تعد مذبحة "بلان دي سانشيز" التي جرت في غواتيمالا في 18 يوليو 1982 وقتل خلالها أكثر من 250 مدنيا من السكان الأصليين نموذجا للدكتاتورية الوحشية التي رعتها الولايات المتحدة.

إقرأ المزيد فاطمة الجزائرية أمام جان دارك الفرنسية!

المذبحة جرت خلال أعنف مراحل الحرب الأهلية الغواتيمالية بداية الثمانينيات، وفيها استهدفت "فرق الموت" الحكومية الغواتيمالية المسنودة من قبل الولايات المتحدة قرية بلان دي سانشيز الواقعة وسط البلاد تقريبا والتي يسكنها هنود "آشي مايا".

معظم الضحايا الذين سقطوا في تلك المذبحة من النساء والأطفال، أما سببها فيتمثل في اشتباه السلطات الحكومية في أن سكان القرية يؤوون أو يدعمون أفرادا من حرب العصابات التابعين لحركة يسارية متمردة.

في تلك الفترة شنت القوات الحكومية مدعومة بتشكيلات شبه عسكرية حملة عنيفة في مختلف أرجاء البلاد، وتمكنت من إخماد التمرد باستخدام سياسة الأرض المحروقة بما في ذلك قتل السكان الأبرياء.

بعد المذبحة:

بعد أن قتل الأبرياء في المذبحة هُجرت القرية لعدة سنوات، وهُدد الناجون من سكانها بأن أعمالا انتقامية ستنفذ ضدهم إذا هم أبلغوا عما جرى، أو كشفوا موقع المقابر الجماعية التي أجبروا على حفرها، وهكذا لعدة سنوات لم يسمع أحد بهذه الجريمة.

بعد استقرار الأمور وتغير الظروف أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات في غواتيمالا، تجرأ بعض الناجين وكسر جدار الصمت، فانتشرت أخبار تلك المجزرة.

تم فتح القضية ووجهت اتهامات للسطات في عام 1992، وانطلق تحقيق جنائي في عام 1993، قوبل بالعديد من العقبات الإجرائية ومحاولة عرقلة العدالة، بما في ذلك ما عرف بقانون المصالحة الوطنية الذي منح المجرمين المشتبه بهم العفو.

بسبب ذلك تم اللجوء إلى لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان وتقديم شكوى إليها في هذه القضية، ثم أحيلت ملفات القضية على محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان التي بدورها أصدرت في عام 2004 حكمين حددت فيهما مسؤولية سلطات غواتيمالا في القضية، وأمرت بمجموعة واسعة من أشكال التعويض النقدي والمعنوي والرمزي للناجين وأقرباء الضحايا.

وفي التفاصيل، أمرت المحكمة بتعويض جميع الناجين من المذبحة وأقارب الضحايا، بدفع الحكومة الغواتيمالية تعويضات بقيمة تتجاوز السبعة ملايين دولار، وهي أعلى قيمة من نوعها في تاريخ هذه المحكمة.

علاوة على التعويض المادي، أمرت المحكمة السلطات الغواتيمالية بالوفاء بالتزاماتها القانونية، وبتنفيذ مشاريع البنية التحتية المختلفة في المنطقة.

أما القضاء المحلي فقد أدان في نهاية المطاف خمسة أعضاء من المنظمة شبه العسكرية "باترولاس دي أوتوديفينسا سيفيل"، بتهمة المشاركة في القتل في مذبحة عام 1982، وحُكم في 21 مارس 2012 على كل واحد من هؤلاء الخمسة بالسجن 7710 سنوات.

هكذا طويت صفحة هذه القضية من دون أن يزعج أحد الولايات المتحدة أو يلفت إلى دورها المباشر في دعم السلطات الفاشية في غواتيمالا وقت المجزرة، كما لم تُمس الذراع الأمريكية الاحتكارية المخيفة "شركة الفاكهة المتحدة"، الحاكم الفعلي للبلاد، وعولجت المذبحة بدفع التعويضات وجبر الخواطر.

 ما علاقة الولايات المتحدة بما كان يجري؟

غواتيمالا الأكثر اكتظاظا بالسكان في جمهوريات أمريكا الوسطى، دولة زراعية بأوضاع اقتصادية متخلفة، فيما تربتها وظروفها المناخية مواتية لزراعة المحاصيل الاستوائية، وخاصة البن والموز والقطن وقصب السكر.

لهذا البلاد أيضا موارد غابية كبيرة، وتوجد به أنواع الأشجار القيمة الفريدة من نوعها، كما تم اكتشاف رواسب من الرصاص والكروم والزئبق والنحاس والزنك والمنغنيز والأنتيمون والحديد والفحم والكوارتز والرخام في البلاد؛ ويعتقد بوجود النفط في باطن أراضيه.

الاحتكارات الأمريكية مدت مخالبها إلى غواتيمالا في نهاية القرن التاسع عشر، ونظمت انقلابا عسكريا في عام 1898، وجرى تأسيس ديكتاتورية وحشية تمت المحافظة عليها بمر الزمن بالقوة الغاشمة.

مع الزمن تزايدت هيمنة رأس المال الأمريكي في الاقتصاد الغواتيمالي، وأطلقت شركة الفاكهة المتحدة، التي أصبحت فعليا الحاكم الحقيقي للبلاد، يدها في جميع المجالات، وهي لم تسيطر فقط على 95 ٪ من مزارع الموز، بل واستولت على السكك الحديدية والموانئ وخطوط الهاتف والتلغراف الدولية والنقل البحري، ووصل بها الأمر إلى تشكيل قوة شرطة خاصة بها.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أرشيف الولایات المتحدة فی عام

إقرأ أيضاً:

ترامب: اصنعوا منتجاتكم في الولايات المتحدة وإلا ستواجهون الرسوم الجمركية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حضر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إمكانية فرض بعض التعريفات الجمركية على مجموعة واسعة من السلع.

وخلال حديثه المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي الخامس والخمسين في دافوس، قال: “إذا لم تصنع منتجك في أمريكا، وهو حقك، فسوف تضطر بكل بساطة إلى دفع رسوم جمركية”.

واضاف أن هذه التعريفات ستأتي "بمبالغ مختلفة"، لكنها ستوجه مئات المليارات من الدولارات، إن لم يكن تريليونات الدولارات، لتعزيز الاقتصاد وسداد الديون.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة ترحّل مئات المهاجرين غير النظاميين
  • بدء عمليات طرد جماعي لمهاجرين في الولايات المتحدة
  • الخارجية الأمريكية تجدد تأكيد دعم الولايات المتحدة الثابت لإسرائيل
  • الولايات المتحدة توقف 538 مهاجرا غير نظامي
  • ترامب: اصنعوا منتجاتكم في الولايات المتحدة وإلا ستواجهون الرسوم الجمركية
  • الحكومة اليمنية: نرحب بقرار الولايات المتحدة الأمريكية تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية أجنبية
  • الخطوات التي ستتخذها الحكومة الأمريكية بعد تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية
  • السلطات الأمريكية تبدأ اعتقال «المهاجرين غير الشرعيين» وعشرات الولايات تطعن بقرار لـ«ترامب»
  • الفريق أول شنقريحة: نتعاطف مع الولايات المتحدة الأمريكية جراء حرائق كاليفورنيا
  • تشاد تطوي صفحة المرحلة الانتقالية بفوز ساحق للحزب الحاكم