هكذا تمنع حسابات الربح والخسارة بايدن من رفض وقف إطلاق النار في غزة
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
واشنطن- رغم وصول عدد الضحايا الفلسطينيين إلى أكثر من 25 ألف شهيد، يقف الرئيس جو بايدن رافضا فكرة وقف إطلاق النار في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويؤكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، دعم بلاده التوصل إلى "هدنة إنسانية"، تهدف لإطلاق سراح كل "الرهائن" ودخول مساعدات إنسانية إضافية إلى القطاع، كما كان الحال في الهدن المؤقتة السابقة، والتي أعقبها استئناف العدوان الإسرائيلي.
وتشبه الهدن الإنسانية وقف إطلاق النار، وتعرفها الأمم المتحدة بأنها "توقف مؤقت لأعمال العنف على المدى القصير لتوزيع المساعدات الإنسانية".
وعلى عكس وقف إطلاق النار، الذي يتيح في كثير من الأحيان الحوار بين أطراف النزاع أو حتى اتخاذ خطوات نحو اتفاق سلام، فإن التوقف المؤقت يركز فقط على الإغاثة الإنسانية في أغلب الحالات. وعادة تتعلق فترات التوقف الإنسانية بمنطقة جغرافية معينة داخل مناطق الأعمال العدائية لتسهيل عمل إنساني محدد كتخصيص ممرات آمنة لتحرك الأشخاص، أو السماح بوصول المساعدات.
هدنة دائمة أم مؤقتة؟ورفض كيربي تأكيد تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" بشأن اقتراح بوقف الحرب 90 يوما والإفراج عن نحو 132 رهينة على 3 مراحل، وقال "مرة أخرى نحتاج إلى توقف في القتال للقيام بذلك، لكن نحن لا ندعم، حتى اليوم، وقفا عاما لإطلاق النار".
وفي حديث للجزيرة نت، قال غريغوري أفتانديليان خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن إن "عدم دعوة بايدن بعد إلى وقف إطلاق النار، على الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة، يفسر ما قاله منذ البداية، من إنه يشارك إسرائيل أهدافها في هزيمة حماس. ولا يزال بايدن مترددا في الضغط على الإسرائيليين في هذه المرحلة لإنهاء حملتهم في غزة، لكنه يشعر بالإحباط من نتنياهو بسبب العدد الكبير من القتلى المدنيين الفلسطينيين".
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد أكدت أن "التقييم الاستخباراتي الأميركي يدعم حجة أن إسرائيل لا تستطيع القضاء على حماس في أي إطار زمني معقول".
جون كيربي يؤكد بشأن هدنة إنسانية ويرفض فكرة وقف الحرب على غزة 90 يوما (الفرنسية)وكتب دانيال ليفي، رئيس مشروع أميركا والشرق الأوسط البحثي، والعضو السابق في فرق التفاوض الإسرائيلية لعملية سلام الشرق الأوسط، يقول إنه "يجب على فريق بايدن تصحيح المسار، بدءا من ممارسة النفوذ الدبلوماسي والعسكري الحقيقي المتاح له لتحريك إسرائيل في اتجاه المصالح الأميركية، وليس العكس".
وأشار ليفي إلى أن "التحول الأول والأكثر أهمية هو أن تتبنى الإدارة الحاجة إلى وقف كامل لإطلاق النار الآن. ولا يمكن أن يكون ذلك المطلب شكليا فحسب، لكن يجب على الإدارة أن تشترط لنقل مزيد من الإمدادات العسكرية لإسرائيل إنهاء الحرب، ووقف العقاب الجماعي للسكان المدنيين الفلسطينيين".
كما يجب أن تنشئ آليات للإشراف على استخدام الأسلحة الأميركية الموجودة بالفعل تحت تصرف إسرائيل. إن "إنهاء الهجوم الإسرائيلي في غزة هو أيضا أضمن طريقة لتجنب حرب إقليمية والمفتاح لضمان إطلاق سراح الرهائن" يضيف ليفي.
دانيال ليفي يحث فريق بايدن على تصحيح المسار وتبني وقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط (غيتي) عوامل تدفع للتغييرفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والذي سبق له العمل في قنصلية بلاده بالقدس، إلى ضرورة أن "يتغلب بايدن على تعاطفه الممتد طول حياته مع اليهود ومع إسرائيل".
