لجريدة عمان:
2024-12-27@08:09:34 GMT

آمالُ حالِم

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

تطالعنا الحياة الموحدة التي يعيشها البشر اليوم بأخبار وأحداث تقضّ مضجع الآمن، وتزيد اليائس يأسا؛ فمن إبادة على مرأى ومسمع من الجميع بحق غزة وفلسطين عامة، إلى قصف اليمنيين وأحداث السودان المريرة ومصائب العالم المنصبة، أو بالأحرى المصبوبة صبا على الشرق الأوسط وأهله وبلدانه. فما الحد الأخلاقي لهذا كله؟ وهل له وجود أصلا؟ تساؤلات كثيرة تعصف بالمرء وهو يقارع الحياة بصدر عار من الدروع ووجه لفحته شمس الصحراء والقوت اليومي.

لا أدّعي في هذه المقالة بأنني صاحب المصباح السحري الذي يفض المشكلات أو يجلب السعادة والرخاء المثاليين للحالم السعيد، لكن أولى خطوات الفهم؛ التساؤل والسؤال، ثم يأتي من يملك القدرة والمعرفة من علماء ومفكرين وأدباء وحالمين حتى! فكما أن سدا هائلا يمكن أن تثقبه فأرة فيخر ساقطا، فقد يكون الحل بيد من لا يتوقع منه الحل.

أتذكر في المرحلة الابتدائية من الدراسة، أن مثلت مدرستي في أحد المحافل على مستوى محافظة الداخلية حينها، وكانت الخطة أن نقدم كطلاب صغار رؤانا ومقترحاتنا للشرطة في كيفية إلزام السائقين بالنظام بهدف التقليل من الحوادث والانتباه في الطريق. وكانت الحلول حينها خيالية أفلاطونية. فمن يصدق أنه في بداية الألفية حين كانت قمة التطور والرقي عند الناس استعمال جهاز «البليب»!. وهو جهاز صغير أصغر من حجم الكف، يرسل إشارة إلى صاحب جهاز آخر مثله بأنه يود الحديث إليه، فيتجه المرسل والمستقبل إلى هاتف ثابت كل في مكانه، فيقومان بالتحدث إلى بعضهما عبر الهاتف الثابت. من كان يتخيل حينها أن يتطور الأمر إلى جهاز بحجم الكف يحوي العالم بأسره، وإلى رادار يلتقط صورة السائق إن هو استعمل الهاتف اليدوي أو أهمل لبس حزام الأمان!. وأتذكر حينها أن اقتراحاتنا حينها تم أخذها بعين الرجل الكبير الناظر إلى طفل صغير لا يدرك ما يقول، رغم أن التاريخ كله يشهد أن الطفرات التي حصلت فيه، ما هي إلا نتاج لخيال الحالمين وعملهم. فمن الخيميائي نيوتن، حتى الحالم بحرية فلسطين التونسي محمد الزواري مهندس طائرات حماس المسيّرة؛ يحقق الحالمون المؤمنون بالمُثل العليا أحلامهم ويشيدونها على أرض خصبة للحرية وأساس متين.

من حقنا أن نحلم بغد جديد، ونعمل على تحقيقه واقعا. فاليائس مهيض الجناح مأكول لا محالة، والمتفائل المثابر في عمله يحقق آماله وآمال أمته ووطنه ولو بعد حين. ونجد أمر اليأس والتفاؤل، والخوف والجزع والفُرجة والفَرج حاضرين في القديم والحديث، وهاك خبرا من كتاب «محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» لأبي القاسم الحسين بن محمد بن المفضَّل المعروب بـ «الراغب الأصفهاني» في المجلد الرابع من موسوعته «قال أبو عمرو بن العلاء: خرجت هاربا من الحَجَّاج إلى مكة، فَبينما أَنا أَطُوف إِذ سمعت أَعْرَابِيا يقول لآخر: مات الحَجَّاج، فأنشده الآخر:

ربّما تجزَعُ النُّفُوس من الْأَمر

لَهُ فَرجَةٌ كحلِّ العِقال

فلم أدرِ بأي القولين أفرح؛ أبموت الحَجَّاج، أم بقوله فَرجَة بفتح الفاء». وفي تهذيب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج2 « والفَرْجة بفتح الفاء: التفصِّي من الهمّ. فأمّا الفُرْجة بالضّم، ففُرْجة الحائط وما أشبَهَه». وأبو عمرو بن العلاء هذا، أحد أعلام العربية الكبار وكان متصرفا في علوم كثيرة مقدما فيها، كان عالما باللغة وأحد القرَّاء السبعة وأحد مفسري القرآن الكريم، وعنه أخذ كثير من نوابغ العربية وأئمتها علومهم.

