الكيان الصهيوني واستراتيجية الهروب إلى الهاوية
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
بعد فشله على مختلف الأصعدة
الثورة / إبراهيم الاشموري
يكابر نتنياهو وأركان حربه بمواصلة العدوان على غزة ورفض أيّ مقترح يضع حدا للمآسي التي يتكبدها المدنيون في القطاع ويحفظ ماء وجه حكومة الاحتلال وجيشه الذي يتلقى خسائر بشرية غير مسبوقة في صفوف جنوده وضباطه على أيدي مقاتلي حماس وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية التي تسطر ملاحم عظيمة في التصدي للغرور والغطرسة الصهيونية والتي توجتها خلال الساعات الماضية بأكبر مقتلة في جنود وضباط الجيش المعتدي منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر الماضي.
وتصر حكومة تل أبيب الفاشية على رفض أي اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بشأن وقف إطلاق النار يسمح باستمرار احتجاز الرهائن في غزة أو بقاء حماس في السلطة بالقطاع غير أن هذه الأهداف كما يقول الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون بانها باتت بعيدة المنال وتصير مستحيلة مع كل يوم يمر من تخبط جيش الاحتلال في غزة التي صارت جحيما يلتهم جحافل الغزاة المعتدين .
وعلى الرغم من تنامي السخط الجماهيري في داخل دولة الاحتلال واتساع دائرة الأصوات الداعية والمتضامنة مع ذوي الأسرى الصهاينة المحتجزين لدى فصائل المقاومة في غزة يظهر مسئولو الحكومة المتهالكة والجيش المنهزم وبشكل يومي ليؤكدوا ان أهداف الحرب لم تتغير، وهي “تدمير قدرات حماس الإدارية والعسكرية في قطاع غزة وإعادة جميع الرهائن أحياء دون توضيح كيفية ذلك مع ما يحمل من تناقض واضح بحسب المحللين الذين يوضحون أن مواصلة العدوان الوحشي الذي لا يستثني مكانا في طول القطاع وعرضه لا ينسجم مع هدف تحرير الرهائن وان هذه الأهداف متنافرة مع بعضها البعض
الإرهابي نتنياهو، ووزير دفاعه المتطرف يوآف غالانت، والوزير بمجلس الحرب المتشدد بيني غانتس، ظهروا بالأمس بعد دفن 24من الضباط والجنود ضحايا الساعات الماضية ليؤكدوا عزمهم مواصلة الحرب على قطاع غزة رغم إجماعهم بان ما حصل كان من اصعب الأيام التي عاشها الكيان منذ تدشين عدوانه الوحشي على المدنيين في القطاع في 7 أكتوبر الماضي ليتواصل بالتالي مسلسل التناقض والارتباك الصهيوني والهروب إلى الأمام صوب الهاوية السحيقة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ملامح المرحلة الجديدة من الصراع بعد الطوفان
لا تختلف الحرب الأخيرة على غزة عن سابقاتها من حيث المدة الزمنية والخسائر البشرية والمادية المباشرة وحسب، ولكن كذلك من حيث نتائجها الكلية ودلالاتها العميقة وتداعياتها طويلة الأمد، والتي تضع المنطقة برمتها أمام مرحلة مختلفة تمامًا، ولا سيما فيما يتعلق بالصراع مع الاحتلال.
النتائجتشير التقارير الأولية لخسارة الاحتلال لأكثر من 900 من ضباطه وجنوده خلال الحرب، إضافة لمئات ممن يصنفهم كمدنيين، وهو الرقم الأعلى منذ حرب 1973، فضلًا عن تضرر الاقتصاد بشكل عميق استدعى عدة حزم من المساعدات المالية الكبيرة والمباشرة من الولايات المتحدة الأميركية، إضافة لموجة الهجرة العكسية وفقدان الشعور بالأمان والذي يشمل الكثيرين في "إسرائيل". وعلى وجه التحديد مستوطنو غلاف غزة والشمال.
في المقابل، تشير التقديرات إلى أن عدد الشهداء في قطاع غزة تجاوز 60 ألف شهيد، زهاء 60% منهم من النساء والأطفال، وأنه ما زال ما يقرب من 11 ألف شهيد تحت الأنقاض حتى اللحظة.
وأما على صعيد البنيان، فيمكن القول إن الاحتلال دمر البنية التحتية لأكثر من نصف قطاع غزة، وفي مقدمة ذلك المؤسسات الحكومية والقطاع الصحي، فضلًا عن تدمير غالبية المنازل كليًا أو جزئيًا.
فيما يتعلق بالمقاومة، فقد نعت حماس بعد وقف إطلاق النار عددًا كبيرًا من قياداتها السياسية، على رأسهم رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، والرئيس اللاحق (رئيسها في غزة سابقًا) يحيى السنوار، ومعظم أعضاء مكتبها السياسي في غزة، إضافة لعدد من قياداتها في الضفة والخارج، فضلًا عن قيادات الفصائل الفلسطينية الأخرى.