وأشار ماك إلى أن "احتضان بايدن المتهور لبنيامين نتنياهو -وهو شخص عارض الحزب الديمقراطي بنشاط عندما كان بايدن نائبا للرئيس باراك أوباما عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- بدأ في التغير، وهناك دلائل على أن بايدن يغير تدريجيا موقفه فيما يتعلق بوقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة. كما أصبح بايدن واضحا جدا بشأن الحاجة طويلة الأجل إلى حل الدولتين الذي يشمل إقامة دولة فلسطينية".
ولخص السفير ماك للجزيرة نت 3 عوامل تدفع لما عدّه تغيرا تدريجيا في موقف بايدن، وذلك على النحو التالي:
أولا: نمو المشاعر المؤيدة للفلسطينيين بين تيارات داخل الحزب الديمقراطي والناخبين المستقلين خلال عام الانتخابات الرئاسية. ثانيا: يسمع بايدن نداءات الدول الحليفة لأميركا، والتي ترى أن إسرائيل قد ذهبت بعيدا جدا، وأن واشنطن بحاجة إلى استخدام نفوذها لردها بقوة. ثالثا: يستمع بايدن إلى مزيد من أصوات اليهود والإسرائيليين ممن يرون ضرورة اللجوء إلى التفاوض لوقف دوامة العنف، خاصة بعد تأكد حقيقة صعوبة القضاء على حركة حماس.وأكد ماك أن بايدن "وعلى الرغم من حبه الطويل لإسرائيل فكرة ودولة، فإنه أيضا سياسي واقعي، ولن يتجاهل الحقائق الداخلية والخارجية المتنامية".
سفير أميركي سابق: بايدن يتغلب على تعاطفه الطويل مع إسرائيل ويدفع نحو حل دولتين في الشرق الأوسط" (رويترز) صوت الأميركيينفي حين اعتبرت ديانا غرينوالد، الأستاذة بجامعة مدينة نيويورك، أن بايدن يخالف الرأي العام الأميركي. وقالت غرينوالد للجزيرة نت إن "غالبية الناخبين الأميركيين تدعم وقفا دائما لإطلاق النار في غزة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على الأقل.
ومنذ ذلك الحين، تتابع المتحدثة ذاتها، قُتل أكثر من 10 آلاف فلسطيني إضافي، ومئات الآلاف يتضورون جوعا، ولم يتم إنقاذ أي رهينة إسرائيلي. موضحة أن القول بأن إدارة بايدن تصوغ سياساتها ردا على الرأي العام الأميركي يخالف الواقع.
وذكرت غرينوالد أن "إدارة بايدن تعتقد أن المخاطر السياسية لتعزيز وقف إطلاق النار -على سبيل المثال، فقدان دعم اللوبي والمانحين المؤيدين لإسرائيل خلال عام الانتخابات- ستفوق المكاسب المحتملة بين قاعدتها الديمقراطية".
وحسب غرينوالد، يبدو أن الرئيس بايدن يعتقد أنه من خلال إشارات مملة وغامضة إلى حل الدولتين في تصريحاته العامة، سيقتنع الجمهور المحلي والدولي بأن لديه إستراتيجية متماسكة لكيفية إنهاء عنف الإبادة الجماعية هذا.
ولسوء الحظ، تواصل المتحدثة، فإن إشارة الرئيس بايدن الهزيلة إلى السيادة الفلسطينية قد قوضتها على الفور تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو الرافضة لها. ليس لدى إدارة بايدن إستراتيجية واضحة. لقد ربطوا عربتهم بحملة الأرض المحروقة ضد الشعب الفلسطيني، وهم يفقدون نفوذهم على إسرائيل يوما بعد يوم".
اللوبي اليهوديوأوضح آدم شابيرو -مسؤول الملف الفلسطيني الإسرائيلي بمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن"- للجزيرة نت أن موقف بايدن لا يمكن فهمه سياسيا، وربما "يخشى بايدن أن يطالب بوقف القتال، وأن يرفض ذلك نتنياهو علنيا كما كان الحال في حالة الدعوة إلى حل الدولتين".
