جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-18@00:44:27 GMT

وسقطت الأقنعة

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

وسقطت الأقنعة

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

اليوم ومع حرب غزة وما يحدث على أرض المعركة من بطولات يقوم بها أبناء المقاومة البواسل والذين أدهشوا العالم باستعداداتهم ومقاومتهم للعدو الغاشم ضاربين أروع المُثل مع تكالب العالم عليهم من جميع الدول التي تدعم الظالم على صاحب الحق والأرض.

فقد أثلجت صدورنا صور انتصارات المقاومة الشجاعة خلال اليومين الماضيين.

واليوم نقول للعالم والتاريخ إن الأقنعة سقطت وسقطت سقوطًا مدويًا إلى غير رجعة، فقد انكشفت الأغطية وانكشف للعاقل الفطن أولي اللُب كل من نافق وكذب وجمل صورته من قبل فقد انكشفت أقنعة دول كانت تساند الحق وتتكلم باسم الحقوق وترفع رايات الحرية وحقوق الإنسان، فسقطت في مهاوي الردى، فقد كان الاختبار غزة التي عرّت كل الحقائق من حولنا؛ فالعالم ليس له هم سوى إشباع نزواته ورغباته المادية واتباع من له مصلحة عنده بغض النظر عن أفعاله الإجرامية أو أخلاقياتهم الظالمة.

ومع الدول لحقت المؤسسات العالمية من جامعات وجمعيات ولجان حقوقية ومؤسسات عالمية بارزة في نصرة الظالم وإيجاد الأعذار له ودماء الأطفال والشيوخ والمدنيين العزل تسيل بقوة، تُفجِّر ينابيع الأسى على أمم ميتة في قلبها وروحها وأخلاقها، فهوَت وماتت ضمائرها وعندما يكون الخصم شخصًا آخر تهُب كل قوى الشيطان نحو مؤازرته والدفاع عنه، وإلا فأين جمعيات ولجان حقوق الإنسان وأين الأمم المتحدة وأين لجانها وأين جامعة الدول العربية وأين أخوة العرب وأين وأين وأين؟!

لقد سقطت كل الأقنعة المزيفة بدثار العروبة والإسلام والإنسانية في مستنقع الغاب الذي يسود العالم وكشفته غزة. كذلك نرى وسائل وقنوات الإعلام بكل وسائله وأساليبه الخبيثة ينشر أن الذئب مظلوم، وأن المظلوم ذئب مفترس، ليس له حق يدافع به عن نفسه، فقد سقطت الكثير من أقنعة القنوات الإعلامية التي تدعي الحياد في نقل الخبر في مستنقع الجهات التي توجه مسار عملها. كذلك سقطت أقنعة رموز كثيرة كانت تعتبر من الداعمين لنضال الشعوب، وعندما تعلق الأمر بنصرة غزة انبروا لنصرة الصهاينة الغاصبين.

أما الصهاينة أنفسهم فقد سقطت وتعرت جميع أقنعتهم أمام العالم، وهم يستخدمون أبشع وسائل القتل والتنكيل بأهالي غزة دون رحمة أو شفقة، لكن لعنة الله تلاحقهم لجرمهم الى يوم الدين، قبحهم الله وأخزاهم؛ فصفقة القرن ومخططات اليهود فضحتها اليوم غزة، وتجرد كل شيء من لباسه، فصفعة غزة دوت في أرجاء العالم، فقد عرت مخططات الصهاينة التي كانت تُطبخ على نار هادئة من أجل تمدد إسرائيل واحتلال دول المنطقة، فغزة كانت الشوكة التي أطبقت على عنق الصهاينة والتي ستنتصر بإذن الله قريبًا. سقطت جميع الأقنعة وبقيت أقنعة الشعوب المتمسكة بالحق شامخة بإنسانيتها الحقة، فقد خرجت عن بكرة أبيها مُنددة بأفعال الغزاة، وكذلك أقنعة العلماء الصامدين الزاهدين والذين عروا كل مفسد، وجاهدوا بكلمة الحق في سبيل نصرة الأمة ونصرة الحق.

اليوم.. تستبسل غزة بشجعانها لتعري جميع الأمم في أخلاقياتها ومبادئها وأفعالها وأقوالها وسلوكياتها، ولتبقى كلمة الحق هي الفصل في كل ما يحدث من حولنا؛ فالأفعال والأقوال هي القاسم المشترك لكل تلك المؤامرات، ولا غالب إلا الله، والنصر لغزة بإذن الله.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لا سلاح يُسلّم.. والمُحتلّ لا يؤتمن

 

 

