يمانيون – متابعات
للمرة السابعة، تشنّ الولايات المتحدة الأمريكية والبريطانية عدوانها غير المبرر على اليمن، إذ نفذت مساء أمس الثلاثاء أكثر من 14 ضربة جوية على صنعاء وتعز والبيضاء، بقصف المقصوف واستهداف المستهدف.

وقد استخدمت هذه المرة طائرات متطورة وقنابل فتاكة كنوع من استعراض القوة وإرهاب صنعاء، بهدف “إضعاف قدرة القوات المسلحة اليمنية”، وثنيها عن مساندة غزة، وإجبارها على رفع الحظر البحري على سفن العدو الإسرائيلي والمتجهة إليه.

تأتي هذه الجولة العدوانية بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية عن عملية عسكرية جديدة استهدفت سفينة “أوشن جاز” في خليج عدن بصواريخ بحرية متطورة، محقّقة إصابة دقيقة كجزء من الرد الأولي على العدوان الأمريكي البريطاني خلال الجولات السابقة، متوعّدة بأنَّ الرد المزلزل قادم لا محالة، وباتخاذ كل الإجراءات الدفاعية والهجومية إسناد لغزة ودفاعاً عن سيادة اليمن.

هذا التزامن يكشف أن عملية القوات المسلحة باستهداف سفينة الشحن العسكرية الأمريكية “أوشن جاز” كانت مؤثرة ومؤلمة للأمريكي بدليل العملية الهستيرية الأخيرة على خلاف الدعاية الأمريكية بأن السفينة المذكورة “لم تتعرض لأي هجوم”. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى، فإن المنحى المتصاعد للعمليات العسكرية اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى “إسرائيل” والمساندة لها، أمريكية كانت أو بريطانية، يكشف فشل الضغوط العسكرية المتمثل بالعدوان الأمريكي البريطاني وزيف الادعاء بتدمير القدرات اليمنية، كما يكشف أيضاً أن خطوة تصنيف أنصار الله “منظمة إرهابية دولية” وفق ما جاء في القرار الأمريكي منزوعة المفاعيل على الأرض وغير ذات جدوى على بلد محاصر ومعتدى عليه بمشاركة أمريكية واضحة على مدى 9 سنوات.

الأمر الآخر أن العمليات اليمنية الأربع باستهداف 3 سفن تجارية أمريكية وسفن شحن عسكرية أمريكية يؤكد عملياً، وبما لا يدع مجالاً للشكّ، أن القوات المسلحة اليمنية أدخلت أسلحة متطورة قادرة على تجاوز منظومات الدفاع والرصد الأمريكي البريطاني عبر الطيران التجسسي والأقمار الاصطناعية، بل عن العمليات اليمنية، تؤكد تصريحات السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والرئيس المشاط خلال الفترة الماضية بـ”القدرة على استهداف أي نقطة في البحر، وبما لا يؤثر في حركة الملاحة الدولية مطلقاً”.

أمام تهشم هيبة الردع الأمريكية البريطانية، والعجز العسكري والسياسي الواضح عن ثني اليمن عن مواصلة معادلة الإسناد لغزة وتدمير القدرات العسكرية اليمنية، وباعتراف الرئيس الأمريكي جو بايدن، تذهب واشنطن ولندن رسمياً إلى الادعاء أن عملياتهما “استهدفت موقع تخزين تحت الأرض” تابعاً للقوات المسلحة اليمنية و”مواقع مرتبطة بالقدرات الصاروخية والمراقبة الجوية”، كما جاء في البيان الأمريكي – البريطاني – البحريني المشترك.

المثير للسخرية أن دول العدوان تضع هذه الاعتداءات في خانة “الدفاع عن النفس” و”حماية الملاحة الدولية” كنوع من أنواع تضليل الرأي العام الدولي من جهة، والمشرعين الأمريكيين والبريطانيين من جهة، ولمحاولة إعطاء العدوان بعداً قانونياً، وبالتالي جرجرة مزيد من الدول إلى جانب نظام آل خليفة في البحرين لتوريطها في العدوان على اليمن.

