لجريدة عمان:
2024-11-08@19:07:38 GMT

من يتذكر توفيق صايغ؟

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

ليس من المفروض أن تكون هناك مناسبة حتى أكتب عن الشاعر الفلسطيني توفيق صايغ، نعم هذا ليس عيد ميلاده ولا ذكرى رحيله، وليس هناك كتاب جديد له طبع بعد موته من قبل محبين؛ لأحتفي به، وليس هناك مركز ثقافي بُني باسمه، ليذكرني به، أكتب عن توفيق احتراما وتكريما لصاحب تجربة شعرية مهمة، وأول من كتب قصيدة النثر في العالم العربي، لم يكترث لها سوى القلة، ممن يحترمون حق الشاعر في أن يكون نفسه، وروحه وسياقه، وكان توفيق نفسه وخياره الشعري والفكري، آمن بالمسيح واستخدم أساطيره الغريبة، أدخل مفردات حوشية في نصوصه الشعرية، واحتفى بالشامتين والشاتمين من النقاد والقراء ونشر الشتائم على أغلفة كتبه، استهتارا وسخرية، وصف جمهور الشعر بالكلب، ذاهبا إلى قصيدة مختلفة وبعيدة ومركبة مكتفية بثقتها بنفسها.

لا آباء لتوفيق شعريا وحياتيا سوى المسيح بتعاليمه وسيرته وفدائيته، ولا أتباع أو مريدين له، أو متأثرين واضحين، أحب سيرة توفيق، أعشق عزلته وثقته بقدرته وقدرة قصيدته على التخلي عن العالم، حياته تشبه قصائده، سلسلة دامية من العزلة والنبذ واختيار الغريب، واللاتكيف والغربة، رفض أن يكون من ضمن مجانين مجلة شعر، وأخذ الشعر إلى أعلى نثريته وافتراقه عن المألوف، وظل ملعونا من قبل النقاد ومطرودا من ذائقة الشعر العامة، وحين استلم رئاسة مجلة (حوار) الثقافية في ستينيات القرن الماضي، لمعت بشكل غير معقول غربة توفيق، إذ اتهمت المجلة بأنها ممولة من الاستخبارات الأمريكية، مما اضطر الشاعر إلى الاستقالة منها، في غربته في المنفى البريطاني البارد وهو يدرس في جامعة هارفرد، انفجرت انفعالاته العاطفية وتشكلت على صورة أزمات ودمار نفسي حاد، إذ عشق الشاعر فتاة بريطانية عشقا لا يشبهه عشق آخر، كانت (كاي) وهذا رمز لاسمها امرأة قوية وعجيبة، استغلت قلب الشاعر المرهف، وتحكمت به، بل ولعبت في حياته، ممزقة استقراره. في مقال طويل منشور في كتاب (النار والجوهر)، يقول الروائي الشهير جبرا إبراهيم جبرا رفيق توفيق ومجايله وزميله في مقاعد الدراسة بالكلية العربية بالقدس: (كانت كاي تعذبه وتغويه وتتقن كلا الفنين وتتمتع بهما، ما رأيته في لندن في أواخر الخمسينيات إلا وهو في تباريح غريبة من هذه الفتاة وهي فنانة تقيم في لندن، تتشبث به وتغار عليه).

لكن هذه الفترة المجنونة، جاءت بديوان شعري هائل (القصيدة ك عام 1960)، كتب فيها توفيق هواجسه وألمه وشكوكه، وظلت الذائقة العربية بعيدة عن مجرد الاقتراب ومحاولة فهم لغة فضاءات هذا الممسوس بالشعر وقيم المسيح وخلاصه، وكان قبل ذلك أصدر ديوان (ثلاثون قصيدة عام 1954) ثم أصدر (معلقة توفيق صايغ عام 1963)، لم يبق أحد لم يختلف معه توفيق: الأهل، الأشقاء تحديدا، وعميد الكلية العربية في القدس وأصدقاؤه وقراؤه ونقاده، وحبيبته القاسية، لم يرض هو عن أحد ولم يرض عنه أحد، عاش غريبا، ومات وحيدا، حرث له أرضا خاصة في كل شيء، حياته طيلة دراسته في القدس غامضة والمعلومات عنها قليلة، لكن جبرا إبراهيم جبرا يقول عن هذه الفترة: إن توفيق أمضاها وحيدا، بلا أصدقاء وبلا نشاطات ثقافية، ودون حضور إبداعي في صحف فلسطين وبعداء وصدام مع إدارة الكلية، وبعد كامل عن النساء، وأضاف جبرا: الوحيد الذي كان يثق به توفيق ويعجب به هو أستاذ اللغة اللاتينية في الكلية عبد الرحمن بشناق.

