الحزب النازي الألماني.. صعد مع هتلر ومات بانتحاره
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
تأسس الحزب النازي الألماني عام 1920 بعد سنتين من الهزيمة الألمانية في الحرب العالمية الأولى، وتمكن من الوصول لقيادة البلاد عام 1933 بعد حصوله على الأغلبية البرلمانية، وتولى أدولف هتلر رئاسة البلاد عام 1934، واستمر الحزب حاكما للبلاد حتى عام 1945، ثم انطفأ نجمه بعد دخول الحلفاء ألمانيا وسيطرة الاتحاد السوفياتي على برلين وانتهاء الحرب العالمية الثانية بهزيمة ألمانيا.
انتشرت في ألمانيا حالة من الركود الاقتصادي والبطالة بسبب اتفاقية فرساي التي وقعتها الحكومة الألمانية المهزومة عام 1918 في الحرب العالمية الأولى، إذ ألزمت الاتفاقية برلين بأن تدفع 132 مليار مارك ألماني للحلفاء المنتصرين في الحرب.
أفضى ذلك إلى ثورة اجتماعية في البلاد كان من نتائجها تَشكّل حزب العمال الألماني عام 1919، الذي تحول لاحقا إلى حزب العمال الاشتراكي القومي الألماني، أو الحزب النازي، وهو اسم مشتق من عبارة تعني "القومي الاشتراكي" في اللغة الألمانية، وكُتب برنامج الحزب على يد الاقتصادي الألماني غوتفريد فيدير، وانضم إليه لاحقا أدولف هتلر وعدد من الضباط الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى.
قبل افتتاح مؤتمر الحزب القومي الاشتراكي الألماني يوم 10 سبتمبر/أيلول 1935 (أسوشيتد برس) التوجه الأيديولوجياعتمد الحزب أيديولوجيا على مزيج من القومية المتطرفة والاشتراكية الوطنية، مع التركيز على ضرورة توحيد الأمة الألمانية وإعادة تأكيد هيمنتها في أوروبا، إضافة إلى دعوته إلى إلغاء معاهدة فرساي، التي اعتبرها إهانة وظلما لألمانيا.
اقتصاديا ركز الحزب النازي على سياسات اقتصادية مركزية قائمة على التحكم، مع التأكيد على التوجه نحو الاكتفاء الذاتي والبرامج الضخمة للبناء والتوظيف، وخاصة خلال فترة الكساد الكبير التي سببها انهيار سوق الأسهم في نيويورك، كما سعى الحزب إلى تحقيق استقلال اقتصادي كامل لألمانيا من خلال سياسات التسلح وإعادة البناء الاقتصادي.
على الصعيد الاجتماعي، سعى الحزب النازي لإعادة هيكلة المجتمع الألماني وفقا لمبادئه العرقية والأيديولوجية، إذ تم تشجيع القيم التقليدية مثل العائلة والولاء للدولة، ولكن في سياق شديد التحكم والقمع، خاصة ضد الأقليات والجماعات التي اعتبرها الحزب "غير مرغوب فيها"، إضافة إلى ترويجه لفكرة تفوّق العرق الآري على بقية الأعراق كونه حسب معتقدات الحزب "العرق ذا السيادة".
المسار السياسيبدأ الحزب النازي (حزب العمال الاشتراكي القومي الألماني) مساره السياسي بشكل محدود في الساحة السياسية بعد الحرب العالمية الأولى، حيث لم يحقق في الانتخابات الألمانية عام 1928 إلا 2.6% من الأصوات، لكن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، بدأت تزداد شعبيته بسبب برامجه الاقتصادية، إذ استطاع عام 1930 الحصول على 18% من الأصوات.