هنا تبرز عدة تساؤلات، أهمها: كيف يدّعي الأمريكي والبريطاني، اللذان جاءا من وراء الأطلسي، على بعد آلاف الأميال، الى منطقتنا ومياهنا وبحارنا، أنهما في “موقع الدفاع عن النفس”، وأنهما جاءا من أجل حماية الملاحة الدولية؟ وهل عسكرة البحر وتفجير الوضع، في أهم ممر حيويّ، يخدمان الملاحة؟ وكيف للولايات المتحدة وبريطانيا، العاجزتين عن حماية سفنهما التجارية والعسكرية وسفن “إسرائيل”، أن تحميا سفن الآخرين، إن كان اليمن، كما تدّعيان، يهدِّد الملاحة الدولية؟

هذه الأسئلة تقودنا إلى حقيقة مفادها أن من يهدّد التجارة والملاحة الدوليتين، ويهدد الاستقرار الإقليمي، هو “ثلاثي الشر”، الذي يرفض كل الدعوات إلى خفض التصعيد في المنطقة، عبر إنهاء العدوان على غزة.

أما زعمهم أن هذه العمليات العدوانية هدفها حماية “الاستقرار الإقليمي” فهو محض افتراء، فمن شأن هذه الاعتداءات المتكررة والإصرار على جرائم الإبادة في غزة أن يوسعا رقعة الصراع ويدفعا الأمور نحو الحرب الكبرى، وبالتالي توسيع دائرة النار لاستهداف المصالح الأمريكية البريطانية الإسرائيلية في المنطقة.

وقد جاءت عملية المقاومة الإسلامية في العراق على ميناء أسدود، وقبلها عملية حرس الثورة الإيراني على سفينتين إسرائيليتين في المحيط الهندي، كجزء من المساندة لغزة والرد على الاغتيالات، مصداقاً لهذه الفرضية التي تخشاها أمريكا، والتي ستكون أكبر الخاسرين فيها.

والأخطر من ذلك أن الأمريكي والبريطاني يحاولان فصل ما يجري في البحر الأحمر عما يجري من جرائم إبادة في غزة، من خلال اعتمادهم تسمية “بوسيدون آرتشر” لجولة ليل الثلاثاء العدوانية على اليمن، وقولهم إنها منفصلة عن عمليات “حارس الازدهار” الذي فرط منذ الأيام الأولى، والذي لم نجد منه سوى الأمريكي والبريطاني ونظام التطبيع البحريني.

صنعاء: نحن في زمن الرد وشعبنا لا يعرف الاستسلام

قبل أن ينحسر دخان العدوان الأمريكي البريطاني ليل الثلاثاء، توعدت صنعاء بالرد، وأكدت أن منطق الاستسلام والاخضاع غير مقبول في اليمن، وأن “العدوان الأمريكي البريطاني يُعزز تصميم الشعب اليمني على المواجهة”، كما جاء في تصريح أدلى به عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي للمسيرة، مؤكداً أن “العدوان الأمريكي البريطاني هو محاولة يائسة لثني اليمن عن مناصرة غزة وإيقاف عملياته البحرية، وهو ما لم ولن يتحقق”، متوعداً بالرد.

هذا ما أكده رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام بأن “اليمن، وعملاً بمبدأ حق الدفاع عن النفس، لن يسمح بانتهاك سيادته، ولن يظل مكتوف اليدين أمام أي عدوان يتعرَّض له”، مهيباً بجميع الدول أن تقف إلى جانب الموقف اليمني، وألا تسمح لنفسها بأن تكون ضحية الخداع الأمريكي، مؤكداً أن “على أمريكا نفسها أن توقف عملية الهروب من مسؤولية وقف العدوان على غزة نحو اختلاق أزمات الجميع في غنى عنها”.

وسبق أن أكدت صنعاء من مختلف المستويات القيادية العسكرية والسياسية أنها لن تتراجع عن عمليات المساندة لغزة لو تحالف العالم كله ضد اليمن، بل هدد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بأن عمليات الرد ستكون “أكبر وأوسع إذ تكرر العدوان الأمريكي”، كاشفاً في خطابه الأخير إدخال صواريخ وأسلحة جديدة إلى الخدمة، مؤكداً أن استمرار الاعتداءات سيمكّن اليمن من تطوير أسلحته الكاسرة للتوازن ولن يضعفها.

