الويب اللامركزي.. مستقبل الإنترنت في عصر الانفجار التكنولوجي
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
شهدت شبكة الإنترنت تطورا سريعا في السنوات الأخيرة، إذ تنتشر تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والواقع الافتراضي. ومع ذلك فإن واحدة من الاتجاهات الهامة التي تؤثر في مستقبل الإنترنت هو ظهور الويب اللامركزي.
والويب اللامركزي واحد من المفاهيم الأكثر تأثيرا في مستقبل الإنترنت في عصر الابتكار التكنولوجي المتسارع، إذ إنه تحوُّل رئيسي يعِد بتغيير طريقة الاتصال والتفاعل عبر الشبكة العنكبوتية.
ويأتي الويب اللامركزي بصفته ردا على التحديات والقيود التي يفرضها الويب المركزي، إذ يستفيد من تكنولوجيا "البلوك تشين" أو سلسلة الكتل، وغيرها من التقنيات اللامركزية لتحسين الأمان والشفافية والفعالية.
ويقدم الويب اللامركزي للمستخدمين فرصة التفاعل بطريقة أكثر شمولا ولامركزية مقارنة بالويب المركزي الذي يعتمد على وجود جهة وسيطة للتحكم وإدارة البيانات.
ويبشر ذلك بمستقبل مليء بالابتكارات التي تنبثق من قوة المجتمع والتفاعل اللامركزي، إذ يتحول الإنترنت إلى بيئة تشاركية تعتمد على المفاهيم اللامركزية لتحقيق تحول حقيقي في عالم التكنولوجيا.
ما هو الويب اللامركزي؟يتخلص الويب اللامركزي من التركيز الكبير على المركزية من خلال الاعتماد على تقنيات مبتكرة، مثل البلوك تشين والعقود الذكية لتوزيع البيانات والعمليات عبر شبكة متفرقة من الأجهزة دون الحاجة إلى وجود جهة وسيطة.
ويخزن الويب المركزي -وهو النموذج الحالي للإنترنت- البيانات ضمن خوادم مركزية تسيطر عليها شركات مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت، مما يعني أن هذه الشركات يمكنها الوصول إلى بيانات المستخدمين ومراقبتها وفرض سياساتها عليها.
أما الويب اللامركزي فلا يعتمد على خوادم مركزية، وتُخزَّن البيانات عوضا عن ذلك عبر شبكة من الحواسيب المتصلة بعضها ببعض، مما يجعل من الصعب على أي طرف واحد الوصول إلى البيانات أو التحكم بها.
نشأة الويب اللامركزيتطور الويب اللامركزي على مدار عدة مراحل، بدءا من ظهور مفهوم الويب الدلالي في أوائل التسعينيات، مرورا بظهور تقنية البلوك تشين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وصولا إلى ظهور "تطبيقات الويب اللامركزية" في السنوات الأخيرة.
وبدأ الباحثون أوائل التسعينيات بتطوير مفهوم الويب الدلالي الهادف إلى جعل الويب أكثر قابلية للفهم بواسطة الآلات. وكانت الغاية الأساسية من الويب الدلالي إنشاء نظام يمكنه فهم معنى المعلومات الموجودة عبر الويب.
وكان من المفترض أن يساعد الويب الدلالي في حل العديد من التحديات التي تواجه الويب، مثل صعوبة العثور على المعلومات ذات الصلة، وصعوبة مشاركة المعلومات بين التطبيقات المختلفة.
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ظهر مفهوم تقنية البلوك تشين، وهي تقنية ثورية تسمح بإنشاء سجلات لامركزية آمنة وموثوقة.
وتعتمد تقنية البلوك تشين على شبكة من الحواسيب المترابطة، التي تعمل معا لإنشاء سجل رقمي غير قابل للتغيير. ويخزن هذا السجل في سلسلة من الكتل التي يرتبط بعضها ببعض باستخدام خوارزمية التشفير.
وكانت تقنية البلوك تشين مؤثرة للغاية في تطوير الويب اللامركزي، إذ سمحت بإنشاء تطبيقات لامركزية آمنة وموثوقة.
ويُعتبر الويب اللامركزي جزءا من تطور كبير يتعلق بتكنولوجيا البلوك تشين وفلسفة اللامركزية في التفاعل الرقمي.
ونشر "ساتوشي ناكاموتو" في 2008 ورقة بحثية تحت عنوان "البيتكوين.. نظام نقدي إلكتروني من نظير إلى نظير"، وهي الورقة التي قدمت للمرة الأولى فكرة العملة الرقمية المشفرة باستخدام تقنية البلوك تشين.
