عربي21:
2024-09-19@14:27:52 GMT

اضربوا عماليق… التأصيل التوراتي للجريمة الإسرائيلية

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT

استندت دعوى «الإبادة الجماعية» التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية على عدد كبير من الأدلة والشواهد على ارتكاب إسرائيل تلك الجريمة ضد أهالي قطاع غزة، ومن جملة الأدلة تصريحات ذات صبغة «دينية توراتية» لمسؤولين إسرائيليين كبار، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي كثف من استشهاداته ـ رغم علمانيته الظاهرية ـ بنصوص توراتية في تصريحاته وخطاباته عن الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو ديدن الكثير من القادة الذين يلجؤون للنصوص الدينية في أوقات الحروب، لأغراض التبرير والتجييش.



وثيقة الاتهام الجنوب أفريقية ذكرت أن نتنياهو استشهد بنص من «سفر صموئيل في الإصحاح الخامس عشر، حيث يُطلب من الملك شاؤول ألا يشفق على أحد في مهاجمة عماليق».

وبالعودة إلى تصريحات نتنياهو، فقد قال في مؤتمر صحافي في 28 تشرين أول/أكتوبر 2023 ما نصه: «يقول كتابنا المقدس: تذكروا ما فعل عماليق بكم، ونحن نتذكر ونقاتل» وقال عن الجنود في غزة وحولها إنهم «يلتحقون بسلسلة من أبطال اليهود، بدأت قبل 3000 سنة مع يوشع بن نون، إلى أبطال حرب 1948، وحرب الأيام الستة، وحرب أكتوبر 1973، وكل الحروب التي كانت في هذا البلد».

ويضيف نتنياهو في خطاب متلفز يوم 25 تشرين أول/أكتوبر 2023 «نحن أبناء النور وهم أبناء الظلام، والنور سينتصر على الظلام، وبإيمان عميق بخلود إسرائيل سنحقق نبوءة إشعياء لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر».

تلك كانت تصريحات نتنياهو، فماذا عن النصوص الدينية اليهودية التي اتكأ عليها؟
جاء في سفر صموئيل: «فالآن اذهبوا واضربوا عماليق، ودمروا كل ما لهم، ولا تعفوا عنهم، بل اقتلوا كلاً من الرجل والمرأة، الطفل والرضيع، البقر والغنم، الجمل والحمار».

وفي سفر التثنية ورد: فمتى أراحك الرب إلهك من جميع أعدائك حولك في الأرض التي يعطيك الرب إلهك نصيباً، لكي تمتلكها، تمحُ ذكر عماليق من تحت السماء، لا تنس ما فعله عماليق بك في الطريق عند خروجك من مصر» في دعوة لاستئصال العماليق الذين هم شعب من البدو الرُحّل كانوا يسكنون جنوبي أرض كنعان وصحراء النقب وشمالي سيناء، وهم من منظور إسرائيلي أجداد الفلسطينيين والعرب.

من هنا جاءت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت التي قال فيها: «نحن نحارب حيوانات بشرية» والتي قالت عنها «هيومن رايتس ووتش» بأنها «دعوة لارتكاب جرائم حرب»وهنا يتضح أن الاستشهاد الرسمي الإسرائيلي بمثل هذه النصوص الدينية إنما هو ـ في حقيقته ـ دعوة واضحة للإبادة الجماعية للإنسان والحيوان، جاءت في صيغة «اضربوا أو اضرب عماليق» مع التأكيد على قتل كل كائن حي من رجل وامرأة وطفل ورضيع وغنم وبقر وجمل وحمار، في مشهد يفوق ما تم التواضع عليه في القانون الدولي الحديث باصطلاح «إبادة جماعية».