هذا يقودنا في النهاية إلى خلاصة واحدة، مفادها أن الرد آتٍ لا محالة وقريب جداً، ليس من باب التخمين والتنجيم، إنما من منطلق اليقين الكامل بأن صنعاء تقول وتفعل، أين؟ وكيف؟ الله وحده يعلم.

– الميادين | علي ظافر

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدوان الأمریکی البریطانی المسلحة الیمنیة الملاحة الدولیة القوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

FP: كيف حول ترامب 450 مليون أوروبي أعداء لأمريكا

أكد أستاذ الدراسات الدولية في جامعة هارفارد ستيفن والت، أن الولايات المتحدة أصبحت عدوا لأوروبا الآن، قائلا؛ إن إدارة دونالد ترامب مضت بعيدا في سياساتها، وأعادت تشيكل التحالف بين طرفي الأطلنطي. 

وأضاف والت في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي"، أنه "حذر قبل عدة أسابيع من أن إدارة ترامب الثانية قد تبذر التسامح وحسن النية التي حصلت عليها واشنطن من الديمقراطيات الكبرى في العالم".

وأوضح أنه "بدلا من النظر لأمريكا كقوة إيجابية في شؤون العالم، قد تصبح هذه الدول قلقة من تحول الولايات المتحدة إلى عنصر شرير وبشكل نشط".

وكتب والت مقالته قبل أن يلقي نائب الرئيس جيه دي فانس خطاب التحدي في مؤتمر ميونيخ للأمن، وقبل أن يلقي الرئيس دونالد ترامب باللوم على أوكرانيا لبدء الحرب مع روسيا، وقبل أن يبدو وكأن المسؤولين الأمريكيين يعرضون على روسيا بشكل استباقي كل ما تريده تقريبا قبل بدء المفاوضات بشأن أوكرانيا. 

وقد لخص جدعون رتشمان، رد فعل المراقبين الأوروبيين الرئيسيين بشكل ذكي في صحيفة "فايننشال تايمز" بالقول؛ "إن الطموحات السياسية لإدارة ترامب لأوروبا، تعني أن أمريكا أصبحت الآن أيضا عدوا". 

وتساءل إن كان هذا الرأي صحيحا؟ ويجيب أن المتشككين من صحة هذا الرأي ربما تذكروا انقسامات بين حلفاء الأطلنطي حول عدد من القضايا، بدءا من أزمة السويس عام 1956 إلى حرب فيتنام في الستينيات من القرن العشرين، وموضوع الصواريخ الأوروبية في ثمانينيات القرن الماضي وفي خلال حرب كوسوفو في 1999، كما وشهد الخلاف بشأن حرب العراق عام 2003 تدنيا في العلاقات بين واشنطن وأوروبا.

إظهار أخبار متعلقة


ولم تتردد الولايات المتحدة في التحرك بشكل أحادي في مناسبات عديدة، حتى عندما تأثرت مصالح حلفائها سلبا، كما فعل ريتشارد نيكسون عندما أعلن خروج أمريكا من معيار الذهب في عام 1971 أو كما فعل جو بايدن عندما وقع على قانون خفض التضخم الحمائي، وأجبرت الولايات المتحدة الشركات الأوروبية على وقف بعض الصادرات عالية التقنية إلى الصين. 

ولكن قلة من الأوروبيين أو الكنديين اعتقدوا أن الولايات المتحدة تحاول عمدا إلحاق الأذى بهم، بل على العكس، اعتقدوا أن واشنطن ملتزمة حقا بأمنهم وفهمت أن أمنها وازدهارها مرتبطان بأمنهم وازدهارهم. وكانوا على حق، الأمر الذي جعل من الأسهل بكثير على الولايات المتحدة أن تكسب دعمهم عندما كان ذلك ضروريا. 

ويبدو الوضع مختلفا اليوم بالنسبة لمعظم الأوروبيين، وبالتأكيد من شاركوا في مؤتمر ميونيخ الأسبوع الماضي، وباتت لديهم ولأول مرة منذ 1949 أسباب حقيقية للاعتقاد أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لا يبالي بحلف الناتو، ورافض لقادة القارة الأوروبية بل إنه معاد بنشاط لمعظم الدول الأوروبية. وبدلا من التفكير في دول أوروبا باعتبارها أهم شركاء أمريكا، يبدو أن ترامب غير موقفه، ويرى أن روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين هي الرهان الأفضل على الأمد البعيد. 

