صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-07@12:54:58 GMT

هل العواصم تتحول؟!

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT

هل العواصم تتحول؟!

هل العواصم تتحول؟!

* د. الفاتح يس

أثناء استطلاعي على مواقع التواصل الاجتماعي؛ استوقفتني رسائل فحواها أن بعض الوزارات والمؤسسات والمصانع باشرت مهامها وأعمالها في الولايات الأخرى؛ إشارة إلى إحتمالية تحويل العاصمة من الخرطوم إلى مدينة أخرى.

منذ القدم العواصم والموانئ لا تحددها السلطات ولا الحكومات؛ وإنما تحددها مواقعها الجغرافية الاستراتيجية وتوفر الموارد الطبيعية فيها من مياه وأرض ومواد خام وغيرها.

ومنذ قديم الزمان يسكن الإنسان مكاناً قريباً من مصادر الماء، وإذا لاحظنا إلى جغرافية السودان السكانية؛ نجد المواطنين يسكنون في محاذاة النيل وروافده وأنهاره الموسمية ومجرى مياهه ومصباته وخيران مياه الأمطار، ومن هنا نبعت مشروعات حصاد المياه وتخزينها في الخيران والوديان والمناطق المنخفضة.

شئ طبيعي أن يستقر الإنسان بجانب توفر المياه والأراضي الرطبة؛ بحثاً عن الكلأ والغذاء والمسكن، ومن ثم يبدأ في تنظيم حياته ويظهر البيع بالمقايضة ومن التجارة الخفيفة في المأكولات والمشروبات ومن ثم تبدأ الصناعات الحرفية الصغيرة وتتوسع التجارة والصناعة والزراعة؛ وهذا لابد أن يكون معه لوائح تحكمها؛ حتى يكون البيع والشراء بصورة سلسة ويحفظ حقوق الناس، وبعدها يبدأ الناس في تنظيم شؤون حياتهم واحتياجاتهم، ويبدأ الحراك التنظيمي الشعبي الرسمي وتبدأ الحوكمة، ويبدأ في تكوين اللجان من أعيان وكبارات المنطقة، ومحكمة العمد والشيوخ، ومن ثم يتم تقنيين هذه المعاملات المالية ويزداد عدد السكان، ومن ثم يبدأ التمدد والتوسع العمراني، وتظهر حوجة الناس الي مسجد لأداء فريضة الصلاة ومعرفة الأحكام الشرعية، وبعدها تظهر حوجة الأطفال إلى التعليم وحوجة الناس الي العلاج، ويبدأ الناس في إنشاء المستشفي والمدرسة والمحكمة وغيرها من المؤسسات الخدمية؛ وكل هذا يحتم على السكان أن يكون هنالك محاكم ومكاتب تنظيمية وتعيين قاضٍ وتعيين حاكم وتعيين رئيس ومدير مختص في شؤون البيع والشراء والتجارة والصناعة والاستثمار والأراضي وحل وفض النزاعات، ومن هنا تبدأ الحاجة إلى وجود حكومة تسيير لهذه المعاملات، ويتم إنتخاب أعلام ورموز المنطقة ومن هنا تتكون الحكومات اللا مركزية المصغرة، وتتوسع إلى أن تصبح حكومة مكتملة المؤسسات الخدمية والمالية والحقوقية، وتصبح تلك المنطقة الصغيرة عبارة عن مدينة كبيرة وتتشكل الحكومة وبعده تصبح هذه المنطقة بمثابة العاصمة وفقاً لموقعها الجغرافي و طبيعة تضاريسها؛ بحيث تسمح للسكان أن يمارسوا حياتهم في رآحة تامة مع حفظ أمنهم وحقوقهم.