احتفى توفيق شعريا بأسطورة حيوان الكركدن مع العذراء، وهي أسطورة مسيحية لم تقتنع فيها ذائقة الشعر العربي آنذاك، (يقول الباحث محمود شريح بأن قصيدة «الكركدن» قد أثارت زوبعة من النقاش والجدل، وأحيانا الهجوم عند نشرها، فقد كتب عاصم الجندي مقالة ضدها عنوانها «أبعدوا هذا الطنين عن أذني»، وقال عنها علي الجندي إنها «نشاز غريب وصفاقة هجينة، وتجنٍّ مريب على الشعر»، بينما انبرى للدفاع عنها الناشر والصحفي رياض نجيب الريس وأعجب بها الروائي السوداني الطيب صالح من خلال رسالة إلى الصايغ. ويعتبر الشاعر العراقي سامي مهدي في كتابه «تجربة توفيق صايغ دار رياض الريس»، أن بعض دوافع الحملة على قصيدة صايغ كان سياسيا محضا، يتصل بطبيعة مجلة «حوار» وجهة تمويلها، في حين كان الاعتراض المبدئي على الشعر الحر وتقنياته وغموضه الدافع الآخر لها).

ومن ضمن غرابات حياته ومماته وشعره كانت ميتته غريبة، إذ أصيب عام 1971 بنوبة قلبية أثناء وجوده في مصعد البناية التي كان يسكنها.

من الذي بقي من توفيق بعد هذه السنوات من غيابه عن المشهد الشعري الذي لم يكن أصلا فيه؟. يقول الباحث الفلسطيني محمود شريتح أحد أهم الباحثين في شعرية وحياة توفيق في حوار مع جريدة الاتحاد الظبيانية ردا على سؤال عن سبب إيمانه بشعرية توفيق ودافعية بحثه المخلص والكبير في عالمه:

(صباح يوم أحد في بيروت وقَعْتُ في ملحق صحيفة «النهار» اللبنانية (9/‏‏‏‏‏1/‏‏‏‏‏1972) على قصيدة «غزل مُرّ» للشاعر توفيق صايغ، فَسَرَتْ فيّ رعشة وانفتحت أمامي آفاق. كنت واقعا آنذاك تحت تأثير الشاعر خليل حاوي بتشجيع من أستاذيّ رائف لبكي ونبيل رحّال، ومولعا بالرومنطيقية بتأثير أستاذ ثالث في «الإنترناسيونال كوليدج» في بيروت، هو ألفريد خوري. احتفظت بملحق «النهار» وكنت كلّما قرأت غزلا مرا، سَرَتْ فيّ الرعشة نفسها. ثم بدأ البحث عن توفيق صايغ.