وفي 2009، جرى إطلاق البيتكوين، وهي أول عملة مشفرة قائمة على البلوك تشين، وكان إطلاقها بمنزلة لحظة محورية في تاريخ الويب اللامركزي، حيث أظهرت أنه من الممكن إنشاء أنظمة لامركزية آمنة وموثوقة.
وفي السنوات الأخيرة، شهدنا ظهور تطبيقات الويب اللامركزية، وهي تطبيقات تعمل عبر شبكة لامركزية، مثل شبكة البلوك تشين.
ويوجد في الوقت الحالي العديد من المشاريع التي تركز على تطوير تقنيات وتطبيقات الويب اللامركزي.
تعتمد التقنيات الأساسية للويب اللامركزي على مفهوم اللامركزية، أي عدم الاعتماد على وسيط، وتتضمن هذه التقنيات ما يلي:
البلوك تشين: وهي تقنية ثورية تسمح بإنشاء سجلات لامركزية آمنة وموثوقة، وتعتمد هذه التقنية على شبكة من الحواسيب المترابطة التي تعمل معا لإنشاء سجل رقمي غير قابل للتغيير. المحافظ اللامركزية: وهي محافظ رقمية تخزن أصول المستخدمين المشفرة، مثل عملة البيتكوين، وتعتمد المحافظ اللامركزية على تقنية البلوك تشين، مما يضمن أمان وخصوصية أصول المستخدمين. الأسواق اللامركزية: وهي أسواق تسمح للمستخدمين بشراء وبيع السلع والخدمات دون الحاجة إلى وسيط، وتعتمد الأسواق اللامركزية على تقنية البلوك تشين، مما يضمن أمان المعاملات. شبكات التواصل الاجتماعي اللامركزية: وهي شبكات اجتماعية تسمح للمستخدمين بالتواصل مع بعضهم البعض دون الحاجة إلى اعتماد خدمة مركزية، وتعتمد هذه النوعية من الشبكات على تقنية البلوك تشين، مما يضمن خصوصية وأمان بيانات المستخدمين. المتصفحات اللامركزية: وهي متصفحات تسمح للمستخدمين بتصفح الويب اللامركزي دون الحاجة إلى استخدام متصفح تقليدي. التطبيقات اللامركزية: وهي تطبيقات تعمل عبر شبكة لامركزية، مثل شبكة البلوك تشين. العقود الذكية: وهي برامج تعمل عبر شبكة البلوك تشين، ويمكنها تنفيذ المعاملات تلقائيا دون الحاجة إلى تدخل بشري، وتساعد العقود الذكية في إنشاء تطبيقات لامركزية أكثر أمانا وكفاءة. مزايا الويب اللامركزييتميز الويب اللامركزي بالعديد من المزايا مقارنة بالويب المركزي، بما في ذلك الشفافية في التعاملات والمعاملات، مما يساهم في تقليل الفجوة بين الأطراف المختلفة.
كما يعزز الويب اللامركزي الاستقلالية، وهناك العديد من الأمثلة على ذلك، مثل إنشاء أنظمة الصحافة المستقلة أو المحتوى الإبداعي المستقل، إلى جانب أنظمة الحوكمة اللامركزية.
ويقدم الويب اللامركزي مستويات عالية من الأمان من خلال استخدام تقنيات التشفير والسجلات اللامركزية المتسقة. ويتيح ذلك للمستخدمين السيطرة الكاملة على بياناتهم دون التخلي عن الأمان، ويجعل من الصعب على الحكومات أو الشركات الوصول إلى البيانات المخزنة عبر الويب اللامركزي.
وهناك العديد من الأمثلة على كيفية استخدام الويب اللامركزي لتعزيز الخصوصية والأمان، مثل إنشاء أنظمة لمشاركة الملفات بشكل مجهول، إلى جانب إنشاء أنظمة للدفع الإلكتروني أكثر أمانا.
ولا تخضع التطبيقات والبيانات عبر الويب اللامركزي لرقابة الشركات أو الحكومات، ويمكن استخدام الويب اللامركزي لإنشاء تطبيقات أكثر كفاءة وفعالية، مثل أنظمة التمويل اللامركزي.
ويقدم الويب اللامركزي أسلوبا جديدا لتخزين البيانات يعتمد على الشبكة نفسها، مما يزيد من مقاومة البيانات للتلاعب أو الهجمات السيبرانية.
