موقع النيلين:
2024-07-01@16:21:15 GMT

الماركسية.. كيف تم استثمارها؟

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT


على الرغم من أن التيار الذي يطلق على نفسه «الماركسي»، لعب دوراً غير قليل في الحياة السياسية العربية، لاسيّما في عقود الخمسينات والستينات والسبعينات، إلّا أن إنتاجه المعرفي، لا يكاد يذكر قياساً بالنشاط السياسي وباستثناءات محدودة.

وقد واجهت «الماركسية العربية»، وماركس بالذات، نوعين من الإساءة والتشويه عن عمد أو دون قصد بسبب الجهل وعدم المعرفة، والجهل قسمان: إما من الأعداء والخصوم، حيث جرى أبلسة ماركس، ونُسبت إليه الكثير من المواقف لتشويهه لدرجة التأثيم والتحريم والتجريم، خصوصاً بتفسير بعض عباراته باعتبارها معادية للدين.

أو من المريدين والأنصار، حيث جرى تقديسه، فاقترب من منزلة القديسين، لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه، واعتُبرت آراؤه واستنتاجاته صالحةً لكل زمان ومكان، وكأن التاريخ توقّف بعده، وحاولت الأحزاب الشيوعية استثمار اسمه لأغراض سياسية وقومية أحياناً، ففي روسيا جرى «روسنة» ماركس بإضافة اسم لينين ومن بعده ستالين إليه، وفي الصين «صيّن» ماركس، بإضافة اسم ماو تسي تونغ إليه، وفي ألبانيا كان اسم أنور خوجة جنباً إلى جنب ماركس، وسميت الماركسية البولبوتية في كمبوديا، والماركسية الجيفارية في أمريكا اللاتينية، وفي عالمنا العربي تعاملنا مع ماركس كشيخ عشيرة أحياناً، وهكذا تضبّبت صورة ماركس، فلم نعد نعرف أين هي صورته الحقيقية من صورته المتخيّلة؟

وحين أطيح بجدار برلين 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989 هناك من سارع إلى إعلان وفاة ماركس مجدداً، مع أنه رحل عن دنيانا في العام 1883، وانتقل بعض الماركسيين العتاة إلى الضفة المعاكسة بزعم التجديد وتغيّر الظروف، حتى استبعد لفظ الإمبريالية عن الولايات المتحدة، وبين عشية وضحاها، أصبح «العامل الدولي» مرادفاً للحديث عنها، في حين كانت الماكينة الإعلامية تضجّ بأسوأ النعوت لها باعتبارها العدو الأكبر للشعوب، بل إن البعض استقوى بها في مواجهة أنظمة بلاده الاستبدادية.

ليس غريباً حين وجدنا من يقول: علينا وضع الماركسية في المتحف، لأنها من تراث الماضي، مثلما ظلّ نفرٌ يتشبّث بكلّ ما قاله ماركس باعتباره الحقيقة المطلقة، وبين التحلّل والجمود، ظلّت صورة ماركس تستخدم ذات اليمين وذات الشمال، حتى ضاع ملمحها الحقيقي.

ولعلّ الحديث عن صورة ماركس اليوم، إنما هو انعكاس لأزمة وعدم اطمئنان وقلق، وهو حديث عدم ثقة وضعف يقين وتشوّش رؤيا، فقد تخلخلت الأسس والقناعات السابقة والراهنة.

من يريد استعادة صورة ماركس فعليه اجتراح الواقع، فقد كان ماركس الحلقة الأولى في التمركس، ولا بدّ من الاستفادة من منهجه الاجتماعي، أما تعليماته والعديد من استنتاجاته، فهي تصلح لعصره وليس لعصرنا، وقد تجاوزها الزمن، حتى وإن كانت صحيحة في حينها، وعلينا قراءة الواقع واستنباط الأحكام المنسجمة مع الحاضر والمتطلعة إلى المستقبل، لأن المرجعية هي للواقع وليست للنصوص، ولا قيمه لنظرية دون الواقع، والممارسة جزء لا يتجزأ من النظرية.

وإذا كانت الغايات شريفة وعادلة فلا بدّ من وسائل شريفة وعادلة أيضاً للوصول إلى تلكم الغايات، لأن الوسيلة من شرف الغاية، والوسيلة إلى الغاية مثل البذرة إلى الشجرة على حد تعبير المهاتما غاندي، لذلك فإن العديد من التجارب الاشتراكية التي زعمت تحقيق العدالة والمساواة وإلغاء الاستغلال، فشلت بالتطبيق العملي، بل كانت نموذجاً آخر للاستبداد والطغيان، ولم يشفع لها التشبّث بالنصوص النظرية، لاسيّما بإهمالها الواقع، فلا قيمة للنصوص إذا لم تأخذ الواقع ومتغيراته بنظر الاعتبار.

وهكذا كانت بعض النصوص الماركسية تقرأ باعتبارها مقدسة، ولا تقبل النقد أو المخالفة أو التقريظ، حتى غدت أيقونات خالدة وسرمدية، وتنطبق على كل زمان ومكان، وفي ذلك خلاف لماركس نفسه، الذي كان ناقداً، وهو القائل «كلّ ما أعرفه أنني لست ماركسياً»، بمعنى عدم رغبته في أن يكون خارج النقد، لكن «الماركسية» المطبقة، جرى امتهانها، في ظلّ بيروقراطية حزبوية شديدة، قادتها إلى الفشل في مواطنها الأصلية أو في فروعها في العالم العربي، التي اكتست برداء ريفي أو طائفي أحياناً.

