لجريدة عمان:
2024-06-27@14:02:57 GMT

ألا تزال آفاق الاقتصاد العالمي في ارتفاع؟

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

في الشهر الماضي، كتبت عن الدور المركزي الذي تلعبه اتجاهات التضخم في التأثير على آفاق الاقتصاد العالمي في عام 2024 وما بعده. بطبيعة الحال، لا يخلو الأمر من كثير من المخاطر الإضافية، ولهذا السبب يقوم مجتمع التوقعات بتحويط توقعاته بتحذيرات معقولة حول عدد كبير من «المجهولات المعروفة». بين أكثر هذه التحديات بروزا الصراعات الجارية في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وعدم اليقين بشأن الصين، والانتخابات التي تلوح في الأفق في أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم.

فيما يتعلق بالتضخم، قدمت توقعات متفائلة بحذر استنادا إلى تقارير أخيرة أظهرت أن كثيرا من المؤشرات الأساسية تبدو وكأنها تتحرك في اتجاه واعد. ولكن منذ ذلك الحين، جاءت أحدث بيانات التضخم الشهرية (لشهر ديسمبر) في منطقة اليورو، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة مفاجئة على الجانب الإيجابي. وقد حمل ذلك عددا كبيرا من صناع السياسات والمستثمرين والمحللين على إعادة النظر في مواقفهم بعد أسابيع من إدراج الأسواق لتخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة هذا العام. أخيرا، اختتم كلامي بالإشارة إلى أنها ستكون مفاجأة سارة إذا استمرت مكاسب الأجور في كثير من البلدان، على الرغم من تحسن توقعات التضخم، من دون المساهمة في ارتفاع جديد وأكثر استدامة في الأسعار.

بطبيعة الحال، لن يعول أغلب الاقتصاديين والقائمين على البنوك المركزية على هذا السيناريو ما لم ينشأ دليل واضح على الارتفاع المطلوب بشدة في الإنتاجية في مختلف أنحاء العالم الغربي (وخارجه). ففي غياب إنتاجية إضافية -كما يحذرون- يصبح من غير الممكن الحفاظ على مكاسب الأجور الحقيقية (المعدلة حسب التضخم) من دون أن تصبح تضخمية.

مع ذلك، أجد نفسي متمسكا بالأمل ذاته الذي راودني الشهر الماضي. ففي نهاية المطاف، تصل بيانات الإنتاجية متأخرة، لذا فمن الخطورة بمكان أن يتفاعل القائمون على البنوك المركزية بقوة أكبر مما ينبغي مع مكاسب الأجور المستمرة، كأن يعلنوا اعتزامهم الإبقاء على سياسة نقدية أكثر تقييدا مما كانوا ليفعلوا لولا ذلك.

على وجه التحديد، ينطوي الأمر على ثلاثة أسباب وجيهة لتبني موقف الانتظار والترقب. فأولا، على الرغم من فشل المتنبئين في توقع الضعف المستمر في الإنتاجية على مدار العقدين الأخيرين، يبدو أنهم لم يتخلوا عن الإشارة إلى التوقعات ببدء تعافيها إلا مؤخرا.

ثانيا، هناك أسباب واضحة تجعلنا نعتقد أن الإنتاجية ستتحسن في نهاية المطاف، حتى لو فقد أغلب الناس الأمل. ما علينا إلا أن ننظر إلى التطورات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، والتحول إلى الطاقات البديلة، والتغير في أنماط العمل منذ اندلاع الجائحة، وتركيز صناع السياسات المتجدد على المبادرات المصممة صراحة لتعزيز الإنتاجية. صحيح أن البيانات لم تُـظـهِـر بعد أن هذه التطورات بدأت تؤتي ثمارها؛ ولكن مرة أخرى، تستغرق المكاسب الناجمة عن التكنولوجيات الجديدة وقتا طويلا غالبا حتى تجد طريقها إلى الاقتصاد وإلى الإحصاءات الرسمية.

