مأزق نتنياهو أم أزمة كيان؟..طوفان الأقصى الذي هز المشروع الإسرائيلي
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
لم يكن بنيامين نتنياهو سوى عنوان بارز للأزمة المركبة التي تعيشها إسرائيل، فقد كشفت ورطة الحرب الإسرائيلية على غزة التي يقودها وحكومته من المتطرفين التصدعات العميقة والأخطر من نوعها التي يعيشها المجتمع والمؤسسة الإسرائيلية. تلك التصدعات تضرب أركان المشروع الهش الذي قام على إغراء "الدولة القومية" بطابعها الاستعماري الاستيطاني والديني والعنصري.
وباتت كل السهام في الداخل الإسرائيلي وخارجيا توجه نحو رئيس الحكومة الإسرائيلية كعامل كسر للوحدة خلال الحرب، وفشل في تحقيق أي مكاسب سياسية أو عسكرية، في حين يعد نتنياهو مجرد عنصر يعبّر عن انكشاف التخبط السياسي والهوة المجتمعية والتصدعات الكثيرة التي تسببت بهزيمة لم تلحق به شخصيا بل بمشروع إسرائيل نفسها.
لطالما اعتمدت إسرائيل في الترويج لنفسها على سردية الدولة الديمقراطية الوحيدة في محيط من الاستبداد (المعادي لها) والمتفوقة اقتصاديا وتكنولوجيا، والتي استطاعت صهر مكونات مختلفة في مشروع ديمقراطي ليبرالي تعددي مستقر، وبالمحصلة متفوقة عسكريا. لكن أركان تلك السردية باتت محل شكوك عديدة.
بخلاف عوامل التآكل الداخلي، لم يتعرض هذا المشروع لاختبار وجودي، كانت الحروب الخاطفة والحاسمة التي تشنها إسرائيل كجزء أساسي من نظرية الأمن قد عززت كل هذه المقولات داخليا وخارجيا، لكن صدمة "طوفان الأقصى" وانهيار نظرية الحرب الخاطفة التي أخفت عوامل الوهن طويلا، واستمرار الحرب على غزة لأكثر من 3 أشهر دون تحقيق أية أهداف كشفت وهن كل تلك السرديات.
جاءت عملية "طوفان الأقصى" في وقت كان فيه الكيان الإسرائيلي في حالة من الهشاشة البالغة، لتعمق الأزمة وتزايد الهوة بين مكوناته، وتشير تصريحات قادة المقاومة في غزة إلى أنهم كانوا على إدراك عميق ومعرفة دقيقة بالمشهد الداخلي الإسرائيلي وما يبدو عليه من التفكك والارتباك.
ومثّل العدوان الإسرائيلي على غزة لحظة فارقة في مستقبل مشروع إسرائيل نفسه، فقد أثبت أن المؤسسة العسكرية والسياسية والبنية المجتمعية الإسرائيلية لم تعد مستعدة للحروب الخاطفة التي كانت تثبت بها أركان المشروع، وخلخلت الخسائر منذ يوم 7 أكتوبر أركان هذا المشروع بعنف على المستوى الإستراتيجي. وضغط موضوع الأسرى والمحتجزين بشدة على بنية المجتمع الإسرائيلي.
كانت الحرب على غزة، التي تستمر للشهر الرابع، معمقة للشروخ في المشروع الإسرائيلي بالارتباك والضعف الذي بدا عليه الجيش الإسرائيلي، وبما أظهره من انحراف أخلاقي في عملياته، وما بدت عليه المقاومة من قوة وتصميم، وما تبين من تفكك في المؤسسة الإسرائيلية برمتها، وما أثاره من تشاؤم وشكوك في مقولة الاستقرارعلى الأرض المبني على القوة العسكرية الغاشمة، وما قوبلت به إسرائيل من رفض عالمي لجرائمها ازداد بمرور الوقت.
وفي هذا السياق يشير المؤرخ الإسرائيلي، إيلان بابيه إلى أن ما يحصل في إسرائيل يؤكد "بداية نهاية المشروع الصهيوني"، والتي يعتبرها "مرحلة طويلة وخطيرة، ولن نتحدث عن المستقبل القريب للأسف، بل عن المستقبل البعيد، لكن يجب أن نكون جاهزين لذلك".