وأصبح الحزب لاحقا أكبر حزب في الرايخستاغ (البرلمان الألماني) عند فوزه بحوالي 37% من الأصوات في انتخابات يوليو/تموز 1932، واستمر في كسب دعم الشعب الألماني في ظل ظروف اقتصادية صعبة وحالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
في يناير/كانون الثاني 1933 عين الرئيس بول فون هيندنبورغ أدولف هتلر (زعيم الحزب) مستشارا لألمانيا، ولكن بعد وفاة هيندنبورغ عام 1934، دمج قادة الجيش منصبي الرئيس والمستشار، مما جعل هتلر الحاكم المطلق لألمانيا، وحوّل بعدها الحزبُ ألمانيا إلى دولة الحزب الواحد، حين ألغى هتلر جميع الأحزاب الأخرى وقمع الحريات السياسية والمدنية، وسيطر على وسائل الإعلام والتعليم، وذلك إثر إعلان مجلس الوزراء حالة الطوارئ في عموم البلاد في فترة أُطلق عليها اسم "الرايخ الثالث".
انتهى مسار الحزب عند نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث انتحر هتلر ودخلت قوات الاتحاد السوفياتي برلين يوم 2 مايو/أيار 1945 وتم حظر الحزب وإعلانه "تنظيما إجراميا" وحوكم قادته في محاكمات نورمبرغ.
نواب من الحزب النازي متوجهون إلى مبنى الرايخستاغ (البرلمان) ببرلين في مايو/أيار 1933 (غيتي) محاكمات نورمبرغعقدت محكمة نورمبرغ في مدينة نورمبرغ الألمانية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية (1945-1946)، وكانت محاكمات عسكرية نُظمت من قبل الحلفاء المنتصرين لمحاسبة قادة النظام النازي، حيث تمت محاكمة 24 من مسؤولي الحزب، ووجهت إليهم تهم تتعلق بالجرائم ضد السلام وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذه المحاكمات كانت مثالا على تطبيق مبدأ "المسؤولية الجنائية الدولية" إذ حكم على الأفراد بدلا من الدول.
شملت المحاكمات كبار قادة الحزب النازي مثل هيرمان غورينغ ورودولف هيس مساعدي هتلر، وأسفرت عن إصدار 12 حكما بالإعدام، 3 أحكام بالسجن مدى الحياة، و4 أحكام بالسجن لفترات متفاوتة، بينما تمت تبرئة 3 متهمين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحرب العالمیة الأولى فی الحرب
إقرأ أيضاً:
النازي برونر في خدمة النظام السوري.. كيف استخدم الأسد أساليب التعذيب النازية لبناء منظومة قمعية وحشية؟
منذ أن تم فتح سجن صيدنايا، وهو السجن السوري الشهير بممارسات التعذيب القاسية، كشف للعالم حجم الفظائع التي كانت تُرتكب تحت حكم عائلة الأسد، بدءًا من الأب حافظ وصولًا إلى ابنه بشار.
وكانت الصدمة كبيرة لدى الرأي العام عندما تبين أن ما كان يُعرف بـ "المسالخ البشرية" لم يكن مجرد شعار، بل واقعًا مروعًا عايشه آلاف المعتقلين في السجون السورية، حيث تعرضوا لأنواع وحشية من التعذيب والقتل.
والتحقيقات الأخيرة كشفت عن استخدام النظام السوري لمجموعة من الضباط النازيين الذين شاركوا في تنفيذ الهولوكوست، وجلبوا معهم أساليب التعذيب التي دُرّبوا عليها في معسكرات الاعتقال النازية.
وبين هؤلاء كان الضابط النازي ألويس برونر، الذي كان يُعتبر من أكثر الشخصيات النازية شناعة، وقد تعاون مع النظام السوري منذ الستينيات في بناء شبكة من سجون التعذيب وأساليب القمع الممنهجة.
سوريا ملاذ للنازيين بعد الحرب العالمية الثانية
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تحولت سوريا إلى ملاذ آمن للعديد من الضباط النازيين الهاربين، وذلك بسبب التحولات السياسية الكبيرة في المنطقة وغياب الرقابة الدولية.
