جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-18@16:25:29 GMT

"لا" القوية.. كن اجتماعيًا ولكن!

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

'لا' القوية.. كن اجتماعيًا ولكن!

 

 

د. سليمان بن خليفة المعمري

 

كثيراً ما يتم الاستشهاد بالحديث النبوي الشريف "ربح البيع أبا الدحداح"، الذي رواه  أنس بن مالك: أن رجلاً قال يا رسول الله إنَّ لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها فمره أن يُعطيني أقيم حائطي بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أعطها إياه بنخلة في الجنة فأبى وأتاه أبو الدحداح، فقال بعني نخلك بحائطي، قال ففعل، قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إني قد ابتعت النخلة بحائطي، فجعلها له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة مرارا، فأتى امرأته فقال: يا أم الدحداح أخرجي من الحائط، فإني بعته بنخلة في الجنة، فقالت: قد ربحت البيع أو كلمة نحوها".

على أهمية البذل والعطاء في سبيل الله تعالى والتقرب إليه سبحانه وتعالى، إلّا إن في الحديث أيضًا ما يشير إلى أمر تربوي غاية في الأهمية وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يربي الصحابة الكرام على حق الرفض والاختلاف لا الخلاف في الأمور والتعاملات الحياتية والعلاقات الاجتماعية، فالصحابي أجاب بـ"لا" القوية الواثقة لطلب النبي صلى الله عليه وسلم وهو- بلا شك- أعز وأكرم خلق الله ويفتديه الصحابة الكرام بأنفسهم وأموالهم - طالما أن المسألة في إطار التفاعل الاجتماعي الحياتي العادي ولا تتعلق بأمر أو توجيه رباني أو نبوي، وهو تعليم لأتباع هذا الدين الحنيف أن يكون أفراده معتزين بأنفسهم يتميزون بالثقة وتأكيد الذات فلا يقولون " نعم" في الوقت الذي يريدون قول "لا".

إن هناك من النَّاس من ينطبق عليهم قول القائل:

ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ

لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ

فتجده يقول "نعم" في الوقت الذي يتحتم عليه قول "لا" رغبة في إعجاب الآخرين وحتى لا يبدو بمظهر الشخص السيئ؛ إذ إن الطبيعة البشرية تخاف من الرفض وتخشاه، كما قد تتسبب "لا" في الحرمان من بعض المكاسب وقد توقع على الشخص بعض الأضرار، إلّا أن الحقيقة التي لا بد من التأكيد عليها كذلك أن الإنسان يفقد نفسه وذاته ومصداقيته ويعيش صراعا داخليا لا يطاق ويصاب ضميره الحي في مقتل حينما لا يستطيع التعبير عن ذاته بكل وضوح وشفافية، فكلمة "لا" تمكننا من الدفاع عن أهدافنا ومبادئنا واعتبارنا الشخصي ونزاهتنا، كما أن كلمتي" نعم" و"لا" لهما بعد أخلاقي، وبالتالي تترتب عليهما مسؤوليات قانونية وأدبية وأخلاقية علينا الالتزام بها والإقرار بمسؤوليتنا عنها ولا ينبغي التنصل من أقوالنا بحال من الأحوال.

لذا فإن على الشخص حتى يمتع بالصحة والسواء النفسي أن يقول "لا" بقوة وثقة، لكل ما يتعارض مع قيمه وكرامته ومعتقداته أو حينما يطالب بما يخالف ضميره وصدقه مع نفسه ومصالحه دون المساس بالآخرين أو إهانتهم أو تجريحهم أو إيذاء مشاعرهم أو الانتقاص من حقوقهم، وأن يتم التعبير عن ذلك بطريقة لبقة ومهذبة واستخدام نبرة صوت دافئة وهادئة مع السعي لتبرير الموقف وشرح الرد وإعطاء اختيارات أخرى إن أمكن، وبعدها يجب التحلي بالجرأة والشجاعة لقول ما لا يتفق مع مبادئنا أو يتعارض مع قيمنا ومصالحنا وأن نترك للآخر حق الاختلاف وتقبل أو رفض استجاباتنا نحوه.