وجدت نفسي أتعامل مع شخصية فريدة وطريفة. عالم مغلق يصعب دخوله. شاعر مرهف ومنفي ويعاني وحدة صراعية داخلية عنيفة. صداقات عديدة وعلاقات نسائية متشعبة. متشرّب ثقافة شرقية وغربية. مغرق في تجديد شكل القصيدة ومضمونها. صديقه الكتاب ومهنته الشعر. أستاذ متفانٍ. مولع بالتقاط الصور غير التقليدية. يكره الرسميات. لا يدخّن. لا يقصّ شعره إلا مرة أو مرتين في السنة. أحبّ المقاهي. ابتعد عن الأضواء وانتمى إلى بساطة بوهيمية. يقضي الليل بطوله يقرأ. يفتّش في المكتبات عن جديدٍ يقرأه، وإذا لم يجده خرج حزينا. صادَقَ شعراء الحداثة وشجّعهم. روّج للشعر العربي المعاصر ودرّسه في بيروت وكامبريدج وكاليفورنيا. مترجم بارع وناقد متمكّن. عاشقّ، قصائدُه عاطفة ولوعة. أضناه ضياع الوطن فرثاه بأسى وحزن. هجره القدر، فأدرك اغترابه الأبدي. قصيدته مُرّة، وعتابه غصّة وسيرته سِفر أيُوب).

توفيق صايغ في سطور

ولد الأكاديمي والشاعر الفلسطيني توفيق صايغ عام 1923 في قرية «خربا» جنوب سوريا، وانتقل والده، القس عبد الله صايغ مع عائلته إلى قرية البصة شمالي فلسطين، ثم إلى طبريا سنة 1930، وبقي والده قسيسا لمدينة طبريا حتى نكبة 48، فالتجأت عائلته إلى بيروت.

عمل أستاذا في مدرسة الروضة في القدس، ثم موظفا في دائرة الترجمة التابعة لحكومة فلسطين، فمدرسا للأدب العربي في الجامعة الأمريكية في بيروت، فأمينا لمكتبة المركز الثقافي الأمريكي في بيروت 1948-1950، وكان في الفترة نفسها محررا لمجلة «صوت المرأة».

عمل محاضرا في الدائرة العربية بجامعة كامبردج من عام 1954 حتى عام 1959، ثم محاضرا في جامعة لندن من 1959حتى عام 1964، ثم عاد إلى بيروت ليصدر مجلة «حوار» حتى عام 1967.

عمل أستاذا زائرا في دائرتي الأدب المقارن ولغات الشرق الأدنى بجامعة بيركلي في كاليفورنيا من 1969-1971.

كان توفيق صايغ شغوفا باللغة العربية وآدابها، فعكف على دراستها والاهتمام بها بتعمق.

توفي توفيق صايغ في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1971 ودفن فيها.

تلقى توفيق دروسه الابتدائية في طبريا، والثانوية في الكلية العربية في القدس، ثم في الجامعة الأمريكية في بيروت وتخرج منها سنة 1945.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی القدس فی بیروت

إقرأ أيضاً:

