لجريدة عمان:
2024-07-03@14:45:59 GMT

التطرف من النهر إلى البحر

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

لقد تجاوزت الحصيلة التي تم الإعلان عنها للقتلى الفلسطينيين في غزة حتى الآن 25 ألف قتيل، ولا تظهر في الأفق أي إشارة على وقف القتال كما لا يوجد وضوح بشأن الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل مع تزايد حدة المناقشات حول ما الذي يتوجب فعله بعد انتهاء الحرب في نهاية المطاف. لقد كثّفت الولايات المتحدة الأمريكية من تصريحاتها التي دعت من خلالها الى بذل المزيد من الجهود من أجل التوصل لحل الدولتين، وهي سياسة الاتحاد الأوروبي نفسها ومعظم المجتمع الدولي لسنوات عديدة، كما تهدف مبادرة السلام العربية إلى إقامة دولتين للشعبين اللذين يقيمان بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن مرة أخرى معارضته الصريحة، حيث قال: «لن أتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على كل الأراضي الواقعة غرب الأردن ــ وهذا يتعارض مع الدولة الفلسطينية». إن هذا الطرح يؤكد ظنون الكثيرين منذ فترة طويلة أن سياسات نتانياهو لسنوات عديدة سعت لتعطيل أي تحرك من أجل التوصل لحل الدولتين وهي السياسات التي نجحت إلى حد كبير.

للأسف فإن أنصار حل الدولتين لا يشغلون موقعًا مهيمنًا ضمن الخطاب العام الحالي سواء في إسرائيل أو في الأراضي الفلسطينية، ومع احتدام الحرب زادت حدة المشاعر. إنَّ هناك شعورًا متزايدًا بالعداء المتبادل مع اهتمام لا يكاد يذكر باحتمالات السلام على المدى الطويل، لكن هذا سوف يتغير في نهاية المطاف، مما قد يسمح بأشكال أكثر بناءة من الخطاب.

إن من المؤكد أن الانتقال من الحرب الحالية نحو مستقبل الدولتين لن يكون بالأمر السهل، ولابد من تسوية قضايا الحدود، إلى جانب وضع القدس (وربما هو الجانب الأكثر حساسية في النزاع بالنسبة لكلا الجانبين) كما تظل المستوطنات اليهودية غير القانونية الواسعة النطاق في الأراضي المحتلة واحدة من أكبر العوائق التي تعترض تحقيق تقدم وأكثرها وضوحًا.

لكن حل الدولتين في نهاية المطاف ليس حلاً لا يمكن تصوره أو حدوثه كما يشير المنتقدون، بل على العكس من ذلك فهناك الكثير من المخططات التي تم وضعها بالفعل، حيث نشرت مؤسسة راند الأمريكية للأبحاث قبل بضع سنوات موجزًا بحثيًا يتضمن رؤية لمدن فلسطينية على شكل «قوس» تربطها سكك حديدية حديثة بكل من غزة في الجنوب وميناء حيفا في الشمال.

إنَّ المشكلة بطبيعة الحال هي أن حل الدولتين ليس هو الحل الوحيد المتاح، وعلى أقصى طرفي الطيف السياسي الإسرائيلي والفلسطيني، فإن الخيار المفضل هو إنشاء دولة واحدة «من النهر إلى البحر»، وحسب من هو الجانب الذي سوف ينتصر، فإن هذا يعني إما دولة فلسطينية تحل مكان (وبالتالي تقضي على) دولة إسرائيل، أو دولة يهودية رفضت فكرة إقامة دولة فلسطينية في المنطقة.

نعم، من الناحية النظرية، يمكن للمرء أيضًا أن يتصور وجود دولة واحدة يعيش فيها اليهود والفلسطينيون بسلام معاً في ظل نظام سياسي ديمقراطي يضمن حقوقًا متساويةً للجميع، ولكن من الناحية العملية، ربما يستغرق تحقيق هذه النتيجة قرونًا من الزمن، وبما أنه ليس لدينا كل هذا الوقت، فإن مثل هذا الحل غير ذي صلة في واقع الأمر.

