خطاب الإبادة الجماعية الإسرائيلي.. الازدواجية الغربية تجرم صراخ الضحية
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
سلط الكاتب الصحفي، فتحي نمر، الضوء على موقف الغرب من إدانة الشعارات الداعمة للقضية الفلسطينية مقارنة بموقفه من الإبادة الجماعية التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 4 أشهر، مشيرا إلى أن قصف المستشفيات والمدارس التي تؤوي النازحين، والمجازر بحق مئات الفلسطينيين يوميا أصبح أمراً روتينياً.
وذكر نمر، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن المشهد الإعلامي في الغرب غارق إدانة الإبادة الجماعية في الخطاب المؤيد للفلسطينيين وليس في مواجهة ممارستها على الأرض من جانب إسرائيل، متسائلا: لماذا غمرتنا المقالات المهووسة بمعنى الشعارات والعبارات، بينما يتعرض آلاف الأطفال الفلسطينيين للقصف والتجويع حتى الموت؟
وأضاف أن الفلسطينيين مطالبين باستخدام كلماتهم بدقة جراحية، في محاولة عقيمة لتجنب اتهامهم بالعنصرية تجاه محتليهم، وحتى مع أبسط أساليب مقاومة الاحتلال، مثل المقاطعة أو الاحتجاجات السلمية، تتم مقارنتها بسلوك النازيين.
ويشير نمر إلى أن مستوى الرقابة على الآراء ووجهات النظر الفلسطينية وصل إلى ذروة بائسة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أصبح مجرد إظهار الهوية الفلسطينية والتضامن الفلسطيني سببًا للاضطهاد.
وبغض النظر عما يقوله الفلسطينيون أو كيف يقولونه، فإنه يُفسر دائمًا على أنه دعوة للإبادة الجماعية أو العنف، وهو ما يصفه نمر بأنه "ليست حالة سوء فهم، بل هي بالأحرى سوء تفسير متعمد، إذ لا توجد مجموعة سحرية من الكلمات أو الشعارات التي تؤكد كرامة الفلسطينيين أو تحريرهم يمكن اعتبارها مقبولة".
ويضيف نمر: "هذه مجرد محاولة وقحة أخرى لإسكات الفلسطينيين، وتصبح واضحة للغاية عند النظر في التدقيق غير المتوازن في الخطاب الفلسطيني (..) وعندما يتعلق الأمر بخطاب الإبادة الجماعية من جانب الإسرائيليين، لا يحتاج المرء إلى تحريف أي لغة أو قراءة ما بين السطور".
فرغم أنهم غير معتادين حتى على جزء صغير من التدقيق الذي يتلقاه الفلسطينيون بانتظام، فإن السياسيين الإسرائيليين يستخدمون لغة واضحة لا لبس فيها، ويرسمون بفخر خططًا للتطهير العرقي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
اقرأ أيضاً
إسبانيا.. 88 مظاهرة لوقف الإبادة الجماعية في غزة ودعم قضية جنوب أفريقيا
وفي هذا الإطار، جرد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الفلسطينيين من إنسانيتهم عبر وصفهم بـ "شعب الظلمة" و"العماليق"، في إشارة إلى قصة بالعهد القديم مفادها أن الله أمر الملك شاول بذبح كل عماليق، حتى آخر رجل وامرأة ورضيع.
كما دعت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة، تسيبي هوتوفيلي، إلى تدمير قطاع غزة، وصولاً إلى "كل مدرسة، وكل مسجد"، واستشهد عضو الكنيست، موشيه سعادة، بتصريحات إسرائيلية تقول إن "جميع سكان غزة يجب تدميرهم".
تواطؤ غربي
ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي نشرت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، فإن أكثر من نصف الجمهور الإسرائيلي يعتقد أن جيشهم يستخدم قوة نيران أقل مما ينبغي في غزة، على الرغم من التقارير التي تفيد بذبح الآلاف من الأبرياء وتجويعهم وقتلهم بالقصف العشوائي. كما أظهرت استطلاعات الرأي تأييداً ساحقاً لمفهوم التطهير العرقي ضد سكان غزة.
وهنا يشير نمر إلى أن حلفاء إسرائيل ينتقدون هذا النوع من الخطاب على مضض، ويتجرؤون على الانتقاد بشكل أكبر عندما يصدر الخطاب من قادة مثل وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتامار بن جفير، ويكتفون بوصف تهديداتهم المتطرفة بأنها "غير مفيدة".
ولا تعني هذه الإدانة الكثير عندما تستمر الدول الغربية في تقديم الدعم المادي لإسرائيل، بحسب نمر، مضيفا: "يبدو أن الإستراتيجية (الغربية) تتلخص في التظاهر بأن مثل هذه الأصوات متطرفة وغير ممثلة للشعب الإسرائيلي، وكأن المسؤولين غير قادرين على رؤية أو سماع دعم أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية لمثل هذه الأفكار، وتلقيها تصفيقاً مدوياً من جمهورها".
ويرى نمر أن هذا الطوفان من خطابات الإبادة الجماعية قوبل بفضيحة مدوية من جانب أغلب زعماء العالم، إذ لا تتم معاقبة أي أحد، ولا توجد تغطية شاملة لأسابيع متواصلة من تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، ومقارنتهم بالحشرات أو أعداء الكتاب المقدس الذين يجب القضاء عليهم.
