حاكم الشارقة والخط المباشر.. علاقة بين الحاكم والرعية
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
محمد حسن خلف *
لا أزال أتذكرها جيداً، وكيف أنساها تلك اللحظة، في يوم الاثنين التاسع من يناير من العام ٢٠١٢. كنت في استوديو الخط المباشر أدير حواراً مع ضيفي الدكتور المهندس خليفة بن مصبح الطنيجي وكان يومها يترأس دائرة الإسكان في الشارقة، وبينما كنا نتلقى الاتصالات ويرد ضيفي على ملاحظات المتصلين وشكاواهم، إذا بمخرج البرنامج يخبرني أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يود أن يتداخل عبر الهاتف ليجيب عن بعض الاستفسارات ويوضح بعض النقاط المتعلقة بمشاكل الإسكان.
لم يكن من السهل عليّ في تلك اللحظة أن أتصور الموقف، ولم تسعفني الكلمات يومها حتى لمجرد استقبال الاتصال والترحيب بسموه، إلا أن مداخلته وأذكرها جيداً بعثت الطمأنينة والسكينة في قلبي وقلب ضيفي، وكان يومها وهو كذلك في كل مداخلاته العفوية الارتجالية حتى الوقت الراهن يختار مفرداته وعباراته بعناية من غير تكلف ولا تعقيد ليوصل رسائله الأبوية، وتتلقفها قلوب المستمعين والمشاهدين قبل آذانهم، بل باتوا ينتظرونها بين الفينة والأخرى، حتى إذا تأخرت عليهم وافتقدوها، تتابعت رسائلهم النصية القصيرة عبر البرنامج مناشدة أن لا ينقطع عنهم، وأن تظل هذه العلاقة قائمة بينه وبينهم عبر صوته الأبوي الحاني.
أما رسائل الجمهور التي تتلو مداخلات سموه فهي قصة أخرى، أقل ما يقال عنها إنها تُظهر العلاقة الحميمية والمحبة الصادقة التي يكنها الناس في قلوبهم لوالدهم، بل إن هذه العلاقة توطدت وازدادت، فلك أن تتخيل أن المتصلين أصبحوا لا يخاطبوننا نحن مقدمي البرنامج، بل يوجهون حديثهم ونداءاتهم مباشرة إلى سموه، فهم على يقين من أنه يستمع إليهم، بل وأكاد أجزم أنه لا يوجد برنامج آخر، في أي وسيلة إعلام أخرى، بأي لغة كانت، يخاطب فيه الجمهور الحاكم مباشرة، وهم على ثقة بأن الجواب سيصلهم حتى قبل أن ينهوا اتصالهم، وكثيراً ما أرد على بعضهم قائلًا: «سنقوم بالاتصال بالجهة المعنية أو الدائرة أو الوزارة المختصة»، فيقول المتصل أو المتصلة: أنا أريد أن يصل صوتي إلى صاحب السمو، وما هي إلا لحظات حتى يأتي الجواب من سموه.
إن ما يقوم به صاحب السمو من خلال تواصله المباشر مع رعيته من الجمهور على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، بشكل عفوي ومن غير مواعيد مسبقة ولا محاور متفق عليها، وحديثه المباشر مع كل أطياف المجتمع كبيرهم وصغيرهم، مواطنهم ومقيمهم، واختياره الموضوعات والرسائل التي يوجهها للجمهور، وانتقائه المفردات التي تناسب كل طبقات المجتمع ومستوياته الثقافية والعلمية، يعتبر ظاهرة يجب أن تُدرّس في كليات ومعاهد ودورات الاتصال الحكومي والجماهيري، وهي ممارسة عملية، لكل نظريات الاتصال مع الجمهور.
