يمانيون – متابعات
إن لعبة أمريكا من خلال وصفها بأنها “تهديد عالمي” لضبط المشهد في مجلس الأمن قد تجعل أعمالها العنيفة تبدو مشروعة من الناحية القانونية، لكنها من حيث المبدأ خلقت أجواء ضد أمريكا وأذرع المقاومة الأخرى العازمة على التوسع والترويج للدخول في مواجهة مع هذا البلد، وحسب بعض المصادر الإخبارية، فبعد فشل الولايات المتحدة في توفير الردع اللازم لنفسها ضد الحكومة اليمنية والتهديدات العملية لصنعاء، وضعت مصداقية الولايات المتحدة بشكل عالمي على المنحدر مع مرور الوقت، ولقد قامت الولايات المتحدة ومعها إنجلترا وبعض الدول باستهداف عدة نقاط داخل أراضي هذه الدولة بعد الحصول على إذن بالهجوم من مجلس الأمن، لأن أمريكا تحاول استعادة كرامتها في البحر الأحمر، بالإضافة إلى محاولتها منع أضرار اليمن المتعددة الأوجه بالجسم الصهيوني.
وأخيراً، استطاع اليمن، باعتباره عضواً غير معروف في جبهة المقاومة في أعين العالم، أن يظهر خلال فترة قصيرة كلاعب إقليمي فاعل وفعال ضد مصالح الصهاينة، وبالتالي اكتسب شعبية بين الأمم في المنطقة والعالم، إضافة إلى ذلك فإن قوة اليمن العسكرية والاستراتيجية وصلت إلى توازن مقبول في ميزان القوى مع الولايات المتحدة في البحر الأحمر، وبالتالي أصبحت في نظر رجال دول العالم تكتيكاً قوياً ضد الولايات المتحدة والصهيونية التي ساهمت ضرباته مساهمة كبيرة في تحقيق معادلات المنطقة والأراضي المحتلة.
ضربات إستراتيجية في اليمن
السبب الأساسي للهجوم الأمريكي على اليمن، والذي يبرز بوضوح، هو مدى فعالية هجمات اليمن على المحور العبري الغربي وبؤرة الأزمة في البحر الأحمر، ولم تكن أمريكا كشرطة البحر الأحمر وما حولها تتصور أن جبهة المقاومة اليمنية ستؤثر على الممر الحيوي للكيان الصهيوني إلى هذا الحد، ومؤخراً أعلن مصدر ألماني نقلاً عن خدمة العمل الخارجي الأوروبية (EEAS) في تقرير له أن هجمات الجيش الوطني اليمني (على السفن التي تتجه نحو الأراضي المحتلة) تسبب أضراراً بقيمة 360 مليون يورو في الساعة، وفي هذا التقرير، تعود أسباب هذه التكلفة الباهظة إلى طول مسار السفن التجارية حتى 6000 كيلومتر، وزيادة تكاليف الطاقة ونقل وحركة السفن، وتعطل سلسلة التوريد، وأمس أيضًا، حذرت إنجلترا من أنه إذا استمر حظر سفن الشحن، فإن الأسعار في إنجلترا سترتفع.
وبغض النظر عن القضايا الاقتصادية، فقد تمكنت الهجمات في اليمن من تشكيل تهديد أمني خطير لأمريكا وحلفاء النظام الصهيوني وتحدي قوتهم العسكرية على الساحة العالمية، وقد أظهر إرسال عدة سفن أمريكية وبريطانية إلى البحر الأحمر بعد هجمات الجيش اليمني عدم كفاية وعدم كفاءة القوة القتالية الأمريكية في المواجهة مع اليمن.
في هذه الأثناء، فإن حكومة بايدن، التي لعبت سياستها الخارجية دورا كبيرا في التهديد والترويج للحرب، وهي الآن عالقة في مستنقع الحرب في أوكرانيا والنفقات العديدة في الأراضي المحتلة، تواجه تحديا آخر في اليمن، الأمر الذي يجعل الافتقار إلى وجهة نظر مستقبلية جعلت من المستحيل تقدير التكلفة على البيت الأبيض، ولذلك فإن العدوان الأمريكي على مواقع مختلفة لجبهة المقاومة في اليمن وكذلك في العراق سيؤجج استمرار الصراعات وسيترتب عليه تكاليف باهظة وعواقب لا رجعة فيها على هذا البلد، وسوف يؤدي إلى خلق مستنقع آخر؛ كما تسببت الضربات الاستراتيجية التي شنها اليمن في عدم انضمام دول بارزة في الخليج الفارسي إلى ما يسمى التحالف الأمريكي وشكلت هزيمة أخرى لهذا البلد الذي ادعى الإمبراطورية على هذه المنطقة لسنوات.
تصاعد التوتر في المنطقة
لقد فعّلت هجمات القلق الأمريكية رهاناً كبيراً على تصاعد التوتر في المنطقة، ورغم أن تحليل نوع الهجوم من قبل الولايات المتحدة والدول المشاركة الأخرى يشير إلى اعتماد تكتيكات للحد من الهجمات اليمنية على أهداف إسرائيلية وأمريكية، إلا أن عدم التوقف والإعلان عن توسيع نطاق الهجمات على أهداف بريطانية وأمريكية وغيرها من الجهات الفاعلة من قبل المقاومة اليمنية، إلى جانب الإصرار على الاستمرارية، يظهر الاستراتيجية العملياتية السابقة التي أدت إلى تصاعد الصراع في البحر الأحمر.
