صفحة المجزرة طويت ولم يزعج أحد الولايات المتحدة الأمريكية
تاريخ النشر: 18th, July 2023 GMT
تعد مذبحة "بلان دي سانشيز" التي جرت في غواتيمالا في 18 يوليو 1982 وقتل خلالها أكثر من 250 مدنيا من السكان الأصليين نموذجا للدكتاتورية الوحشية التي رعتها الولايات المتحدة.
إقرأ المزيد فاطمة الجزائرية أمام جان دارك الفرنسية!المذبحة جرت خلال أعنف مراحل الحرب الأهلية الغواتيمالية بداية الثمانينيات، وفيها استهدفت "فرق الموت" الحكومية الغواتيمالية المسنودة من قبل الولايات المتحدة قرية بلان دي سانشيز الواقعة وسط البلاد تقريبا والتي يسكنها هنود "آشي مايا".
معظم الضحايا الذين سقطوا في تلك المذبحة من النساء والأطفال، أما سببها فيتمثل في اشتباه السلطات الحكومية في أن سكان القرية يؤوون أو يدعمون أفرادا من حرب العصابات التابعين لحركة يسارية متمردة.
في تلك الفترة شنت القوات الحكومية مدعومة بتشكيلات شبه عسكرية حملة عنيفة في مختلف أرجاء البلاد، وتمكنت من إخماد التمرد باستخدام سياسة الأرض المحروقة بما في ذلك قتل السكان الأبرياء.
بعد المذبحة:
بعد أن قتل الأبرياء في المذبحة هُجرت القرية لعدة سنوات، وهُدد الناجون من سكانها بأن أعمالا انتقامية ستنفذ ضدهم إذا هم أبلغوا عما جرى، أو كشفوا موقع المقابر الجماعية التي أجبروا على حفرها، وهكذا لعدة سنوات لم يسمع أحد بهذه الجريمة.
بعد استقرار الأمور وتغير الظروف أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات في غواتيمالا، تجرأ بعض الناجين وكسر جدار الصمت، فانتشرت أخبار تلك المجزرة.
تم فتح القضية ووجهت اتهامات للسطات في عام 1992، وانطلق تحقيق جنائي في عام 1993، قوبل بالعديد من العقبات الإجرائية ومحاولة عرقلة العدالة، بما في ذلك ما عرف بقانون المصالحة الوطنية الذي منح المجرمين المشتبه بهم العفو.
بسبب ذلك تم اللجوء إلى لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان وتقديم شكوى إليها في هذه القضية، ثم أحيلت ملفات القضية على محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان التي بدورها أصدرت في عام 2004 حكمين حددت فيهما مسؤولية سلطات غواتيمالا في القضية، وأمرت بمجموعة واسعة من أشكال التعويض النقدي والمعنوي والرمزي للناجين وأقرباء الضحايا.
وفي التفاصيل، أمرت المحكمة بتعويض جميع الناجين من المذبحة وأقارب الضحايا، بدفع الحكومة الغواتيمالية تعويضات بقيمة تتجاوز السبعة ملايين دولار، وهي أعلى قيمة من نوعها في تاريخ هذه المحكمة.
علاوة على التعويض المادي، أمرت المحكمة السلطات الغواتيمالية بالوفاء بالتزاماتها القانونية، وبتنفيذ مشاريع البنية التحتية المختلفة في المنطقة.
أما القضاء المحلي فقد أدان في نهاية المطاف خمسة أعضاء من المنظمة شبه العسكرية "باترولاس دي أوتوديفينسا سيفيل"، بتهمة المشاركة في القتل في مذبحة عام 1982، وحُكم في 21 مارس 2012 على كل واحد من هؤلاء الخمسة بالسجن 7710 سنوات.
هكذا طويت صفحة هذه القضية من دون أن يزعج أحد الولايات المتحدة أو يلفت إلى دورها المباشر في دعم السلطات الفاشية في غواتيمالا وقت المجزرة، كما لم تُمس الذراع الأمريكية الاحتكارية المخيفة "شركة الفاكهة المتحدة"، الحاكم الفعلي للبلاد، وعولجت المذبحة بدفع التعويضات وجبر الخواطر.
ما علاقة الولايات المتحدة بما كان يجري؟
غواتيمالا الأكثر اكتظاظا بالسكان في جمهوريات أمريكا الوسطى، دولة زراعية بأوضاع اقتصادية متخلفة، فيما تربتها وظروفها المناخية مواتية لزراعة المحاصيل الاستوائية، وخاصة البن والموز والقطن وقصب السكر.
لهذا البلاد أيضا موارد غابية كبيرة، وتوجد به أنواع الأشجار القيمة الفريدة من نوعها، كما تم اكتشاف رواسب من الرصاص والكروم والزئبق والنحاس والزنك والمنغنيز والأنتيمون والحديد والفحم والكوارتز والرخام في البلاد؛ ويعتقد بوجود النفط في باطن أراضيه.
الاحتكارات الأمريكية مدت مخالبها إلى غواتيمالا في نهاية القرن التاسع عشر، ونظمت انقلابا عسكريا في عام 1898، وجرى تأسيس ديكتاتورية وحشية تمت المحافظة عليها بمر الزمن بالقوة الغاشمة.
مع الزمن تزايدت هيمنة رأس المال الأمريكي في الاقتصاد الغواتيمالي، وأطلقت شركة الفاكهة المتحدة، التي أصبحت فعليا الحاكم الحقيقي للبلاد، يدها في جميع المجالات، وهي لم تسيطر فقط على 95 ٪ من مزارع الموز، بل واستولت على السكك الحديدية والموانئ وخطوط الهاتف والتلغراف الدولية والنقل البحري، ووصل بها الأمر إلى تشكيل قوة شرطة خاصة بها.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أرشيف الولایات المتحدة فی عام
إقرأ أيضاً:
عبد المنعم سعيد: تركيزالمرحلة الأولى من حكم ترامب على الولايات المتحدة
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن أولوية الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تغيير الولايات المتحدة، إذ من الواضح من خلال تعيينات إدارته، فإنه يسعى إلى إعادة تشكيل مؤسسات وهيئات الولايات المتحدة، أما فيما يخص الشرق الأوسط، لن يأخذ منه «وقت كبير»، فمن الممكن أن يبذل مساعي للتهدئة، أو يرسل المبعوثين الخاصين به للتعرف على الوضع في المنطقة، ولكن الجزء الأكبر من مرحلة ولايته الأولى سينصب التركيز فيها على تغيير الولايات المتحدة من الداخل.
وأضاف «سعيد» خلال للقاء ببرنامج «عن قرب مع أمل الحناوي» المذاع على شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، وتقدمه الإعلامية أمل الحناوي ، متحدثًا عن العلاقات الأمريكية - العربية في عهده ترامب، بأنه قبل أن تنتهي ولايته الأولى كان عقد الاتفاقيات الإبراهيمية، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وضم الجولان السوري لها.
وتابع عضو مجلس الشيوخ: «قبل الانتخابات تحدث ترامب عن أن مساحة إسرائيل الجغرافية صغيرة، مما يحي بأن لديه مجموعة من الأفكار والحلول للوضع الراهن في المنطقة، لن تتضمن الدولة الفلسطينية، كما أنه حث إسرائيل على القضاء على حزب الله و حماس».