وفي العام الماضي لوحده، تداخل صاحب السمو حاكم الشارقة حفظه الله مع البرنامج 15 مرة تنوعت ما بين الموضوعات الاجتماعية والحديث عن المشاريع التنموية في مختلف مدن ومناطق الإمارة، ومشاريع الإسكان والزراعة والرعي، والقضايا الرياضية ومشكلات التعليم، هذا بخلاف حديث سموه عن مؤلفاته التاريخية والأدبية وحديثه المتواصل عن قضايا اللغة العربية. وكعادته حفظه الله لا ينهي اتصاله قبل أن يوجه رسائله الأبوية ونصائحه لكل فئات المجتمع، وعادة ما تكون في المحافظة على الدين والأخلاق وقراءة القرآن والتمسك بالقيم والمحافظة على الهوية الوطنية وحب الوطن، ينقلها لهم بحسه المرهف وصوته الأبوي الدافئ الحنون، وكأني أرى تأثر المستمعين والمشاهدين بها رأي العين، وكأني بأعينهم تذرف الدموع تأثراً ومحبة، تعبر عنها رسائلهم النصية أو حتى اتصالاتهم.
إن القضايا المطروحة في برنامج الخط المباشر لا تجد تفاعل صاحب السمو معها عبر الاتصال والتعليق فحسب، وإنما كثيراً ما يردد مقدمو البرنامج عبارة: «صاحب السمو استمع لمشكلتك ويسلم عليك، ويقول لك لا تقلق، مشكلتك ستحل فوراً»، أو ربما يتداخل المسؤولون للإعلان عن توجيه سموه بحل إشكالية طرحها أحد أفراد الجمهور، ويكفينا أن نعرف أن عدد حلقات برنامج الخط المباشر في عام واحد فقط (٢٠٢٣) بلغ ١٨٣ حلقة، جاءت توجيهات صاحب السمو وتداخلاته وتفاعله فيها بما يزيد على ١٠٠ توجيه ومداخلة.
حقاً إنها حصيلة كبيرة ورسائل واضحة يوجهها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حفظه الله ورعاه، من خلال تفاعله مع مختلف فئات مجتمعه عبر برنامج مباشر، ما كان ليلقى هذا النجاح والرواج والإقبال عليه لولا تفاعل سموه مع قضايا الناس، فاللهم احفظ لنا سلطان الخير وبارك في عمره وعمله، وارفع في قلوبنا منزلته ومحبته، كما رفع قدرنا وزادت في قلبه محبتنا.
* المدير العام لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات
إقرأ أيضاً:
سلطان يفتتح المباني الجديدة لـ «الشارقة للخدمات الإنسانية» (فيديو)
الشارقة: «الخليج» تخصيص المساحة الخلفية والمنطقة الواقعة في شمال المدينة وضمها لتعود ملكيتها لها
أشاد صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بجهود القائمين على «مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية»، ومستواها الراقي والتخصصي، حيث تقترب من عامها ال50. مثمناً سموّه سعي الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، رئيسة المدينة، وجهدها الكبير في تأسيسها بعد دراستها في الولايات المتحدة، وتخصصها في المجال.
جاء ذلك خلال افتتاح صاحب السموّ حاكم الشارقة، المباني الجديدة للمدينة، صباح الإثنين، في منطقة براشي، وتأتي ضمن المرحلة الأولى للمدينة وتبلغ مساحتها 100 ألف متر مربع، وتعكس مفهوم المدينة لمجتمع متجانس ضمن مجمع متكامل يتضمن بيئة تعليمية وتأهيلية دامجة للجميع وفق أفضل الممارسات العالمية.
وأشاد سموّه، بالمنشآت والمرافق والتنسيق الجميل للمباني التي تُلبي متطلبات منتسبي المدينة، مثمناً النشاط المتسارع في علاج الحالات التي يصعب على أبرز المؤسسات العلاجية التعامل معها.
وشدد سموّه، على أهمية توسع المدينة وتضاعف مساحتها الواقعة على شارع الإمارات، مشيراً إلى أن التوسع لا يقتصر على المؤسسات العلاجية، بل يشمل سكن الموظفين ليكونوا قريبين من المدينة، والوصول إلى المراكز يسيراً.