حوار مع الشاعر هاشم صديق في ذكرى رحيل الفنان محمد الأمين

حاوره: حسن الجزولي

(تنويه:ـ لازمت تحرير هذا الحوار بعض الأخطاء في ترتيب الأسئلة والاجابات ونأسف لذلك)
+ مش لاحظت إنو محمد الأمين قاعد يجدد باستمرار في الحانو ؟!.
* كمبدع وأثناء البروفات وأثناء التلحين وحتى أثناء الحفلات هو زاتو بيفاجيء نفسو لانو بيرتجل حاجات من داخل الأغنية واللحن ويضيفا. زي مثلا محاكاة للأصوات زي في همسة شوق. وفي حروف اسمك. لمن استلهم التراث وادخل اغنية السيرة التراثية. الشهيرة. الليلة التعديل والزين.الموسيقا زاتا خلاها جوا اللحن تحاكي موال التعديل والزيت في السيرة. وده الابداع طبعا والإبداع عجيب . فهو عندو الحاجات دي لانو زول عبقري وبيضيف وبرتجل. انحنا عندنا في الدراما الممثل ما مفروض بطلع من النص. الا في الظروف الهمجية اللي حصلت للدراما والمسرح السوداني فجا المسرح التجاري وجاء الارتجال
المخيف داك. ممكن يضيف حاجات للنص من راسو عشان يضحك الجمهور ومرات الخروج عن النص بعمل مشاكل في البناء الدرامي وفي المضمون وكدا. لكن محمد بيرتجل ويزيد على النص الشعري في التلحين ويقوم يدخل الأزمة اللحنية الجديدة داخل اللحن القديم. زي تجربتو في التعديل والزيت. وطبعا دي نوع إضافة محمودة كويسة. وده من حق المؤدي انو من حقو يضيف ويرتجل طالما انو الحاجة دي ما بتفقد النص ولا بتكسر الصورة الشعرية وكده.
+ حدثنا عن تجربتو في تلحين الملحمة؟!
في الملحمة والكلام ده انا قلتو كتير. طبعا الوكت كان مضايق وكنا مربوطين بزمن معين. بتزكر ونحنا ساكنين جيران بعض قام رسل لي زي حداشر اتناشر ونص بالليل. واحد من العازفين ساكن برضو جنبنا على شارع الاربعين. قال لي امي محمد الامين عاوزة. امي قالت ليهو عاوزة لي شنو. قال ليها والله شغالين بروفات لقصيدة بتاعتو والظاهر في حاجة كده عاوزة يسألون منها. المهم الوالدة جات كلمتني ومشيت لقيت كل العازفين قاعدين ومعاهم الموسيقار موسى محمد ابراهيم موزع اللحن و الفنانين المختارين للمشاركة في الأداء وكانوا كلهم في شكل ورشة فنية فقال لي محمد الامين . ياخي لقينا في كلمتين كده أثناء التلحين تعبتنا في اللحن وياخي دايرك تغير فيهم. وقال لي كلام موسيقي كتير كده . فانا ضحكت وبسهولة قمت غيرتهم. بعد داك قعدت مبهور اتابع في الناس العجيبين ديل. وفي الفترة ديك كنت صغير وجانب الغنا والموسيقى ما دخلت فيهو كتير . وطبعا الملحمة هي القدمتني للناس قبال كل قصائدي واغنياتي الأخرى زي كلام للحلوة مثلا ودي كانت مكتوبة قبل الملحمة. فده التغيير الحصل من الطرفين . بس في تجربتو الشال فيها انت عزتك تركع اللي أشرت ليهو. ما كان مفروض يشيلو.نسبة لتصورو الديني التقريرين. ده طبعا ما كان مفروض يقراهو بالصور ده

اها بعد داك توقف التعاون لفترة. يعني الملحمة بعد داك جات كلام للحلوة. بعدا جات حروف اسمك حتى جات همسة شوق.
+ما تعاونت معاهو بعد داك في أي نص غنائي عاطفي أو وطني. هل كان في سبب معين للتوقف ده؟!
لا ابدا. بس كان بسبب الظروف بتاعت الساحة الغنائية وكدا.
+طيب يا هاشم. يا ريت تورينا ياتو غنية من أغنياته معاه اللي كانت قريبة منك واعجبتك وبتحس بيها اكتر من التانيات؟!.
شوف انا حا اقول حاجة ختها في الإطار النقدي. انا دائما بقول انو اللحن الموازي الموسيقي للكلمة. انت كشاعر ومتمكن من ادواتكوالاحساس بتاعك شارب. . بتحس انو اللحن ده بديك الاحساس بتاع كلماتك . فالزول ده بعمل حاجة بتاعت درامايزيشن مجازا يعني. في انو بخت اللحن الموسيقي كترجمة للكلام الاتقال. يعني مثلا أدق سدري واقف وسط البلد واهتف كان موفق في تلحين المقطع ده جدا. عموما انا كنت موفق في تجربتي مع محمد الامين.
في كتير من الأحيان انا بدي الأغنية لفنان بعينو بشعر انو ممكن يترجم كلامي موسيقيا - بدون ذكر اسماء - ليضع النص الموسيقي الموازي للكلام. لكين بعد ما اسمعوا بلقاهو ما وصل لي الاحساس . ما بكون راضي عنو. لكين ما ممكن أصرح ليهو في ندوة أو جريدة أو مقابلة إذاعية أو تلفزيونية. لانو حتى لو اللحن والأداء اعجب المستمع. بس بالنسبة لي ككاتب للنص وشاعر. ما بكون ادني الاحساس بالتذوق الموسيقي. ما بكون راضي. لكين خلاص. بقت الغنية ولحنها حقت الناس وما ممكن تراجعا تاني!.
أما في تجربتي مع محمد الامين اطلاقا خلال تجربتي معاه في الاغاني القدماء لي ما حسيت مطلقا انو الالحان بتاعتو ما عبرت عن الكلام اللي انا كتبت شعرا. يعني كلام للحلوة فعلا بالموسيقى عبر محمد عنها. وانا كنت راضي جدا وفي النهاية عملت لي ريليف يعني. كونو في النهاية ده زول عبر عن احساسي. ظل يؤديها بالعود. وبتزكر مرة أداها في زواجي من عزيزة بت خالي اللي انا كتبت فيها كلام للحلوة.واللي هي - وده كلام حا يضحكك باحسن. -كانت عبارة عن السذاجة العاطفية زي الاشكال الطفولية - فانا قاعد في الكوشة وجا هو وعركي طبعا كالعادة. وخليل اسماعيل ووردي. فكان محمد داير يغني كلام للحلوة فأنا شلت الميكرفون وقريت نصها.. شفت الرومانسية دي يا حسن الجزولي!. يا حليل الرومانسية ياخ.
عموما لحن كلام للحلوة زاتو انا عرفت في رأي الموسيقى والموسيقيين هي تمتم.