السبب الثالث وراء الامتناع عن تشديد السياسة النقدية يتعلق بالجوانب الاجتماعية والإنسانية لقضية الأجور والإنتاجية. وكما نعلم من المناقشات الدائرة حول مصادر القلق المتنامي وانعدام الأمن الاقتصادي في عديد من الديمقراطيات، فإن أداء الأجور الحقيقية المتوسطة كان هزيلا في العقود الأخيرة. ومن الواضح أن هذا الاتجاه لعب دورا كبيرا في خيبة الأمل المتنامية بين عامة الناس إزاء «الرأسمالية» و«العولمة»، وفي الدعم المتزايد الذي تتلقاه الأحزاب والحركات السياسية الأكثر تطرفا وشعبوية. يترتب على ذلك أن الزيادة في الأجور الحقيقية من شأنها أن تساعد في دفع المواقف السياسية إلى الاعتدال. أما قمع الأجور لمجرد الاعتقاد بأنها غير مبررة فهو أمر بالغ الخطورة.

ترى هل يستمر تحسن التضخم؟ برغم أن أرقام التضخم في شهر ديسمبر جاءت أعلى من المتوقع، فقد أظهرت الأشهر السابقة انخفاضات أكثر حدة من المتوقع. وإذا فحصنا المقاييس الأساسية الأكثر سلاسة لاتجاه التضخم، فضلا عن الدراسات الاستقصائية لتوقعات التضخم، فإن التوقعات تظل واعدة تماما.

فيما يتصل بالعوامل الدورية الأخرى، تبرز ثلاثة أمور في اعتقادي ونحن نقترب من نهاية شهر يناير. فأولا، تظل البيانات الاقتصادية الصينية وأداء الأسواق المالية مخيبة للآمال في عموم الأمر على الرغم من الجهود الأقوى التي تبذلها السلطات لدعم التعافي القوي.

ثانيا، في الولايات المتحدة، تستمر أغلب المؤشرات الاقتصادية -وإن لم يكن جميعها- في الظهور بشكل أقوى من المتوقع. وهو أمر يبعث على الارتياح، حتى ولو لم يكن يخفف من حالة انعدام اليقين بين العديد من المعلقين الذين يساورهم القلق إزاء احتمال مفاده أن الاتجاهات الإيجابية الأخيرة قد لا تكون مستدامة. والأسواق أيضا شهدت بداية متوترة لهذا العام.

وفقا لما يسمى بقاعدة الأيام الخمسة (حيث يبشر صافي الربح لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 في أيام التداول الخمسة الأولى من شهر يناير بالخير للأشهر الـ 12 التالية)، فإن احتمالات أن يكون هذا العام إيجابيا للأسهم لا تتجاوز 50٪. صحيح أن هذه ليست حقيقة علمية. ولكن كما أشرت سابقا، فإن البداية الإيجابية كانت تبشر بعام إيجابي في أكثر من 85% من الحالات، وعلى مدى عقود مضت.

أخيرا، على الرغم من القضايا المثيرة للقلق والانزعاج في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ظلت تقلبات أسعار السلع الأساسية ضعيفة بدرجة ملحوظة. لعل بعض عوامل العرض والطلب الفنية الغريبة تفسر هذا الأمر. ولكن أيا كانت الحال، فإن الاستقرار النسبي يمكن ملاحظته في كثير من الأسواق. حيث انخفضت معظم أسعار السلع الأساسية، فضلا عن مؤشرات السلع الرئيسية المعترف بها، مقارنة بالعام الماضي. وهذا أيضا أمر مطمئن بعض الشيء.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على الرغم من

إقرأ أيضاً:

الذهب العالمي يتراجع ليومين متتاليين بانتظار بيانات التضخم الأمريكي

انخفضت أسعار الذهب العالمية ليومين متتاليين، حيث اتخذ المستثمرون موقفًا حذرًا ترقبًا لصدور بيانات التضخم في الولايات المتحدة، وتأتي هذه البيانات في وقتٍ حاسم مع تقييم المستثمرين لخطط البنك الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة.

افتتح الذهب تداولات اليوم الأربعاء عند المستوى 2319 دولارا للأونصة، لينخفض مسجلا أدنى مستوى منذ قرابة أسبوع عند 2309 دولارا للأونصة، ليتداول سعر الذهب حاليا عند المستوى 2317 دولارا للأونصة.

الذهب في طريقه إلى تسجيل انخفاض للأسبوع الثاني

ويتجه الذهب في طريقه إلى تسجيل انخفاض للأسبوع الثاني على التوالي، ولكن البيانات الرئيسية لهذا الأسبوع لم تصدر بعد وهي بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي التي تعد مؤشر التضخم المفضل للبنك الفيدرالي الأمريكي، وقد تساهم هذه البيانات في تغيير مستويات أسعار الذهب بشكل مباشر، وفق تحليل جولد بيليون.

