واشنطن- رغم وصول عدد الضحايا الفلسطينيين إلى أكثر من 25 ألف شهيد، يقف الرئيس جو بايدن رافضا فكرة وقف إطلاق النار في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويؤكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، دعم بلاده التوصل إلى "هدنة إنسانية"، تهدف لإطلاق سراح كل "الرهائن" ودخول مساعدات إنسانية إضافية إلى القطاع، كما كان الحال في الهدن المؤقتة السابقة، والتي أعقبها استئناف العدوان الإسرائيلي.

وتشبه الهدن الإنسانية وقف إطلاق النار، وتعرفها الأمم المتحدة بأنها "توقف مؤقت لأعمال العنف على المدى القصير لتوزيع المساعدات الإنسانية".

وعلى عكس وقف إطلاق النار، الذي يتيح في كثير من الأحيان الحوار بين أطراف النزاع أو حتى اتخاذ خطوات نحو اتفاق سلام، فإن التوقف المؤقت يركز فقط على الإغاثة الإنسانية في أغلب الحالات. وعادة تتعلق فترات التوقف الإنسانية بمنطقة جغرافية معينة داخل مناطق الأعمال العدائية لتسهيل عمل إنساني محدد كتخصيص ممرات آمنة لتحرك الأشخاص، أو السماح بوصول المساعدات.

هدنة دائمة أم مؤقتة؟

ورفض كيربي تأكيد تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" بشأن اقتراح بوقف الحرب 90 يوما والإفراج عن نحو 132 رهينة على 3 مراحل، وقال "مرة أخرى نحتاج إلى توقف في القتال للقيام بذلك، لكن نحن لا ندعم، حتى اليوم، وقفا عاما لإطلاق النار".

وفي حديث للجزيرة نت، قال غريغوري أفتانديليان خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن إن "عدم دعوة بايدن بعد إلى وقف إطلاق النار، على الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة، يفسر ما قاله منذ البداية، من إنه يشارك إسرائيل أهدافها في هزيمة حماس. ولا يزال بايدن مترددا في الضغط على الإسرائيليين في هذه المرحلة لإنهاء حملتهم في غزة، لكنه يشعر بالإحباط من نتنياهو بسبب العدد الكبير من القتلى المدنيين الفلسطينيين".

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد أكدت أن "التقييم الاستخباراتي الأميركي يدعم حجة أن إسرائيل لا تستطيع القضاء على حماس في أي إطار زمني معقول".

جون كيربي يؤكد بشأن هدنة إنسانية ويرفض فكرة وقف الحرب على غزة 90 يوما (الفرنسية)

وكتب دانيال ليفي، رئيس مشروع أميركا والشرق الأوسط البحثي، والعضو السابق في فرق التفاوض الإسرائيلية لعملية سلام الشرق الأوسط، يقول إنه "يجب على فريق بايدن تصحيح المسار، بدءا من ممارسة النفوذ الدبلوماسي والعسكري الحقيقي المتاح له لتحريك إسرائيل في اتجاه المصالح الأميركية، وليس العكس".

وأشار ليفي إلى أن "التحول الأول والأكثر أهمية هو أن تتبنى الإدارة الحاجة إلى وقف كامل لإطلاق النار الآن. ولا يمكن أن يكون ذلك المطلب شكليا فحسب، لكن يجب على الإدارة أن تشترط لنقل مزيد من الإمدادات العسكرية لإسرائيل إنهاء الحرب، ووقف العقاب الجماعي للسكان المدنيين الفلسطينيين".

كما يجب أن تنشئ آليات للإشراف على استخدام الأسلحة الأميركية الموجودة بالفعل تحت تصرف إسرائيل. إن "إنهاء الهجوم الإسرائيلي في غزة هو أيضا أضمن طريقة لتجنب حرب إقليمية والمفتاح لضمان إطلاق سراح الرهائن" يضيف ليفي.

دانيال ليفي يحث فريق بايدن على تصحيح المسار وتبني وقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط (غيتي) عوامل تدفع للتغيير

في حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والذي سبق له العمل في قنصلية بلاده بالقدس، إلى ضرورة أن "يتغلب بايدن على تعاطفه الممتد طول حياته مع اليهود ومع إسرائيل".

وأشار ماك إلى أن "احتضان بايدن المتهور لبنيامين نتنياهو -وهو شخص عارض الحزب الديمقراطي بنشاط عندما كان بايدن نائبا للرئيس باراك أوباما عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- بدأ في التغير، وهناك دلائل على أن بايدن يغير تدريجيا موقفه فيما يتعلق بوقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة. كما أصبح بايدن واضحا جدا بشأن الحاجة طويلة الأجل إلى حل الدولتين الذي يشمل إقامة دولة فلسطينية".

