلات للمشاريع الناشئة يعد عنصرًا أساسيًا في بناء بيئة ابتكارية ناجحة. وأخيرًا، فإن تبني المرونة والاستعداد للتكيف مع المتغيرات يُعد ضروريًا لضمان القدرة على التطور والاستمرار في عالم سريع التغير.
إنَّ الاختيار بين الابتكار والاندثار ليس مجرد قرار؛ بل هو مسار يحدد مستقبل الأفراد والمجتمعات، وفي عالم اليوم، من لا يبتكر، يندثر. لذا، لا بُد أن يكون الابتكار ثقافة ونهج حياة، لضمان الاستمرارية والتقدم.