نبض السودان:
2024-07-01@20:09:24 GMT

هل العواصم تتحول؟! – د. الفاتح يس

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT

هل العواصم تتحول؟! – د. الفاتح يس

__________
alfatihyassen@gmail.com

أثناء إستطلاعي على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إستوقفتني رسائل فحواها أن بعض الوزارات والمؤسسات والمصانع باشرت مهامها وأعمالها في الولايات الأخرى؛ إشارة إلى إحتمالية تحويل العاصمة من الخرطوم الي مدينة أخرى.

منذ القدم العواصم والموانئ لا تحددها السلطات ولا الحكومات؛ وإنما تحددها مواقعها الجغرافية الاستراتيجية وتوفر الموارد الطبيعية فيها من مياه وأرض ومواد خام وغيرها.

ومنذ قديم الزمان يسكن الإنسان مكان قريب من مصادر الماء، وإذا لاحظنا إلى جغرافية السودان السكانية؛ نجد المواطنين يسكنون في محاذاة النيل وروافده وأنهاره الموسمية ومجري مياهه ومصباته وخيران مياه الأمطار، ومن هنا نبعت مشروعات حصاد المياه وتخزينها في الخيران والوديان والمناطق المنخفضة.
شيء طبيعي يستقر الإنسان بجانب توفر المياه والأراضي الرطبة؛ بحثاً عن الكلا والغذاء والمسكن، ومن ثم يبدأ في تنظيم حياته ويظهر البيع بالمقايضة ومن التجارة الخفيفة في المأكولات والمشروبات ومن ثم تبدأ الصناعات الحرفية الصغيرة وتتوسع التجارة والصناعة والزراعة؛ وهذا لابد أن يكون معه لوائح تحكمها؛ حتى يكون البيع والشراء بصورة سلسه ويحفظ حقوق الناس، وبعدها يبدأ الناس في تنظيم شؤون حياتهم وإحتياجاتهم، ويبدأ الحراك التنظيمي الشعبي الرسمي وتبدأ الحوكمة، ويبدأ في تكوين اللجان من أعيان وكبارات المنطقة، ومحكمة العمد والشيوخ، ومن ثم يتم تقنيين هذه المعاملات المالية ويزداد عدد السكان، ومن ثم يبدأ التمدد والتوسع العمراني، وتظهر حوجة الناس الي مسجد لأداء فريضة الصلاة ومعرفة الأحكام الشرعية، وبعدها تظهر حوجة الأطفال إلى التعليم وحوجة الناس الي العلاج، ويبدأ الناس في إنشاء المستشفي والمدرسة والمحكمة وغيرها من المؤسسات الخدمية؛ وكل هذا يحتم على السكان أن يكون هنالك محاكم ومكاتب تنظيمية وتعيين قاضي وتعين حاكم وتعين رئيس ومدير مختص في شؤون البيع والشراء والتجارة والصناعة والاستثمار والأراضي وحل وفض النزاعات، ومن هنا تبدأ الحاجة إلى وجود حكومة تسيير لهذه المعاملات، ويتم إنتخاب أعلام ورموز المنطقة ومن هنا تتكون الحكومات اللا مركزية المصغرة، وتتوسع إلى أن تصبح حكومة مكتملة المؤسسات الخدمية والمالية والحقوقية، وتصبح تلك المنطقة الصغيرة عبارة عن مدينة كبيرة وتتشكل الحكومة وبعده تصبح هذه المنطقة بمثابة العاصمة وفقاً لموقعها الجغرافي و طبيعة تضاريسها؛ بحيث تسمح للسكان أن يمارسوا حياتهم في رآحة تامة مع حفظ أمنهم وحقوقهم.