تصبح تلك المنطقة الصغيرة هي العاصمة بعد جهد وسنين وتعاقب أجيال تلو الأخري؛ ولهذا يصعب تغير هذه العاصمة من مكانها إلى مكان آخر بسبب صراع سياسي أو عسكري؛ لصعوبة الأمر، والخرطوم عاصمة السودان صعب تغير الخرطوم العاصمة، وتحويلها إلى مدينة أخرى للأسباب الكثيرة التي ذُكرت اعلاة، أضف إلى ذلك أن الولايات وبالرغم من كثرتها إلا أنها فشلت في إستيعاب وإحتضان سكان الخرطوم، وحتى أنها لم تستطع توفير لهم بيئة ولا فرص عمل ولا مساكن ولا خدمات تُنسى وجدانهم وحنينهم إلى خرطومهم ومعالم وبيوتهم ولا أطلال حلالهم التي هجروها؛ بالرغم من إجتهاد هذه الولايات بداءً من مواطنها البسيط إلى سلطاتها العليا، والسبب في ذلك أن هذه الولايات لم تتهيأ ولم تتوقع يوماً هذا الكم الهائل من سكان الخرطوم يرحلون إليها ويمكثون فيها كل هذه الفترة الزمنية الطويلة.

أضف إلى ذلك أن موقع مدينة الخرطوم موقع يتوسط مدن وولايات السودان؛ ولو كانت هنالك مدينة تنافس الخرطوم في العاصمية؛ لكانت مدينة بركات ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة؛ حيث فيها مدينة بركات التي كان بها رئاسة مشروع الجزيرة في زمن الحكم البريطاني؛ وبالرغم من هذا إلا أن الخرطوم أنتصرت عاصميتها على مدينة بركات؛ بالرغم من أن مدينة بركات فيها رئاسة أكبر مشروع زراعي إقتصادي في السودان وفي أفريقيا.

هذا بالنسبة إلى السودان؛ اما إذا نظرنا إلى تاريخ الشعوب فنادراً ما تجد عاصمة تم تحويلها إلى مدينة أخرى، دونكم الجارة مصر كانت عاصمتها في العتبة ثم تحولت إلى الجيزة والآن أصبحت القاهرة؛ ولكن العتبة والجيزة والقاهرة كلهم مدن صغيرة داخل مدينة القاهرة مثل امدرمان والخرطوم والخرطوم بحري كلهم داخل مدينة الخرطوم، وكانت تُسمي بالعاصمة المثلثة.

الخلاصة تكوين العواصم لم يأت بالصدفة ولا بالصراعات ولا بفعل القرارات الحكومية؛ وإنما تكونت هذه العواصم بعد الحراك المعيشي الإجتماعي والثقافي والعمراني وحراك الرسمية والحوكمة إستمر لمئات السنين؛ شارك فيه أرتال وأجيال تلو الأخرى، وتعاقبت عليه الحكومات والثقافات والوجدانيات؛ بجانب أن التاريخ يحول دون تحويل عواصم البلدان.

alfatihyassen@gmail.com

* أستاذ جامعي وباحث في البيئة والاقتصاد الأخضر

الوسوماحمد الفاتح الننة الجزيرة الخرطوم السودان العواصم الفاتح يس بركات ود مدني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجزيرة الخرطوم السودان العواصم الفاتح يس بركات ود مدني ومن ثم

إقرأ أيضاً:

صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع

زار وفد من  وزارة الصحة الاتحادية السودانية، ولاية الخرطوم مستشفيات بحري، برفقه مساعد القائد العام للقوات المسلحة عضو مجلس السيادة الفريق بحري مهندس إبراهيم جابر،  وقفوا خلالها على التدمير الممنهج للبنية التحتية للمؤسسات الصحية التي قامت بها المليشيا المتمردة وطالت الكوابل الرئيسية لتوصيلات الكهرباء على وجه الخصوص بالمستشفيات.

 

فيما كانت صحة الخرطوم، قد تسلمت الاسبوع الماضي معظم المستشفيات بمحلية بحري بعد دحر المليشيا ورصدت كل مواضع الخراب وشرعت في الترتيبات لأعادة المستشفيات للخدمة.

وشملت الجولة التي تمت برفقة وفد وزارة الصحة الاتحادية ورئاسة دكتور احمد البشير فضل الله مدير الإدارة العامة للطب العلاجي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم برفقته مدير الإدارة العامة للطواريء د.محمد التجاني ومدير الإدارة العامة للمنظمات والشركات د.هشام عبدالله، شملت مستشفى حاج الصافي ومستشفى احمد قاسم ومستشفى بحري.

