زايد وزمزم وغلا.. مواهب إماراتية “تستلهم التميز” في الجوجيتسو والفنون القتالية
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
تستعد البطلة الإماراتية زمزم محمد الحمادي، لاعبة منتخب الإمارات للجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة، للمشاركة في البطولات المقبلة من خلال التدريبات المكثفة التي تمارسها في الفترة الحالية.
وعبرت الحمادي الفائزة أخيراً بجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي، والحاصلة على ميداليتين ذهبيتين في بطولة العالم للجوجيتسو للناشئين والشباب عام 2021 و2023، وذهبية بطولة العالم للفنون القتالية المختلطة للشباب في 2023، عن فخرها بوالدتها ” الملهمة” لها ولشقيقها زايد وشقيقتها غلا، للفوز بالكثير من الجوائز المتميزة في البطولات العالمية.
وأضافت: “والدتي تساعدنا كثيراً وتمنحنا الكثير من وقتها لإسداء النصائح وتوجيهنا نحو أفضل الوسائل التي تقودنا إلى التميز الرياضي، من واقع تجربتها الكبيرة في الجودو والجوجيستو، وفخورة بها وبما حققته وقدمته لنا، والدافع الأساسي لحرصي على المنافسة في البطولات هو إهداء الألقاب إلى الوطن ولوالدتي تقديراً لدورها الكبير في وصولي إلى هذه المرحلة من التميز في الجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة”.
ونشأت اللاعبة زمزم في أسرة رياضية، فوالدتها ندى النعيمي بطلة سابقة في الجودو “حزام أسود”، ثم الجوجيتسو “حزام بني” حالياً، كما أن شقيقيها “التوأم” زايد وغلا “14” سنة من أصحاب التميز في حصد الألقاب، لتبلغ إجمالي الميداليات الملونة التي حصلت عليها هذه الأسرة 550 ميدالية في الجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة.
وأثنت اللاعبة زمزم الحمادي 16 عاماً على النجاح الكبير الذي حققته منافسات سلسلة “محاربي الإمارات” 2024 للفنون القتالية المختلطة في نسختيها العربية والدولية بمشاركة نحو 48 مقاتلاً يمثلون نخبة الأبطال حول العالم، وقالت إنها استفادت كثيراً من أداء الأبطال وستحرص على تطبيق ما تعلمته في تلك الجولتين في مشاركاتها المقبلة.
وتوجهت الحمادي بالشكر والتقدير إلى سعادة عبد المنعم الهاشمي، رئيس الاتحادين الإماراتي والآسيوي للجوجيتسو، النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي، على تشجيعه المستمر لكل المواهب ولجميع أبطال وبطلات الإمارات، ودوره المؤثر في التطور الذي حققته رياضة الجوجيتسو، وقالت إن كلماته المحفزة لها أمام البطل العالمي السابق الكندي جورج سانت بيير، شهادة فخر وتقدير لها، خاصة أن إشادته بها ووصفها بكونها بطلة متميزة في الجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة، يحفزها ويعزز شغفها بالمزيد من الانتصارات في البطولات المقبلة.
ووصفت الحمادي حصولها على جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي، بأنها مرحلة استثنائية في مسيرتها الرياضية، وأكبر حافز لها في المرحلة المقبلة، ومسؤولية كبيرة للمحافظة على التميز في المنافسة على الألقاب، معربة عن تقديرها لدعم القيادة الرشيدة لأبطال وبطلات الإمارات وتمكينهم في كل المجالات لرفع علم الدولة في المحافل الخارجية.
بدورها قالت البطلة غلا الحمادي إنها تستمد تميزها في رياضة الجوجيتسو من والدتها التي تعتبر الأساس والمرتكز الكبير في وصولها إلى المنافسة على أفضل المراكز على مستوى البطولات القارية والدولية.
وأضافت: “في كل مشاركة أضع أمامي صورة والدتي الملهمة التي منحتنا الكثير للوصول إلى هذا التميز الرياضي، وأتمنى أن أنجح دائماً في تحقيق الفوز بجميع الاستحقاقات المحلية والعالمية”.