ولخص السفير ماك للجزيرة نت 3 عوامل تدفع لما عدّه تغيرا تدريجيا في موقف بايدن، وذلك على النحو التالي:

أولا: نمو المشاعر المؤيدة للفلسطينيين بين تيارات داخل الحزب الديمقراطي والناخبين المستقلين خلال عام الانتخابات الرئاسية. ثانيا: يسمع بايدن نداءات الدول الحليفة لأميركا، والتي ترى أن إسرائيل قد ذهبت بعيدا جدا، وأن واشنطن بحاجة إلى استخدام نفوذها لردها بقوة. ثالثا: يستمع بايدن إلى مزيد من أصوات اليهود والإسرائيليين ممن يرون ضرورة اللجوء إلى التفاوض لوقف دوامة العنف، خاصة بعد تأكد حقيقة صعوبة القضاء على حركة حماس.

وأكد ماك أن بايدن "وعلى الرغم من حبه الطويل لإسرائيل فكرة ودولة، فإنه أيضا سياسي واقعي، ولن يتجاهل الحقائق الداخلية والخارجية المتنامية".

سفير أميركي سابق: بايدن يتغلب على تعاطفه الطويل مع إسرائيل ويدفع نحو حل دولتين في الشرق الأوسط" (رويترز) صوت الأميركيين

في حين اعتبرت ديانا غرينوالد، الأستاذة بجامعة مدينة نيويورك، أن بايدن يخالف الرأي العام الأميركي. وقالت غرينوالد للجزيرة نت إن "غالبية الناخبين الأميركيين تدعم وقفا دائما لإطلاق النار في غزة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على الأقل.

ومنذ ذلك الحين، تتابع المتحدثة ذاتها، قُتل أكثر من 10 آلاف فلسطيني إضافي، ومئات الآلاف يتضورون جوعا، ولم يتم إنقاذ أي رهينة إسرائيلي. موضحة أن القول بأن إدارة بايدن تصوغ سياساتها ردا على الرأي العام الأميركي يخالف الواقع.

وذكرت غرينوالد أن "إدارة بايدن تعتقد أن المخاطر السياسية لتعزيز وقف إطلاق النار -على سبيل المثال، فقدان دعم اللوبي والمانحين المؤيدين لإسرائيل خلال عام الانتخابات- ستفوق المكاسب المحتملة بين قاعدتها الديمقراطية".

وحسب غرينوالد، يبدو أن الرئيس بايدن يعتقد أنه من خلال إشارات مملة وغامضة إلى حل الدولتين في تصريحاته العامة، سيقتنع الجمهور المحلي والدولي بأن لديه إستراتيجية متماسكة لكيفية إنهاء عنف الإبادة الجماعية هذا.

ولسوء الحظ، تواصل المتحدثة، فإن إشارة الرئيس بايدن الهزيلة إلى السيادة الفلسطينية قد قوضتها على الفور تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو الرافضة لها. ليس لدى إدارة بايدن إستراتيجية واضحة. لقد ربطوا عربتهم بحملة الأرض المحروقة ضد الشعب الفلسطيني، وهم يفقدون نفوذهم على إسرائيل يوما بعد يوم".

اللوبي اليهودي

وأوضح آدم شابيرو -مسؤول الملف الفلسطيني الإسرائيلي بمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن"- للجزيرة نت أن موقف بايدن لا يمكن فهمه سياسيا، وربما "يخشى بايدن أن يطالب بوقف القتال، وأن يرفض ذلك نتنياهو علنيا كما كان الحال في حالة الدعوة إلى حل الدولتين".

واعتبر شابيرو أن "هناك بعدا يبدو طفوليا في نهج إدارة بايدن الرافض لدعوات وقف القتال، ويرتبط ذلك بخروج هذه الدعوات مبكرا من قادة التيار التقدمي بالحزب، ويخشى بايدن من الظهور كمن انصاع لدعوات هذا التيار".

