اليوم الدولي للتعليم.. الأزهر: الإسلام أشاد بالعلم ونوه بمكانة أهله وأعلى قدرهم
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى في اليوم الدولي للتعليم أن الإسلام حثَّ على التعلم والتعليم، وكان أولَ ما نزل من القرآن الحثُّ على ذلك، قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، وفي القرآن سورة باسم سورة القلم، قال تعالى: ﴿ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ [القلم:1].
اليوم الدولي للتعليموأشاد الإسلام بالعلم، ونوَّه بمكانة أهله، وأعلى من قدرهم، ورفع شأن العلم والمعلِّمِ؛ قال تعالى: ﴿يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11].
وإذ يحتفي العالَم اليوم بالتَّعليم؛ فإنَّ الأزهر الشريف يؤكِّد على أنَّ التقدم الحقيقي يكمُنُ في التعليم الجيد البنَّاء، الذي يعمل على بناء الإنسان، وتحقيق تنمية المجتمعات.
وتزامنًا مع انطلاقِ معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024، فإنَّ الأزهر الشريف يبذل الكثير من الجهود لتعزيز التَّعليم في المجتمع، من خلال مئات الإصدارات التي تحثُّ على العلم والتعلم وتعالج أبرز القضايا الفكرية المهمة التي تشغل بال القراء والباحثين وطلَّاب العلم، وتناقش الظَّواهر والقضايا المعاصرة وقضايا الأمة العربيَّة والإسلامية.
استقبل الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، اليوم الأربعاء، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، بجناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
واصطحب وكيل الأزهر، رئيس الوزراء في جولة تفقدية لأركان الجناح المختلفة ومنها ركن الكتب، وركن الفتوى، وركن الخط العربي، ومقر الندوات، بالإضافة إلى مركز بيع الكتب، والذي يضم مئات الكتب فى مختلف فروع المعرفة، فضلًا عن عشرات الإصدارات التى تعرض لأول مرة، وإصدارات مختلفة مطبوعة ومترجمة لأكثر من لغة.
وأشاد رئيس الوزراء، بجناح الأزهر الشريف، وتنظيمه المتميز، مثمنا جهود الأزهر في نشر الفكر الوسطي المستنير، وتيسير الخدمات المقدمة لرواد الجناح، قائلاً «شرفت اليوم بزيارة جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وأدعو الله أن تواصل هذه المؤسسة العريقة نجاحها في نشر الإسلام المستنير في شتى ربوع العالم».
وتشارك مختلف قطاعات وهيئات الأزهر ومراكزه البحثية بمئات الإصدارات العلمية والكتب باللغة العربية واللغات الأجنبية وأنشطة متنوعة بالمعرض، حيث تعالج إصدارات جناح الأزهر أبرز القضايا الفكرية المهمة المعاصرة التي تشغل بالَ الباحثين وطلاب العلم، وتواجه المفاهيم المغلوطة، كما يجيب علماء الأزهر والواعظين والواعظات على أسئلة الجمهور ورواد الجناح في المسائل الدينية، وتضطلع الندوات الثقافية بالجناح بدور بارز في تقديم مناقشة فكرية عميقة بمشاركة كبار العلماء والمفكرين والكُتاب.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر مركز الازهر العالمي للفتوى اليوم الدولي للتعليم معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024 القاهرة الدولی الأزهر الشریف جناح الأزهر
إقرأ أيضاً:
محمد بن يزيد المبرّد
ولد الشاعر واللغوي والنحوي الكبير "محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي" في البصرة عام 210 للهجرة، ويعود محمد بن يزيد في جدوره إلى (مُقاعس) إحدى قرى الباطنة، سافر أهله إلى البصرة التي كانت في تلك الفترة عاصمة الفكر والثقافة والاقتصاد، حيث كانت البصرة تضم بين أروقة مساجدها عددا كبيرا من حلقات العلم، وكان علماء وأدباء البصرة قد تصدروا العلماء والأدباء، وصارت لهم رئاسة العلم في العالم الإسلامي، وكانت العديد من العائلات في شبه الجزيرة وبلاد فارس تهاجر للبصرة للاشتغال في التجارة، وتحصيل العلم ومجالسة العلماء.
