هل يجب حظر حزب البديل من أجل ألمانيا؟
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
كان الكشف الأخير عن اجتماع ساسة من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف مع نشطاء يمينيين في نوفمبرالماضي، لمناقشة مؤامرة «إعادة الهجرة» المتطرفة سببًا في زيادة حدة النقاش بشأن حظر الحزب. وذكرت التقارير أن الاجتماع السري، الذي عقد في فندق على ضفاف البحيرة بالقرب من بوتسدام، ركز على إمكانية الترحيل الجماعي للألمان من أصول إثنية غير ألمانية، إذا وصل اليمين المتطرف إلى السلطة.
والآن، يؤيد ما يقرب من نصف الشعب الألماني حظر حزب البديل من أجل ألمانيا. وشارك مئات الآلاف من الألمان في الاحتجاجات على الحزب في الأيام الأخيرة. وفضلا على ذلك، وقع أكثر من مليون ونصف شخص عريضة على الإنترنت تطالب الحكومة بتجريد بيورن هوكي، زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا سيئ السمعة في ولاية تورينجيا، من حقوقه المدنية والسياسية- وهو اقتراح غير مسبوق حقا في تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب. ولكن محاولة حظر الحزب الثاني بعد أكثر الأحزاب شعبية في البلاد ستكون موضع شك ديمقراطيا، وستكون لها عواقب سلبية غير متوقعة، وربما بعيدة المدى.
ومن المؤكد أن إجراءات حظر الجماعات السياسية التي تسعى إلى تقويض أو إلغاء النظام الديمقراطي واضحة ومباشرة بما فيه الكفاية. وتقرر المحكمة الدستورية ما إذا كانت ستوقف أي حزب بعد تلقي طلب رسمي من الحكومة الفيدرالية، أو البرلمان الفيدرالي، أو الغرفة الثانية في ألمانيا، البوندسرات، التي تمثل الولايات الفيدرالية.
ولكن المحكمة حددت سقفًا عاليًا للاستبعاد السياسي، كما أظهرت المحاولات السابقة لحل الأحزاب. وفي عام 2017، رفضت طلبًا لحظر الحزب الوطني الديمقراطي النازي الجديد، على الرغم من أجندته العنصرية والمعادية للديمقراطية على نحو علني. والواقع أن المحكمة استخدمت هذه الآلية آخر مرة في عام 1956، في ذروة الحرب الباردة، عندما حظرت الحزب الشيوعي الألماني.
تشير هذه السابقة إلى أن رفع دعوى قضائية على حزب البديل من أجل ألمانيا لن يكون إلا إجراءً شكليًا، والأهم من ذلك أنه يمكن أن يتحول بسهولة إلى إخفاق سياسي. ونظرًا لشعبية حزب البديل من أجل ألمانيا، فإن مجرد مطالبة المحكمة بحظر الحزب سوف تعتبرها العديد من الأحزاب القائمة حيلة تكتيكية للقضاء على منافس تزداد قوته، مما يعزز حجة اليمين المتطرف بأن هناك تلاعبا في النظام. وإذا فشلت هذه المحاولة في نهاية المطاف، فسوف تتعزز قضية حزب البديل من أجل ألمانيا، بدلا من أن تتراجع.
وفضلاً عن ذلك، فإن إجراءات المحكمة الدستورية سوف تكون حتمًا بطيئة الوتيرة. فقد استغرقت القضية التي رُفعت على الحزب الوطني الديمقراطي أكثر من ثلاث سنوات- وسوف تنتهي بعد فترة طويلة بعد انتهاء الموجة المقبلة من الانتخابات. ولكن في حين أن ثمار محاولة حظر حزب البديل من أجل ألمانيا ستُجنى في المستقبل، فإن تداعياتها السلبية ستظهر على الفور.
وفي العديد من الجوانب، فإن مجرد مناقشة الإجراءات القانونية ضد حزب البديل من أجل ألمانيا لا يؤدي إلا إلى تعزيز حزب يزدهر على اتخاذ موقف الضحية. وحتى في حالة حظر حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو أمر غير مرجح، فإن الحزب وحده هو الذي سيختفي؛ وليس أنصاره- ومظالمهم. ولا شيء من شأنه أن يمنع أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا من تأسيس حزب يميني جديد ـ بديل لحزب البديل.