وشكك شابيرو في أن يكون لدى بايدن رغبة حقيقية في المطالبة بوقف إطلاق النار، نظرا لتكلفة هذا الموقف الضخمة في عام انتخابات صعبة، إذ لا يمكن لبايدن أن يخاطر بعبء مواجهة إسرائيل في قضية يعارضها اللوبي اليهود الغني ماليا، على الرغم من إدراك بايدن لتكلفة رفضه المطالبة بوقف إطلاق النار مع توقع خسارة أصوات العرب الأميركيين واليهود التقدميين وعديد من أصوات الأقليات الأخرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار إطلاق النار فی لإطلاق النار الشرق الأوسط إدارة بایدن للجزیرة نت فی غزة

إقرأ أيضاً:

ممثلة كندية تندد بالإبادة الجماعية في غزة وتطالب بوقف تمويلها

نددت الممثلة الكندية تاتيانا ماسلاني، بالإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مطالبة بالعمل على وقفها ووقف تمويلها ووقف التواطؤ فيها.

جاء ذلك خلال احتفال الممثلة ماسلاني في مسقط رأسها ببلدة ريجينا بوضع نجمة لها في ممشى النجوم، تقديرا لمسيرتها في هوليود وأفلام مارفل، وظهرت مرتدية الوشاح الفلسطيني التقليدي، وحضر الحفل عدد من السياسيين والشخصيات العامة والإعلامية.

وبدا على ماسلاني أثناء وقوفها على خشبة المسرح، تأثرها من العدوان الإسرائيلي على غزة، ووصفت تصرفات جيش الاحتلال بأنها إبادة جماعية.

وقالت: "نحن نشاهد ولا نفعل شيئا، وأود أن أقول بأي منصة لدي إننا لا نستطيع أن نفعل شيئا، وأود أن أطالب حكومتنا بأن تطالب بوقف إطلاق النار"، مضيفة أننا "نشهد الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني على يد الدولة الاستيطانية الاستعمارية الإسرائيلية".



وتابعت: "علينا المطالبة بوقف إطلاق النار، والتوقف عن تمويل الإبادة الجماعية، والتوقف عن التواطؤ فيها"، منهية خطابها بعبارة "فلسطين حرة". وأخبرت الصحفيين في وقت لاحق أنه يجب القيام بالمزيد لوقف الحرب، وأن الإجراءات التي تتخذها الحكومة الكندية والأمريكية تجعلهما متواطئتين.

وفي موقف مماثل الشهر الجاري، حرصت النجمة الكندية، أمريت كور، على ضرورة التأكيد على دعم الفلسطينيين، وذلك خلال تسلمها جائزة أفضل ممثلة، في حفل توزيع جوائز الشاشة الكندية لعام 2024، والذي يعرف متابعة إعلامية كبيرة، واهتماما واسعا في عدد من دول العالم.

وقالت الممثلة الكندية، أمريت كور، خلال تسلّمها جائزة أفضل ممثلة: "أنا خائفة من التحدّث، لكن هذا الشرف يذكرني بأنني فنانة، وكوني فنانة هذا يعني أن عملي أن أشعر وأتعاطف".

وأضافت كور، بلهجة حادّة وكلمات محدّدة، رغم الرّجفة التي حلّت بصوتها: "لأولئك الذين يطلبون منا نحن الفنانين، أن لا نتعاطف خوفا من فقدان الوظائف، خوفا من فقدان المسيرة المهنية، خوفا من فقدان السمعة، أنتم تقولون لنا أن لا تكونوا فنانين".

وأكدت الممثلة الكندية، بنفس اللّهجة القويّة: "أيها الناس أريد أن أقول لكم، إني فنانة، وأرفض التضحية والعيش في كراهية الإنسانية"، وقالت: "أوقفوا إطلاق النار الآن، فلسطين حرة".

مقالات مشابهة

  • “هآرتس”: عودة الإسرائيليين إلى الشمال مرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة
  • الكشف عن الكلمة الوحيدة التي تُصر إدارة بايدن على تغييرها في المقترح “المُعدل” لوقف إطلاق النار بقطاع غزة
  • تفاصيل رفض الاحتلال أي تعديلات على مقترح بايدن لوقف القتال في غزة
  • مسؤول إسرائيلي .. ننتظر إشارة “هامة” من حماس لإبرام الصفقة معها وفقا لمقترح بايدن
  • ترجيح أمريكي باندلاع مواجهة واسعة بين “إسرائيل” وحزب الله خلال أسابيع
  • إسرائيل ترفض أي تعديلات على مقترح بايدن لوقف القتال في غزة
  • ترجيح أمريكي باندلاع مواجهة واسعة بين إسرائيل وحزب الله خلال أسابيع
  • ترجح أمريكي باندلاع مواجهة واسعة بين إسرائيل وحزب الله خلال أسابيع
  • ممثلة كندية تندد بالإبادة الجماعية في غزة وتطالب بوقف تمويلها
  • السيسي يحذّر من توسع الصراع بالمنطقة ويطالب بوقف إطلاق النار