ووجه سموّه، بتخصيص المساحة الخلفية والمنطقة الواقعة في جهة الشمال للمدينة وضمها لتعود ملكيتها للمدينة، وتُبنى عليها مستقبلاً المباني ذات الخدمات المباشرة لعلاجات مختلف حالات ذوي الإعاقة، سعياً لتصبح المدينة ضمن مصاف المؤسسات العالمية التي تُقدم الخدمات لذوي الإعاقة، وتُعالج الحالات التي يصعب التعامل معها.
وأوضح سموّه، بأن أعداد طلبات الانتساب للمدينة في تزايد مستمر، مؤكداً أنه دليل على جودة الخدمات المقدمة والسمعة الطيبة التي جاءت بفضل جهود القائمين عليها برئاسة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي وفريق عملها، والخيّرين من المؤسسات والأفراد الذين يسهمون بتبرعاتهم في تشييد المباني المختلفة، والحكومة تتكفل بالمصاريف التشغيلية للمدينة.
ووجه سموّه، الشكر للجهات والمؤسسات الحكومية على التعاون الكبير مع المدينة، مشدداً على ضرورة استمرار التعاون لإكمال الصورة الجميلة للمباني الجديدة بتشجير الطرق والمنطقة المجاورة وإزالة حواجز الكهرباء، لتوفير بيئة مثالية للطلبة والزائرين ومنظر يسر الناظرين.
وثمّن صاحب السموّ حاكم الشارقة، تبرع «مؤسسة القلب الكبير» بمبلغ 44.4 مليون درهم لتشييد المركز العلاجي في المدينة، وستبلغ مساحته 8188 متراً مربعاً، بطاقة استيعابية 2800 مستفيد، وتأتي ضمن المرحلة الثانية من مشروع مرافق المدينة.
واختتم سموّه، كلمته متمنياً التوفيق لجميع القائمين على مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في توفير خدمات علاجية متميزة لأصحاب الإعاقة، والاستمرار في التميز ومضاعفة الجهود لتكون المدينة الأولى في احتواء أصحاب الإعاقة.
وكان صاحب السموّ حاكم الشارقة، قد أزاح الستار عن اللوحة التذكارية إيذاناً بافتتاح المباني الجديدة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وتضم في مرحلتها الأولى «مركز الشارقة للتوحّد» و«مدرسة الوفاء لتنمية القدرات»، والمبنى الإداري، ويستفيد منها 3000 شخص بواقع 1287 متلقياً للخدمة اليومية، و1159 مستفيداً من المركز العلاجي. وتعتمد المباني الجديدة على مبادرات ابتكارية ترتكز على منهجية البحث العلمي وتتماشى مع أحدث الممارسات العالمية، وتتميز بكونها صديقة للبيئة وموائمة لأحدث التقنيات، وتحقق معايير التصميم الشامل لتوفير بيئة دامجة وميسرة.
وتجول صاحب سموّه، في أقسام «مركز الشارقة للتوحّد» الذي يقدم خدماته لذوي اضطراب طيف التوحّد، وفق أفضل الممارسات، وتبلغ طاقته الاستيعابية 120 طالباً وطالبة، ويقع على مساحة 4934 متراً مربعاً، متعرفاً سموّه إلى الجهود والمهارات التي تمتلكها الكوادر التدريسية في المركز، ملتقياً الطلبة ومشاهداً التطبيقات العملية للدروس في الفصول المتخصصة مثل الفنون والموسيقى والمهارات الحياتية والقاعة الرياضية والمكتبة.
وانتقل سموّه، إلى «مدرسة الوفاء لتنمية القدرات»، التي تبلغ طاقتها الاستيعابية 352 طالباً وطالبة من ذوي الإعاقة الذهنية، وتقدم لهم الخدمة والبرامج المتخصصة وفق أفضل وأحدث الممارسات، متجولاً سموّه، في المبنى، مشاهداً الفصول الدراسية وغرف العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي والإعاقات الشديدة التي توفر بيئة تعليمية جاذبة تتماشى مع مبادئ التعلم، ما يسهم في خلق بيئة دامجة وميسرة وفق أعلى المعايير العالمية.