+طيب وبالنسبة لحروف اسمك؟.
طبعا حروف اسمك المستمعين ليها مقتنعين انو الزول ده بالغ عديل كده في لحنها وترجم كلماتها. وادخل الدراماتايزيشن الموسيقية دي. في الهتاف أدق سدري في الليلة العديل والزين.
طيب وبعدينك؟!.
انا داير اقول ليك انو التلاتة الحان دي ( كلام للحلوة وحروف اسمك وهمسة شوق) ديل مافي اي لحن منهن بشبه التاني. وحتى لو قلنا انو موضوعاتها واحدة بتتلخص في قيمة الحب. فالحب نفسو شكلو مختلف!. وده دليل على انو هو عاوز يقدم غنا باحساسو هو بالكلمات. فدي برضها من سمات العبقرية بتاعتو.
+اتكلم لينا شوية يا هاشم عن لحن همسة شوق؟!.
تعرف لحنها قائم على الريقي. والرقي ده لو لاحظت يا حسن طور فيهو كتير جدا . بدأ في كل بروفة وحفلة يضيف ليها لحدي ما اكتمل لحنها النهائي المعبر عن الأغنية اللحنية بتاعتو والتجربة اللحنية للاغنية السودانية نفسها . يعني حتى ائتلاف للحن الريفي ما جاء كلحن غربي صرف.
عموما انا كنت محظوظ جدا في تجربتي مع محمد الامين.فالملحمة قدمتني للناس كما أشرت كتير جدا. بعدين جات الأغاني العاطفية التلاتة اللي أشرت لالحانا. بعدها جات اغنية ( ) ودي اختارا هو براهو بمعنى انا ما قدمتها ليهو. رغم أنها ما وردت لا في ديوان كلام للحلوة أو ديوان الزمن والرحلة. على العمل اكرر كنت محظوظ وموفق مع محمد الامين.
تاني شنو؟!.

فديتك يا وطن اختارا هو.
انا من خلال تجربتي الشعرية ما بقعد واختلق الشعر واقول الليلة عاوز اقوم بتأليف قصيدة طبعا التأليف شي ما ممنوع ولا عيب لكين بكون فيهو شكل من أشكال الصناعة. ما انت اكيد بتكتب مسرحية شعرا. الشعر كذلك . لكن أنا لانو كتبت الشكر من خلال تجربتي الحياتية والاضافات اللي اضافتها لي الاستماع للاغنية الغربية والسودانيةبتركيز وسمعت كتير من اغنية الشعر الغربي حتى الشعر الكتبوهو مغنيين غربيين
زي استيف الفنان الشهير اللي ترك الغنا وأسلم وزي رود الشاعر الغربي . فالشعر ادني كتير في معارف الحياة. حتى من ناحية تغيير الاماكن يعني مشيت لندن في سن يافع وصغير والمفردات العندها علاقة بالبيئة والسودان وتطورت الي المطر والجليد