عبدالحسين شعبان – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

في الليلة الثانية لميدفست في وجه بحري.. ميرفت أبو عوف: مناقشة المواضيع وتغيير الواقع يكون أسهل من خلال الأفلام

ليلة سينمائية غير عادية قضاها أهالي بلد السحر والجمال "المنصورة" مع 4 أفلام قصيرة من مصر والأردن وأمريكا جمع بينهم تقديم حال الإنسان وما يؤثر عليه والعلاقات التي تؤدي إلى العنف وتأثير ذلك على الصحة النفسية للفرد مهما كان البلد أو المجتمع الذي يعيش فيه، وهو ما تم مناقشته بحضور كل من د. ميرفت أبو عوف أستاذ مهني بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ومستشار غرفة صناعة السينما، مع د. ناجي شفيق مستشار الصحة العامة والممثل والمغني أسامة الهادي بقاعة نادي الحوار بالمنصورة بعد عرض الأفلام، وأدار النقاش الذي استمر لأكثر من ساعة الممثل والدكتور مينا النجار الشريك المؤسس لميدفست مصر.

ميرفت أبو عوف


وقالت ميرفت أبو عوف "نحن مجتمع ذكوري وسنظل، ولذلك المساواة، إلى جانب العدالة، هي طريقتنا الوحيدة لكسر التحيزات بين الجنسين والثقافة الجنسية، ولكن الأهم من المساواة هو الإنصاف، فمن الصعب مناقشة ذلك في الواقع فتكون مناقشة المواضيع أسهل من خلال الأفلام، كما أن التغيير يكون أسهل من خلال الأفلام"، وأشادت بالفيلم الأردني "دعوة من الخلا للبحر" للمخرج مراد أبو عيشة، وقالت إن خوف الأخت على اختها حقيقي ومقنع. 

أسامة الهادي


بينما أشاد الممثل والمغني أسامة الهادي بتمثيل الفتاة في الفيلم الأردني، مؤكدا أنه عمل معبر جدًا، بينما قال أن رسالة الفيلم المصري "مارشيدير" للمخرجة نهى عادل من وجهه نظره "إنه مهما كنت مستضعف أكمل طريقك فأنت على الدرب الصحيح"، وعن قدرته على التوحد مع مشاعر سيدة من خلال شخصية الممثلة التي تقدم الدور فقال:" المهم في الممثل أن المشاعر يتم الإحساس بها" مؤكدًا أن الأفلام التي عرضت كان المهم بها فكرة الحكي، وأن طريقة الحكي بالأفلام الأربعة كان مكتملا، مما جعلني أتوحد مع الشخصية وتنتابني العديد من المشاعر نيابة عن الممثلين مثل أن أشعر بالخوف والحب".
 

د. ناجي شفيق

 

وأشار د. ناجي شفيق: "إن تواجد القوانين دون تغيير ثقافي أو تغيير في أفكار الجمهور، لن تساعد في إحداث أي تغيير إيجابي، فالطريقة التي نفكر بها في النوع الاجتماعي -السيدات- في ثقافتنا لا بد من تغييرها، فالقدرة على تغييرها هي ما يهم" وأكد أن الطبيب دائما يحتاج للفن والادب. 
 

وحول سبب اختيار المنصورة لإقامة تلك الليلة السينمائية أكد مينا النجار، المشكلة أننا دوما نقوم بالتركيز فقط على القاهرة، في الوقت الذي من المهم جدا أن نسلط الضوء على العديد من المحافظات والتي تحتاج لنشر الثقافة بها، وأيضًا السينما، من خلال مشاركة أهالي المحافظة أنفسهم، وهو جزء مما تقوم به ميدفست لتوسيع نفوذها خارج العاصمة القاهرة، في إطار تعاون مع السفارة البريطانية ضمن مشروع "لها ومعها"، خاصة أن ميدفست تتبنى مشروع تأهيل كوادر شابة قادرة على تنظيم أنشطة ثقافية مع مراعاة المساواة بين الجنسين.
 

معلومات عن المنصورة

 

وتعتبر المنصورة هي ثاني مدن الوجه البحري وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققته "ليالي ميدفست السينمائية" في وجه قبلي خلال شهر فبراير الماضي، ونجاح أول ليلة سينمائية في محافظة دمنهور في وجه بحري.

مقالات مشابهة

  • حول الأوضاع في السودان ونقد موقف حكومة الأمر الواقع
  • مختبر افتراضي في تعليم الرياضيات
  • صراع الأفكار
  • في الليلة الثانية لميدفست في وجه بحري.. ميرفت أبو عوف: مناقشة المواضيع وتغيير الواقع يكون أسهل من خلال الأفلام
  • أبو جناح يعد بتحسين الواقع الصحي في بلدية العواتة
  • وثيقة عمرها 4 قرون تكشف شبكة جواسيس إليزابيث الأولى (صورة)
  • مطالب برلمانية باستثناء الصيدليات والعيادات من خطة الحكومة لتخفيف أحمال الكهرباء
  • رانيا المشاط: العلاقات المصرية الأوروبي وثيقة ومترجمة على أرض الواقع
  • طاروا بلا أجنحة.. الانتحار قفزًا من أعلى بين اليأس من الواقع والهروب للمصير المنتظر
  • الأنبا باخوم يلتقي أسر كنيسة العذراء بشبرا