إعلانوفي الشق العسكري، فقد نعى الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" قائد هيئة أركانها محمد الضيف، ونائبه مروان عيسى، وقادة ثلاثة من الألوية، وعددًا من قادة الأركان، إضافة لتقديرات بارتقاء عدد كبير من القيادات الوسيطة ومئات/ آلاف المقاتلين في القسام وباقي فصائل المقاومة.
تحديات جسامرغم خسائر غزة وتضحياتها، أوقف الاحتلال عدوانه دون تحقيق أهدافه العريضة المعلنة مثل القضاء على المقاومة، ومنع المخاطر التي تتسبب بها، واستعادة أسراه بالقوة، فضلًا عن النتائج الإستراتيجية بعيدة المدى للحرب، والمتعلقة بالردع والحسم والقدرات والتلاحم الداخلي وصورة "إسرائيل" أمام العالم، وتفوقها في المنطقة، وغير ذلك مما فصّلت فيه في المقال السابق.
ومع وضع كل ذلك في الحسبان، وخروج المقاومة الفلسطينية من الحرب قائمة على قدميها وقوية ومتماسكة ومسيطرة، وثبات الناس على أرضهم وإفشال مخططات التهجير رغم ما تعجز اللغة عن وصفه من تضحياتهم، إلا أن هناك تحديات ضخمة تنتظر غزة والمقاومة والقضية الفلسطينية عمومًا في المرحلة القادمة.
في مقدمة هذه التحديات إمكانية عودة الاحتلال للعدوان بعد إتمام صفقات تبادل الأسرى، بعد المرحلة الأولى أو بعدها جميعًا، وهو ما تواترت حوله تصريحات "إسرائيلية" وأخرى منسوبة للرئيس الأميركي الجديد، وهنا تبرز أهمية رسائل القوة والندية التي ترسلها المقاومة دون مبالغة.
أما على الصعيد العملي، فعلى رأس التحديات عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، وعلاج الجرحى والمصابين والمرضى ودعم الناس، وغيرها من الملفات الملحّة في الجانب الإنساني، والتي بات مؤكدًا أن "إسرائيل" تسعى لإبطائها وتحجيمها؛ سعيًا لاستدامة المعاناة كأداة ضغط سياسية على المجتمع الغزّي ومقاومته، في المرحلة الحالية، وعلى المدى البعيد.
وهو تحدٍّ كبير وخطير لا تكفي معه قدرات الفلسطينيين الذاتية، بل ينبغي أن تنضم لهم أيدي العالمين العربي والإسلامي عمليًا وسريعًا، فضلًا عن الضغط المطلوب على الاحتلال للإيفاء بالتزاماته.
إعلانوهناك مشروع تهجير أهل غزة للخارج، كليًا أو جزئيًا، والذي أفشله الغزّيون ومقاومتهم أكثر من مرة خلال الحرب، وتحديدًا صمودهم في شمال غزة المحاصر، ثم مشاهد العودة للبيوت المدمرة فيها.
بيد أن المشروع لم ينتهِ بالكامل ولا تخلى عنه الاحتلال بشكل نهائي، حيث يتردد ما يعضد ذلك على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يشير إلى ضرورة استضافة عدد من الدول في مقدمتها مصر والأردن سكان غزة. وغني عن الذكر أن إعاقة عمليات الإغاثة والدعم والإعمار جزء أساسي من محاولة جعل القطاع منطقة غير صالحة للحياة كأحد روافع مشروع التهجير.
سياسيًا، لم تنتهِ بعد مشاريع الاحتلال المدعومة غربيًا بخصوص اليوم التالي لغزة، أو غير ذلك، ولكن مشروع تطبيع علاقات "إسرائيل" بالمحيط العربي والإقليمي تحديدًا يحتاج اهتمامًا خاصًا. فقد جمدت عملية "طوفان الأقصى" مسار التطبيع مرحليًا، لكن الإدارة الأميركية تسعى لتفعيله كجزء من صفقة متكاملة.
وفي القلب من أهداف كل ما سبق وغيره، استمرار مساعي تجريف المقاومة وتجريمها وتحجيمها والقضاء على جدواها ودعمها بين الناس، ومحاولة ترسيخ سردية تجعلها هي – لا الاحتلال – المسؤولة عن خسائر غزة وتضحياتها ومعاناة أهلها.
ولا شك أنه رغم المكاسب الكبيرة للقضية الفلسطينية على المدى البعيد، فإن الاستمرار بالمقاومة بأشكال وأساليب مختلفة ومتنوعة وجديدة وصدى ذلك لدى الشارع الغزي تحديدًا سيكون تحديًا كبيرًا جدًا.