والطقس الانجليزي اللي انت زاتك عاصرتو. دي كلها ادتني كتير وطورت تجاربي. ولدتني دفعة وخلتني انا أطور كشاعر
وتدور القاموس اللغوي ما جاء من فراغ . يعني كتير من القصائد أصبحوا الناس معجبين بيها لأنها لتعبر عن الحاضر . القصيدة دي انا نزلتها في صفحتي والتقطت واحد من اولادو افتكر في لندن وقام رسلا ليهو في أيام الأزمة بتاعت الحرب دي وهو كان في امريكا . اتصل بي واحد من أصحابي وقال لي ياخ محمد الأمين ده بفتش ليك والموضوع انو لقى قصيدة حقتك وهو داير يلحنها ويقدما. وهي بتوافق موضوعات اليوم. لكن طوالي قام قال لي حاجة شبيهة بسؤالك ده رغم الأزمة بتاعت الحقوق اللي كانت تفسد العلاقة بيني وبينو ورجعت العلاقة بكل صفاء. فسوف اتصل بي عشان داير بغير كلمة. واحدة بس. فشوف الرقة بتاعت الزول ده. ففي حديث معاي بالتليفون لمن اتصل بي قال عاوز يفني فديتك يا وطن تسلم بس هو شايف العنوان طويل شوية واقترح نشيل كلمة تسلم!. ونخليها(فديتك يا وطن ) . فالكلمة العاوز يغيرا برضو شبيهة بكلمة الركوع الوردت في القصيدة بتاعت (. ) وقال لي تغيرا عشان تكون (كانك راجي علم الغيب)!.
ولاحظت وهو بتكلم معاي حول الحرب وحال البلد انو مغبون شديد وغاضب غضب شديد وحسيت انو الزول ده حا يفاجءنا بشيء يضاف للحاجات العميقة اللي عملا قبل كده. وبالذات في تجربتي انا معاه . الثنائية الغنائية. وهو كان معجب جدا بالثنايىة الشعرية بتاعت الغناء دي. فشاءت الصدف يا حسن الا تقدم الأغنية دي والموت حق يا حسن. وهذا الحلم بتاع التجربة الرابعة أو الخامسة وقف برحيلو. الغريبة انا قلت ليهو ياخ ده خبر سار فخلينا نعلن عنو في صفحتي. قال لي لا خليه حسع شوية كده وما تعلن عنو في الوكت ده. قام مرة مدبتكلم معاي قال لي أنا انتهيت من تلحين وحسع في مرحلة البروفة مع الأوركسترا . وبعد الوفاة سمعت واحد من عازفيه بقول في العزاء بتاعو في شيكاغو أو نيويورك انو محمد الامين في اللحظات الأخيرة من حياتو انو زعلان كونو الشغل الاخير ما تميناهو مع بعض للاسف . علي اي حال اسئلتك بتقود لمعلومات اكتر وتولد اسئلة أخرى. وبالنسبة للسؤال
+هل يمكن مستقبلا البناء الموسيقي على التلحين بالعود البتعلق بأغنية فديتك يا وطن وتطوير الآداء؟!
انا ما عندي مانع انو الأوركسترا بتاعتو تفاديها مع فنان مقتدر اخر حسب ما يروهو أو يادوه أداء جماعي المهم ليهم حق التصرف فيهو فنيا . لكن الناس بالطبع حا يفادتقدو ا صوت محمد الامين.وارتجالو في الاضافات الموسيقية
كيف تقيم رحيل كوكبة مبدعة دفعة واحدة(كمال الجزولي كشاعر، الفنان محمد الأمين نفسو والصحفي هاشم كرار والفنان محمد ميرغني وغيرهم؟!