"بل إن الأمر وصل إلى تحريف المنطق إلى حد الانهيار لشرح كيف أن الدعوات إلى وقف إطلاق النار هي التي ترقى لمستوى التحريض على القتل الجماعي"، بحسب نمر، مضيفا: "كان هذا النوع من التهويل سخيفًا دائمًا من الناحية المنطقية، ولكنه أصبح الآن مميتًا أكثر من أي وقت مضى، حيث يحاصر الفلسطينيين وأولئك الذين يتضامنون معهم في متاهات بلاغية لا ينبغي لهم أبدًا الهروب منها. وكل ذلك من أجل كسب المزيد من الوقت لإسرائيل لمواصلة عملياتها".
ويشدد نمر على أن أقل ما يمكن فعله في هذه اللحظة التاريخية المروعة هو أن رفض هذه المقدمات الظالمة والفارغة من المعنى، موضحا: "لا يحق لهم الادعاء بأن إسرائيل دولة ديمقراطية، لكن الحكومة واستطلاعات الرأي لا تمثل الشعب".
ويؤكد نمر على أن "الإبادة الجماعية الحقيقية ليست الهتافات في الاحتجاجات، والتي تكون بمثابة تذكير وحيد بأن شيئًا فظيعًا يتم ارتكابه باسم دافعي الضرائب".
ويختتم نمر مقاله بالإشارة إلى أن خطاب الإبادة الجماعية، بالنسبة للفلسطينيين في غزة، "ليست تجربة فكرية أو شيئًا مجردًا. بل له عواقب ملموسة ناتجة عن التحريض المتفشي في المجتمع الإسرائيلي. إن المراوغة بشأن هذه النقطة، وإقامة تكافؤ زائف بين أولئك الذين ينفذون الإبادة الجماعية وأهداف عنفهم الوحشي هو رفض للعيش في الواقع يمهد الطريق لمزيد من المذابح ضد الفلسطينيين".
اقرأ أيضاً
فورين بوليسي: نفاق الغرب يقود دعم الجنوب العالمي لاتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية
المصدر | فتحي نمر/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الفلسطينيين غزة الإبادة الجماعية إسرائيل نتنياهو عماليق العهد القديم الإبادة الجماعیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
قمة عربية طارئة في مصر التحديات التي تواجه مستقبل الفلسطينيين في غزة بسبب خطة ترامب
أعلنت الخارجية المصرية، الأحد، أن القاهرة ستستضيف قمة عربية طارئة في 27 شباط/ فبراير الجاري، لـ"مناقشة الأزمة المتفاقمة في غزة وتطورات القضية الفلسطينية بشكل أوسع".
وذكرت الوزارة، في بيان، أن انعقاد القمة جاء بعد تنسيق مكثف مع مملكة البحرين، التي تتولى رئاسة الدورة الحالية للقمة العربية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وأضاف البيان أن القرار جاء بعد مشاورات مكثفة أجرتها مصر خلال الأيام الأخيرة مع الدول العربية، بما في ذلك دولة فلسطين التي قدمت طلبًا رسميًا لعقد القمة، بهدف بحث المستجدات الخطيرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وتأتي هذه القمة في ظل جهود عربية مكثفة لمواجهة التحديات التي تواجه الفلسطينيين، حيث أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، أن الجامعة تعمل على حشد موقف عربي ودولي لـ"دعم قيام الدولة الفلسطينية".
وأشار إلى أن "التحركات العربية تهدف إلى التصدي للمزاعم الإسرائيلية والتأكيد على مبدأ حل الدولتين. كما شدد زكي على أن الموقف العربي "متماسك" فيما يخص رفض أي مخطط للتهجير القسري للفلسطينيين".
ويأتي الإعلان عن القمة في سياق الرد على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اقترح خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، مؤكدًا نية الولايات المتحدة السيطرة على غزة وإعادة تطويرها بعد ترحيل سكانها الفلسطينيين. كما وصف القطاع بأنه "صفقة عقارية رائعة".
Relatedكيف تفاعلت الدول الأوروبية مع مقترح ترامب بشأن تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"؟ترامب: إسرائيل ستسلمنا قطاع غزة بعد انتهاء القتال ونتنياهو يصفها بـ"خطة اليوم التالي""تهادوا تحابّوا".. نتنياهو يقدم لترامب "جهاز بيجر ذهبيا" والمضيف يسحب الكرسي للحليفوواجهت تصريحات ترامب رفضًا واسعًا على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أكدت مصر والأردن رفضهما القاطع لأي تهجير قسري للفلسطينيين، مشددين على أن مثل هذه الخطط تتعارض مع القانون الدولي وتهدد استقرار المنطقة.
وتلعب القاهرة دورًا محوريًا في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا ودمار واسع النطاق. وتواصل مصر جهودها الدبلوماسية لوقف التصعيد والتوصل إلى حلول تحافظ على حقوق الفلسطينيين وتضمن استقرار المنطقة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية جنود إسرائيليون قاتلوا في غزة لبلومبرغ: نواجه خطر الملاحقة القضائية المحتملة في الخارج بسبب حرب غزة نتنياهو يصف خطة ترامب بشأن غزة بأنها "فكرة جديدة" قد تغير كل شيء وزير الخارجية المصري: لدينا رؤية واضحة لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين قطاع غزةدونالد ترامبإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني بنيامين نتنياهومصر