وعرج صاحب السموّ حاكم الشارقة، على المبنى الإداري للمدينة الذي يضم المكاتب الإدارية وقاعات الاجتماع وقاعات متعددة الأغراض، ملتقطاً مع موظفي المدينة صورة تذكارية. ويأتي تصميم المباني الجديدة ليعكس أهمية تلبية احتياجات الأفراد بشكل يتوافق مع المضمون العميق والنبيل للخدمات الإنسانية المقدمة، وتقديم خطط استراتيجية لمواكبة التطور المستقبلي، حيث صُمم المشروع بالاعتماد على البحث العلمي وأفضل الممارسات في التصميم الهندسي والعمليات التشغيلية للتعليم والتأهيل والخدمات المساندة.
واستمع سموّه، إلى شرحٍ عن الخطط التوسعية المستقبلية للمدينة بمراحلها المختلفة. وتضم المرحلة الثانية مبنى مركز التدخل المبكّر الذي يقدم الخدمات التخصصية للأطفال من عمر الولادة إلى 5 سنوات، ومدرسة وروضة الأمل للصمّ التي تقدم خدماتها وبرامجها للطلبة الصمّ وضعاف السمع، ومركز مسارات للتطوير والتمكين ويستفيد من خدماته الشباب من ذوي الإعاقة الراغبين في التدريب المهني والاستقلاليّة.
كما تضم المرحلة الثانية، مباني العيش المُستقل وتكون خدماتها مخصصة للبالغين من ذوي الإعاقة الراغبين في خوض تجربة العيش المستقل، ويعدّ المشروع فريداً في المنطقة، ويسهم في بناء مجتمع دامج ومستدام لذوي الإعاقة، ويدعم آلاف الأسر والأطفال والطلبة في تحقيق الاستقلالية والتمكين في المجتمع.
ووجهت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، أسمى آيات الشكر والعرفان إلى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي كان وما زال المناصر والداعم لحقوق ذوي الإعاقة.
وأضافت «مباني المدينة الجديدة، إنجاز لا يخص المدينة وحدها، بل هو إنجاز لإمارة الشارقة ودولة الإمارات، وما كانَ له أن يتمَّ لولا فضل الله سبحانه، ودعم صاحب السموّ حاكم الشارقة، وقرينته سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، واهتمامهما بذوي الإعاقة وحرص سموّهما على تقديم أفضل وأحدث الخدمات لهم ولأسرهم، ما يأتي في إطار حرصهما على أبناء المجتمع كافة، ما يسهم في التقدم والإزدهار والريادة في الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة، والوعي المجتمعي بحقوقهم وقضاياهم».
وأكدت أن المدينة تولي أهمية كبيرة لوضع الخطط المرحلية والاستراتيجية الكفيلة بتحقيق أفضل النتائج، ويأتي التعليم في مقدمتها، حيث تواكب في هذا السبيل أحدث ما تم الوصول إليه وفق أفضل الممارسات العالمية.
وتحرص المدينة على تقديم الخدمات المتكاملة منذ بداية مسيرتها في عام 1979، بالتوسع في تقديم الخدمات، وتأسيس وافتتاح فروع ومراكز جديدة للمدينة، حيث تضم المدينة 13 مركزاً متخصصاً، ولها 3 فروع في مدن خورفكان والذيد وكلباء، وتقديم الخدمات الحديثة والمتطورة، وتأسيس بنية تحتية متكاملة تضمن انسيابية العمل وجودة الخدمات المقدمة.
ورسخت المدينة بفضل رعاية صاحب السموّ حاكم الشارقة، مكانتها الريادية محلياً وإقليمياً وعالمياً، عبر مسيرتها في تحقيق رؤيتها بأن تكون مؤسسة رائدة في احتواء ومناصرة وتمكين ذوي الإعاقة في دولة الإمارات والوطن العربي والعالم.
رافق صاحب السموّ حاكم الشارقة في الجولة: الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، رئيس مجلس إدارة جمعية الشارقة الخيرية، وعدد من كبار المسؤولين رؤساء الدوائر والهيئات الحكومية، وموظفي المدينة.
الصورة
الصورة
الصورة
الصورة