إن نسخة حماس بشعار «من النهر إلى البحر» لا يمكن أن تنجح أيضًا فإسرائيل لا تتمتع بالحق في الدفاع عن نفسها فحسب، بل إن وجودها يحظى كذلك بدعم قوي من جانب المجتمع الدولي، فضلاً عن قسم كبير من العالم العربي، وبينما يستمر الجناح العسكري لحماس في الدفاع عن خياره، يتحدث قادة حماس من السياسيين في بعض الأحيان عن قبول وقف إطلاق النار طويل الأمد («الهدنة»)، وهو ما يعني ضمنًا الاعتراف الفعلي بـ«الكيان الصهيوني».

إن النسخة الإسرائيلية المتطرفة من عبارة «من النهر إلى البحر»، التي يفضلها الآن صراحة عناصر في حكومة نتانياهو، تدعو إلى اتخاذ تدابير «لتشجيع» أكثر من 5 ملايين فلسطيني يعيشون في غزة والضفة الغربية على الرحيل، ومع استمرار حرمان القلة المتبقية من حقوقهم السياسية، فإن النتيجة ستكون دولة مبنية على مزيج من التطهير العرقي والفصل العنصري الصريح، ولكن هذا المسار من شأنه أن يؤدي في الأرجح إلى تجدد أعمال العنف والصراع، وهو ما من شأنه أن يغرق المنطقة في المزيد من الفوضى.

وفي حين أعرب نتانياهو عن معارضته لحل الدولتين، فإنه لم يلمح على الاطلاق إلى النتيجة التي يفضلها، ومع افتقاره إلى أي اتجاه وانتقاله من أزمة إلى أخرى، فإنه -سواء عن قصد أو بغير قصد- يأخذ إسرائيل إلى طريق الدولة الواحدة التي يفضلها أكثر حلفائه تطرفًا، وبالتالي يبتعد أكثر فأكثر عن السلام المحتمل.

ونظرًا للبدائل -التي لا يمكن حتى أن نطلق عليها «حلولًا»- فإن نتيجة حل الدولتين تظل الخيار الوحيد القابل للتطبيق من أجل تحقيق السلام، وبمجرد انتهاء الحرب الحالية (كلما كان ذلك أسرع، كلما كان ذلك أفضل)، فلا بد أن تركّز كل الجهود الدبلوماسية وجهود إعادة الإعمار على إعادة المنطقة إلى مسار الدولتين علمًا أنه ستكون هناك مقاومة من جانب الذين يهتفون «من النهر إلى البحر»، ولكن المرء يأمل بأن تكون الغلبة في نهاية المطاف للمعتدلين من الطرفين بدعم من لاعبين رئيسيين مثل: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، وهم وحدهم قادرون على القول بشكل ينطوي على المصداقية بأنهم يعرفون الطريق الذي سيؤدي إلى تحقيق السلام.

كان كارل بيلت وزيرا لخارجية السويد من عام 2006 إلى عام 2014 ورئيسا للوزراء من عام 1991 إلى عام 1994، وشغل منصب المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى يوغوسلافيا السابقة.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من النهر إلى البحر فی نهایة المطاف حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

دعاية الحوثي فرط صوتية ..تقرير أمريكي يكشف :دولة عظمى أرسلت صواريخ كروز مضادة للسفن للحوثيين

 

قالت مجلة نيوزويك الأمريكية بأن موسكو تنسق مع الحوثيين كجزء من تحالفها المتزايد مع إيران، حيث يسعى الكرملين إلى تحالفات جديدة وأعمق بين القوى المعادية للغرب بعد غزوه الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022.

وأفادت المجلة في تقرير حديث ترجمة للعربية مأرب برس بوجود مؤشرات تؤكد عزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتزويد مليشيات الحوثي ذراع طهران في اليمن بصواريخ كروز باليستية مضادة للسفن.