ويشجع الويب اللامركزي على التعاون والمشاركة بين المستخدمين والمطورين، مما يفتح أفقا واسعا للابتكارات والتطبيقات الجديدة، مثل الأنظمة المالية المعتمدة على العقود الذكية التي تؤدي إلى تبسيط العمليات التجارية وتقليل التكاليف.
يتيح الويب اللامركزي إنشاء مجموعة متنوعة من الاستخدامات، بما في ذلك:
التمويل اللامركزي (DeFi): وهي أنظمة مالية لامركزية تستخدم البلوك تشين لتسهيل المعاملات المالية دون الحاجة إلى وسطاء، مثل البنوك. الحوكمة اللامركزية (DAO): وهي منظمات لامركزية تديرها شبكة من الأعضاء بدلا من مجلس إدارة أو سلطة مركزية أخرى. المحتوى الإبداعي اللامركزي: وهو محتوى إبداعي مثل الموسيقى والأفلام والكتب يوزع بشكل لامركزي، مما يلغي الحاجة إلى وسطاء، مثل شركات التسجيلات أو دور النشر، ويؤدي ذلك إلى إنشاء بيئة عادلة للفنانين والجمهور. الصحافة اللامركزية: وهي وسائل إعلام لا تخضع لسيطرة الشركات أو الحكومات وتوزع بشكل لامركزي. التجارة الإلكترونية اللامركزية: وهي العمليات التجارية الإلكترونية التي تجري دون الحاجة إلى وسطاء، مثل شركات التجارة الإلكترونية. مشاركة الملفات اللامركزية: وهي أنظمة تسمح للمستخدمين بمشاركة الملفات مع بعضهم البعض دون الحاجة إلى خادم مركزي. التعليم المستقل: وهي أنظمة للتعلم الذاتي توفر للطلاب الوصول إلى التعليم دون الحاجة إلى الالتحاق بمؤسسة تعليمية تقليدية، الأمر الذي يجعل التعليم أكثر سهولة وبأسعار معقولة. التحديات التي تواجه الويب اللامركزيتوجد العديد من التحديات التي تواجه الويب اللامركزي، ويشمل ذلك الانتشار، إذ لا يزال الويب اللامركزي في مرحلة مبكرة من التطوير، ولا يزال عدد المستخدمين محدودا.
كما لا يزال الكثير من الناس غير مدركين للويب اللامركزي وفوائده، إذ يعتقد الكثير من الناس أن الويب اللامركزي معقد أو غير سهل الاستخدام.
وتعاني العديد من التطبيقات والأجهزة من عدم التوافق مع الويب اللامركزي، إذ تعتمد العديد من التطبيقات والأدوات على البنية التحتية المركزية، مثل الخوادم وقواعد البيانات.
كما أن سرعة الوصول إلى البيانات عبر الويب اللامركزي أبطأ من سرعة الوصول إلى البيانات عبر الويب المركزي.
ولا يزال وضع التنظيم القانوني للويب اللامركزي غير واضح، إذ لا يوجد إطار قانوني واضح ينظم الويب اللامركزي.
بالإضافة إلى أن الأمان لا يزال محل جدل، إذ إن الويب اللامركزي عرضة لبعض المخاطر الأمنية، مثل الهجمات السيبرانية، ويمكن للمهاجمين اختراق الشبكات اللامركزية وسرقة البيانات أو المال.
ويعاني الويب اللامركزي أيضا من أنه أقل كفاءة من الويب التقليدي، إذ تتطلب الشبكات اللامركزية كمية كبيرة من الطاقة لتشغيلها.
كما أن تجربة المستخدم لتطبيقات الويب اللامركزية لا تزال أقل سلاسة من تجربة المستخدم لتطبيقات الويب التقليدية، إذ تتطلب تطبيقات الويب اللامركزية معرفة تقنية أكثر من تطبيقات الويب التقليدية.
وتواجه العديد من مشاريع الويب اللامركزي تحديات في التمويل، إذ لا يزال التمويل للويب اللامركزي أقل من التمويل للويب التقليدي.
أصبحت تقنيات الويب اللامركزي -مثل البلوك تشين والعقود الذكية- تشكل أساسا لفهم جديد للإنترنت. وشهدنا تطوير مشاريع متعددة تستخدم مفاهيم الويب اللامركزي، مثل مشاريع الهوية اللامركزية والتخزين اللامركزي والتمويل اللامركزي.