المقاومة لا تركع، ولن تساوم، ولن تضع سلاحها مهما اشتدت المحن، ومهما تعاظمت التضحيات، لأن من حمل روحه على كفه، ومن ودّع أهله ذات فجر دون أن يدري إن كان سيعود، لا يمكن أن يخضع في منتصف الطريق، ولا يمكن أن يبادل سلاحه بسلامٍ زائفٍ أو أمانٍ ملوّث بالذل. ما يجري في غزة ليس معركة فقط، بل امتحان للأمة بأسرها، اختبارٌ لضمير العالم، ومواجهة بين الحق المجروح والباطل المدجج بالسلاح والإجرام. ولكننا نؤمن، إيمانًا لا يتزعزع، أن وعد الله حق، وأن المظلوم المنتصر حتمًا، ولو بعد حين. قال الله تعالى: “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”
من يطلب من المقاومة أن تسلّم سلاحها الآن، في لحظة يُذبح فيها الأطفال، وتُبتر فيها أطراف الأمهات، وتُقصف فيها البيوت فوق ساكنيها، إنما هو إما خائن باع آخر ما تبقّى من نخوة، أو أحمق لم يفقه شيئًا من دروس التاريخ. هل يُعقل أن يُطلب من المقاوم أن يُلقي سلاحه مقابل أن يتوقف عدوه عن قتله؟ أي منطق هذا؟ وأي جنون؟ إن منطق الذل لا نعرفه، ومنهج الركوع لا نؤمن به، نحن أمة كُتب عليها الجهاد منذ أن وُجد الباطل، ولسنا طلاب كراسي ولا باعة كرامة، بل نحن طلاب حق، نحمل السلاح لا لنموت فقط، بل لنحيا أعزاء، ولتُكمل الأجيال القادمة الطريق. قال الله سبحانه: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ”
إن غزة اليوم لا تطلب منّا البكاء، ولا تشتكي، ولا تتوسّل، بل تصرخ فينا أن نثبت، أن نكون أوفياء للدماء التي سالت، أن نكون كما وعدنا أنفسنا وأبناءنا أن نكون: أحرارًا لا نساوم، جنودًا لا نخذل، رجالًا لا نبيع القضية في سوق الذل والمصالح. في كل طفل يُستخرج من تحت الركام، في كل أمٍّ تحتضن قطعةً من جسد ابنها، في كل مقاوم يقف في نفقٍ مظلم يترقب ساعة الاشتباك، هناك رسالة واحدة: لن نُهزم… ولن ننكسر… ولن نستسلم.
نحن في اليمن، بكل أطيافنا وقوانا الحيّة، نقف إلى جانب فلسطين ومقاومتها، لا نُساوم في ذلك، ولا نطلب مقابلاً، لأن فلسطين ليست قضية سياسية عابرة، بل هي بوصلتنا الإيمانية، قضيتنا الوجودية، رمز كرامتنا ومعنى صمودنا. ونعلم أن الله معنا، كما كان مع من سبقنا من المجاهدين: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ”
أمريكا اليوم، ومعها كيان الاحتلال ومن خلفهم بعض الأنظمة العربية المتواطئة، يظنون أنهم قادرون على كسر إرادة المقاومة عبر الحصار والتجويع والتدمير والابتزاز السياسي. ويظنون أن التلويح بوقف القتل مقابل نزع السلاح سيُرهب المقاومين، لكنهم لا يعرفون من يواجهون. إنهم يواجهون رجالًا لم يعودوا يرون في الحياة قيمةً إن كانت دون كرامة، ولم يعودوا يرون في البندقية عبئًا بل شرفًا، ولم يعودوا يقاتلون من أجل أنفسهم فقط، بل من أجل كل حرٍّ على هذه الأرض.
إن دماء الشهداء التي نزفت في غزة، والتي سالت في جنين ونابلس والضفة وكل شبر من فلسطين، لن تذهب سُدى. إنّ أرواحهم تصرخ في وجه العالم الصامت، وتلعن كل من باع، وكل من سكت، وكل من تخلّى. هؤلاء الشهداء هم الشهود على المرحلة، هم من يكتبون بدمهم صفحة الخلاص، وهم الذين يعلّموننا أن الحياة لا تُقاس بعدد السنين، بل بعزّة الموقف. قال الله تعالى: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”
وليعلم الجميع، أن غزة اليوم ليست وحدها، وأن المقاومة ليست جسدًا معزولًا، بل هي نبضٌ حيٌّ يسري في شرايين الأمة، وأن اليمن، وكل محور المقاومة، من لبنان إلى العراق إلى إيران إلى سوريا وكل الشرفاء في العالم، يقفون كالسد المنيع في وجه مشاريع الهيمنة والإذلال. هذه معركة واحدة، جبهة واحدة، وإن اختلفت الجغرافيا، لأن المعركة هي معركة هوية ووجود، لا مجرد حدود.
فليصمت المطبعون، وليرتجف الخائفون، ولينظر المتآمرون إلى عاقبة خيانتهم، فالتاريخ لا يرحم، والله لا يغفل، والحق لا يموت. نحن مع المقاومة، نحن مع غزة، نحن مع كل من يقف في وجه الطغاة، ولن نتراجع عن هذا الموقف مهما كلفنا، لأننا نؤمن أن هذه المعركة ليست فقط لأجل فلسطين، بل لأجلنا جميعًا، لأجل أن يظل في هذا العالم متّسعٌ للحرية، وكرامةٌ للبشر، وصوتٌ للحق.
وسيبقى سلاح المقاومة مرفوعًا، ما دام هناك محتل، وما دام هناك شهيد ينتظر، وأسير يتألم، وأرض مغتصبة، وحق مهدور.

مقالات مشابهة

  • ضبط الفقرات والمقدمةأفضل ماسكات البشرة في الصيف
  • كلمات تصنع الوعي… ومسؤولية تصنع التاريخ
  • وكيل الأزهر يدعو للتمسك بأسباب النصر التي جاءت بالقرآن لدعم أهل غزة
  • فضل الله: نحن على تنسيق مع الجيش في الإجراءات التي تؤدي الى حفظ الأمن
  • لا سلاح يُسلّم.. والمُحتلّ لا يؤتمن
  • أسوشيتد برس: سكان الجنوب ينتظرون تعويضات حزب الله التي لا تأتي
  • والي العيون: العالم الآخر يضغط لمقاطعة الانتخابات في الصحراء التي نبنيها دون السعي لنصبح قوة ضاربة
  • عياش يدين المخططات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار الأردن الشقيق
  • هل الدعاء يرد القضاء فعلا؟ اعرف هذه الكلمات التي لا ترد
  • رئيس الجمعية العامة: يجب مكافحة العبودية الحديثة التي يرضخ لها 50 مليون شخص حول العالم