مخاوف من اندلاع صراع أوسع بين روسيا والناتو.. انطلاق مناورات المدافع الصامد 2024 بمشاركة 90 ألف جندى من دول الحلف
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
في ظل استمرار واشتداد المعارك بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية، في الحرب الطاحنة التي تدور رحاها بين الطرفين منذ أواخر فبراير من العام الماضي، وسعي كل من الطرفين إلى إظهار تفوقه على الطرف الآخر؛ يستعد حلف شمال الأطلسي "الناتو" لإطلاق أكبر مناورات عسكرية له منذ نهاية الحرب الباردة، حيث تحمل اسم "المدافع الصامد ٢٠٢٤"، بمشاركة ٩٠ ألف جندي من الدول الأعضاء.
وتأتي هذه الخطوة كرد فعل على التحديات الأمنية الراهنة، حيث يستعد الناتو لتنفيذ سيناريو محاكاة لصراع ناشئ، يشمل هجومًا مفترضًا على أحد أعضائه من قبل خصم وهمي يُعرف بـ"أوكاسوس"، والذي يشابه بشكل كبير روسيا. وتعكس هذه التحركات تأكيدًا على وحدة الناتو واستعداده للدفاع عن حدوده وأعضائه في وجه أي تهديد محتمل.
وتعتبر بريطانيا من بين الدول الناتو التي تشارك بشكل فاعل في هذه المناورات، حيث أعلنت عن إرسال نحو ٢٠ ألف جندي بالإضافة إلى سفن حربية وطائرات مقاتلة. تأتي هذه الخطوة في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التواجد الدفاعي في شرق أوروبا، ما يعكس استعداد الحلف لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة.
ومع بداية المناورات المرتقبة، يتم التركيز بشكل خاص على نشر قوة الرد السريع لحلف الناتو في بولندا، وهو الجانب الشرقي للحلف الذي يعد منطقة حساسة تحظى بالاهتمام الأمني.
وتأتي هذه المناورات في سياق يشهد فيه العالم مواصلة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث يلتزم الناتو بدعم أوكرانيا بشكل غير مباشر من خلال توفير التدريب والدعم العسكري، مما يجعل هذه المناورات رسالة قوية تُرسل إلى موسكو أن الحلف مستعد للتصدي لأي تهديد قد يطرأ في المنطقة.
وتأتي هذه الخطوة الاستراتيجية بمناسبة الذكرى الـ٧٥ لتأسيس حلف الناتو، حيث تُعتبر المناورات المقبلة الأهم منذ مناورة "ريفورجر" عام ١٩٨٨، والتي جرت في ظل الحرب الباردة. ومن المتوقع أن تشمل المناورات نشرًا واسعًا للقوات البرية والبحرية والجوية.
وأفادت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية بأن المناورات المقبلة قد تشمل تعبئة لسفن وأصول بحرية إضافة إلى مركبات وطائرات متنوعة، ومن بينها طائرات مثل "إف-٣٥"، و"إف/إيه-١٨"، و"هارير"، و"إف-١٥"، بالإضافة إلى طائرات هليكوبتر وطائرات بدون طيار.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق مناورات منتظمة تُجريها حلف شمال الأطلسي، ولكنها تكتسب أهمية خاصة الآن، نظرًا لتزايد حالة التأهب في أوروبا جراء تصاعد الأحداث في الحرب الروسية - الأوكرانية على مدى العامين الماضيين. وترى الصحيفة أن هذه المناورات تُرسل رسالة قوية بأن الحلف جاهز للرد والدفاع في حالة تصاعد أي تهديد محتمل، سواء كان ذلك تجاه موسكو أو أي جهة أخرى.
في مشهد دولي متسارع التطور، تتصاعد المخاوف بين المجتمع الدولي حيال احتمال تصاعد التوترات بين الناتو وروسيا، لتبلغ قمتها في تصريحات كبار مسئولي الدفاع الأوروبيين الذين حذروا من مخاطر حدوث نزاع ضخم. وفي هذا السياق حذر مسئول كبير بحلف شمال الأطلسي (الناتو) الأدميرال روب باور، من أن توسع الحرب مع روسيا وخصوم آخرين يشكل تهديدا حقيقيا وسط الصراع المستمر في أوكرانيا، بحسب ما ذكرت "ذا هيل".
وقال باور، رئيس اللجنة العسكرية للتحالف الأمني الغربي، "لن يكون كل شيء رائعا في السنوات الـ٢٠ المقبلة".
وأوضح في مؤتمر صحفي في بروكسل: "علينا أن ندرك أنه ليس من المسلم به أننا في سلام. لهذا السبب لدينا الخطط، ولهذا السبب نستعد للصراع مع روسيا والجماعات الإرهابية إذا وصل بنا الأمر لذلك".
وأكد باور أن التحالف الأمني دفاعي ولا يسعى إلى صراع أو حرب أوسع، مضيفا: "لكن إذا هاجمونا فعلينا أن نكون مستعدين".
وقال باور إن العالم الغربي بحاجة إلى الاستعداد لحرب أكبر محتملة، متابعا أن مثل هذا الجهد سيشمل نهج "المجتمع بأكمله" إذا جاءت الحرب.
وأضاف: "عليك أن تفكر في هذا. نحن لا نسعى للحرب كناتو، لكن علينا أن نكون مستعدين للحرب. هذا هو عملنا".
فيما حذر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يهاجم الناتو في أقل من عقد، بحسب ما ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
وقال خلال مقابلة مع صحيفة "دير تاجسشبيجل" الألمانية، "نسمع تهديدات من الكرملين كل يوم تقريبا. لذلك علينا أن نأخذ في الاعتبار أن فلاديمير بوتين قد يهاجم دولة عضوة في الناتو ذات يوم".
وأضاف أنه في حين أن الهجوم الروسي غير مرجح "في الوقت الحالي، إلا أن خبراءنا يتوقعون فترة من خمس إلى ثماني سنوات يمكن أن يكون فيها ذلك ممكنا".
وفي أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، صعدت موسكو من خطابها العدواني ضد بعض جيرانها، بما في ذلك دول البلطيق وبولندا، وجميعها أعضاء في الناتو، مما دفع كبار مسئولي الدفاع الأوروبيين إلى التحذير من خطر حدوث صراع كبير.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، دعا القائد العام للقوات المسلحة السويدية الجنرال ميكايل بيدين، السويديين إلى "إعداد أنفسهم نفسيا" للحرب.
كما حذر وزير الدفاع المدني السويدي كارل أوسكار بوهلين، أيضا من أن "الحرب قد تأتي إلى السويد".
وفي مقابلته مع "دير تاجسشبيجل"، قال بيستوريوس إن التحذيرات السويدية "مفهومة من منظور اسكندنافي"، مضيفا أن السويد تواجه "وضعا أكثر خطورة"، نظرا لقربها من روسيا. كما أنها ليست عضوا في الناتو بعد، حيث تنتظر موافقة تركيا والمجر للانضمام.
وأضاف بيستوريوس: "علينا أيضا أن نتعلم كيف نتعايش مع الخطر مرة أخرى ونعد أنفسنا عسكريا واجتماعيا وفيما يتعلق بالدفاع المدني".
وأشارت "بوليتيكو" إلي قلق بولندا، التي تنفق أكثر من ٤ في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام، بشأن عدم القدرة على التنبؤ بما يمكن لروسيا فعله، خاصة في أعقاب الهجوم غير المتوقع على أوكرانيا في عام ٢٠٢٢.
وقال وزير الدفاع البولندي ولاديسلاو كوسينياك كاميسز، خلال مقابلة تليفزيونية، "روسيا تتحدى المنطق. ما حدث في عام ٢٠٢٢ بدا مستحيلا. يجب أن نكون مستعدين لأي سيناريو".
وفي أواخر العام الماضي، جددت ألمانيا عقيدتها العسكرية والاستراتيجية لأول مرة منذ عام ٢٠١١، بهدف تحويل الجيش الألماني إلى جيش قادر على الحرب.
في حين، دعا وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاندسبيرجيس، وهو منتقد صريح لبوتين وكان أحد أعلى الأصوات المؤيدة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، أوروبا إلى تسريع الاستعدادات للتصدي إلي العدوان الروسي.