وكان من أبرز هؤلاء ألويس برونر، الذي كان يشغل دورًا محوريًا في ترحيل آلاف اليهود إلى معسكرات الموت.
وفي خمسينيات القرن الماضي، لجأ برونر إلى سوريا، حيث لم يكن مجرد لاجئ سياسي، بل مستشارًا أمنيًا للنظام السوري، وذلك بعد أن تمتع بحماية كاملة من قبل النظام السوري، خاصة بعد وصول حافظ الأسد إلى السلطة.
خبرة النازيين في بناء نظام القمع السوري
من خلال تقرير نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية، تم التأكيد على أن النظام السوري لم يستفد فقط من وجود برونر، بل استفاد من خبراته العملية في مجال التعذيب والاستجواب، وهو ما مكنه من بناء شبكة من أجهزة الأمن والمخابرات التي استخدمت أساليب من شأنها سحق أي معارضة.
وبرونر لم يكن فقط يقدم استشارات فنية، بل ساهم في تطور أساليب التعذيب والإعدام التي اعتمدها النظام السوري، والتي يمكن أن نجد تجسيدًا لها في سجن صيدنايا العسكري، الذي أصبح رمزًا للإرهاب والتعذيب في سوريا.
أساليب التعذيب التي نقلها برونر إلى سوريا
من بين الأساليب القمعية التي نقلها برونر إلى سوريا كان "الكرسي الألماني"، وهي أداة تعذيب تهدف إلى تدمير العمود الفقري للضحايا عن طريق تمديد ظهرهم إلى حدٍ غير طبيعي.
هذا كان جزءًا من استراتيجية أكثر شمولًا لاستخدام التعذيب الممنهج للسيطرة على الشعب السوري وتخويفه.
بالإضافة إلى ذلك، طبق النظام السوري أساليب مشابهة لتلك التي استخدمتها ألمانيا الشرقية، مثل استخدام التعذيب النفسي، حيث تم حرمان المعتقلين من النوم، ومنعهم من التواصل مع العالم الخارجي، وتعرضوا لرؤية أهوال المعاملة القاسية بحق المعتقلين الآخرين.
ممارسات مماثلة للنازية في السجون السورية
أدوات التعذيب والقتل في السجون السورية كانت تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت مستخدمة في معسكرات الاعتقال النازية.
وفي سجن تدمر، على سبيل المثال، استخدمت العقوبات الجماعية والتعذيب الجسدي بشكل ممنهج. في سجن صيدنايا، تم اكتشاف "غرف المكبس"، وهي غرف مصممة لقتل العشرات من المعتقلين في وقت واحد عبر الضغط المكاني.
كما كانت هناك مقابر جماعية تُستخدم للتخلص من جثث الضحايا، وأدلة على استخدام المواد الكيميائية لتسريع تحلل الجثث وإخفاء الآثار.
الأثر المستمر لبرونر على النظام السوري
استمرت العلاقة بين ألويس برونر ونظام الأسد لفترة طويلة، حتى بعد أن كشف الأمريكيون هويته في عام 1961.
حيث مكّن الأسد، طوال سنوات حكمه، من الاستفادة من الأساليب الوحشية التي تعلمها من النازيين، لتأسيس منظومة أمنية تميزت بالقسوة والدموية.
وقد كشف المؤرخون أن هذه الأساليب استمرت طوال فترة حكم بشار الأسد، حيث كانت تعكس نهجًا في قمع الشعب السوري باستخدام كافة وسائل التعذيب المتاحة.
وتستمر تقارير منظمات حقوق الإنسان بالكشف الأهوال التي تعرض لها المعتقلون في سجون النظام السوري، وتوثق ممارسات القتل الجماعي، والتعذيب النفسي والجسدي.
ووفقًا للتقديرات، قُتل ما بين 13 إلى 20 ألف معتقل في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2015 وحدهما.