تصبح تلك المنطقة الصغيرة هي العاصمة بعد جهد وسنين وتعاقب أجيال تلو الأخري؛ ولهذا يصعب تغير هذه العاصمة من مكانها إلى مكان آخر بسبب صراع سياسي أو عسكري؛ لصعوبة الأمر، والخرطوم عاصمة السودان صعب تغير الخرطوم العاصمة، وتحويلها إلى مدينة أخرى للأسباب الكثيرة التي ذُكرت اعلاة، أضف إلى ذلك أن الولايات وبالرغم من كثرتها إلا أنها فشلت في إستيعاب وإحتضان سكان الخرطوم، وحتى أنها لم تستطع توفير لهم بيئة ولا فرص عمل ولا مساكن ولا خدمات تُنسى وجدانهم وحنينهم إلى خرطومهم ومعالم وبيوتهم ولا أطلال حلالهم التي هجروها؛ بالرغم من إجتهاد هذه الولايات بداءً من مواطنها البسيط إلى سلطاتها العليا، والسبب في ذلك أن هذه الولايات لم تتهيأ ولم تتوقع يوماً هذا الكم الهائل من سكان الخرطوم يرحلون إليها ويمكثون فيها كل هذه الفترة الزمنية الطويلة. أضف إلى ذلك أن موقع مدينة الخرطوم موقع يتوسط مدن وولايات السودان؛ ولو كانت هنالك مدينة تنافس الخرطوم في العاصمية؛ لكانت مدينة بركات ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة؛ حيث فيها مدينة بركات التي كان بها رئاسة مشروع الجزيرة في زمن الحكم البريطاني؛ وبالرغم من هذا إلا أن الخرطوم أنتصرت عاصميتها على مدينة بركات؛ بالرغم من أن مدينة بركات فيها رئاسة أكبر مشروع زراعي إقتصادي في السودان وفي أفريقيا.

هذا بالنسبة إلى السودان؛ اما إذا نظرنا إلى تاريخ الشعوب ف نادراً ما تجد عاصمة تم تحويلها إلى مدينة أخرى، دونكم الجارة مصر كانت عاصمتها في العتبة ثم تحولت إلى الجيزة والآن أصبحت القاهرة؛ ولكن العتبة والجيزة والقاهرة كلهم مدن صغيرة داخل مدينة القاهرة مثل امدرمان والخرطوم والخرطوم بحري كلهم داخل مدينة الخرطوم، وكانت تُسمي بالعاصمة المثلثة.

الخلاصة تكوين العواصم لم يأت بالصدفة ولا بالصراعات ولا بفعل القرارات الحكومية؛ وإنما تكونت هذه العواصم بعد الحراك المعيشي الإجتماعي والثقافي والعمراني وحراك الرسمية والحوكمة إستمر لمئات السنين؛ شارك فيه أرتال وأجيال تلو الأخرى، وتعاقبت عليه الحكومات والثقافات والوجدانيات؛ بجانب أن التاريخ يحول دون تحويل عواصم البلدان.

د. الفاتح يس
أستاذ جامعي وباحث في البيئة والإقتصاد الأخضر

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: العواصم تتحول د الفاتح يس هل ومن ثم

إقرأ أيضاً:

مالك عقار: انهيار السودان خطر على المنطقة وهذه خارطتنا للحل

بورتسودان- خاص الجزيرة نت – حذر مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني من مخاطر انهيار السودان التي لن تقتصر على البلد وحده، ولكن ستمتد تأثيراتها إلى دول الجوار وأبعد من ذلك، وقال إن مجلس السيادة يتمسك بخطته للحل أمام تعدد المبادرات التي فشلت إلى غاية الآن في التوصل لاتفاق.

وبعد نحو 15 شهرا من الحرب، تتواصل المعارك في جبهات مختلفة من السودان دون أي بوادر لاتفاق ينهي الصراع الذي أسفر عن عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وتسبب في أزمة إنسانية كبيرة.

ورسم مالك عقار مشهدا قاتما أمام أي احتمال لنهاية الحرب بتفكك الدولة أو انهيارها، وقال إن السودان بموقعه الجغرافي وامتداداته الديمغرافية قد يكون بوابة لدوامة من الفوضى في المنطقة إن حدث الانهيار.

وفي حديث مع مجموعة من الإعلاميين اليوم الأحد في مدينة بورتسودان شرق البلاد، شرح عقار رؤيته قائلا إن الفوضى المحتملة في المنطقة ستعني خلق بؤر توتر وستجعل المنطقة أرضا خصبة للجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر مع زياد كبيرة لأنشطة القرصنة البحرية في المنطقة.

