قد يكتب الرجل عن الحب كتابًا، ومع ذلك لا يستطيع أن يعبر عنه، ولكن كلمة عن الحب من المرأة تكفي لذلك كله.. فيكتور هوجو.
لا أتفق أبدًا مع كلمات “هوجو”؛ لأن الواقع دائمًا ما يثبت ذكورية الشهرة والإبداع، رغمًا عن أن المرأة غالبًا ما تصير هي البطلة الخفية لأي عمل إبداعي، وهي الملهمة الأولى خلف تحريك كتائب المبدعين، فلا عجب إذا علمنا أن أشهر لوحة فنية في العالم هي “الموناليزا” المرأة الغامضة للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي (1503 – 1519)، فضلا عن لوحة “فتاة أقراط اللؤلؤ” للفنان الهولندي يوهانس فيرمير (1665).
بالإضافة إلى أن أهم أشعار شاعر المرأة السوري نزار قباني كانت لحبيبته بلقيس:
هل تعرفون حبيبتي بلقيس؟
فهي أهم ما كتبوه في كتب الغرام
كانت مزيجًا رائعًا
بين القطيفة والرخام..
كان البنفسج بين عينيها
ينام ولا ينام..
ولن ننسى بطلات روايات الأديب العبقري إحسان عبدالقدوس في “النظارة السوداء” و”لا أنام” و”العذراء والشعر الأبيض”، ومن يمكن أن ينسى “نفيسة” الفنانة المتفردة سناء جميل بطلة رواية أديب نوبل نجيب محفوظ “بداية ونهاية”.
ثم علينا أن نقف قليلا على روائع الطرب للست أم كلثوم التي ألهمت جموعًا من المبدعين ما بين شعراء، الهادي آدم في رائعة “أغدًا ألقاك” وأحمد شوقي، ومن الملحنين رياض السنباطي والقصبجي وغيرهم… ولكن يبدو أنها الوحيدة التى خرجت عن نص “الإبداع للرجال فقط”.
أما في الفلسفة فقد اشتهر أفلاطون وأرسطو وسقراط وسارتر ونيتشه، على الرغم من وجود شخصيات نسائية لم تحظ بنفس الشهرة مثل الفرنسية سيمون دي بوفوار، والأمريكية نانسي كارترايت، فالأسطورة القديمة طالما صورت المرأة بصورة سلبية، وظهرت في كثير من الأساطير القديمة مثل أسطورة “جلجامش” لحضارة بلاد الرافدين، وأسطورة “الندّاهة”، الأسطورة المصرية القديمة، وأسطورة “المرأة الأفعى”، اليونانية، وأساطير أخرى كثيرة، لقد صُورت المرأة على أنها رمز للشر، وعابِثة ومفتعِلة للمشاكل، وكانت الصورة الإيجابية الوحيدة التي تظهر بها المرأة في الأساطير هي في قدرتها على الإنجاب، حيث اعتُبرت رمزًا للخصب، وسرًا من أسرار استمرار الكون.
والمثير للدهشة أن من علم الموسيقار العالمي فريدريك فرانسوا شوبان والدته في البداية، ثم معلمته التشيكية فويتشخ زفنى التي أهداها أول مقطوعته “بولونيز”.
ولكن طاغور رأى ثنائية الرجل والمرأة بطريقة مغايرة على النحو التالي: إنّ الله حين أراد أن يخلق حواء من آدم، لم يخلقها من عظام رجليه حتى لا يدوسها، ولا من عظام رأسه حتى لا تُسيطر عليه، وإنما خلقها من أحد أضلاعه؛ لتكون مساوية له قريبة من قلبه.
ولكن الحقيقة التي لا يمكن تغافلها هي الائتلاف بين الكتابة الأنثوية والذكورية، والاختلاف بين تقييم الإبداع، أو ربما الانطلاق به نحو القمة، فالمرأة ملهمة ودافعة وداعمة للإبداع في شرقنا الباهت، أما إبداعها فيأتي غالبًا مبتسرًا وبزوغها منقوصًا!
ويرى بعض النقاد أن الأسباب تكمن في طبيعة المرأة كالخجل مثلًا، وإلقاء الأعباء والمسئوليات على عاتقها بشكل مبالغ فيه وتحجيم حريتها، التى يزعم البعض ظاهريًا أنها تمتلكها بالكامل في العصر الحديث، ولكن الحقيقة الباطنة تؤكد أنها مقيدة فعليًا بفعل عوامل العادات والتقاليد والممارسات المجتمعية المجحفة.
فالمبدع دائمًا ما يحلق في السماوات بلا قيود ويبحر في محيط المفردات والكلمات، لتكتمل سيرورة الإبداع، فهل يجوز للمرأة أن تنطلق وتغوص على هذا النحو؟
للإجابة عن هذا السؤال نحتاج إلى عقود وجهود مستقبلية للتخلص من هذه الصورة الضبابية، وتحطيم قيود الإبداع التى تحيط بالمواهب النسائية، ولكن هل ستجدي تلك المحاولات؟ أم سوف يضاف هذا الملف إلى قائمة الملفات التي تحمل عنوان “مشكلات أبدية بلا حلول جذرية”!
د. هبة عبدالعزيز – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السماح لمصارف الخرطوم بقبول الفئات النقدية القديمة واستئناف السحب والإيداع
سمح المنشور الصادر من غرفة العمليات والمتابعة لاستبدال العملة باستلام الإيداعات النقدية من فئتي الألف والخمسمائة جنيه وصرفها للراغبين من الجمهور.
الخرطوم: التغيير
أصدرت غرفة العمليات والمتابعة لاستبدال العملة اليوم الخميس، منشورًا جديدًا يتعلق بتنظيم عمليات السحب والإيداع النقدي في فروع المصارف العاملة بولاية الخرطوم.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية سمح المنشور لهذه الفروع باستلام الإيداعات النقدية من فئتي الألف والخمسمائة جنيه وصرفها للراغبين من الجمهور، مع إلزامها بتوريد الفائض النقدي إلى فرع بنك السودان المركزي المؤقت بالولاية، واستئناف السحب من الحسابات الجارية لتغذية الخزائن حسب الحاجة، ابتداءً من الأحد 12 يناير الحالي.
وطالبت غرفة العمليات المصارف بزيادة نوافذ تقديم الخدمات المتعلقة بالسحب والإيداع وفتح الحسابات إلى أقصى حد ممكن، مع توفير ماكينات متخصصة لعدّ وفرز النقود وكشف التزييف، وشدد المنشور على حظر نقل النقدية بين الولايات.
ويأتي هذا القرار في إطار الجهود المبذولة لاستبدال العملة السودانية بعد الأزمة الاقتصادية التي أعقبت النزاع المسلح، والذي أدى إلى انهيار واسع في البنية المصرفية والتداول النقدي.
وتعاني البلاد من شح السيولة وارتفاع معدلات التضخم، مما دفع السلطات المالية إلى تبني إجراءات طارئة لإعادة هيكلة النظام النقدي وتنظيم عمليات الإيداع والسحب، لضمان استقرار السوق المحلي ودعم العملية الاقتصادية.
الوسوماستبدال العملة المصارف السودانية ولاية الخرطوم