فداحة الف. طبعا يا حسن الموت حق ودي ما دائرة ليها اتنين تلاتة. ونحنا أمن نقول المبدعين حاجة مختلفة عن الناس العاديين ما بنكغر فالمبدع ما كتير على اللة. لكين هم قلة وربنا اداهم عبقرية واداهم قدرة على الشوف وعلى الابداع وعلى كتابة الدراما والمسرح والفنون التشكيلية وتأليف الموسيقى. فهم نادرين عشان كده بتلقى العالم ده فيهو مليارات المبدعين بشكل غام لكين المبدعين الحقيقيين ما يتجاوزوا الالاف. ودي والله حقيقة عجيبة.. مش كده؟!. انا زول بتاع دراما ودرست دراما ودراستها لطلابي.فوصلت للحقيقة دي انو العباقرة دي ما كتار. لكين مابين الدنيا بالانتاج والإبداع بتاعم ومهما تقادم الزمن فابداعهم باقي ومتجدد مع الزمن وما بنتهي. عشان كده بقول رغم الحزن اللي امتلكتا بوفاة محمد الامين لكين لمن تجي تعاين لابداعو التركة لنكتشف انو قاعد ولا مشى خلانا ولا حاجة بل ابداعو هو الخلدو. عبر كل الوسائط الحديثة دي سوى بالعود أو الأوركسترا بتاعتو . وطبعا بتطور العلوم في مسائل التقنية الحديثة مستقبلا قد تتطور ادوات تطوير الناتج المطرب المبدع باضافات و وأشياء من هذا النوع. أما تناول ابداع المطرب من خلال مؤيدين آخرين فربما يشوه التجربة ويمسخها. انا استمعت - لسوء حظي- لهمسة شوق بغنيها واحد من مطرب الزمن ده ما بستحضر اسمو. المهم حاول يحاكي محمد الامين في الارتجال الموسيقي. فكان المرةبمثابة كارثة والله العظيم. فلا خامة الصوت قريبة ولا طريقة الأداء قريبة! غايتو . ما عارفين نعمل شنو. لكين انشالله الجمعية بتاعت معجبيهو في الموردة بواسطة ناس محمد حامد الجزولي ديل يحاولون يحافظون على تراث من السرقة والتشويه بحمايتو وكذلك اسرتو برضو.
على اي حال يا حسن في كلام كتير ممكن يتقال حول محمد الامين وكتير من الحاجات المتعلقة بعلاقتي بالاخ محمد الامين يجب التوثيق لها وتسجيلها ونشرها .وأتمنى تسجل لي زيارة في الامارات هنا علشان تواصل معاي بحسك الصحفي في الجانب ده وعشان نعزي بعض في فقدنا للعزيزين كمال الجزولي ومحمد الامين ونتاسى بذكراهم
مؤكد يا هاشم حا اصلك كتير وكتر خيرك وربنا يديك الصحة والعافية
ـــــــــــــــــ
* ساهمت في تحرير هذه المادة الصديقة الدرمية آسيا ربيع.  

مقالات مشابهة

  • نادى الأدب بقصر ثقافة أسوان يناقش ديوان شعر العامية
  • أمجد توفيق ساحر اللغة والباحث عن شرف الكلمة وعن الحرية
  • ديوان العامية "ضل البيوت" جلسة نقاشية بثقافة أسوان
  • "الأبنودى" و"ضل البيوت" فى نقاشات قصور الثقافة بأسوان
  • يقول المثل الدارفوري: (سلطة للساق ولا مال للخناق) !!
  • حوار مع الشاعر هاشم صديق في ذكرى رحيل الفنان محمد الأمين
  • توجيهات جديدة من العمل بشأن توفيق أوضاع العمالة المصرية في الأردن
  • الكشف عن الفعاليات الثقافية لمهرجان العين للكتاب 2024
  • أسعار تذاكر حفل إيهاب توفيق على مسرح البالون
  • تعرف على المكرمين في مؤتمر أدباء مصر