- تجربتي انعكست بنسبة ما لكنني حرصت على أخذ مسافة من الشخوص

- الكتابة المستمرة وفعل المثابرة تجعل للكاتب أسلوبه الخاص

- كنت مستمتعة بالكتابة بالرغم من قتامة الموضوع وثقله

- رابط الشخوص جميعًا -وهو ما قد لا يتبدى للبعض-.. هو رابط الغضب المتراكم.

في عالم الأدب الإماراتي تتألق صالحة عبيد بروايتها "دائرة التوابل"، التي ترشحت للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية.

حيث ثلاث حكايات وثلاثة أزمنة وثلاث مدن، متخذة حاسة الشم حدثا أبرز تدور حوله قصص فاطمة وشمَّا وشيريهان، وعبر هذه القصص قدمت صالحة بانوراما لحياة المجتمع الإماراتي.

في هذا الحوار، سنقتفي أثر الرائحة ونقف عند عتبة الرواية وشخصياتها وأزمنتها، لنستكشف عبر هذا الحوار القصير الحكايات والزمان والمكان.

******************************************

- نبارك لكِ -في البدء- وصول روايتك "دائرة التوابل" إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، هل توقعتِ ذلك؟ وكيف استقبلتِ الخبر؟

* بارك الله فيكم، بالنسبة للتوقعات فإن الأمر يصعب التكهن به خصوصًا أننا نتحدث في أي تنافس عن جانب لا يستهان به من الحظ، كنت فقط أضع الأمل.. أما عن استقباله فقد جاء بسعادة دون شك.. والأجمل أنه جاء وسط انهماكي بالعمل على نتاج قادم.

- "دائرة التوابل" عتبة مواربة ولا تشرح مضمون الرواية، لماذا اخترتِ هذا العنوان بالذات؟

* التوابل بشكل ما تتحرك في خلفية العمل هي ليست بارزة لكنها كانت دائما الخيط الرفيع الذي ربط بين ثلاثة أجيال منذ فاطمة مرورًا بشمَّا وصولًا إلى شيريهان.. أما الدائرة فقد تكون إشارة دائمة في "لا وعيي" إلا أن الأشياء هي دوران دائم في التاريخ والإنسان والشعور، كل نهاية هي بداية أخرى، وكل بداية هي نهاية في موضع آخر وهكذا.. أردت من العنوان أيضًا أن يحمل ثيمة الرائحة كونها عنصر البطل فيما يتعلق بهذا العمل وحوله تتحرك كثير من الأحداث.

- كيف استلهمتِ فكرة الرواية غير المألوفة؟ حيث امرأة تشم فوق العادة، وتحكم على الناس وتقرر بشأنهم استنادا إلى روائحهم.

* في "لا وعيي" كنت مرعوبة في فترة "كوفيد ١٩"من فكرة تعطل الحواس أكثر من تعطل الجسد الكامل المؤدي للموت.. هذا العطب بقي هاجسًا بداخلي وإن كنت لا زلت أرفض الكتابة المباشرة الاستعجالية عن فترة الوباء.. وضمنيًا من هناك أتت شمَّا العالية بحاستها الخارقة التي تفوقت على كل شيء وكل أحد.. الحاسة التي خفت أن تتلاشى فأعطيتها دور البطولة ثم تتابعت الأفكار.

- الرواية نوع جديد من الكتابة، وصف بأنه مزيج بين أكثر من نوع من أنواع السرد الأدبي، كيف ترينه أنتِ؟ وهل كان أمرا خططتِ له فعلا؟

* أحب فكرة اللعب أثناء الكتابة وبقدر ما توحي هذه الكلمة بالاستخفاف لدى البعض بقدر ما أنها تعني المحاولة لكي لا يكون ما قيل منذ بدأ الإنسان نسج القصص معادًا بذات الطريقة الرتيبة.. إنها متعة التجريب والتحريك والفك والتركيب.. لا أقول أن كتابتي خارقة بالضرورة.. لكنها طريقتي التي تجعلني أستمتع في كتابة السرد.. ثم العمل على جعل القارئ شريكًا في تلك اللعبة متى ما سمح لي بذلك.