وقال لاندسبيرجيس، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية، "هناك فرصة لعدم احتواء روسيا في أوكرانيا،" محذرا من أنه إذا لم تفز أوكرانيا في الحرب، فإن ذلك لن ينتهي بشكل جيد بالنسبة لأوروبا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روسيا الناتو هذه المناورات هذه الخطوة علینا أن
إقرأ أيضاً:
الهند وباكستان على بعد خطوة من اندلاع الحرب الطاحنة
نيودلهي (زمان التركية) – طلبت الهند صباح الخميس من كل الباكستانيين المقيمين في الهند مغادرة أراضيها بحلول 29 أبريل/نيسان، على ما أعلنت وزارة الخارجية الهندية، بعد هجوم عنيف حمّلت إسلام أباد المسؤولية عنه، على خلفية مقتل 26 شخصاً في هجوم مسلح استهدف موقعاً سياحياً في منطقة بيهالغام الجبلية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية الأربعاء.
وجاء في بيان الخارجية “بعد هجوم فاهالغام الإرهابي قررت الحكومة الهندية تعليق إصدار تأشيرات الدخول الممنوحة للمواطنين الباكستانيين فوراً”، مضيفة أنه ينبغى على كل المواطنين الباكستانيين الموجودين في الهند مغادرة البلاد قبل تاريخ انتهاء صلاحية التأشيرات المحدد في 27 أبريل/نيسان للتأشيرات العادية و 29 أبريل/نيسان للتأشيرات الصحية.
وعلى إثر ذلك، قالت إسلام أباد: إن أي “تهديد” من الهند لسيادتها سيقابل بـ”إجراءات حازمة”، وهددت باكستان جارتها بأن أي محاولات لإغلاق نهر السند ستعتبره البلاد بمثابة “عمل حربي”.
ووفقا لبي بي سي نيوز عربي فقد أعلنت الباكستان إغلاق الحدود والمجال الجوي مع الهند ووقف التجارة مع جارتها، إلى جانب طرد كل الدبلوماسيين الهنديين وتعليق منح التأشيرات، في تصاعد مستمر للأزمة بين البلدين منذ صباح الخميس.
فيما شملت الإجراءات التي اتخدتها الهند خلال الساعات الماضية، إغلاق المعبر الحدودي الرئيسي الذي يربط البلدين، وتعليق اتفاقية تقاسم المياه التاريخية بينهما، وطرد عدد من الدبلوماسيين الباكستانيين، إضافة إلى إمهال بعض حاملي التأشيرات الباكستانية 48 ساعة لمغادرة البلاد.
وتوعّد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بـ”بالعدالة”، مؤكداً أن بلاده “ستُلاحق كل إرهابي وداعميه حتى أقاصي الأرض”، وفق تعبيره، وقال: “من نفّذ هذه المجزرة ومن دعمهم سينالون عقاباً يفوق تصوّرهم”.
وأصدرت الشرطة الهندية إشعاراً بأسماء ثلاثة من المشتبه بتنفيذهم الهجوم، مشيرة إلى أن اثنين منهم يحملان الجنسية الباكستانية، فيما الثالث كشميري محلي.
وكشفت مصادر أمنية رفيعة لبي بي سي أن نحو 1,500 شخص تم توقيفهم في أنحاء كشمير للتحقيق معهم على خلفية الهجوم.
وحثّ رئيس وزراء الشطر الهندي من كشمير، عمر عبد الله، المواطنين الهنود على عدم تحميل الكشميريين مسؤولية هجوم بيهالغام، مشدداً على أن السكان المحليين “ليسوا متورطين” وقد عانوا كثيراً خلال العقود الماضية.
من جانبها، نفت باكستان أي علاقة لها بالهجوم، وأعلنت وزارة خارجيتها أن المسؤولين الباكستانيين سيعقدون اجتماعاً، الخميس، لبحث الرد المناسب على الإجراءات الهندية.
ويُعد الهجوم في بيهالغام من أعنف الهجمات التي شهدتها كشمير في السنوات الأخيرة، ويهدد بتصعيد جديد في العلاقات المتوترة أصلاً بين البلدين الجارين.