وأما حديث نتنياهو عن «أبناء النور» الإسرائيليين و«أبناء الظلام» الفلسطينيين، وذكره للخراب الذي سينتقل إلى غزة، فهو إحالة على نص إشعياء «الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً» والنص الآخر: «ولا يُسمع بعدُ ظلم في أرضك (يا إسرائيل) ولا دمار أو خراب داخل تخومك» حيث سيكون الظلام والخراب بعد ذلك على الفلسطينيين اليوم، كما كان على أجدادهم أمس، حسب النصوص الدينية التي يغترف منها رئيس الوزراء الإسرائيلي.

والواقع أن الشيطنة التي تعرض لها سكان قطاع غزة من قبل مسؤولين ووسائل إعلام إسرائيلية إنما جاءت لتهيئة العالم لتقبل ارتكاب الجريمة الإسرائيلية بحقهم والتبرير لاستهدافهم، وفوق ذلك فإن هذه الشيطنة لها ـ كذلك ـ ما يؤصلها في التراث اليهودي التلمودي والتوراتي الذي شيطن «شعب العماليق» لتبرير إبادتهم.

من هنا جاءت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت التي قال فيها: «نحن نحارب حيوانات بشرية» والتي قالت عنها «هيومن رايتس ووتش» بأنها «دعوة لارتكاب جرائم حرب» تلك التصريحات التي تتكئ على تراث ديني ضخم من شيطنة وتشويه من يعدهم الإسرائيليون أجداد العرب والفلسطينيين المتمثلين في شعب العماليق، الذين ذكرت التوراة أنهم ـ حسب سفر صموئيل ـ شعب يحب الحرب وسفك الدم، شعب همجي يعشق سبي النساء والإغارة على المدن المسالمة، وأنهم يحاربون الله ذاته لأنهم يحاربون «شعب الله» حسب سفر العدد، كما أنهم وضعوا يدهم على «كرسي الرب» الذي يفسر توراتياً بأنه «شعب إسرائيل» ولذلك فإن «للرب حرب مع عماليق من دور إلى دور» حسب نصوص سفر الخروج.


تقول كوري بوش، عضوة الكونغرس الأمريكي عن خطاب نتنياهو السالف الذكر، والمتكئ على إرث توراتي بأنه «خطاب تطهير عرقي» وأنه صورة لما تفعله إسرائيل في غزة من «قتل للأطفال والنساء والرجال» مع الاستشهاد بنصوص تتحدث عن «إبادة العماليق» وهي النصوص التي يقول عنها الحاخام اليهودي إلحنان ميلر، وهو باحث ديني ذو ميول يسارية «إن ما تذكره التوراة عن العماليق يمكن أن يصنف كإبادة جماعية، من وجهة نظر القانون الدولي» وهذا هو رأي كثير من الكتاب ورجال الدين والمؤثرين اليهود حول العالم، إذ يردد رسام الكاريكاتير اليهودي الأمريكي أن استشهاد نتنياهو بنصوص التوراة حول العماليق «دعوة صريحة للإبادة الجماعية» فيما يرى كثير من مؤيدي إسرائيل الذين انتقدوا الخطاب أنه خطاب أعطى مستندات قوية ضد إسرائيل أمام القضاء الدولي، وأنه «كان بمثابة لائحة اتهام تكتب نفسها بنفسها» حسبما اقتبس الحاخام ميلر من مراسلات بينه وبين أحد الأكاديميين المناصرين لإسرائيل، وهو الرأي ذاته الذي عبرت عنه الباحثة في «الكتاب المقدس» آن ماري بيليتييه التي انتقدت «الإشارة المبتذلة» للكتاب المقدس في خطاب نتنياهو، مؤكدة أن «الذي يسير في الظلام في سفر إشعياء ليس «العدو» المجاور، بل الشعب اليهودي نفسه، الذي يمر «بكل تأكيد بمحنة سياسية وروحية».