كان محمد بن يزيد الأزدي حافظًا لأشعار العرب، ونبغ في علم النحو، وامتلك مهارة في المناظرة والحِجَاج، وكان لا يناظر أحد إلا غلبه، فلقبه أستاذه المازني بالمُبَرِّد أي المثبت للحق، وسبب في هذا اللقب أن المازني حين كتب كتاب "الألف واللام"، أخذ يناقش تلميذه محمد بن يزيد في كثير مما جاء في الكتاب، وكان المبرد يجيبه على كل ما يسأله، فلقبه بالمبرد. أي أن جوابه يُبَرد القلب، ويبعث فيه الطمأنينة. ويقدم السيوطي سببًا آخر لتسمية محمد بن يزيد بالمُبَرِّد، فيقول" لأنه كان يسكت مخالفيه بالحجة الدامغة، فكأن الحيرة والجهل نار تشتعل في صاحبها، فإذا جاءه برد اليقين والعلم تبرد به". أما المُصْحَفِّيُّ فيقول:" إن المبرَّد بفتح الراء، لحسن وجهه، ويقال رجل مُبَرَّد ومُقَسَّم ومُحَسَّن إذا كان حَسُنَ الوجهِ".
تعلم محمد بن يزيد الأزدي في طفولته القرآن والحساب وعلوم اللغة على يد معلمي الكتاتيب في البصرة، ووجدت أسرته فيه ذكاء متقد ولديه رغبة شديدة لتحصيل العلم، فجعلته يتفرغ للدراسة والقراءة على يد مجموعة من علماء البصرة من أمثال: بكر بن محمد بن عثمان البصري المازني، وصالح بن إسحاق البصري، وأبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان الجشمي وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وإبراهيم بن سفيان الزيادي، والعباس بن الفرج الرياشي. وقرأ على يديهم مجموعة من كتب النحو مثل كتاب سيبويه، وكتب الخليل بن أحمد الفراهيدي.
اشتهر المبرد أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي ببلاغته وحسن جوابه، ونجابة تصرفه في المواقف وكان المبرد يحب أن يستعرض مهاراته في الجدال وتقديم الحجج والأدلة على صحة رأيه، فيدخل في نقاشات نحوية كثيرة مع شيخ علماء الكوفة النحوي أبي العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الشيباني المعروف بلقب ثعلب، ويكنى بأبي العباس، وهو إمام المدرسة الكوفية في النحو، والمبرد إمام المدرسة النحوية البصرية، وكان ثعلب يتحاشى المبرد، ويتجنب الدخول معه في أي حوارات؛ لأن المبرد يمتلك مهارة الجدال ولديه سرعة بديهة في الرد، وكثيرا ما كان ينتصر عليه مما يسبب لثعلب الإحراج بين طلابه. وحكى أبو بكر بن السراج عن محمد بن خلف، قال: كان بين أبي العباس المبرد وأبي العباس ثعلب من المنافرة ما لا خفاء به؛ ولكن أهل التحصيل يفضلون المبرد على ثعلب، وفي ذلك يقول أحمد بن عبد السلام:
رأيت محمد بن يزيد يسمو... إلى الخيرات في جاه وقدر
جليس خلائف وغذيّ ملكٍ... وأعلم من رأيت بكل أمر
وكان الشعر قد أودى فأحيا... أبو العباس دارس كل شعر
وقالوا ثعلب رجلٌ عليم... وأين النجم من شمس وبدر!
وقالوا ثعلبٌ يفتي ويملي... وأين الثعلبان من الهزبر!
وبالإضافة إلى ما تميز به المُبرِّد من فصاحه وبيان، عرف عنه أنه صاحب خط جميل، قال عنه القَفْطِّي:" كان أبو العباس محمد بن يزيد من العلم، وغزارة الأدب، وكثرة الحفظ، وحسن الإشارة، وفصاحة اللسان، وبراعة البيان، وملوكية المجالسة، وكرم العشرة، وبلاغة المكاتبة، وحلاوة المخاطبة، وجودة الخط، وصحة القريحة، وقرب الإفهام، ووضوح الشرح، وعذوبة المنطق، على ما ليس عليه أحد ممن تقدمه أو تأخر عنه".