لقد حان الوقت لندرك أن مكافحة الشعبوية بالنشاط القانوني لن تنجح، بل وربما ستؤدي إلى تفاقم المشكلة. ولابد من مواجهة التحدي المتمثل في اليمين المتطرف سياسيًا، باعتماد الحلول التي تعالج الأسباب الجذرية للسخط: ارتفاع أسعار الطاقة، والنمو الاقتصادي الراكد، والارتفاع المستمر للهجرة الداخلية، وفشل اندماج الوافدين الجدد.
ومن المؤكد أن الديمقراطيات الليبرالية لابد أن تكون يقظةـ وهي ملزمة بالمقاومة، بل لها الحق في ذلك، سواء في المحاكم أو في البرلمان الألماني (البوندستاغ). ولكن محاولة حظر منافس سياسي هي طريق مختصرة لمواجهة الحقيقة المزعجة المتمثلة في أن الناخبين الساخطين لديهم حق مشروع في التعبير عن مظالمهم. ولا يمكن حماية القيم الديمقراطية عن طريق كبح الحريات الديمقراطية. ويجب مواجهة تحدي اليمين المتطرف في صناديق التصويت، وليس على منضدة القضاة. إن الانتصار على حزب البديل من أجل ألمانيا عن طريق الحظر القانوني سيكون هزيمة أخلاقية وسياسية.
مايكل برونينج يعمل في لجنة القيم الأساسية للحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الیمین المتطرف حظر الحزب
إقرأ أيضاً:
استطلاع يكشف عن تأييد قوي للطاقة المتجددة في ألمانيا
كشف استطلاع للرأي أن غالبية كبيرة من الألمان لا تزال مؤيدة للتوسع في استخدام الطاقة المتجددة.
وأظهر الاستطلاع، الذي أجراه معهد "آر دابليو آي لايبنتس" للبحوث الاقتصادية ومعهد "فورسا" لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من مؤسسة "إي أون" للطاقة، أن 89.4 بالمئة من الألمان يؤيدون بشكل "تام" أو "إلى حد ما" التوسع في الطاقة المتجددة.
وفي العام السابق بلغت نسبة المؤيدين 87.4 بالمئة، وفي عام 2022 بلغت 89.1 بالمئة، وفي عام 2021 بلغت 87.6 بالمئة.
وفي جميع السنوات تم استطلاع نفس الأفراد والبالغ عددهم 3738 شخصا في الخريف. وكان السؤال هو: "يشمل تحول الطاقة عددا من الأهداف المنشودة لسياسة الطاقة. من فضلك اذكر موقفك تجاهها".
ووفقا للاستطلاع، حدثت تغييرات كبيرة في الإجابات على الموقف من "التوقف التدريجي عن استخدام الطاقة النووية". فبينما بلغت نسبة التأييد هنا 58.1 بالمئة عام 2021، تراجعت إلى 48.4 بالمئة عام 2022 وإلى 46.1 بالمئة عام 2023. ووفقا للاستطلاع الأخير الذي أجري في خريف عام 2024، ارتفع التأييد مرة أخرى إلى 50.8 بالمئة.
وعند السؤال عن "توسيع شبكات الطاقة على نحو متجاوز للأقاليم"، بلغت نسبة التأييد 85.7 بالمئة. كما أيد 76 بالمئة "التوقف التدريجي عن استخدام الفحم". وكانت كلتا القيمتين الأعلى على مدار السنوات الأربع.
وقال ليونارد بيرنباوم، رئيس شركة "إي أون" للطاقة تعليقا على نتائج الاستطلاع، إن نجاح تحقيق تحول الطاقة يتطلب التأكد من أنه قابل للتطبيق بالنسبة للصناعة والمجتمع، وأضاف: "نقطة الانطلاق ليست سيئة على الإطلاق"، موضحا أن الاستطلاعات تُظهر أن تحول الطاقة لا يزال يتمتع بدعم مستقر بين السكان، وقال: "ولضمان بقاء الأمر على هذا النحو، من المهم الحد من الأعباء المالية".