من جهتها عبرت الوالدة ندى النعيمي لاعبة الجودو السابقة والجوجيتسو حالياً عن فخرها وسعادتها بما حققه كل من زمزم وغلا وزايد في المنافسات العالمية خلال المرحلة الماضية، مؤكدة أن طموحها هو وصولهم إلى أفضل المراكز على مستوى العالم انطلاقاً من تميز دولة الإمارات العالمي في رياضتي الجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة.
وأضافت: “هدفي توجيه أولادي إلى خدمة الوطن ووضعه في المقدمة والمراكز الأولى ورفع اسم الإمارات في المحافل الدولية، وأتعامل معهم بمبدأ التشجيع، ولا أتدخل في خياراتهم، وأحرص على مساندتهم والمشاركة معاً في التدريبات، وتوفير جميع المتطلبات التي تساعدهم على التفوق، ورسالتي إلى كل أم أن تحرص على توفير البيئة الملائمة واكتشاف تميز أولادها وغرس روح التحدي والمنافسة في عقولهم وقلوبهم”.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
“التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”
بقلم : سمير السعد ..
في العام 1956، وفي أزقة شعبية تتنفس البساطة والأصالة، ولد أبو الحسن صلاح مهدي، الذي شاءت الأقدار أن يسكن بجوار عميد المسرح الميساني، الراحل عيسى عبد الكريم. كانت حكايات هذا العميد الإبداعية تسري في أجواء الحي، وتسللت إلى خيال الطفل الذي بدأ يتأمل الصور المسرحية ويسكن عوالمها بعيونه الصغيرة.
كان أبو الحسن يؤمن بأن الله قد منح كل إنسان موهبة، تاركًا له حرية أن يبرزها أو يتركها ضامرة. جرّب كرة القدم والرسم، لكنه لم يجد نفسه فيهما. حتى جاءت اللحظة الحاسمة على مقاعد الدراسة المتوسطة، حينما اختاره المخرج مهدي حمدان للمشاركة في عمل مسرحي. كانت تلك اللحظة هي بداية الرحلة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، رحلة مليئة بالشغف والتجدد.
لم تكن تلك البداية إلا محطة أولى في مسيرته. تتلمذ على يد كبار المخرجين مثل رضا جابر، قاسم مشكل، فاضل سوداني، عبد الأمير كاظم، وعبد الجبار حسن، الذين فتحوا له أبواب الإبداع المسرحي. بدأ رحلته كممثل في مسرحيات مثل “فوانيس أمينة”، “محاكمة الرجل الذي لم يحارب”، و”بائع الدبس الفقير”، قبل أن ينتقل إلى أكاديمية الفنون الجميلة، حيث نهل من علم عمالقة المسرح العراقي مثل بدري حسون فريد، جاسم العبودي، سامي عبد الحميد، وحميد محمد جواد.
في الأكاديمية، تألق في أعمال مسرحية عالمية مثل “هاملت”، “مارا صاد”، و”الجبل المهزوم”، مؤكدًا أنه لا يمثل على خشبة المسرح فقط، بل يعيش الدور ويتنفسه.
بعد تخرجه، عاد إلى ميسان ليبدأ تجربة احترافية مليئة بالعطاء في قسم النشاط المدرسي. وكان أول أعماله الإخراجية “الكرماء” عام 1982، مسرحية أثارت جدلًا فكريًا وفنيًا واسعًا، ما رسّخ قناعته بأن المسرح الحقيقي هو الذي يثير الفكر ويدفع المشاهد للتساؤل والتفاعل. ومن هنا ولدت أعماله المتميزة، مثل “من سيرة المدعو حمد”، “لعبة الجد والهزل”، و”عبدول الوالي”.
تميز بإصراره على تقديم شخصياته بمستوى فني عالٍ، سواء من حيث الأداء أو التفاصيل الدقيقة، مثل الملابس والمكياج والإكسسوارات، ما جعله يستحق جوائز عديدة، أبرزها جائزة أفضل ممثل في مهرجان “ينابيع الشهادة” ببابل عن دوره في مسرحية “اللوح الثاني عشر” عام 2014.
لم يكتفِ بصناعة أعمال فنية مبهرة، بل كان دائم الحرص على تمهيد الطريق للأجيال الجديدة. ساهم في نشأة العديد من المبدعين الذين أصبحوا اليوم أعمدة في المشهد المسرحي العراقي، مثل ماجد درندش، علي صبيح، وأحمد شنيشل.
امال في مجال السينما، أثبت أنه وجه مميز يمتلك قدرة استثنائية على تجسيد الشخصيات. شارك في أفلام روائية مثل “ما بعد الحب” و”الأغنية”، وقدم أعمالًا توجيهية للقوات المسلحة خلال أصعب فترات العراق.
من أبرز التجارب المسرحية التي انفرد بها هي “تجربة القصب”، المستوحاة من طبيعة ميسان، التي تزينها نباتات القصب الذهبية. في مسرحية “المعمورة”، تأليفًا وإخراجًا، جعل القصب بطلًا رمزيًا يحمل رسالة العمل.
رغم سنواته الطويلة في المسرح والسينما، لا يزال أبو الحسن صلاح مستمرًا في العطاء. يكتب المقالات المتخصصة، يقيم الورش المسرحية، ويشارك في لجان تحكيم المهرجانات، مؤمنًا بأن الفن رسالة إنسانية لا تنضب.
هكذا، يواصل قطار رحلته، متجاوزًا الحدود الزمنية والعمرية، ليبقى رمزًا حيًا للإبداع والإيثار، وشاهدًا على أن المسرح يمكن أن يكون أكثر من مجرد خشبة؛ إنه حياة تنبض بالإنسانية.
أبو الحسن ، ذلك الفنان الذي لا يكف عن البحث والتجديد، ينظر إلى المسرح على أنه أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية أو منصة لعرض الأفكار. المسرح بالنسبة له رسالة حياة، وساحة للإلهام والتأمل، ومساحة لتفجير القضايا الإنسانية التي تتجاوز حدود المكان والزمان.
في كل مرة يقف فيها على خشبة المسرح، أو يقدم نصًا جديدًا، يحمل في أعماقه هموم الإنسان وآماله. إنه يحرص دائمًا على أن يكون العمل المسرحي صادقًا ومؤثرًا، يجسد الواقع بروح الفن، ويثير في الجمهور مشاعر التساؤل والدهشة.
ما يميزه انه ليس فقط موهبه فذه ، بل إنسانيته العميقة. هو ذلك الفنان الذي يرى النجاح الحقيقي في بناء الآخرين. سواء كان مخرجًا، كاتبًا، أو ممثلًا، كان دائمًا معطاءً، يفتح أبواب الإبداع لمن حوله، ويمنح الفرصة لكل من يؤمن به.
لم يكن مجرد صانع للمسرح، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا لكل من عمل معه. من خلال جهوده في تدريب الشباب، ورعاية المواهب الصاعدة، وضع حجر الأساس لجيل جديد من الفنانين العراقيين الذين حملوا شعلة المسرح إلى أفق جديد.
رغم تقدمه في العمر، فإن لا يعرف للراحة معنى. هو كالنهر المتدفق الذي يروي كل من يقترب منه. إرثه الفني يتجاوز أعماله المسرحية والسينمائية، ليشمل القيم الإنسانية التي زرعها في كل من تعامل معه.
يعرفه الجميع انه ليس مجرد اسم في تاريخ المسرح العراقي، بل هو قصة نضال وجمال، رمز للإبداع الذي لا ينضب، وصورة مشرقة للفن الإنساني. سيرته هي دعوة لكل من يؤمن بالفن، بأن يستمر في العطاء رغم كل الصعاب، وأن يجعل من الفن رسالة للحياة والحب.
في كل محطة من محطات حياته، أثبت أن الإبداع لا عمر له، وأن المسرح هو المساحة التي يعبر فيها الإنسان عن أعماق روحه، وينير بها طريق الآخرين. هذه المسيرة الممتدة، المليئة بالعطاء والإنجاز، هي شهادة حية على أن الفنان الحقيقي يعيش خالدًا في قلوب الناس وفي ذاكرة الأجيال.
اخيرا .. أبو الحسن صلاح مهدي هو أيقونة مسرحية وإنسانية نادرة، تعلمنا من خلاله أن الفن الحقيقي هو الذي يزرع الأمل في النفوس، ويترك بصمة لا تمحى في قلوب كل من يعايش تجربته. إنه ليس مجرد فنان، بل معلم للأجيال، وقصة تلهمنا جميعًا أن نجعل من حياتنا مسرحًا للجمال والإنسانية.
سمير السعد