مرحلة جديدةفي مقدمة الدلالات العميقة لعملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وما تلاها، ثم وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، أن "إسرائيل" فقدت كل أركان إستراتيجيتها الأمنية من ردع وإنذار مبكر ودفاع وحسم وغير ذلك، وبالتالي تهاوت الأساطير التي كانت تروّج أن أحدًا لن يفكر في مهاجمتها، فضلًا عن هزيمتها.
في المقابل، فإن المقاومة – وحاضنتها وشعبها – قادرة على ترميم خسائرها والتعويض والبناء لاحقًا. ومع ذلك، فإنه مما لا يُختلف عليه أن غزة بحاجة لراحة طويلة الأمد تضمد فيها جراحها، وتتجاوز أزماتها وتبني نفسها، خصوصًا أن أي مواجهة قادمة قد تبدأ مباشرة مما انتهت إليه الحالية، على ما عوّدنا الاحتلال وشجعه على ذلك الدعم الغربي والصمت العربي والإقليمي.
إعلانلكن ذلك لا يعني نهاية المواجهة ولا انتهاء القضية ولا الاكتفاء من غاية المقاومة، بمعناها الأعم والأوسع دلاليًا وجغرافيًا وإستراتيجيًا.
لقد أظهرت الحرب الوجه القبيح الحقيقي للاحتلال وما يخفيه للمنطقة ككل وليس فقط غزة، وفي مقدمة ذلك الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وهو ما يُفترض أن يكفي لتُراجعَ مختلف الأنظمة في المنطقة موقفها منه ومن العلاقات معه الآن ومستقبلًا.
إن "إسرائيل" اليوم ورغم إخفاقها العسكري والأمني والسياسي في غزة، تسعى مرة أخرى لمشروع "إسرائيل الكبرى" وربما ما هو أبعد منه، من خلال مشاريع احتلال واستيطان في الضفة وجنوب لبنان وسوريا، ومهاجمة إيران واليمن والعراق، وكذلك مشروع تهجير الفلسطينيين نحو مصر والأردن، والتي تبدو مدعومة من ترامب.
في المقابل، وإن لم تستشعر الأنظمة بعدُ كامل ما أفرزه الطوفان من متغيرات، إلا أن تأثيراته على النخب والشعوب لا يمكن الاستهانة بها. لقد كان صمود غزة في عدوان 2008 وبسالة مقاومتها مع الموقف الرسمي العربي منه ضمن دوافع الثورات في 2010 – 2011، وهذه الحرب لا تقارن به لا من حيث بشاعة العدوان ولا صمود المقاومة ولا الخذلان الرسمي.
من أهم تبعات الطوفان مسألة الوعي؛ وعي الجميع بحقيقة "إسرائيل" وما تخبئه للمنطقة جميعها وليس فقط للفلسطينيين متى ما استطاعت، وهي الآن وتحديدًا مع ترامب تظن أنها تستطيع القيام بتغييرات جذرية.
وفي المحصلة وعلى المديين المتوسط والبعيد، سيشتبك الجميع مع الاحتلال، مختارًا أو مضطرًا، بتوقيته الخاص أو بتوقيت الاحتلال. إن الحقائق والوقائع والثغرات التي تكشفت مع الحرب تساهم في بناء وعي جديد في مجمل المنطقة وعلى جميع المستويات، كما أن الخطط التي أخرجت من الدرج "الإسرائيلي" تنبئ بتغييرات جذرية للمنطقة بأسرها، ما يستدعي من الجميع الوقوف أمام مسؤولياته.
إعلانلقد نفذ الاحتلال جريمة إبادة بالمعنى الكامل لغزة، بشرًا وحجرًا وشجرًا وعلى جميع المستويات، لكنه لم يستطع كسر الإرادة الفلسطينية، فانتصرت المقاومة وترسخت فكرتها وثبت نموذجها، وهذا رآه وفهمه الفلسطينيون كما "الإسرائيليون" ومعهم الجميع في المنطقة والعالم.
وقد زخرت هذه الحرب بدروس كثيرة وعميقة، تكشف بعضها وسيتكشف مع الوقت بعضها الآخر، بما يساهم في التفاعل مع معطيات وحقائق أخرى لترسيخ تداعيات الطوفان طويلة الأمد على دولة الاحتلال والقضية الفلسطينية والمنطقة سواءً بسواء.
في الخلاصة، لم تستطع "إسرائيل" تهجيرَ الشعب ولا القضاء على المقاومة، وبالتالي فشلت في تصفية القضية، فأدخلتها وأدخلت المنطقة جميعها في مرحلة جديدة ومختلفة من الصراع معها، وهو ما ستتضح معالمه ومحاوره وديناميته أكثر فأكثر مع مرور الوقت وتكشّف الحقائق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية