جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@19:22:58 GMT

"لا" القوية.. كن اجتماعيًا ولكن!

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

'لا' القوية.. كن اجتماعيًا ولكن!

 

 

د. سليمان بن خليفة المعمري

 

كثيراً ما يتم الاستشهاد بالحديث النبوي الشريف "ربح البيع أبا الدحداح"، الذي رواه  أنس بن مالك: أن رجلاً قال يا رسول الله إنَّ لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها فمره أن يُعطيني أقيم حائطي بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أعطها إياه بنخلة في الجنة فأبى وأتاه أبو الدحداح، فقال بعني نخلك بحائطي، قال ففعل، قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إني قد ابتعت النخلة بحائطي، فجعلها له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة مرارا، فأتى امرأته فقال: يا أم الدحداح أخرجي من الحائط، فإني بعته بنخلة في الجنة، فقالت: قد ربحت البيع أو كلمة نحوها".

على أهمية البذل والعطاء في سبيل الله تعالى والتقرب إليه سبحانه وتعالى، إلّا إن في الحديث أيضًا ما يشير إلى أمر تربوي غاية في الأهمية وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يربي الصحابة الكرام على حق الرفض والاختلاف لا الخلاف في الأمور والتعاملات الحياتية والعلاقات الاجتماعية، فالصحابي أجاب بـ"لا" القوية الواثقة لطلب النبي صلى الله عليه وسلم وهو- بلا شك- أعز وأكرم خلق الله ويفتديه الصحابة الكرام بأنفسهم وأموالهم - طالما أن المسألة في إطار التفاعل الاجتماعي الحياتي العادي ولا تتعلق بأمر أو توجيه رباني أو نبوي، وهو تعليم لأتباع هذا الدين الحنيف أن يكون أفراده معتزين بأنفسهم يتميزون بالثقة وتأكيد الذات فلا يقولون " نعم" في الوقت الذي يريدون قول "لا".

إن هناك من النَّاس من ينطبق عليهم قول القائل:

ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ

لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ

فتجده يقول "نعم" في الوقت الذي يتحتم عليه قول "لا" رغبة في إعجاب الآخرين وحتى لا يبدو بمظهر الشخص السيئ؛ إذ إن الطبيعة البشرية تخاف من الرفض وتخشاه، كما قد تتسبب "لا" في الحرمان من بعض المكاسب وقد توقع على الشخص بعض الأضرار، إلّا أن الحقيقة التي لا بد من التأكيد عليها كذلك أن الإنسان يفقد نفسه وذاته ومصداقيته ويعيش صراعا داخليا لا يطاق ويصاب ضميره الحي في مقتل حينما لا يستطيع التعبير عن ذاته بكل وضوح وشفافية، فكلمة "لا" تمكننا من الدفاع عن أهدافنا ومبادئنا واعتبارنا الشخصي ونزاهتنا، كما أن كلمتي" نعم" و"لا" لهما بعد أخلاقي، وبالتالي تترتب عليهما مسؤوليات قانونية وأدبية وأخلاقية علينا الالتزام بها والإقرار بمسؤوليتنا عنها ولا ينبغي التنصل من أقوالنا بحال من الأحوال.

لذا فإن على الشخص حتى يمتع بالصحة والسواء النفسي أن يقول "لا" بقوة وثقة، لكل ما يتعارض مع قيمه وكرامته ومعتقداته أو حينما يطالب بما يخالف ضميره وصدقه مع نفسه ومصالحه دون المساس بالآخرين أو إهانتهم أو تجريحهم أو إيذاء مشاعرهم أو الانتقاص من حقوقهم، وأن يتم التعبير عن ذلك بطريقة لبقة ومهذبة واستخدام نبرة صوت دافئة وهادئة مع السعي لتبرير الموقف وشرح الرد وإعطاء اختيارات أخرى إن أمكن، وبعدها يجب التحلي بالجرأة والشجاعة لقول ما لا يتفق مع مبادئنا أو يتعارض مع قيمنا ومصالحنا وأن نترك للآخر حق الاختلاف وتقبل أو رفض استجاباتنا نحوه.

