فاطمة الحارثية
هل تمر بحالة "أداء لم يرها أحد، ولم يُعترف بها؟ ومنجزات لم تُقدر"، صف في الطابور لو سمحت، آه لحظة أنت طويل أذهب هناك.. آخر الصف؛ صحيح أننا لم نختر أن نكون ضمن طوال القامة، لكن العمل بصمت كان خيارا.
قال لي فراس إنني مدمنة عمل واحتاج إلى علاج، التفت إليه متأمله قوله، وسألته: إلى أي حد تأخذ هوايتك محمل الجدية؟ قال: كثيرًا، ابتسمت، إذا لماذا تلمني؟ لا يُقيم الجهد الذي يبذله الولدان في تربية أبنائهما إلا آراء الناس في سلوكهم، رغم أني أراه مقياسا مجحفا، لكننا في كثير من الأمور نعود للعرف والتقاليد في بيئتنا الاجتماعية، ومع ذلك مهما بُذل من جُهد، هناك قصور في عين أحدهم، فمازالت نظرة البحث عن الكمال وجملة "ولا غلطة" تؤرق الباحث عن القبول.
من الصفات التي لا أحبها في شخصيتي الإفصاح المباشر، واستخدام مرادفات الكلمات للتعبير بتلقائية أثناء حديثي، حقيقة أنني لا أتعمد ذلك سهّل لي الكثير من الاضطرابات الجدلية أثناء حديثي مع الآخرين، ربما هذا الواقع تراكمي بفعل عشقي للكلمات ولعبة المرادفات التي دائماً ما أقضي وقت فراغي في ممارستها، وحلمي الصغير أيام الثانوية أن أكون مترجمة في سفارة ما، وهذا ما فتح مجال التعمق في مرادفات الكلمات منذ الصغر.
قلت لفراس: لماذا لا تفعل ما تحب وتتردد دائمًا، رغم النشاط المفعم وشغفك؟ رد عليَّ وعيناه تُبحر في تأمل ربما كان يسترجع تجارب مر بها، وقال: رأي الناس يُهمني ويُسبب لي الهم، ولا أستطيع أن أكف عن التفكير فيهم في كل مرة أقدم على عمل ما. كن على حقيقتك واعترف بكيانك، بخيرك وشرك، ففي الأخير رأي الناس لم يردع فعل الخفاء. لا أستطيع أن أعيش خارج إطار التقاليد، رغم أنها متناقضات ستنكشف يوم الحساب. إذن طالما تعلم ذلك، فلماذا الخفاء؟ المُجاهرة قد تقودني لذنب أعظم.إنه منطق وبُعد آخر، كمٌّ هائل من الكبح والمتناقضات، والأسوأ أنه عند البعض يدخل في إطار تعريفه للسعادة، لا اختلف في معتقد أن "النفس" هي أصعب الأعداء شراسة، وأن الأهواء والشهوات لها جانب جميل وجانب مظلم، وكلها متناقضات في كل نفس، ويبقى في الأخير السلوك هو الظاهر في ظلمة الصراع الدائم بين القلب والعقل، والمقياس المُعتقد للشر والخير، والحلال والحرام.
"لا تزال مريم صديقتي الصامتة تلازمني عند الحديث مع النفس، وتضحك على الكثير من أفكاري، وتتفاعل مع بعض المغامرات التي أخوضها في خيالي"، أتخيلُ تحليل البعض لهذا التصريح، والشك الذي يصنعه والنقد الذي يُشكله، ربما جميعنا في هذا العصر السريع جدا، نحاول أن ننزوي ونهرب لدواخلنا، في محاولة لنجمع شتات أنفاسنا ونقيس المسافة المتبقية لانتهاء السباق، ومريم قد تكون أي أحد أو أي شيء أو حتى ضميرنا الذي يحاول مواكبة الضغوطات والمعايير والتغييرات التي نصنعها بأنفسنا لأنفسنا، "تنفس قليلاً قبل أن تصنع نقدا، أو تقول شرا، أو تحكم بجهل".