وبدأت الصناعات المختلفة والمؤسسات في التعبير عن اهتمام متزايد بالويب اللامركزي، الذي يعد بمنزلة مفهوم يحمل إمكانيات كبيرة لتحسين الأمان والشفافية وتحقيق التفاعل المباشر بين الأطراف.
ويواصل الويب اللامركزي التطور بخطوات متسارعة معتمدا في ذلك على التطورات في تقنيات البلوك تشين والعقود الذكية وتوسع تبني هذه المفاهيم في مجالات متنوعة.
ويتوقع العديد من الخبراء أن الويب اللامركزي قد يلعب دورا كبيرا في تشكيل مستقبل الإنترنت، وقد يؤدي إلى تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع شبكة الإنترنت، وكيفية استخدامنا لها.
كما قد يساعد في حماية خصوصية المستخدمين وبياناتهم، مع منح المستخدمين المزيد من الاستقلالية في اختيار التطبيقات والبيانات التي يستخدمونها، والمساعدة في إنشاء تطبيقات أكثر كفاءة وفعالية.
شك في أن الويب اللامركزي يمتلك القدرة على تغيير مستقبل الإنترنت، مع أنه لا يزال من السابق لأوانه القول كيف قد يكون تأثيره الفعلي.
ومن المحتمل أن يستمر الويب المركزي والويب اللامركزي في الوجود جنبا إلى جنب في السنوات القادمة، إذ يجد المستخدمون التطبيقات والمزايا التي تناسب احتياجاتهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الوصول إلى البیانات تسمح للمستخدمین دون الحاجة إلى إنشاء أنظمة فی السنوات عبر الویب العدید من عبر شبکة شبکة من لا یزال
إقرأ أيضاً:
العالم المصري الذي ساهم في جعل المدفوعات عبر الإنترنت آمنة.. من هو؟
أصبحت التجارة الإلكترونية جزءا لا يتجزأ من عالم الإنترنت اليوم مع وجود العديد من الخدمات والمنصات التي تتمحور حولها وتحاول تسهيل هذه التجربة على سواء المتسوق أو مالك المتجر، ولكن كل ما نراه اليوم من تطور في قطاع التجارة الإلكترونية لم يكن ممكنا دون مساهمة طاهر الجمل العالم المصري الذي التحق بوادي السيليكون في مطالع ثورة الإنترنت.
ساهم طاهر الجمل في تسعينيات القرن الماضي في ابتكار معايير التشفير الآمن "إس إس إل" (SSL)، وهو المعيار المعتمد في يومنا هذا لتأمين المدفوعات عبر الإنترنت بشكل عام، وبفضل هذا الابتكار، ولدت التجارة الإلكترونية وخدمات البيع عبر الإنترنت بشكل عام، فمن طاهر الجمل؟ وكيف ساهم في هذا الابتكار الحيوي في عالم الإنترنت؟
ولد طاهر الجمل في القاهرة عام 1955، ودرس بجامعة القاهرة حتى حصل على شهادة البكالوريوس قبل أن يتوجه إلى جامعة ستانفورد ليكمل دراسته الأكاديمية ويحصل على الماجستير والدكتوراه في الهندسة الكهربائية.
يصف المقربون من طاهر حبه الواسع للرياضيات ودراسة الأرقام بشكل عام، ومن بين هذا العلم الواسع، انجذب بشكل غير مبرر إلى علوم التشفير، وقد وصف في إحدى مقابلاته حبه لهذا العلم قائلا إن التشفير هو أجمل استخدامات الرياضيات وأرقاها.
إعلانوفي قاعات جامعة ستانفورد، وجد طاهر من يشاركه شغفه، إذ درس علوم التشفير على يد مارتن هيلمان، وهو أحد مخترعي مفاتيح التشفير العامة التي عرفت لاحقا باسم مفاتيح تبادل ديفي-هيلمان وكونت الأساس الذي بنيت عليه تقنية التشفير ثنائية الأطراف.
ونشر طاهر الجمل بحث الدكتوراه الخاص به في عام 1985 تحت عنوان "نظام تشفير المفتاح العام ونظام التوقيع القائم على اللوغاريتمات المنفصلة"، وبفضله، ولد بروتوكول طبقة مآخذ التوصيل الآمنة الذي تطور لاحقا ليصبح مفاتيح "إس إس إل" (SSL) البارزة للتشفير، وفي عام 2019، تشارك جائزة "ماكروني" (Macroni) مع بول كوتشر لمساهمتهم في ابتكار مفاتيح التشفير الآمنة عبر الإنترنت.