ولتجنب ذلك السيناريو، أكد نائب رئيس مجلس السيادة أن الجميع مطالب بالعمل على توفير الظروف المناسبة لإنهاء الحرب والتوصل لاتفاق سلام بين الفرقاء.

طريق الحل

ورغم تعدد المبادرات من جدة إلى جنيف مرورا بكامبالا والقاهرة، أكد عقار أن مجلس السيادة يتبنى خارطة طريق لم تطرح بعد في أي مباردة.

وأشار إلى أن الخطة تتضمن 3 مراحل، تبدأ الأولى بوقف الأعمال العدائية والفصل بين القوات المتحاربة، ولتحقيق ذلك يجب الاتفاق على آليات محددة تخص انسحاب القوات ومواقع تمركزها والجهة التي ستشرف على العملية.

وتركز المرحلة الثانية على الجانب الإنساني، ويتم العمل خلالها على الاستجابة للحاجات المستعجلة ومواجهة حالات سوء التغذية التي تحدق بملايين السودانيين.

وفي المرحلة الثالثة -وهي المرحلة الأصعب وفقا لعقار- سيتم بحث مصير دمج القوات وهي النقطة التي توقع أن تستغرق وقتا طويلا في ظل وجود عدد كبير من الأجانب ضمن قوات الدعم السريع التي  يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما يطرح صعوبات بشأن فرز السودانيين من غيرهم في تلك القوات ومدى تجاوب الدول التي قدموا منها من أجل استعادتهم.

وتنتهي تلك المرحلة بتوافق سياسي، يرى نائب مجلس السيادة أنه يجب أن لا يقع في الأخطاء التي ارتكبت في 44 اتفاقا سياسيا عبر تاريخ السودان الحديث، وخاصة ما تعلق منها بالدور الأجنبي والإملاءات الخارجية في صياغة بنود الاتفاق، وأكد أن الحل والتوافق لن ينجح سوى إن كان بين السودانيين دون أي دور لغيرهم يتعدى حدود الوساطة والدعم في التوصل للاتفاقات.

لا كلمة لحميدتي

من جانب آخر، يرى عقار أن حميدتي لا يملك السيطرة على قواته، واستدل بالتجاوزات التي ترتكبها قواته والتي لا يمكن أن تصدر عن جهة من المفترض أن تكون حريصة على أمن مواطنيها، وأشار إلى أن الكلمة الأخيرة تعود إلى الجهة الداعمة لحميدتي وهي دولة الإمارات.

وانتقد بهذا الخصوص دور الإمارات في الحرب الحالية وقال إن العديد من دول الجوار مقتنعة بضرورة إنهاء الحرب تجنبا لتداعياتها على دولهم، ولكنهم لا يجرؤون على التصريح علنا بذلك بسبب الاستثمارات والأموال الإماراتية التي تتدفق عليهم.

من جانب آخر، تحدث عقار عن ضرورة إنجاز تحول تاريخي في السودان ينقله من "سجن مفتوح لإثنيات مختلفة" إلى دولة تفرض احترامها على جميع المواطنين، ونبه إلى أن بعض التقارير تؤكد انتشار 36 مليون قطعة سلاح في السودان وهو ما يمثل قنبلة موقوتة قد تهدد مستقبل البلاد في أي لحظة.

مقالات مشابهة

  • حرب السودان.. تدمير جسر الحلفايا الرابط بين بحري وأم درمان
  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بتدمير جزء من جسر رئيسي في الخرطوم   
  • الإعلام الإسرائيلي يرسم "سيناريو إيرانيا" قرب مصر
  • انتحار طالب شنقاً في مدينة الصدر ببغداد
  • رئيس «العدل والمساواة» يشيد بدعم الإمارات للسودان وينتقد «دبلوماسية» الخرطوم
  • نائب البرهان: انهيار السودان خطر على المنطقة وهذه خارطتنا للحل
  • مالك عقار: انهيار السودان خطر على المنطقة وهذه خارطتنا للحل
  • مصر ترسل أطنان من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة لـ جنوب السودان – فيديو
  • الدعم السريع ترك خيبته هناك داخل الخرطوم
  • عواصم عالمية تسجل ارتفاعا بعدد الأيام الحارة