أعترفُ أن الطريقة الجديدة للكتابة ليست سهلة، وتحتاج الكثير من الاشتغال، والوقت لا يُسعفني في ذلك، لكنني سأبقى استمر وأحاول، حتى أحقق الخطوات الأولى، التحدي الأول هو الإلهام، والملهمون المؤثرون والمُثيرون للسؤال، تركتهم خلفي بعد انتقالي إلى الجنوب، وتحدي اختلاف الثقافة أمر آخر احتاج بعد أن احتويه أن استثمره.
وإن طال...
نفس الكتاب لا يعني نفس التلقي، ولا يجب أن يُعرف على أنَّه نفس العلم، وليس من الحق أن يكون مقياسًا للذكاء والإدراك والفهم، ولا مرجعا موحدا للتطبيق، أطفالنا ليسوا حقل تجارب، لأننا لا يجب أن نغامر بمستقبل البشرية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مخرج فيلم "علكة": ربما أجعل شخصا يعيد التفكير في نظرته لمتلازمة داون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ينافس فيلم علكة للمخرج بلال البدر في المسابقة الرسمية لمهرجان أفلام السعودية في نسخته الحادية عشر والتي تنطلق من الخميس 17 أبريل الحالي وحتى الأربعاء 23 من نفس الشهر.
شهد الفيلم عرضه العالمي الأول بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته السابقة حيث شارك في برنامج "سينما السعودية الجديدة" في دورته السابقة التي أقيمت ما بين 5 ديسمبر وحتى 14 ديسمبر من عام 2024.
تدور أحداث الفيلم حول سعد طفل مصاب بمتلازمة داون، يقع في الحب لأول مرة في حياته، ويبدأ باكتشاف مشاعر جديدة لم يكن يعلم بوجودها. واتخذ بسببها قرارات لم يكن مستعدًا لأخذها.
يقول المخرج بلال البدر عن فيلمه: كنت على يقين من أنني لا أريد فيلمًا تقليديًا مليئًا بالرسائل المباشرة التي تحاكي الاحتياجات الخاصة لمصابي متلازمة داون. كان من المهم ألا يقع الفيلم في فخ الشفقة أو المبالغة في المثالية. لذلك، كان تحقيق التوازن بين التحديات التي يواجهها البطل وبين لحظات الفرح والانتصار من أصعب الأمور في سرد القصة. أعلم أن الفيلم لن يغير العالم، لكنه قد يفتح نافذة صغيرة في عقل وقلب من يشاهده. ربما يجعل شخصًا يعيد التفكير في نظرته لمتلازمة داون.
الفيلم من تأليف وإخراج بلال البدر، وهو بطولة عزام الخرعان، أحمد التركي، العنود عبد الله، ومديرة التصوير ريتا حجار، وقام بمهمة تدريب الممثلين شيروان حاجي. الفيلم من إنتاج شركة Rec Entertainment، المنتج بلال البدر وشاركه الإنتاج أحمد نابلسي، ومدير خط الإنتاج فؤاد محمد. تتولى MAD Distribution مهام التوزيع في العالم العربي، بينما تتولى MAD World المبيعات في باقي أنحاء العالم.
بلال البدر مخرج سعودي بدأ مسيرته في عام 2009، ثم أكمل دراساته العليا في التصوير والإخراج السينمائي في لوس أنجلوس وعمل على العديد من الأفلام والمسلسلات، ثم عاد إلى السعودية في عام 2017 حيث قدم أعمالًا سينمائية وتلفزيونية حصلت على عدة ترشيحات وجوائز محلية وعالمية، وفي عام 2019 قام بتأسيس شركة ”Rec Entertainment“ بهدف رفع جودة المحتوى المحلي لمستويات عالمية بعد حصوله على درجة ماجستير في إخراج الصورة السينمائية من أكاديمية نيويورك للأفلام.