- ثلاث شخصيات وثلاثة أزمنة ربطتها صالحة بحبل رفيع. كيف استطعتِ الحفاظ على هذا الرابط وقت الكتابة؟

* رابط الشخوص جميعًا وهو ما قد لا يتبدى للبعض.. هو رابط الغضب المتراكم بدءًا من ابن المعتز وصولا لشيريهان.. غضب أزمنتنا المشتعلة، غضبنا المتراكم منذ أول شعور بالغضب، إذ أنني لا أؤمن "بطزاجة" الأشياء اليوم.. هذا البعد المركب هو ما يمنح الحياة قدرتها على التعقد والاستمرار والحفر العميق بدلا من الانبساط فالتسطيح فالتلاشي.. كنت أفكر بالغضب وأمده كخيط بين الشخوص غضب ابن المعتز الذي تمكن منه جراء قتل والده وجده وغضب شمَّا من البتر ونقمة فاطمة من الصفعة والحرمان وحنق شيريهان من عدم تمكنها من سبر طريقها نحو تفكيك الموت واستكشاف العدم وكل منهم يتقاطع مع غضبه بالآخر

- بدا أن هناك اندماجا حدث بين الشخصيات والقرَّاء، وهذا ما عبر عنه كثير منهم، كيف نجحت في صنع ذلك؟

* كنت مستمتعة بالكتابة بالرغم من قتامة الموضوع وثقله ولعل ذلك وصل للقارئ فاستمتع بدوره.. يصعب التكهن لكنه احتمال ولم يكن خطة معدة مسبقا بالطبع بقدر ما أردت أن تصل للقارئ الفكرة المبدئية التي سيبدأ منها التأويل كلٌ وتجربته الخاصة أثناء القراءة.

- بطلة الرواية مأخوذة بهاجس الموت واكتشاف أسراره، وأنتِ كذلك لك تجربتك الخاصة مع الموت، هل تترك صالحة شيئا منها في الشخصيات التي تكتبها؟

* نسبيًا نعم.. الكتابة فيما يتعلق بدائرة التوابل كانت مبحثي الضخم بشكل شخصي لكن لا تقاطع كبير وإلا لكانت كل الشخوص، أنا تجربتي انعكست بنسبة ما لكنني حرصت على أخذ مسافة ما استطعت من الشخوص أثناء الكتابة لكي لا أخل بالشرط الفني.

- ماذا تقولين للقراء الذين تمنّوا نهاية مختلفة؟

* لا بأس، لا تمنحنا الحياة ما نتمناه غالبًا.. ولذلك نواصل.

- كيف يمكن أن يكون لكاتب ما أسلوبه الخاص في قول الأشياء؟ برأيك.

* بالكتابة المستمرة.. الكتابة بعد الأخرى التي ستخفف منها ككاتب من أصوات الآخرين وتبدأ شيئا فشيئًا بإيجاد صوتك الخاص.. والأصيل.. لا أظن أن هناك شيئًا آخر غير فعل المثابرة قد يحقق ذلك.

- قد ترين أنه أمر سابق لأوانه، لكن ما أول ما ستفعلينه إذا فزتِ بالبوكر؟

* في الحقيقية لا أعلم.. هذا سؤالٌ سابق لأوانه بكثير لذلك لا أستطيع الإجابة عنه.

***********************************

في سطور:

*صالحة عبيد صالحة عبيد، كاتبة إماراتية من مواليد 1988. نشرت قصة قصيرة بعنوان "زهايمر" (2010)، تلاها مجموعتان قصصيتان هما "ساعي السعادة" (2012) و"آيباد الحياة على طريقة زوربا" (2014). فازت مجموعتها الثالثة "خصلة بيضاء بشكل ضمني" (2015) بجائزة العويس للإبداع 2016. وفازت عن مجمل أعمالها بجائزة الإمارات للشباب في فئة الكتابة الإبداعية عام 2017، وفي العام 2018 نشرت روايتها الأولى بعنوان "لعلها مزحة".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وما تحتويه بألمانيا

(CNN)-- قال خبراء إن تميمة فضية صغيرة اكتشفها علماء آثار في ألمانيا يمكن أن تغير فهمنا لكيفية انتشار المسيحية في ظل الإمبراطورية الرومانية، وتم اكتشاف القطعة الأثرية الصغيرة، التي يبلغ طولها حوالي 1.4 بوصة (3.6 سم)، في قبر روماني يعود إلى القرن الثالث خارج فرانكفورت في عام 2018.

وعثر علماء الآثار على هيكل عظمي لرجل مدفون في مقبرة بمدينة نيدا الرومانية، وهي واحدة من أكبر وأهم المواقع في ولاية هيسن بوسط ألمانيا، ومع ذلك، فقد استغرق الأمر حتى الآن حتى يتمكن الباحثون من فحص رقاقة فضية رقيقة تم العثور عليها بداخل التميمة.

وإلى جانب قطع أثرية أخرى في القبر، مثل مبخرة وإبريق مصنوع من الطين، تم العثور على التميمة تحت ذقن الهيكل العظمي. يُعرف أيضًا باسم التصيدية، ومن المحتمل أنها تم ارتداؤها على شريط حول رقبة الرجل لتوفير الحماية الروحية.