مناصب قيادية عدةقدم طاهر الجمل مساهمته العظيمة في مجال التشفير عبر الإنترنت أثناء عمله في مؤسسة "نتسكيب للاتصالات" (Netscape Communications) في الفترة بين 1995 و1998، ثم انتقل ليصبح مديرا لقسم الهندسة في شركة "آر إس إيه للأمن السيبراني" (RSA Security)، ولاحقا أسس شركة "سيكوريفاي" (Securify).
ولاحقا استحوذت مجموعة "كرول-أوغارا" (Kroll-O’Gara) الاستثمارية على شركته الناشئة "سيكوريفاي" ليصبح طاهر الجمل مديرا لقسم أمن المعلومات بالمجموعة الاستثمارية، وفي عام 2000 تم تمويل "سيكوريفاي" بشكل خاص وعاد الجمل ليصبح رئيسًا تقنيا للشركة في الفترة بين عام 2001 و2004، وفي عام 2008، التحقت "سيكوريفاي" بمجموعة "ماكافي" (McAfee) الشهيرة.
وشغل طاهر الجمل بعد ذلك مجموعة من المناصب الإدارية البارزة، وفي عام 2008، شغل منصب المدير التقني للأمن في شركة "سيلزفورس" (SalesForce) وظل في منصبه حتى عام 2023 عندما انتقل للعمل في شركة "إيفولوشن إكويتي" (Evolution Equity) وهو اليوم يشغل منصب شريك إداري في المجموعة.
ما معيار تشفير "إس إس إل"؟تعد المساهمة في ابتكار بروتوكول "إس إس إل" إحدى أبرز النقاط المضيئة في رحلة طاهر الجمل، وهو المعيار الذي يوفر مصادقة وخصوصية لجميع أنواع الاتصالات عبر شبكة الإنترنت، وقد تطور البروتوكول مؤخرا ليصبح يعرف باسم "تي إل إس" (TLS) وهي اختصار طبقة النقل الآمنة.
إعلانوبشكل عام، يعمل معيار التشفير على تشفير البيانات التي يتم نقلها عبر الإنترنت لحمايتها من الاختراق والسرقة، ثم يقوم بالتحقق من هوية الأجهزة التي تحاول الوصول إلى هذه البيانات، وعندما يتم هذا التحقق، يقوم المعيار بإتاحة البيانات مباشرة للجهازين.
كما أن المعيار يقوم بترميز البيانات رقميا من أجل الحفاظ على دقة البيانات والتحقق منها، وهو ما يتيح تتبع البيانات والتأكد إن كانت هذه البيانات سليمة أو تم التلاعب بها، مما يجعل دور المعيار محوريا في عملية تأمين المدفوعات والبيانات عبر الإنترنت.
وتمتاز المواقع التي تستخدم معيار "إس إس إل" أو "تي إس إل" بوجود رمز "إتش تي تي بي إس" (HTTPS) في شريط العنوان الخاص بها.
رغم كون الدور البارز الذي لعبه طاهر الجمل في تأمين الإنترنت بعيدا عن نظرات العامة، فإنه ساهم بشكل كبير في تشكيل الإنترنت كما نعرفه اليوم، ومحاولة تخيل الإنترنت بدون هذه المساهمة تقودنا إلى نسخة مشوهة مما نعرفه اليوم.
في البداية، لن توجد أي مواقع آمنة بشكل كامل، وهو ما يجعل التعامل مع مواقع الإنترنت أمرا صعبا، إذ تجد نفسك قلقا من مشاركة بياناتك الخاصة مع أي موقع موجود على الإنترنت، لأن هذه المواقع ستكون عرضة للهجمات السيبرانية بشكل مستمر.
وحينها، يفقد الإنترنت العديد من الخدمات المهمة والبارزة الموجودة فيه اليوم، فستختفي جميع المتاجر الإلكترونية وخدمات الدفع عبر الإنترنت، لأنه لن يكون آمنا، كما تفقد خدمات الحكومة الإلكترونية وخدمات التوقيع الرقمي أهميتها بسبب خطورة استخدام الإنترنت.
لذلك، يمكن القول إن طاهر الجمل هو أحد الأسباب الرئيسية في تطور الإنترنت كما نعرفه اليوم، وبدونه، كان الإنترنت سيشبه الشبكات المظلمة التي تعرضك للاختراق في كل ثانية.
إعلان