ارتفاع الدولار يضغط على الذهب

في المقابل ارتفع الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية لليوم الثاني على التوالي ليتداول بالقرب من أعلى مستوياته منذ 7 أسابيع، الأمر الذي زاد من الضغط السلبي على مستويات الذهب خلال تداولات اليوم.

وساهمت تصريحات أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي يوم أمس في دعم مستويات الدولار بالإضافة إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة، ما ساهم في دفع أسعار الذهب هذا الصباح إلى المزيد من الهبوط، ولكن تبقى تداولات الذهب فوق المستوى 2300 دولار للأونصة وهو المستوى الرئيسي حاليا.

كررت عضوة البنك الفيدرالي ميشيل بومان يوم الثلاثاء وجهة نظرها بأن إبقاء سعر الفائدة ثابتًا "لبعض الوقت" سيكون على الأرجح كافيًا للسيطرة على التضخم، لكنها كررت أيضًا استعدادها لرفع تكاليف الاقتراض إذا لزم الأمر.وفي الوقت نفسه صرحت عضوة البنك ليزا كوك أنه "في مرحلة ما" سيكون الوقت قد حان لخفض أسعار الفائدة.

أثبتت هذه التصريحات من قبل أعضاء البنك الفيدرالي أن البنك متمسك بإبقاء الفائدة الأمريكية عند مستوياتها المرتفعة لفترة أطول من الوقت لضمان تراجع معدلات التضخم بشكل مستدام إلى مستهدف البنك عند 2%.

بقاء الفائدة مرتفعة يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه، ولكن حتى الآن لا تزال تراجعات الذهب محدودة بشكل كبير وذلك بسبب دخول العديد من المشترين للذهب بمجرد تراجع الأسعار وهو ما يحد من فرص الهبوط الحاد في السعر، هذا بالإضافة إلى توقعات المؤسسات العالمية بوصول إلى الذهب لمستويات تاريخية جديدة خلال النصف الثاني من العام.

من جهة أخرى أعلن مجلس الذهب العالمي عن التدفقات النقدية لصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، ليظهر ارتفاع بمقدار 2.1 طن ذهب في التدفقات الداخلة إلى الصناديق خلال الأسبوع المنتهي في 21 يونيو، وذلك مقارنة مع الأسبوع السابق الذي شهد انخفاض في التدفقات النقدية بمقدار – 4.2 طن ذهب.

الفترة الأخيرة تشهد تذبذب في التدفقات النقدية الداخلة لصناديق الاستثمار في الذهب على المستوى العالمي، الأمر الذي يدل على عدم وضوح رؤية المستثمرين بشأن مستقبل السياسة النقدية الأمريكية وأسعار الفائدة، وهل يستمر البنك الفيدرالي الأمريكي في الحفاظ على الفائدة مرتفعة حتى نهاية العام، أم قد نشهد خفضين في الفائدة كما تشير توقعات الأسواق المالية.

 

مقالات مشابهة

  • بنك المغرب المركزي يتوقع تراجع نمو الاقتصاد إلى 2.8% في 2024
  • الذهب العالمي يتراجع ليومين متتاليين بانتظار بيانات التضخم الأمريكي
  • لماذا يحذر فائزون بنوبل من تولي ترامب رئاسة أمريكا مجددا؟
  • رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز التعاون الدولي نحو آفاق جديدة للنمو الاقتصادي
  • خبيرة اقتصادي: ضبط الأسواق ساهم في انخفاض أسعار السلع الأساسية بنسبة 32%
  • خبيرة اقتصاد: انخفاض أسعار السلع الأساسية بنسبة 32% بسبب ضبط الأسواق
  • الصحة العالمية: 10 آلاف مريض يحتاجون إلى عمليات إجلاء طبي خارج غزة
  • نورلاند: لا تزال ليبيا بحاجة إلى الحوار
  • الاحتياطي الفيدرالي: هناك علامات جديدة على تعرض الاقتصاد الأمريكي لضغوط
  • وزير الاقتصاد يشارك غدًا في الاجتماع السنوي للأبطال الجدد 2024