وبعد أن أرسى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- حجر الأساس لمجمع عُمان الثقافي قبل أيام، فإننا نحلم بأن يكون هذا المجمع -خصوصا ما يتعلق بالمكتبة- مكانا يحتضن المبدعين الحالمين الشغوفين بالكتب والمكتبات خصوصا؛ فالمكتبة حية بحياة وحب من يعمل فيها، ومتى كان موظف المكتبة شخصا لا يعرف منها سوى رقم تتبع الكتاب الفلاني ويراقب الداخل والخارج منها، ماتت المكتبة وفقدت بريقها وحياتها. فهل سيعمل في المكتبة شغوف بها يكون بورخيس العماني؟ لم لا!.

ربما تكون خاتمة هذه المقالة غير اعتيادية بتاتا، ولكنني أؤمن بأن الطفولة أساس الغد تفكيرا وحياة ومصيرا؛ ولأنها كذلك، أختتم بكلمات شارة الرسوم المتحركة التي كنا نتابعها في طفولتنا، وأرجو أن نتدبر كلماتها جيدا، فمثل هذه الكلمات هي ما يبني جيلا معتمدا على ساعديه في بناء حياته ووطنه، وهي كلمات شارة الرسوم المتحركة «سابق ولاحق» (آن الأوان الآن سنثبت أننا، الأمهر في السباق بعزمنا، الصعب هان، والفوز منا قد دنا بالإصرار حققنا المنى.. بالعمل حلمنا سار معنا ووصل، وفي النهاية الصعب هان.. هيا، سابق لا تتردد لاحق الفوز مؤكد، لا لن يهزم أبدا من سعى بإصرار، سابق لا تتردد لاحق الفوز مؤكد، لا لن يهزم أبدا من سعى نحو الانتصار). كما أؤمن أن هذا الظلم الرازح من قوى الاستعمار الناعم على صدر الشرق الأوسط وإفريقيا زائل لا محالة، فكلما بلغ الأمر ذروته وجبروته، فلا بد من سقوط مدوٍّ، وإن بدا أنه أفول بطيء.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مغردون عن عملية القسام ببيت لاهيا: هكذا يكون تحرير الأسرى يا نتنياهو

فاجأت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قوة إسرائيلية تحصنت داخل مبنى في مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وتمكنت من طعن وقتل 3 جنود إسرائيليين، بعد اقتحامه والإجهاز على أفراد القوة من مسافة الصفر وغنم أسلحتهم.

ولم تكن هذه العملية مثل سابقاتها، بعد 445 يوما من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، فبين تفاصيل إعلان القسام -في بيانها العسكري- أمس الاثنين، برزت إشارة الكتائب إلى أن مقاتليها أخرجوا عددا من المواطنين الذين احتجزهم الاحتلال داخل المنزل المستهدف.

لأول مره في تاريخ النضال الفلسطيني و بعد عام من الحرب والحصار والتجويع والإبادة ، نجح مجاهدي كتائب القسام في تحرير عدد من الأسرى الفلسطينيين المدنيين ، بعد قتل القوة التي اعتقلتهم في بيت لاهيا شمالي غزة . https://t.co/Yp9P63qEbv

— نجلاء فقط ! (@Gredtoo) December 23, 2024

ولاقى هذا النبأ تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما وأن إعلان القسام يسجل أول عملية تحرير أسرى فلسطينيين بالقوة في تاريخ الصراع مع الاحتلال.

ورغم ادعاءات الجيش الإسرائيلي بتدمير قدرات المقاومة الفلسطينية شمال غزة، فإن عملية طعن وقتل أفراد القوة الصهيونية وتحرير المواطنين من المبنى، تؤكد أن مشاريع الاحتلال لن تمر بصمود وعزيمة المقاومة التي تسجل أول عملية تحرير أسرى بالقوة في تاريخها، كما قال الناشط أحمد المغربي.

إعلان

بدوره، قال الناشط يوسف الدموكي إن المقاومة أجهزت على 3 جنود في مبنى محصن من المسافة صفر، بالسكاكين، ثم غنموا أسلحتهم وأجهزوا على أفراد القوة كافة، وبعدها حرروا مواطنين غزيين كانوا أسرى لدى العدو، مضيفا "هكذا تكون عمليات تحرير الأسرى يا نتنياهو".