وكانت التكهنات حول تقارب ترامب مع بوتين تدور لسنوات، ويبدو الآن أن هذه المشاعر هي التي توجه السياسة الأمريكية. 

ويعلق والت قائلا: "أعرف ما تفكر فيه، أليس ترامب يفعل فقط ما اقترحه الواقعيون مثلك؟ ألم تقل إن أوكرانيا ليس لديها مسار معقول لاستعادة أراضيها المفقودة، وأن إطالة الحرب هو مجرد إطالة للمعاناة بلا هدف جيد؟ ألم تقل أيضا بأن بناء نظام أمني أوروبي يقوم على التوسع المفتوح لحلف الناتو كان حلما خطيرا؟ وبدلا من دفع روسيا والصين إلى التقارب، أليس من المنطقي من الناحية الاستراتيجية أن ندق إسفينا بينهما، ونشكل نظاما أوروبيا يقلل من نزعات موسكو نحو إحداث المشاكل؟".

وأضاف: "بالتأكيد، أليست علاقات جيدة مع روسيا تجعل من أوروبا آمنة على المدى البعيد؟ وإذا كان تعطيل الإجماع عبر الأطلنطي كافيا لإقناع دول أوروبا بترتيب أمورها وإعادة بناء بعض القدرات الدفاعية الحقيقية، بحيث لن تضطر الولايات المتحدة إلى مواصلة حمايتها، ولكي تكون قادرة على مواجهة الصين.".

وبناء على ما قيل أعلاه، لا يعتبر ترامب عدو أوروبا، بل إنه يوزع بعض الحب القاسي على قارة راضية عن نفسها، ويتبع منطقا واقعيا سليما. 

ويجيب الكاتب أن الواحد كان يتمنى  صحة هذا الكلام، ذلك أن ترامب وفانس ووزير الدفاع بيت هيغيسث وأركان الإدارة الحالية، ذهبوا أبعد من الحديث عن ضرورة المشاركة في العبء، وكذا الحاجة لوجود انقسام منطقي للعمل داخل التحالف،  أو قاموا بتقديم تقييم متأخر للحرب في أوكرانيا والعلاقات مع روسيا. فلم يكن هذا هو الموضوع، بل كان الهدف هو إحداث تغيير أساسي في العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة القدامى، وإعادة كتابة قوانين العالم، وإذا أمكن تشكيله على صورة عقيدة جعل أمريكا عظيمة أو ماغا. 

فهذه العقيدة أو قل الأجندة معادية للنظام الأوروبي الحالي ومن عدة جوانب.

أولا: لا تعتبر التهديدات المتكررة من جانب ترامب بفرض تعريفات جمركية باهظة على الحلفاء المقربين؛ إما لإرغامهم على التنازلات بشأن قضايا أخرى، أو فقط لأنهم يحصلون على عوائد تجارية على حساب الولايات المتحدة عملا من أعمال الصداقة. ولقد حدثت نزاعات تجارية خطيرة في الماضي، ولعب الرؤساء الأمريكيون السابقون أحيانا لعبة قاسية مع حلفاء أمريكا بشأن هذه القضايا. لكنهم لم يفعلوا ذلك بشكل متقلب، أو استخدموا مبررات "الأمن القومي" المشكوك فيها بشكل واضح لتبرير أعمالهم. 

لقد أدركوا أيضا أن إلحاق الضرر الاقتصادي المتعمد بالحلفاء، يجعل من الصعب عليهم، وليس من السهل، المساهمة في الدفاع المشترك. كما تمسكت الإدارات السابقة بالصفقات التي تفاوضت عليها، وهو مفهوم يبدو غريبا جدا على ترامب.