 

 واوضح دكتور المغيرة الأمين أنه والوفد المرافق له بحضور د. محي الدين حسن مدير الوكالة القومية للرعاية الطارئة والإسعاف ممثل لوزارة الصحة الاتحادية جاءوا في معية الفريق ابراهيم جابر عضو مجلس السيادة في زيارة تفقدية للمستشفيات، مبينا أن جولة اليوم اظهرت التخريب الممنهج للبني التحتية للمرافق الصحية.

 ولفت إلى أن مستشفى احمد قاسم له أهمية خاصة لتقديم الخدمات المتخصصة وهي القلب والكلى والأطفال ويعمل بأجهزة طبيبة كبيرة وحساسة ذات أهمية في النواحي التشخيصية والعلاجية تعتمد بشكل اساسي على الطاقة الكهربائية، كاشفا عن نهب وحرق الكيبولات واتلاف عدد مقدر من الأجهزة والمعدات والإثاثاث، وبشر المواطنين بإعادة تشغيل المستشفيات وإعادة الخدمات الصحية بشكل كامل في محليات ام درمان الكبرى وبحري والخرطوم قريبا، فضلا عن إعادة الطاقة الكهربائية بالتنسيق مع منسوبي وزارة الطاقة المتواجدين حاليا بولاية الخرطوم.

ومن جهته اكد دكتور احمد البشير فضل الله مدير الإدارة العامة للطب العلاجي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم على وقوف الوزارة على الترتيبات الأولى وحصر الضرر بالمستشفيات التي تسلمتها ببحري حتى تستطيع أن تقدم الخدمة بأسرع ما يمكن وحسب المتاح بعد وصول الكهرباء والمياه وحتى تستعيد المؤسسات الصحية خدماتها 

وأبان أن زيارة الوفد الاتحادي تأتي لمزيد من التنسيق لتوفير الحوجة العاجلة لإعادة تشغيل المستشفيات، وأشار مدير الطب العلاجي إلى تلقي الوزارة وعود من المستوى الاتحادي باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة التشغيل عاجلا، وطمأن مواطنين محلية بحري بتقديم الخدمة عبر المراكز الصحية من المستوى الاول وحتى المرجعي.

وفي الوقت ذاته نبه فضل الله إلى أن الوزارة باشرت تشغيل عيادات جوالة تغطي الخدمات المطلوبة من المواطنين، معلنا عن تشغيل مستشفى حاج الصافي والكباشي في غضون الثلاثة أيام القادمة.

 

واكد لمواطني بحري وكل ولاية الخرطوم بأن الجيش الأبيض ممثلا في وزارة الصحة سيظل (كتف بكتف) مع الجيش الأخضر وسيصل جميع مواقع الخدمات الصحية وسيعيدها للخدمة كمرحلة أولى سماها بمرحلة التعافي ومن ثم مرحلة الاعمار.

واعرب عن أمله في الاستفادة من الازمة السابقة لتقديم الخدمة بمعايير الخدمات الصحية عالميا للمواطن السوداني الذي ظل صابرا طيلة الفترة الماضية، واضاف الصحة بالجميع وللجميع بولاية الخرطوم . 

مقالات مشابهة

  • مواجهات ضارية بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” للسيطرة على جسر استراتيجي في الخرطوم
  • الجيش السوداني يتقدم باتجاه وسط الخرطوم .. والأمم المتحدة تحذر من تصاعد العنف
  • السودان يشهد معارك ضارية للسيطرة على جسر استراتيجي في الخرطوم
  • قتال ضار للسيطرة على جسر إستراتيجي في الخرطوم
  • عودة آلاف النازحين إلى مدينة “ود مدني” وسط السودان – فيديو
  • الجيش السوداني يعلن بسط سيطرته على مناطق غربي مدينة الخرطوم بعد أن فرض سيطرته على منطقة الرميلة و المنطقة الصناعية، ليقترب من وسط المدنية.
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • السودان.. الجيش يتقدم شرق الخرطوم
  • مجـ.ـزرة في مستشفى .. قصف قوات الدعم السريع يودي بحياة 6 ويصيب 38 في الخرطوم
  • إعلان تحرير الخرطوم يبدأ الآن من مدينة الكاملين