وفي هذا الصدد، أعلنت القوات المسلحة اليمنية أنها تعتبر كل مصالح الولايات المتحدة وإنجلترا والدول المشاركة الأخرى في البحر والبر هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة لهذا البلد، ومن ناحية أخرى، فإن لعبة أمريكا المتمثلة في وصفها بأنها “تهديد عالمي” لتمهيد الطريق في مجلس الأمن قد تجعل أعمالها العنيفة تبدو مشروعة من الناحية القانونية، لكنها من حيث المبدأ خلقت أجواء ضد أمريكا وأذرع المقاومة الأخرى عازمة على التوسع، وشجعت على المواجهة مع هذا البلد.
وعلى الرغم من ذلك، من ناحية أخرى، تحذر إنجلترا والولايات المتحدة من أنهما ستزيدان هجماتهما إذا استمر إغلاق مسار سفن الشحن، الأمر الذي سيجعل، في مجمله، ليس البحر الأحمر فحسب، بل المنطقة أيضًا أكثر اضطرابًا من ذي قبل، وسيكون له آثار هائلة على الاقتصاد والأمن العالميين، وفي هذا الصدد، حذر خبراء اقتصاديون من أن تطور واتساع نطاق الصراعات في المنطقة ستكون له عواقب أعمق على الأسواق والتجارة الدولية.
* المصدر: موقع الوقت التحليلي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر فی المنطقة هذا البلد فی الیمن
إقرأ أيضاً:
المبعوث الأمريكي يكشف عن أهداف زيارته إلى جيبوتي.. السعي لصلاحيات أقوى لاعتراض شحنات الأسلحة المتجهة إلى الحوثيين
قال المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، إن الولايات المتحدة تسعى إلى الحصول على دعم عالمي لمنح الأمم المتحدة سلطات أكثر وضوحًا لاعتراض السفن في البحر الأحمر المتجهة إلى الموانئ اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، كجزء من محاولة منسقة لإضعاف المجموعة المدعومة من إيران.
وذكرت صحيفة الجاريان في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن واشنطن تدرس إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وهي الخطوة التي من شأنها أن تجعل من الصعب على المنظمات الإنسانية العمل داخل الأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.
وحسب الصحيفة زار تيم ليندركينج، جيبوتي الأسبوع الماضي حيث توجد بعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن (UNVIM) على الجانب الآخر من البحر الأحمر. وينصب التركيز الرئيسي لبعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش على تفتيش السفن بحثًا عن الأسلحة التي تدخل موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون.
تم إنشاؤها في عام 2016 ولكنها تتمتع بصلاحيات محدودة لاعتراض السفن كوسيلة لفرض حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقال ليندركينج إنه كان يستكشف كيفية جعل تفويض البعثة أكثر فعالية في منع الحوثيين من الوصول إلى الأسلحة.
كما أعرب ليندركينج عن قلقه إزاء ما وصفه بالتقارير المزعجة التي تفيد بأن الروس قد يكونون على استعداد للمساعدة في توفير الأسلحة للحوثيين حتى تصبح هجماتهم الصاروخية والطائرات بدون طيار على الشحن التجاري في البحر الأحمر أكثر فعالية.
وأكد المبعوث الأمريكي أن قوات الأمم المتحدة غير مجهزة أو مُنحت تفويضًا للقيام بعمليات الاعتراض. نحن نعمل مع الشركاء للنظر في تغيير التفويض. وقال يتعين علينا جميعًا سد الثغرات، وهذا يتطلب عقلية مختلفة ونوعًا مختلفًا من التركيز بخلاف مجرد مرافقة السفن".
وقال إنه "نظرًا لكمية الأشياء التي تمكن الحوثيون من تلقيها من إيران أو من السوق المفتوحة، فإن هذا يكفي للحفاظ على استمرار حجم الهجمات على الشحن بوتيرة عالية".
وتابع أن الهجمات على مواقع الحوثيين داخل اليمن أجبرت زعماء الحوثيين على "خفض ظهورهم جسديًا. إنهم أكثر حرصًا على كيفية تحركهم. لقد غيروا اتصالاتهم في ضوء الهجمات اللاسلكية على حزب الله".
وأضاف أنه منزعج بشدة من التقارير التي تفيد بأن الحوثيين وروسيا ربما يتفاوضان على صفقة أسلحة.
وأردف "إذا كانت التقارير صحيحة، فإن نوع التعاون الذي نسمع عنه بين الحوثيين والروس، من شأنه أن يغير قواعد اللعبة. من شأنه أن يزيد بشكل كبير من قدرة الحوثيين على ضرب السفن واستهداف السفن الأخرى في البحر الأحمر بشكل أكبر. لا أستخف بذلك، لكن الحوثيين يخطئون معظم الوقت، عندما تتساقط صواريخهم وطائراتهم بدون طيار، لكنهم قادرون على إطلاق كميات كبيرة منها. يتم إسقاط الكثير منها. ولكن هناك احتمال أن يتمكنوا من زيادة القدرة، وهو ما سيكون مهددًا للغاية".