ثانيا: لم يقل ترامب فقط أن القوى العظمى تستطيع بل وينبغي لها أن تأخذ الأشياء التي تريدها، بل إنه لم يخف طمعه في بعض ممتلكات حلفاء أمريكا. ولا عجب أن ترامب لا ينزعج إذا انتهى الأمر بقضم 20٪ من أوكرانيا؛ نظرا لأنه يريد كل غرينلاند وقد يعيد احتلال منطقة قناة بنما، ويعتقد أن كندا يجب أن تتخلى عن استقلالها وتصبح الولاية رقم 51، ويهذي بشأن الاستيلاء على قطاع غزة، وطرد سكانه، ثم بناء بعض الفنادق. قد تبدو بعض هذه التأملات خيالية تماما، لكن النظرة العالمية التي تكشف عنها، هي شيء لا يستطيع أي زعيم أجنبي تجاهله.

ثالثا: وهو الأهم، يدعم ترامب وأيلون ماسك وفانس وبقية زمرة ماغا، وبشكل مفتوح القوى غير الليبرالية في أوروبا. وفي الواقع، يحاولون فرض نظام جديد وشامل على كل أوروبا، وإن كان من دون استخدام القوة العسكرية.

إظهار أخبار متعلقة


 والعلامات واضحة لا لبس فيها: ففيكتور أوربان من المجر ضيف مرحب به في مقر ترامب بـ  مار إيه لاغو.  

والتقى فانس بأليس فايدل، الرئيسة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، في أثناء وجوده في ميونيخ، وليس مع المستشار الألماني أولاف شولتز، وكان إعلانه أن التحدي الرئيسي لأوروبا هو "التهديد من الداخل" هجوما مكشوفا على النظام السياسي في القارة. ومن المفارقة هنا انتقاد فانس الأوروبيين بسبب سلوكهم المناهض للديمقراطية، بالنظر إلى رفضه الاعتراف بخسارة ترامب لانتخابات عام 2020، أو إدانة المتمردين في 6 كانون الثاني/ يناير 2021. 

ولكي لا يتفوق عليه أحد، كان ماسك ينشر اتهاماته الكاذبة والكراهية عن مختلف القادة الأوروبيين، ويدافع عن المجرمين اليمينيين المتطرفين مثل تومي روبنسون، ويجري مقابلات مع فايدل ويعبر عن دعمه لحزبها.

 ورغم الخلافات القليلة بين ماغا والجماعات الأوروبية المتطرفة، إلا أنها تعارض بشكل عام الهجرة، وتنظر بشك بل ومعادية للاتحاد الأوروبي، وتنظر للنخبة والإعلام والتعليم العالي كعدو. 
وتعمل معا على إعادة فرض القيم الدينية التقليدية والتفريق التقليدي بين الجنسين، كما وتؤمن بالمواطنة التي يجب أن تعرف بناء على الهوية الإثنية المشتركة أو الأجداد، وليس بناء على القيم المدينية المشتركة أو مكان ولادة الشخص.
 ومثل أسلافهم من الفاشيين، يشعرون بالراحة بل لديهم المهارة لاستخدام المؤسسات الديمقراطية  لتخريب الحكم الديمقراطي وتقوية النظام التنفيذي. 

ويعلق والت، أن توصيف رتشمان بمقاله في "فايننشال تايمز" بأن أمريكا أصبحت الآن عدوا لأوروبا، صحيح، وإن كان في جزء منه؛ ذلك لأن ترامب وأتباعه يدعمون الحركات القومية اليمينية المتطرفة الأوروبية التي تشترك معهم في رؤيتهم الأساسية للعالم. إنهم معادون لرؤية أوروبا كنموذج للحكم الديمقراطي، والرفاهة الاجتماعية والانفتاح وسيادة القانون والتسامح السياسي والاجتماعي والديني والتعاون عبر الوطني. 

وقد يقول المرء حتى إنهم يرغبون في أن تكون لأمريكا وأوروبا قيم متشابهة، لكن المشكلة هي أن القيم التي تدور في أذهانهم غير متوافقة مع الديمقراطية الحقيقية. 

ويعتقد ترامب وشركاؤه أن التعامل مع أوروبا كعدو أمر محفوف بالمخاطر، فأوروبا تمثل لهم منطقة متدهورة وغير قادرة على تجميع شتاتها. كما أن تقويض الجهود الرامية إلى تعزيز الوحدة الأوروبية من خلال دعم اليمين المتطرف، يجعل من السهل على واشنطن ممارسة سياسة "فرق تسد".