وعن حديث المليشيات بامتلاك صواريخ اسرع من الصوت رجحت المجلة الأمريكية بأن روسيا هي من زودت المليشيات الحوثية صواريخ كروز روسية الصنع من طراز P-800 Oniks أسرع من الصوت وذلك عبر تهريبها للجماعة الإرهابية من قبل مليشيات حزب، الله اللبنانية وسوريا.

وحذرت المجلة من تنامي التعاون بين روسيا ومليشيات الحوثي في اليمن .. مشيرةً إلى ان ذلك قد يؤدي إلى تفاقم المعضلة الاستراتيجية التي تواجه القوى الغربية في سعيها لحماية الشحن التجاري في البحر الأحمر وما وراءه.

وأوضحت المجلة الأمريكية بأنه في وقت سابق من هذا العام، وافق الحوثيون على عدم استهداف السفن الروسية أو الصينية، وفي مارس / آذار، قال عضو المكتب السياسي للحوثيين علي القحوم إن هناك "تعاونا وتطورا مستمرا في العلاقات بين اليمن وروسيا والصين ودول البريكس، فضلا عن تبادل المعرفة والخبرة في مختلف المجالات".

تهديد خطير

ويرى الخبير العسكري في الأمن البحري الدكتور علي الذهب في تصريحات صحفية سابقة بأن حصول الحوثيين على صواريخ فرط صوتية يشكل تهديدا كبيرا خاصة مع إعلان توسيع استهداف السفن الإسرائيلية إلى المحيط الهندي ومنعها من المرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

وقال الذهب "إذا ثبت فعلا أن الحوثيين أطلقوا صواريخ فرط صوتية، فهذا يدل على أن هنالك طرفا دوليا يمتلك هذه التقنية تدخل فعليا في هذه الأحداث التي تشهدها منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي". ولم يستبعد أن يكون هذا الطرف هو إحدى الدول العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي "روسيا أو الصين".

واعتبر الخبير العسكري أن "المعركة البحرية في البحر الأحمر الآن لم تعد بين الحوثيين من جهة وبين أميركا وبريطانيا من جهة ثانية، بل أصبحت مواجهة بين أطراف متعددة لها حسابات تسعى لتصفيتها".


ومؤخرا كشفت مليشيات الحوثي الانقلابية عن امتلاكها لصواريخ باليستية فرط صوتية اطلقت عليها اسم حاطم 2 .

وبث الاعلام الحوثي مشاهد مصورة توثق اطلاق صاروخ باليستي قالت بانه، فرط صوتي تم صناعته من قبل عناصرها استهدفت به سفينة اسرائيلية في البحر الأحمر.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السعودي: حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية مسار السلام الوحيد
  • وزير الخارجية من إستونيا: تسهيل وصول المساعدات لغزة وحل الدولتين هما «مفتاح السلام»
  • مباحثات بين وفد صنعاء ومبعوث بوتين حول عمليات البحر الأحمر المساندة لغزة والحل الشامل في اليمن
  • دعاية الحوثي فرط صوتية ..تقرير أمريكي يكشف :دولة عظمى أرسلت صواريخ كروز مضادة للسفن للحوثيين
  • ثروت الخرباوي: التطرف ليس من الإسلام في شيء
  • تقرير رسمي ينبه إلى ارتفاع حالات الانتحار وسط المدانين في قضايا التطرف والإرهاب
  • تحقيق دولي ..الإمارات توفر جسرا للدعم العسكري للكيان عبر صربيا
  • مرصد الأزهر يستقبل وفدًا قضائيًا إفريقيًا للتعرف على جهود مكافحة التطرف
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بإعلان الأردن دولة للفلسطينيين بديلا عن حل الدولتين
  • السوداني:اولويتنا تحقيق السلام بين الدول وإيران وحل مشاكل العراق اسبقية متأخرة جداً