ورأى الناشط أسيد ربابة أنه رغم مرور 444 يوما على الحرب وتدمير غزة بالكامل، فإن المقاومة ما تزال صامدة وتدافع عن أرضها وعن كرامة الأمة، مشيرا إلى عملية تحرير الأسرى من المبنى الذي تحصنت به القوة، وباستخدام السكاكين.

بينما أثنى الناشط معتز عواد على تحرير الأسرى الفلسطينيين "بعملية عسكرية لا بصفقة"، مضيفا أنها "عملية استثنائية لم يستخدم فيها الطيران ولا البنادق الآلية ولا القنابل اليدوية ولا المناظير الليلية، وإنما نُفذت بقلوب حديدية وسكاكين حادة فقط".

وجرت عملية تحرير الأسرى الفلسطينيين شمال غزة، في محيط محاصر من جيش الاحتلال المتوغل في مشروع بيت لاهيا، والأحياء الجنوبية من مخيم جباليا، تحت كثافة نيران "تشبه أهوال قيامة صغرى"، ومن "مسافة تعد الصفر إلى مسافات تحت الصفر" فحملت معها بطولة قلّ نظيرها في العالمين، كما قال الناشط حسن.

المقاومة تعلن عن تحرير أسرى فلسطينيين باستخدام السكين لأول مرة، والإعلام العبري يتحدث عن مقتل ثلاثة جنود من لواء كفير في نشر أولي في حدث أمني شمال قطاع غزة

وفي بيان المقاومة
تمكن المقاومون من طعن وقتل الجنود الثلاثة أثناء وجودهم في مهمة حماية مبنى تحصنت به قوة إسرائيلية خاصة.… pic.twitter.com/3Ll3VvAejw

— Tamer | تامر (@tamerqdh) December 23, 2024

ورفعت العملية المعقدة التي أعلنت عنها كتائب القسام، معنويات الفلسطينيين وغيرهم من المتضامنين حول العالم، بعد نحو 15 شهرا من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل بكامل قواها وعتادها العسكري لتدمير قطاع غزة.

إعلان

ومنذ 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال عملية عسكرية في شمال غزة، بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".

وفي حين تقول هيئة البث الإسرائيلية إن 38 جنديا قتلوا في شمال القطاع منذ بداية العملية العسكرية الثالثة على مخيم جباليا، خلال هذه الحرب، تؤكد المقاومة الفلسطينية أن خسائر قوات الاحتلال أكبر بكثير.

لاول مرة منذ ١٤ شهر، شبابنا في بيت لاهيا-غزة يُحررون أسرى فلسطينيون من قبضة جنود الإحتلال كان العدو يحتجزهم في منزل و يُكَتِّفون ٣ من تشلابهم. بترفعوا معنوياتي و معنويات الشعب الفلسطيني كله و أنصارهم pic.twitter.com/oprl7f94rm

— Khaled Salaymeh (@kalsal) December 23, 2024

وأكد الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، أن "بطولات مجاهدينا وأداءهم الميداني في شمال القطاع هو نموذج ملهم لكل أحرار العالم"، مشيرا إلى أن "العدو يخفي خسائره الحقيقية وحالة جنوده المزرية في شمال القطاع حفاظا على صورة جيشه".

 

مقالات مشابهة

  • تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون عام 2025 بداية النهاية؟
  • 100 طائرة إسرائيلية تهاجم اليمن.. وإعلام: لن يكون الأخير
  • هل يكون الحوثيون التاليين؟ يمنيون يفكرون في سقوط الأسد السوري
  • وزير الخارجية الروسي: لن يكون هناك حل سهل للأزمة الأوكرانية
  • آمال ماهر تحيي حفلاً في العلا
  • «الباراسيتامول» قد يكون قاتلاً.. ولكن متى؟
  • السوداني: ساهمنا بإبعاد بلدنا أن يكون ساحة للحروب والصراعات في المنطقة
  • إبراهيم عيسى: رضا المواطن لابد أن يكون على رأس اهتمامات الحكومة
  • المطران عون: عسى ان يكون العيد هذا العام مغايراً عن السنوات الماضية
  • مغردون عن عملية القسام ببيت لاهيا: هكذا يكون تحرير الأسرى يا نتنياهو