ومع محاولات فريق الدفاع عن إسرائيل داخل وخارج أروقة القضاء الدولي تبرير تصريحات نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، بالقول إنها أخرجت من سياقاتها، إلا أن تصرفات جيش الاحتلال على الأرض تؤكد أن ما قاله نتنياهو وعدد غير قليل من المسؤولين الإسرائيليين ليس مجرد تصريحات، ولكن سياسة متبعة، تكشف حقيقة توجهات «حكومة الحاخامات» المتطرفة في إسرائيل، في التماهي مع الأحلام التوراتية التاريخية التي لم يعد مجدياً القول بأنها تندرج ضمن «نظرية المؤامرة» بعد أن أكد نتنياهو نفسه أن إسرائيل ستظل «تسيطر على المنطقة كلها من النهر إلى البحر» في سياق رفضه لقيام دولة فلسطينية، كرد على خطة أمريكية للسلام، تقوم على إيقاف الحرب والتطبيع مع العرب وإعادة إعمار غزة، مقابل دولة فلسطينية مستقلة.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه جنوب أفريقيا غزة الفلسطينيين الاحتلال فلسطين غزة جنوب أفريقيا الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

استهدفها حزب الله سابقًا.. ما هي الوحدة الإسرائيلية التي أعدّت عملية البيجرز؟

كشف مصدر أمني لوكالة رويترز أن الوحدة 8200 التابعة للجيش الإسرائيلي لعبت دورًا محوريًا في التخطيط للهجوم ضد حزب الله، وذلك في أعقاب هجوم إسرائيلي استهدف أجهزة لاسلكية ليومين متتاليين.   وأوضح المصدر أن الوحدة قد تولت الجانب الفني المرتبط بتفجير أجهزة الاتصال، مشيرًا إلى أنها ساهمت أيضًا في إدخال المواد المتفجرة إلى عملية التصنيع، مما يعزز من فعاليتها التنفيذية في العملية.   كما أبلغ مصدر أمني غربي لرويترز أن الوحدة 8200، وهي وحدة عسكرية ليست تابعة للموساد، شاركت في مرحلة تطوير العملية ضد حزب الله استغرق الإعداد لها أكثر من عام.   من جانبه، قال يوسي كوبرفاسر، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية ومدير أبحاث في منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، إنه لا يوجد تأكيد على تورط وحدة المخابرات العسكرية في الهجوم.

لكنه قال إن أعضاء 8200 هم من أفضل وألمع الأفراد في الجيش الإسرائيلي، ويخدمون في وحدة في قلب القدرات الدفاعية لإسرائيل. (العربية)    





مقالات مشابهة

  • الشرطة الإسرائيلية تعتقل مواطنا جندته إيران لاستهداف نتنياهو ووزير الدفاع
  • القناة 12 الإسرائيلية تشن هجومًا على نتنياهو لرفضه مُقترح مصر في ديسمبر الماضي
  • استهدفها حزب الله سابقًا.. ما هي الوحدة الإسرائيلية التي أعدّت عملية البيجرز؟
  • ما الذي يريده نتنياهو من التصعيد على جبهة لبنان؟
  • القناة 12 الإسرائيلية: المجلس الوزاري المصغر فوض نتنياهو وغالانت باتخاذ إجراءات ضد حزب الله
  • تصريحات لـ "البنتاغون" بشأن نوعية الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على إسرائيل وتتهم إيران بتزويدهم
  • مصادر: "الخطوات المتهورة" التي تخطط لها حكومة نتنياهو في الشمال قد تورِّط إسرائيل في مشكلة أكثر صعوبة
  • التهديدات الإسرائيلية تتصاعد: دخول بري من 3 محاور.. هذا السيناريو الذي يُخطط له نتنياهو في لبنان
  • جدل بإسرائيل حول التصعيد ضد حزب الله على وقع تصريحات نتنياهو
  • باحث إسرائيلي يكشف عن الرعب الذي تنتظره إسرائيل بسبب صمود حماس .. خياران كلاهما مر أمام نتنياهو