إن على الفرد أن يضع "لا" التأكيدية في قاموس حياته مع حرصه على بناء علاقات اجتماعية صحية راشدة والسعي لعدم فقد ثقة وصداقة الآخرين، ولتحقيق هذه الغايات النبيلة السامية علينا أن نجعل الرفض "ذا معنى" وليس وسيلة لظلم الآخرين والانتقاص والحط من أقدارهم وألا تكون "لاءاتنا" موجهة ضد الأشخاص بل ضد المواضيع والرؤى، وأن يكون الهدف نبيل والغاية سامية تستهدف الصالح العام وثوابت القيم والأخلاق، مع التذكير بأن ليس كل "لا" لا بُد أن تُناقش وتُفسّر حتى تصبح" نعم" وأن الموافقة الدائمة لمطالب الآخرين ليست لها علاقة بخلق الإنسان ونبله وكرمه، وكم أصاب ألكسندر دوماس في مقولته الشهيرة "إذا زادت الفضيلة عن حدها انقلبت إلى جريمة ضدها".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حكم من أكل أو شرب ناسيًا أثناء صيام الست من شوال.. دار الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء أن صيام الست من شوال مستحب عند كثير من العلماء، ويبدأ بعد يوم العيد مباشرة، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ».

وأشارت الدار إلى أن من صام هذه الأيام متتابعة من ثاني أيام شوال حتى اليوم السابع، فقد أتى بالأفضل، وإن صامها متفرقة خلال الشهر فقد نال ثواب السنة دون حرج.

أما بشأن حكم من أكل أو شرب ناسيًا أثناء صيام الست من شوال، فقد أكدت دار الإفتاء أن ذلك لا يُبطل الصيام، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ»، مشددة على أن النسيان لا يؤثر على صحة الصيام، سواء في الفريضة أو في النوافل، ومنها صيام الست من شوال.

وأضافت الدار أن صيام هذه الأيام يُعد سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن صامها فله أجرها، ومن لم يتمكن من صيامها كاملة فلا قضاء عليه، خاصة إن كان لديه عذر شرعي.

 وأكدت أن الأجر يرجى للمسلم كاملًا إذا حال بينه وبين إتمامها عذر خارج عن إرادته.

وفي سياق فضل هذه الأيام، أوضحت الإفتاء أن الحسنة بعشر أمثالها، وهو ما يعني أن صيام رمضان يعادل أجر صيام عشرة أشهر، بينما تعادل الست من شوال أجر شهرين، فيكتمل بذلك صيام السنة، مشيرة إلى أن الاستمرار على هذه العبادة يجعل المسلم كأنه صام الدهر كله.

مقالات مشابهة

  • كيف يجبر الله الخواطر؟ عبادة يستهين بها البعض
  • هل عليه قضاؤها؟.. حكم صلاة المأموم منفردا خلف الصف
  • حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام الست من شوال
  • متتابعة أم متفرقة.. كيف كان النبي والصحابة يصومون الست من شوال؟
  • حكم من أكل أو شرب ناسيًا أثناء صيام الست من شوال.. دار الإفتاء توضح
  • من لم يصل صلاة العيد أول يوم.. 9 حقائق قد تجعلك تندم
  • لماذا أمر النبي المرأة الحائض بالحضور في صلاة العيد؟ لتحصد هذه المكافأة الربانية
  • سنن عيد الفطر.. أكلة أوصى بها الرسول قبل الخروج للصلاة
  • صلاة عيد الفطر اليوم.. أحكامها لتصليها مثل النبي وترقب 7 عجائب
  • دعاء وداع شهر رمضان.. النبي أوصى بـ3 أدعية تعوضك كل ما حرمت