واعتبر شابيرو أن "هناك بعدا يبدو طفوليا في نهج إدارة بايدن الرافض لدعوات وقف القتال، ويرتبط ذلك بخروج هذه الدعوات مبكرا من قادة التيار التقدمي بالحزب، ويخشى بايدن من الظهور كمن انصاع لدعوات هذا التيار".
وشكك شابيرو في أن يكون لدى بايدن رغبة حقيقية في المطالبة بوقف إطلاق النار، نظرا لتكلفة هذا الموقف الضخمة في عام انتخابات صعبة، إذ لا يمكن لبايدن أن يخاطر بعبء مواجهة إسرائيل في قضية يعارضها اللوبي اليهود الغني ماليا، على الرغم من إدراك بايدن لتكلفة رفضه المطالبة بوقف إطلاق النار مع توقع خسارة أصوات العرب الأميركيين واليهود التقدميين وعديد من أصوات الأقليات الأخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار إطلاق النار فی لإطلاق النار الشرق الأوسط إدارة بایدن للجزیرة نت فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تعود لـ"الألاعيب القذرة" لإفساد مفاوضات وقف إطلاق النار
◄ المئات يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإتمام صفقة تبادل
◄ المعارضة الإسرائيلية تتهم نتنياهو بعرقلة المفاوضات للحفاظ على منصبه
◄ المقاومة: نبدي مسؤولية ومرونة في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق
◄ "حماس": الاحتلال وضع شروطا جديدة أجّلت التوصل إلى اتفاق كان متاحا
◄ عودة فريق التفاوض الإسرائيلي إلى تل أبيب لإجراء مشاورات داخلية
الرؤية- غرفة الأخبار
في الوقت الذي كانت تتحدث فيه وسائل إعلام دولية وإسرائيلية إلى جانب تصريحات مسؤولين إسرائيليين ومطلعين على جهود المفاوضات، عن اقتراب التوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف الحرب على غزة، عادت إسرائيل من جديد لتمارس "الألاعيب القذرة" في محاولة لإفساد مفاوضات وقف إطلاق النار.
وتظاهر المئات من الإسرائيليين وأغلقوا الشوارع المؤدية إلى وزارة الدفاع بتل أبيب للمطالبة بإتمام صفقة تبادل.
وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق للحفاظ على منصبه وحكومته، إذ يهدد وزراء متطرفون -بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير– بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها إن قَبِل إنهاء الحرب على غزة.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن إسرائيل وضعت شروطا جديدة، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا".
وأوضحت في بيان، الأربعاء، أن "مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة، غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطا جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا".
وفي المقابل، اتهم بنيامين نتنياهو حركة حماس بأنها "تستمر في إيجاد الصعوبات في المفاوضات"، مضيفا أن "إسرائيل ستواصل جهودها رغم ذلك بلا كلل لإعادة الرهائن".
وقال مكتب نتنياهو أمس الثلاثاء إن فريق تفاوض إسرائيليا عاد من قطر لإجراء "مشاورات داخلية" بشأن اتفاق يتعلق بإطلاق سراح الرهائن بعد محادثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة استمرت أسبوعا.
وفي الفترة الأخيرة، كثفت قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية جهود الوساطة للتوصل إلى اتفاق، وكان من أهم التحديات عدم الاتفاق على أماكن انتشار القوات الاسرائيلية في مناطق من قطاع غزة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في كلمة أمام قادة عسكريين بجنوب غزة، الأربعاء، إن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية على القطاع، عبر تدابير منها مناطق عازلة ونقاط تحكم.
وتطالب حماس بإنهاء الحرب، بينما تقول إسرائيل إنها تريد إنهاء سيطرة الحركة على القطاع أولا لضمان انتهاء التهديد الذي تشكله على الإسرائيليين.
وفي الوقت نفسه واصلت القوات الإسرائيلية عملياتها في قطاع غزة في واحدة من أقسى العمليات على مدار الحرب المستمرة منذ 14 شهرا، بما في ذلك عمليات في محيط ثلاث مستشفيات في الطرف الشمالي من القطاع في بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا.
وترتكب إسرائيل مذابح بحق الفلسطينيين، في محاولة لإخلاء شمال غزة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة.