انطلقت رحلة فيلم "باي باي طبريا" بين المهرجانات بمهرجان فينسيا السينمائي، ليجوب بعد ذلك العالم، فعرض في تورنتو ولندن وحتى الجونة ومؤخرًا عُرض خلال فعاليات بانوراما الفيلم الأوروبي بالقاهرة.

فيلم "باي باي طبريا" الوثائقي من إخراج "لينا سويلم" التي كتبت السيناريو الخاص به مع كل من "نادين ناعوس" و"جلاديوس جوجو" وتظهر فيه والدة المخرجة -الممثلة العالمية- "هيام عباس"، لتحكي للمشاهدين قصة عائلتها، و4 أجيال من النساء الفلسطينيات اللواتي عشن الشتات بأفظع صوره.

4 أجيال من النساء

يبدأ فيلم "باي باي طبريا" بفيديو منزلي للمخرجة، وهي طفلة لم تكمل 3 أعوام من عمرها، تسبح مع أمها في مياه بحيرة طبريا خلال رحلتها الأولى إلى فلسطين، بعدما وُلدت وعاشت بدايات طفولتها في فرنسا.

لا تحمل هذه اللقطة فقط إشارة لعلاقة الأمومة والبنوة التي تربط "لينا سويلم" بوالدتها، ولكنها تبدو كطقس التعميد في الديانة المسيحية، كما لو أن الأم تضع ابنتها في ماء فلسطين لتُدخل في مسام الصغيرة تاريخ بلدها الذي يتم محوه بشكل ممنهج منذ عقود.

قدمت "لينا سويلم" في فيلمها قصتين متوازيتين، الأولى عن نساء عائلتها عبر 4 أجيال متوالية، بينما في الخلفية تظهر السردية الأهم، وهي قصة بطلتها فلسطين ما قبل النكبة وحتى اليوم.

استخدمت المخرجة مصادر عدة لفيلمها، بداية من الصور الفوتوغرافية والفيديوهات المنزلية وقصائد "هيام عباس" الشعرية، والحوار المباشر مع الشخصيات الفيلمية والصور والفيديوهات التوثيقية لفلسطين ما قبل النكبة وما بعدها، ولكن كل هذه الأدوات تتناغم مع بعضها البعض مثل لوحة من الفسيفساء، مجرد قطع حجارة ملونة صغيرة، ولكن في النهاية تصنع لوحة خلابة، لوحة يتداخل فيها تاريخ عائلي مع تاريخ المنطقة العربية بالكامل.

تبدأ قصة "لينا سويلم" بالجدة الكبرى، جدة والدتها "هيام عباس"، وهي السيدة "أم علي"، المرأة التي نزحت من منزلها خلال النكبة، مصطحبة أولادها الـ8 وزوجها "حسني"، لتفقد الزوج بعد قليل، فلم يتحمل قلبه ألم ترك ماضيه خلفه.

ظل "حسني" يسأل الرائح والغادي، هل رأيت منزلي؟ هل رأيت بقرتي؟ ثم مات كمدا، ثم تفقد ابنتها "حسنية" وقد فرقت بينهما الحدود الجغرافية، فـ"حسنية" نزحت إلى أحد مخيمات سوريا، بينما ذهبت "أم علي" مع باقي أولادها إلى "دير حنا"، لتعليمهم باستخدام ماكينة الخياطة، وتبني لنفسها حياة جديدة، وتظهر في إحدى الفيديوهات وهي تصفف خصلات شعرها البيضاء وتقول إنها لم تشعر بالسعادة منذ فارقت منزلها وأرضها.

من فيلم "باي باي طبريا" (آي ام دي بي)

يتمثل الجيل التالي في الجدة "نعمات"، التي نزحت وهي طالبة في كلية المعلمات، التي كان ينتظر منها تقديم الجيل الأول من المعلمات الفلسطينيات، ولكن أتت النكبة لتخرب كل الخطط، وانتقلت مع أمها إلى "دير حنا"، وفيها تزوجت وعملت كمعلمة وأنجبت عشرة أولاد وبنات، منهم "هيام عباس" التي تتسلم الشعلة من الأم، وتزيد غربتها غربة، بعدما قررت هدم آمال أسرتها بأن تصبح محامية أو طبيبة، وتتعلم التصوير الفوتوغرافي، ثم تترك فلسطين إلى فرنسا باحثة عن مستقبلها كممثلة.

ويأتي الجيل الرابع متمثلًا في "لينا سويلم" نفسها، نصف فلسطينية نصف جزائرية، تعلمت معنى الاحتلال من قصص عائلتها التي ظلت تزورها كل في عام في فلسطين، وتشربت الحزن الذي ينتقل مثل إرث ثقيل من جيل لجيل، لتقدمه في النهاية في صورة فيلم سينمائي شديد العذوبة.

الشخصي والسياسي

تتبعت "لينا سويلم" قصة عائلة والدها المهاجرة من الجزائر إلى فرنسا في فيلمها الأول "جزائرهم"، والذي ركز بصورة خاصة على جدتها وجدها، وكيف تأقلما على مر السنوات مع فكرة عدم العودة لبلادهم، التي تركاها وهما يظنان أنهما ذاهبان في رحلة مؤقتة، ليستقرا بعيدا عن كل ما ألفاه في الفصل الأول من حياتهما.