وكانت الرقاقة "الرقيقة مثل الشعرة" الموجودة داخل التميمة هشة للغاية لدرجة أنها كانت ستتفكك ببساطة إذا حاول الباحثون فكها، إلا أن الفحوصات المجهرية والأشعة السينية التي أجريت عام 2019 أظهرت وجود كلمات محفورة عليها، واستغرق الأمر خمس سنوات أخرى قبل أن يتوصل فريق المتحف الأثري في فرانكفورت إلى طريقة لفك رموز ما هو مكتوب.

ومن خلال عملية فتح الورقة رقميًا أصبح النص بأكمله مرئيًا ويمكن بعد ذلك فك شفرته. وما اكتشفه الباحثون أذهلهم.

أقدم دليل على المسيحية

كان هناك على الرقاقة 18 سطرًا من النص اللاتيني الذي يشير بشكل متكرر إلى يسوع، بالإضافة إلى القديس تيطس، وهو تلميذ ومقرب من القديس بولس الرسول، وبما أن القبر الذي تم العثور فيه على التميمة يعود إلى ما بين 230 و 270 ميلادي، فقد ظهرت التميمة كأقدم دليل على المسيحية في أوروبا شمال جبال الألب، وجميع الاكتشافات السابقة تعود إلى ما لا يقل عن 50 عامًا بعد ذلك، بحسب بيان.

في وقت الدفن، كانت المسيحية قد أصبحت طائفة ذات شعبية متزايدة ولكن تعريفها كمسيحية كان لا يزال محفوفًا بالمخاطر، من الواضح أن الرجل المدفون، الذي يُعتقد أنه كان يتراوح عمره بين 35 و45 عامًا، شعر بإيمانه بقوة لدرجة أنه أخذه معه إلى القبر.

وقام ماركوس شولتس، عالم الآثار والخبير في النقوش اللاتينية والأستاذ بجامعة غوته في فرانكفورت، بفك شفرة نص "نقش فرانكفورت الفضي" كما هو بات معروفا الآن، وقال واصفًا العملية المعقدة: "في بعض الأحيان، استغرق الأمر مني أسابيع، وحتى أشهر، للتوصل إلى الفكرة التالية، لقد استدعيت خبراء من تاريخ اللاهوت، من بين آخرين، وعملنا شيئًا فشيئًا معًا للتعامل مع النص وفك شفرته أخيرًا، وأن حقيقة أن الكتابة كانت باللغة اللاتينية بالكامل كانت غير متوقعة على الإطلاق.

وعند ترجمة النصوص اللاتينية إلى اللغة الإنجليزية، كتب ما يلي:

جزء من اللفافة داخل التميمة الفضيةCredit: Leibniz Center for Archaeology in Mainz

"(بالاسم؟) القديس تيطس.

قدوس، قدوس، قدوس!

باسم يسوع المسيح ابن الله!

رب العالم

يقاوم (بقدر استطاعته؟)

جميع الهجمات(؟)/ النكسات(؟).

الله (؟) يمنح الرفاهية

دخول.

هذه وسيلة الخلاص (؟) تحمي

الإنسان الذي

يستسلم للإرادة

من الرب يسوع المسيح ابن الله،

منذ ما قبل يسوع المسيح

كل الركب تجثو ليسوع المسيح: السماوي

الأرضية والباطن وكل لسان

آمن (بيسوع المسيح)."

ولا توجد إشارة في النص إلى أي ديانة أخرى غير المسيحية، وهو أمر غير معتاد أيضًا في هذا الوقت، ووفقًا لمتحف فرانكفورت للآثار، فإن الأدلة الموثوقة للحياة المسيحية في مناطق جبال الألب الشمالية للإمبراطورية الرومانية تعود إلى القرن الرابع الميلادي.

مقالات مشابهة

  • نبيلة عبيد تعلن عودتها للشاشة بمسلسل جديد
  • محمد صلاح بواصل كتابة التاريخ مع ليفربول.. ماذا حدث؟
  • اسعار التوابل اليوم الاثنين 23-12 -2024 في محافظة الدقهلية
  • البشر وحيوانات الكسلان العملاقة عاشوا معا لآلاف السنين.. اكتشافات جديدة تغير السرد التاريخي
  • أسعار التوابل اليوم الأحد 22-12 -2024 في محافظة الدقهلية
  • التفاصيل الصغيرة تصنع الحكايات الكبيرة.. أسرار الكتابة الإبداعية في معرض جدة للكتاب
  •  خبر سار للسوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم من الأردن
  • أسعار التوابل اليوم السبت 21-12 -2024 في محافظة الدقهلية
  • قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وما تحتويه بألمانيا
  • من الهواية إلى الاحتراف.. رحلات الكتابة تكسر التحديات بدعم الحاضنات الأدبية