كانت مؤشرات نهاية هذا المشروع حسب بابيه ماثلة في "الحرب اليهودية الأهلية التي شهدناها قبل 7 أكتوبر الماضي، بين المعسكر العلماني والمعسكر المتدين في المجتمع اليهودي في إسرائيل"، مشيرا إلى أن هذه الحرب ستتكرر، باعتبار أن "الإسمنت الذي يجمع المعسكرين وهو التهديد الأمني، لا يبدو أنه سيعمل بعد الآن".
ويبني إيلان بابيه نظريته في نهاية المشروع الصهيوني بالأساس على عوامل التفكك الداخلي بين المعسكرين العلماني والمتدين التي ستزداد وتتعمق باختبار القوة التي لم تكن في صالح إسرائيل هذه المرة، والضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وفقدان اليقين في استمرارية المشروع نفسه. وهنالك مؤشرات واضحة على تخلخل هذا المشروع من بينها:
انهيار قدرة الجيش الإسرائيلي على حماية المجتمع اليهودي في الجنوب (غزة) والشمال (جنوب لبنان)، وانهيار نظرية "جيش الشعب"، وسقوط خيار الحرب الخاطفة والاستباقية، وأصبحت الحرب بالضرورة داخل العمق الإسرائيلي، بما يمثله ذلك من خسائر. ضغطت الحرب بشدة على المجتمع الإسرائيلي، ويلحظ انتشار حالة من التشاؤم والخوف من المستقبل والقلق الوجودي، ولم يعد المشروع الإسرائيلي جاذبا لمهاجرين جدد، وازدادت معدلات الهجرة العكسية. لم تعد الأجيال الجديدة من اليهود الشباب في إسرائيل والولايات المتحدة (الداعم الأكبر لإسرائيل) مقتنعة بالمشروع الصهيوني مثل آبائهم. وقد تزايد النقد لمشروعية الصهيونية، ومبررات استمرارها باعتبار أن الصهيونية قد حققت هدفها الرئيس، وهو إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. انكشاف الطابع العنصري الوحشي للكيان الإسرائيلي وتجاوزه للأعراف والقوانين الدولية والدعم غير المسبوق للقضية الفلسطينية في العالم، شعبيا والمرور إلى "مرحلة جديدة بتحول الضغط من المجتمعات إلى الحكومات". على المستوى الاقتصادي، باتت الفجوة كبيرة في إسرائيل بين الذين يملكون والذين لا يملكون ويوجد تفاوت بين الأغنياء والفقراء ولولا الدعم الأميركي المستمر لم يكن الاقتصاد الإسرائيلي سيصمد، وفقا لإيلان بابيه. زيادة الشكوك الأميركية في النظر إلى إسرائيل كمشروع في المنطقة لخدمة مصالحها والخلاف المتزايد مع بنيامين نتنياهو في رؤيته للحرب والحل. ويلخص الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة هآرتس أهم مؤشرات الفشل الإسرائيلي أمام الفلسطينيين بقوله: "إنّنا نواجه أصعب شعب في التّاريخ، وعمليّة التدمير الذاتي والمرض السرطاني الإسرائيلي بلغا مراحلهما النهائية، ولا سبيل للعِلاج بالقبب الحديدية ولا بالأسوار، ولا بالقنابل النوويّة".المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: طوفان الأقصى هذا المشروع فی إسرائیل على غزة
إقرأ أيضاً:
أحمد موسى: إسرائيل كيان له أطماع توسعية في المنطقة
علق الإعلامي أحمد موسى، على احتفالات مصر بذكرى تحرير سيناء ، قائلا:" مصر حققت كل أهداف حرب أكتوبر واستردينا الأرض بالحرب والسلام ".
وقال الإعلامي أحمد موسى في برنامجه " على مسئوليتي " المذاع على قناة " صدى البلد"، :" الرئيس السادات لم ينسى القضية الفلسطينية بجانب استرداد أرض سيناء ".
وتابع الإعلامي أحمد موسى :" في عام 1995 كنا هنوصل لحل الدولتين واتعمل مؤتمر السلام في شرم الشيخ ولكن تم اغتيال رابين ".
وأكمل الإعلامي أحمد موسى :" إسرائيل كيان له أطماع توسعية في المنطقة وهذا يظهر فيما يقوم به بالأراضي المحتلة وفي لبنان وسوريا ".
ولفت الإعلامي أحمد موسى :" إسرائيل لن تتوقف عن أطماعها وانا كمواطن مصري لازم اكون شايف ده كويس جدا ".