تتخذ المخرجة "لينا سويلم" من مصطلح الشخصي سياسي (The personal is political) منهجا لها في أفلامها الوثائقية. ويؤكد هذا المصطلح على العلاقات بين التجربة الشخصية والبنى الاجتماعية والسياسية الأكبر منها،  فقصة العائلة الجزائرية المهاجرة لفرنسا هي الواجهة لقصة أكبر حول الفترة المضطربة التي هاجر فيها الجزائريون إلى فرنسا على الرغم من الحرب الدائرة بين البلدين على الاستقلال، وكيف تأقلم هؤلاء المهاجرون في الغربة وصنعوا لأنفسهم مجتمعا خاصا داخل المجتمع المعادي.

تشتبك القصة مع هموم المرأة العربية متمثلة في الجدة، التي تزوجت وهي لا تزال مراهقة من رجل لا تعرفه، وتركت معه عائلتها وأرضها، لتعيش حياة لم تحبها لنصف قرن تقريبا قبل أن تنفصل عنه، لتبدأ من جديد وهي تدخل الفصل الأخير من حياتها.

يبدو فيلم "باي باي طبريا" كما لو أنه يركز على تاريخ أسرة فلسطينية من 4 أجيال، إلا إنه في الحقيقة مرآة لحياة الفلسطينيين قبل وبعد النكبة، فيمكن تغيير اسم "أم علي" إلى اسم أي امرأة أخرى لنجد أننا أمام نفس الشخصية التي شكلها النزوح والبدء من جديد في أرض غريبة، مع تربية الأبناء، ومقاومة الاحتلال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بای بای طبریا

إقرأ أيضاً:

قضية الاعتداء الجنسي تطارد الفايد.. 5 نساء يقدمن دعوى قضائية للمطالبة بتعويضات من تركته

#سواليف

اتهمت خمس #نساء الراحل الملياردير #محمد_الفايد بالاعتداء عليهن جنسيا، وأعلن عن نيتهن رفع دعوى قضائية للمطالبة بتعويضات عن #الأضرار #النفسية و #الجسدية.

وقالت شركة المحاماة “ليي داي” الممثلة للمدعيات إنها أرسلت خطاب إنذار قانوني إلى محامي أسرة الفايد نيابة عن النساء اللائي عملن لدى رئيس “هارودز” السابق بين عامي 1995 و2012، متهمات إياه بـ”الاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي وسوء المعاملة”.

وأوضح المحامي ريتشارد ميران من “ليي داي”: “اتخذنا هذه الخطوة نيابة عن موكلاتنا اللائي تعرضن للاعتداء من قبل الفايد أثناء عملهن لديه أو في شركاته خارج نطاق هارودز. ومعظم التقارير الإعلامية عن سلوك الفايد الابتزازي والمتجاوز لعقود ركزت على فترة عمله في هارودز، لكن من المهم أن تتحمل تركته المسؤولية القانونية عن انتهاكاته الواسعة ضد أشخاص ربما لم يعملوا في المتجر الشهير”.

مقالات ذات صلة أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان 2025/03/31

وأضاف: “كان من المفترض أن توفر وظائف موكلاتنا كمتخصصات بيئة عمل آمنة، لكنهن واجهن اعتداءات جنسية وتهديدات، بل وتعرضن لمزيد من الإساءة اللفظية عند محاولة الإبلاغ عن الانتهاكات”.

من جانبها، أشارت متحدثة باسم الشركة إلى أن “خطابات الإنذار تعد الخطوة الرسمية الأولى قبل رفع الدعوى القضائية”.

يذكر أن “ليي داي” تمثل حاليا 27 شخصا في قضايا متعلقة باتهامات ضد الفايد وشقيقه صلاح، بما في ذلك المطالبة بتعويضات مدنية وإجراء تحقيق عام مستقل.

وفي سياق متصل، تدرس الشرطة البريطانية 21 ادعاء قدمت قبل وفاة الفايد عام 2023، أحالت منها ادعاءين إلى مكتب شكاوى الشرطة المستقل. كما تلقت أكثر من 100 شكوى من ضحايا محتملين، أصغرهم كان يبلغ 13 عاما وقت التعرض للاعتداء.

وخلال حياته، أحيلت ملفات اتهامات ضد الفايد مرتين إلى النيابة العامة (2008 و2015) دون متابعة.

ولم تعلق شركة “فالدغيت” القانونية الممثلة لأسرة الفايد على هذه التطورات حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • اختناق 3 نساء بغاز أحادي أكسيد الكربون في البويرة
  • الزراعة تؤكد تطوير 6 أصناف جديدة من الحنطة مقاومة للجفاف
  • شيبة ضرار لـ جبريل ومناوي: ما تمصو الشطرين فكو لينا واحد – فيديو
  • العيدية في التراث العربي.. من النشأة إلى الزمن الراهن
  • هل السفر عبر الزمن ممكن؟.. العلم يجيب!
  • 5نساء يطالبن بتعويضات من ورثة محمد الفايد
  • قضية الاعتداء الجنسي تطارد الفايد.. 5 نساء يقدمن دعوى قضائية للمطالبة بتعويضات من تركته
  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • قضية محمد الفايد "الجنسية".. 5 نساء يلاحقن التركة
  • قضية محمد الفايد "الجنسية".. 5 نساء يلاحقن الميراث