كيف تصاعدت الأزمة؟في أعقاب الهجوم الدموي الذي شهدته بلدة “بيهالغام” في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً، وجّهت الحكومة الهندية اتهامات مبطَّنة لباكستان، وشرعت بسلسلة من الإجراءات التصعيدية التي تنذر بتدهور أكبر في العلاقات المتوترة أصلاً بين الجارتين النوويتين.
ورغم أن الهند وباكستان تطالبان بكشمير كاملة، إلا أن كلاً منهما يسيطر فقط على جزء منها، وقد خاضتا عدة حروب بسبب الإقليم منذ الاستقلال عام 1947.
واتهمت الحكومة الهندية بشكل غير مباشر إسلام أباد بالمسؤولية، مشيرة إلى أن دعم الجماعات المسلحة في كشمير “نهج تتبعه الحكومات الباكستانية المتعاقبة”، وهو ما تنفيه إسلام أباد بشدة.
وأفادت مصادر هندية بأن منظمة تُدعى “مقاومة كشمير” قد تكون خلف الهجوم، دون تأكيد مستقل حتى الآن.
من بين الإجراءات التي اتخذتها نيودلهي:
– تعليق معاهدة نهر السند التي أُبرمت عام 1960، والتي تُعد من أقدم الاتفاقيات المائية بين البلدين، وتنظم تقاسمهما المياه.
– طرد مستشارين عسكريين باكستانيين من السفارة الباكستانية في دلهي، مع طرد دبلوماسيين إضافيين الأسبوع المقبل.
– مطالبة بعض حاملي التأشيرات الباكستانيين بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة.
وفي تعليق لافت، قال وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ: “لن نكتفي بملاحقة من نفّذ هذا الهجوم، بل سنصل إلى من خطّط له من وراء الكواليس”.
وفي المقابل، قالت وزارة الخارجية الباكستانية إنها “تشعر بالأسف لفقدان أرواح سائحين”، وقدّمت تعازيها، وأعلنت أن مجلس الأمن القومي – أعلى هيئة أمنية في البلاد – سيعقد اجتماعاً طارئاً يوم الخميس لمناقشة المستجدات.
الهجوم، الذي يُعد من أكثر الاعتداءات دموية في كشمير في السنوات الأخيرة، أثار موجة إدانات دولية، وغضباً عارماً في الهند، حيث تحدّث شهود عيان عن مشاهد فوضوية وهروب عائلات بأكملها.
وأشار بعضهم إلى أن المهاجمين استهدفوا غير المسلمين، فيما وصف آخرون إطلاق النار بأنه عشوائي، وتضم قائمة الضحايا غالبية من الرجال الهندوس، إضافة إلى رجل مسلم محلي.
وقال عقيب تشايا، صاحب فندق وعضو غرفة تجارة كشمير، لبي بي سي: “لا يمكننا أن نستوعب أن شيئاً كهذا حصل، وفي المكان الذي نُطلق عليه لقب الجنة على الأرض… منذ عقود يأتي السيّاح إلى كشمير، ولم يمسّهم أحد من قبل”.
تاريخ الخلاف بين الدولتين على كشميرمنذ تقسيم الهند وإنشاء باكستان في عام 1947، خاض البلدان الجاران المسلحان نووياً حربين بسبب إقليم كشمير ذي الغالبية المسلمة، والذي يطالب كل منهما بالسيادة الكاملة عليه، رغم أن كلاً منهما يسيطر فقط على جزء منه.
ويُعد الإقليم، الذي تخضع أجزاء منه أيضاً لإدارة الصين، من أكثر المناطق عسكرة في العالم، وفي عام 2019، ألغى البرلمان الهندي الوضع الخاص للإقليم، والذي كان يمنحه قدراً من الحكم الذاتي.
كما جرى تقسيم الإقليم إلى منطقتين تتم إدارتهما اتحادياً من قبل الحكومة المركزية، ومنذ ذلك الحين، دأبت الحكومة الهندية على التأكيد بأن الوضع الأمني قد تحسّن، وأن التمرّد ضد الحكم الهندي قد تراجع.
إلا أن منتقدين عادوا للتشكيك في هذا الادعاء الحكومي بعد الحادث الدموي الذي وقع يوم الأربعاء.
Tags: الحرب بين الهند وباكستانالعلاقات الهندية الباكستانيةالهند وباكستانكشمير