إن على الفرد أن يضع "لا" التأكيدية في قاموس حياته مع حرصه على بناء علاقات اجتماعية صحية راشدة والسعي لعدم فقد ثقة وصداقة الآخرين، ولتحقيق هذه الغايات النبيلة السامية علينا أن نجعل الرفض "ذا معنى" وليس وسيلة لظلم الآخرين والانتقاص والحط من أقدارهم وألا تكون "لاءاتنا" موجهة ضد الأشخاص بل ضد المواضيع والرؤى، وأن يكون الهدف نبيل والغاية سامية تستهدف الصالح العام وثوابت القيم والأخلاق، مع التذكير بأن ليس كل "لا" لا بُد أن تُناقش وتُفسّر حتى تصبح" نعم" وأن الموافقة الدائمة لمطالب الآخرين ليست لها علاقة بخلق الإنسان ونبله وكرمه، وكم أصاب ألكسندر دوماس في مقولته الشهيرة "إذا زادت الفضيلة عن حدها انقلبت إلى جريمة ضدها".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاعتكاف وتحري ليلة القدر.. تفاصيل هدى النبي فى العشر الأواخر من شهر رمضان.. الإفتاء تجيب

واصل رواد التواصل الأجتماعى، هذه الأيام البحث و السؤال عبر المحركات الإلكترونية، خاصةً خلال شهر رمضان 2025، عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر من شهر رمضان.

ونشرت الصفحة الرسمية لـ دار الافتاء المصرية، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الإجابة المحددة عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر من شهر رمضان.

إجابة السؤال

والإجابة عن السؤال المطروح كما قدمته دار الإفتاء المصرية: ينبغي على المسلم أن يتبع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله. فيجب على المسلم أن يجتهد في العبادة ويحث أهله على ذلك حتى يكون في توديع هذا الشهر الكريم، ولا يحرم نفسه من قيام ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

الإعتكاف

وهو من السنن خاصة في العشر الأواخر من رمضان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، -بشرط ألا يضيع المعتكف واجباته الدينية أو الدنيوية -، وأقل مدَّةٍ للاعتكاف في المسجد هي أقل ما يُطْلَقُ عليه اسم الاعتكاف عُرْفًا، حتى أنّه يجوز للمصلِّي إذا دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف ليحصل له ثوابه.

تحري ليلة القدر

ليلة القدر التى هي خير من ألف شهر، وتنزل فيها الرحمة والبركة والمغفرة على عباد الله المؤمنين، فمن يحييها يصبح ذا قدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».

هل ممارسة اليوجا حرام؟.. رد غير متوقع من الإفتاءهل يقضي الزوجان أيام الجماع في رمضان أم الكفارة تكفي؟ الإفتاء تجيبحكم صوم الحامل إذا رأت الدم أثناء صيامها؟ الإفتاء توضح

مقالات مشابهة

  • بحضور القيادات الدينية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى.. صور
  • بحضور وكيل الأزهر ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى
  • وصية النبي لمن أراد مرافقته في الجنة.. عليك بهذا الفعل
  • «المفتي»: الإكثار من الصلاة على النبي وسيلة للتقرب منه وتحقيق شفاعته
  • مفتي الجمهورية: استشارة النبي لأصحابه في بدر درس في القيادة الرشيدة
  • الاعتكاف وتحري ليلة القدر.. تفاصيل هدى النبي فى العشر الأواخر من شهر رمضان.. الإفتاء تجيب
  • هل لشفاعة النبي حدود؟.. المفتي يوضح «فيديو»
  • حدود شفاعة النبي للعباد .. المفتي يوضح
  • فى يوم 16 رمضان.. النبي صلى الله عليه وسلم يصل بدر ووفاة السيدة عائشة
  • فضل الصلاة على النبي وكيفية محبة الرسول.. تعرف عليها