ومن ناحية أخرى، يميل التنمر العلني على البلدان الأخرى إلى تشجيع الوحدة الوطنية والاستعداد الأكبر للمقاومة (كما نرى الآن في كندا)، والفوضى التي أطلقها ترامب وماسك في الولايات المتحدة، قد تجعل الأوروبيين حذرين من حدوث تجربة مماثلة داخل قارتهم. 

ولا بد من التذكير هنا، أن الخطوة الأولى نحو الإندماج الاقتصادي في أوروبا بمنتصف القرن الماضي، جاءت بسبب مخاوف قادة القارة من انسحاب أمريكا في المستقبل القريب، وتسليم قيادة أمن قارتهم لهم. 

وعلى هذا، كان دمج الصناعات الرئيسية مثل الفحم والصلب بمنزلة الخطوة الأولى لبناء الوحدة الاقتصادية والسياسية، الكافية لتمكين هذه الدول من الوقوف في وجه الاتحاد السوفييتي، دون مساعدة مباشرة من الولايات المتحدة. 

ولكن الأخيرة قررت البقاء، ودعمت المجموعة الاقتصادية الأوروبية، ومن ثم الاتحاد الأوروبي. ويذكرنا التاريخ الباكر بأن احتمال الاضطرار إلى المضي قدما دون قوة داعمة، كان ذات يوم قوة دافعة قوية وراء المزيد من التعاون الأوروبي. وأخيرا، إذا أصبحت أمريكا الآن عدوا، فيتعين على زعماء أوروبا أن يتوقفوا عن سؤال أنفسهم عما يتعين عليهم القيام به لإرضاء العم سام، وأن يبدؤوا في سؤال أنفسهم عما يجب عليهم القيام به لحماية أنفسهم.

إظهار أخبار متعلقة


 ولو كنت مكانهم، لبدأت بدعوة المزيد من الوفود التجارية من الصين، والبدء في تطوير بدائل لنظام سويفت للمدفوعات المالية الدولية. ويتعين على الجامعات الأوروبية أن تزيد من جهود البحث التعاوني مع المؤسسات الصينية، وهي الخطوة التي ستصبح أكثر جاذبية إذا استمر ترامب وماسك في إلحاق الضرر بالمؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة. وينبغي إنهاء اعتماد أوروبا على الأسلحة الأمريكية، من خلال إعادة بناء القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية. وإرسال الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى قمة البريكس المقبلة، والنظر في التقدم بطلب العضوية. وهكذا دواليك.

 ولأن كل هذه الخطوات ستكون مكلفة بالنسبة لأوروبا وضارة للولايات المتحدة، فالكاتب لا يريد حدوث أي منها بالفعل. ولكن قد لا يكون أمام أوروبا أي خيار. و"رغم أنني اعتقدت لفترة طويلة أن العلاقة عبر الأطلنطي قد تجاوزت ذروتها، وأن هناك حاجة إلى تقسيم جديد للعمل، فالهدف كان يقوم على بناء مستوى عال من  الصداقة عبر الأطلنطي بدلا من تشجيع العداء المفتوح. وإذا حولت الثورة الدبلوماسية لترامب 450 مليون أوروبي من كونهم من أقوى حلفاء أمريكا، إلى أعداء يحملون المرارة والسخط ويبحثون بشكل متزايد عن طرق لعرقلة الولايات المتحدة، فعلينا ألا نلوم سوى أنفسنا، أو على وجه التحديد، الرئيس الحالي".

مقالات مشابهة

  • الهند وبريطانيا تستأنفان المحادثات حول اتفاق تجارة حرة
  • وقف المساعدات الأميركية يضاعف الأزمة الإنسانية في اليمن
  • وردنا للتو.. صنعاء تدشن العمل بهذا القانون الجديد لأول مرة في تاريخ اليمن
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 22 فبراير
  • FP: كيف حول ترامب 450 مليون أوروبي أعداء لأمريكا
  • ترامب يهدد شركات الأدوية بالرسوم إذا لم تنقل إنتاجها لأمريكا
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 21 فبراير
  • 20 فبراير خلال 9 أعوام.. 18شهيدًا وجريحاً وتدمير للبنى التحتية في جرائم للعدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 20 فبراير
  • رداً على الحكومة اليمنية.. الأمم المتحدة ترفض نقل عملياتها من صنعاء إلى عدن