نوافذ :رسالة إلى وزيرة التنمية الاجتماعية
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
في تاريخ مؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي ثمة الكثير من الكوارث والتجاوزات التي لا يمكن نسيانها، والتي أسهمت بشكل مباشر في تأخّر الوعي العربي عن الكثير من القضايا الأساسية، وتكريس الرؤية الأحادية التي تعالج التحديات -إنْ فعلت ذلك- من زاوية شخصية وضيقة لا يمكن فصلها عن المصالح الفردية والفئوية.
ويذكر المشتغلون في مؤسسات المجتمع المدني عندما تمسك كاتب عربي برئاسة اتحاد الكتاب العرب لمدة ربع قرن، وبُذل جهد كبير لإزاحته من على كرسيه وصل إلى حد التصويت على تعديل النظام الداخلي للاتحاد لمنع ترشحه مرة أخرى.
ولا يختلف الأمر كثيرا في «بعض» مؤسسات المجتمع المدني في سلطنة عمان؛ إذ إنها لا تخلو من هذه الممارسات التي يحلو للبعض تسميتها بغواية «التشبث بالكرسي»؛ ولذلك يبقى بعض أعضاء مجالس إدارات الجمعيات لمدة تصل إلى عقدين من الزمن دون إنجازات يمكن أن تحقق الحد الأدنى من الطموحات، دع عنك الحديث عن الإنجازات الخارقة. ونذكر كيف قام أحد أعضاء جمعية مدنية عمانية بإغلاق مقر الجمعية بالمفتاح بعد أن حلت الوزارة مجلس إدارة تلك الجمعية.
ومع بدء حمى الانتخابات في جمعيات المجتمع المدني فإن صوت أعضاء هذه الجمعيات يعلو كثيرا مطالبا وزارة التنمية الاجتماعية بالتدخل لوقف الاحتكار الممنهج من بعض الأسماء على إدارة الجمعيات. وإذا كان قانون الجمعيات المنتظر قد يعالج هذا الأمر كما صرحت ذات يوم وزيرة التنمية الاجتماعية فليس أقل من إصدار تعديل عاجل على النظام الحالي يمنع من كان عضوا في مجلس إدارة أي جمعية مجتمع مدني لدورتين متتاليتين من الترشح لانتخابات الدورة التالية إلا بعد مرور عامين على الأقل.
على أن عمل جمعيات المجتمع المدني وخصوصا الجمعيات المهنية يحتاج إلى إعادة هيكلة ومراجعة كاملة وإخضاع الجمعيات إلى حوكمة دقيقة، وبناء منظومة قياس لأدائها، وإلى أي مدى تقوم بخدمة المهنة التي تمثلها كما هو الحال مع جمعية الصحفيين وجمعية المسرحيين وجمعية السينمائيين.. إلخ.. أما ترك الأمور على النحو الذي هي عليه الآن فلا يبشر بأن هذه الجمعيات يمكن أن تتقدم نحو الأمام أبدا، بل إن بعض الجمعيات لم تعد جاذبة لأصحابها الذين باتوا يتندرون عليها بمسميات تكشف عن توجهاتها كما هو الحال مع تغيير اسم إحدى الجمعيات المهمة والأساسية في البلد من اسمها الحقيقي إلى «جمعية المسافرين»! وحتى لو كان هذا التندر مبالغا فيه إلا أنه يكشف عن حالة تحتاج إلى متابعة وإصلاح، وأن هذه الجمعيات أخذت مسارا غير المسار الذي أشهرت من أجله.
وإذا كانت دعوة مراجعة القانون مهمة وملحة فإن الدعوة الأكثر إلحاحا في هذا التوقيت والتي لا تحتمل أي تأجيل هي الدعوة إلى أن تقوم الوزارة بتنظيم العملية الانتخابية في الجمعيات أو أن تعهدها إلى أي جهة معنية تأخذ طابع الحياد. فلا يعقل وفق أي منطق أن يقوم مجلس إدارة جمعية من الجمعيات أعاد ترشيح نفسه أن يقوم هو بتنظيم الانتخابات، فيقر ما يراه مناسبا له ويمنع ما دون ذلك، وهذا قائم الآن وأمام الجميع ولعل الكثير من الشكاوى وصلت إلى وزارة التنمية الاجتماعية.
كما أن تحويل العملية الانتخابية إلى عملية تتم بنظام التفويض دون سند قانوني معتمد «كالوكالة الشرعية» أمر غير قانوني ولا يفترض أن يتم الاعتداد به أبدا، لأنه يضرب مصداقية الانتخابات.
وتقوم القوائم المترشحة للانتخابات الآن بزيارة المحافظات، والمؤسسات، وجمع تفويضات من أعضاء الجمعية، وكأن التفويض هو الأساس وحضور الانتخابات هو الاستثناء. والتفويض عبارة عن ورقة بيضاء مكتوب عليها أنّ فلانا الفلاني يفوض فلانا الفلاني للقيام بالترشيح نيابة عنه في انتخابات الجمعية، دون أن يكون هناك توثيق قانوني لهذا التفويض، الأمر الذي يجعل التلاعب بمثل هذه التفويضات ممكنا جدا.. وهناك حيل كثيرة تتبع في مثل هذا الأمر لا مجال لذكرها هنا.