يعد كتاب المبرد الكامل في اللغة والأدب، أحد ركائز علوم اللغة العربية وأحد أسباب تطور علومها، قال عنه عبد الرحمن بن محمد بن خلدون:" وقد سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين: وهي أدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب الكامل للمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى ذلك فتبع لها وفروع عنها". وكان طلاب العلم يحرصون على دراسته ومناقشة ما جاء فيه من معلومات ودارستها، قال عن ذلك القاضي الفاضل: " طالعته سبعين مرة، وكل مرة ازداد منه فوائد". ولا يتخرج طالب العلم إلا بعد أن قرأ كتاب الكامل ووعى ما فيه من علوم ومعارف.
يكشف الكتاب الكثير من جوانب المبرد الثقافية، فالكتاب يعكس موسوعية المبرد وثقافته الواسعة، وذخيرته الفكرية، ليخلد هذا الكتاب وغيره من مؤلفات المبرد في التاريخ الإنساني، وتجعل من المبرد علامة فارقة في علوم اللغة العربية.
قرر المبرد التفرغ لتدريس طلاب العلم، فتعلم على يديه مجموعة كبيرة من محبي النحو والأدب العربي، وكانت الرحال تُشَقُ إليه، والنفوس المحبة للمعرفة تهفو إليه، وتخرج على يدي المبرد مجموعة كبيرة من العلماء ممن لهم إسهامات جليلة في الحقل المعرفي، من أبرزهم إبراهيم الزَجَّاج البغدادي النحوي، الذي يُعَد أحد أبرز علماء اللغة وصاحب وزير المعتضد بالله، عبيدالله بن سليمان بن وهب، وله مؤلفات أهمها كتاب الأنواء، وكتاب العروض، ووكتاب القوافي، وكتاب خلق الإنسان. وممن تعلم على يد المبرد محمد بن السَّري بن سهل ويعرف بابن السرَّاج، الذي تولى رئاسة العلم بعد المبرد، وكتب كتاب الأصول في النحو. ومحمد بن أحمد بن كِيسان أبو الحسن النحوي، أحد أبرز علماء النحو في بغداد جمع بين آراء المدرستين البصرية والكوفية، كتب كتاب المسائل على مذهب النحويين مما اختلف فيه البصريون والكوفيون، قال عنه أبو حيان التوحيدي: "ما رأيت مجلسا أكثر فائدة وأجمع لأصناف العلوم وخاصة ما يتعلق بالتحف والطرف والنتف من مجلس ابن كِيسان". وقال أبو بكر مجاهد عن أبي الحسن كيسان" أبو الحسن بن كيسان أنحى من الشيخين يقصد المبرد وثعلب". وممن نال شهرة واسعة من تلامذة المبرد أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل العسكري، شرح مؤلفات سيبويه والأخفش وكتب كتاب النحو المجموع على العلل وكتاب شرح الكتاب الأوسطي. ومن تلامذة المبرد النجباء إبراهيم بن محمد الكلابزي، الذي لمع نجمه في العلم والأدب وتولى قضاء الشام.
ترك المبرد أكثر من أربعين مصنفا بعضها لا زال موجودا طبع أكثر من مرة مثل كتاب المقتضب وكتاب المقصور والممدود وكتاب المذكر والمؤنث وكتاب طبقات النحويين البصريين وأخبارهم وكتاب شرح لامية العرب وكتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد. أما الكثير من كتب المبرد فلا تزال مفقودة.
توفي المبرد بعد حياة حافلة غنية بالعلم والمعرفة في عام 285 هـ ودفن في مقابر باب الكوفة ببغداد. قال عنه البحتري:
ما نالَ ما نالَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ إِلّا بِيُمنِ مُحَمَّدِ بنِ يَزيدِ
وَبَنو ثُمالَةَ أَنجُمٌ مَسعودَة فَعَلَيكَ ضَوءُ الكَوكَبِ المَسعودِ
شَفَعَت خُراسانُ العِراقِ بِزَورَةٍ مِن زائِرٍ طَرِفِ اللِقاءِ جَديدِ
ذاكَ المُبارَكُ خِلَّةٌ وَلَرُبَّما مُنِيَ الجَليلُ بِأَشأَمٍ مَنكودِ
أما العالم الكبير ثعلب فلقد قال حين بلغه موت المبرد:
ذهب المبرد وانقضت أيامه... وليذهبن مع المبرد ثعلبا
بيتٌ من الآداب أضحى نصفه... خربًا وباقي النصف منه سيخرب
فتزدوا من ثعلب فبكأس ما... شرب المبرد عن قريب يثرب
أوصيكمو أن تكتبوا أنفاسه... إن كانت الأنفاس مما يكتب