على أن منع هذا الأمر بيد وزارة التنمية الاجتماعية عبر إصدار تعميم يمنع التفويضات في العملية الانتخابية، اللهم إلا إن كان التفويض عبر وكالة شرعية تصدرها جهة قضائية كما هو معمول به في جميع مؤسسات الدولة.
وإذا كانت تنمية مؤسسات المجتمع المدني ضمن أولويات رؤية عمان 2040 فإن التدخل السريع لإصلاحها أمر لا يحتمل التأجيل.. وعلى الجمعيات المهنية أن تعود لأصحابها من أبناء المهنة لتخدم مهنتهم وتناقش قضاياهم لا أن تكون وسيلة لتحقيق أهداف شخصية لم يعد من الممكن إخفاؤها.
عاصم الشيدي رئيس تحرير جريدة عمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مؤسسات المجتمع المدنی التنمیة الاجتماعیة
إقرأ أيضاً:
الإثنين.. انطلاق "مهرجان عُمان للعلوم".. و520 فعالية تُثري الحدث
مسقط- محمد الرواحي
يفتتح معالي الدكتور هلال بن على السبتي وزير الصحة، اليوم، فعاليات مهرجان عُمان للعلوم في نسخته الرابعة، تحت شعار "مواردنا المستدامة"، وذلك في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، بحضور معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم، وعدد من أصحاب المعالي الوزراء، وأصحاب السعادة السفراء، وأصحاب السعادة وكلاء الوزارات، والهيئات الحكومية، والجهات العسكرية، والأمنية، والرؤساء التنفيذين للشركات، ورؤساء الجامعات، ومديري عموم الوزارات، ويستمر المهرجان حتى يوم الاثنين المقبل.
ويحظى المهرجان بمشاركة 141 من المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة والعسكرية والمدنية والجمعيات، و5 مؤسسات من خارج سلطنة عُمان؛ وهي: المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN)، ومتحف العلوم الطبيعية في بلجيكا، ومؤسسة (SKILLDICT) الهنغارية، والمركز الوطني للموهوبين في ماليزيا، ومعرض مِشكاة التفاعلي من المملكة العربية السعودية، وسيشتمل المهرجان على 520 فعالية منوعة بين الورش العلمية التفاعلية، والعروض العلمية، والمسابقات، والمحاضرات، والاسكتشات، والتجارب العلمية.
ويضم المهرجان 24 ركنًا؛ منها: التنوع البئي، والمستقبل الذكي، والصحة والحياة، وأجنحة إلى الفضاء، والمدن الذكية، والسيبرانيات، والبراعم، والثروات الطبيعية، والغذاء المستدام، الطاقات النابضة، والعلوم المزدهرة، وتسلط هذه الأركان على الوعي البيئي، والمستقبل المستدام؛ حتى يعي الطلبة بأهمية الحفاظ على البيئة، والموارد الطبيعية، وزرع قيم الاستدامة في الأجيال القادمة، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وبالتالي تشجيعهم على التفكير النقدي، والابتكار في معالجة التحديات البيئية.
ويستهدف المهرجان طلبة المدارس، وطلبة مؤسسات التعليم العالي، والتربويين، وأولياء الأمور، والوزارات والمؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية، ومؤسسات المجتمع المدني، القطاع الخاص، والعلماء، والباحثين، والمختصين، والأكاديميين، إضافة إلى المهتمين بالعلوم من مختلف الدول، ويتضمن عددًا من الفعاليات منها: الحلقات العلمية التفاعلية، ومعرض الابتكارات العلمية، والمسابقات العلمية، والمسرح العلمي إلى جانب التعاون، والشراكة مع مؤسسات عالمية مهتمة بالعلوم.
ويُعد مهرجان عُمان للعلوم في نسخته الرابعة، المنبر الأمثل للابتكار، والشغف والتجربة، ومرآة تعكس الطموح في توجهات رؤية "عُمان 2040" والإستراتيجية الوطنية للابتكار؛ لتكون سلطنة عُمان الوجهة الأفضل من بين 20 دولة في مؤشر الابتكار بحلول عام 2040؛ من منطلق أهمية العلوم والابتكارات والتقنيات الحديثة المتطورة في بناء المجتمع المعرفي، وتعزيز القدرات الوطنية، وفق نهج تكاملي تسعى إليه الحكومة مع القطاع الخاص والمجتمع بأسره، وصولًا إلى دعم وتعزيز منظومة الاقتصاد الوطني.
ويهدف المهرجان إلى إيصال العلوم للطلبة، وأفراد المجتمع بوسيلة سهلة، وبطريقة تفاعلية محفزة للتفكير الإبداعي، وإيجاد اتجاه إيجابي نحو العلوم والابتكار، والبحث العلمي، ومواكبة التوجهات العالمية القائمة على نشر العلوم، والتكنولوجيا، والتغيرات، والتطورات المستقبلية المتوقعة، وتشجيع الطلبة على إدراك أهمية العلوم في الحياة، وحثهم على الابتكار، وتعزيز مهاراتهم للاندماج في الاقتصاد القائم على المعرفة، وتشجيعهم على مواصلة التعلم في التخصصات العلمية.