بوش وترامب وبايدن.. هكذا منحت أخطاؤهم إيران أهمية جيوسياسية
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
تمثل الحرب الإسرائيلية على غزة مرحلة جديدة في الانحدار الجيوسياسي المعروف للولايات المتحدة، بينما خلقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الظروف اللازمة لزيادة أهمية إيران الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وفقا لتشارلز بينافورتي في تحليل بموقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي (Modern diplomacy).
وقال بينافورتي، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "إيران تعمل حاليا على ترسيخ مكانتها باعتبارها لاعبا إقليميا مهما وحاسما، وتنشط من خلال جماعات مثل حماس (قطاع غزة) وحزب الله (لبنان) والحوثيين (اليمن)، فضلا عن الزيادة في قدراتها العسكرية".
واعتبر أن "كل الأهمية التي اكتسبتها إيران لها راعي هو واشنطن. قد يبدو هذا متناقضا، لكنه ليس كذلك؛ إذ أطلقت الولايات المتحدة موجة من التضامن الدولي مع الفلسطينيين، وخاصة في الشرق الأوسط".
بينافورتي أرجع ذلك إلى تصرفات واشنطن ومنها "دعم الإجراءات غير المتناسبة التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة عبر القصف العشوائي للمدنيين، وخلق عقبات أمام وصول الإمدادات الطبية، والتسبب في نقص الطاقة والغذاء والمياه وكل شيء ضروري لبقاء السكان على قيد الحياة، ودعمها إسرائيل في مجلس الأمن، وعرقلة التوصل إلى وقف إطلاق النار".
وأردف: "مع مرور الوقت، أصبحت المجزرة أكثر وضوحا أمام الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، وبدأ الأوروبيون (...) ينتقدون على استحياء (ما يُسمى) "حق إسرائيل في الدفاع"، لكن واشنطن لا تمارس سلطتها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ينهي المجزرة في غزة".
اقرأ أيضاً
على عكس أمريكا.. تايم: النظرة سلبية تجاه إسرائيل في 42 دولة
مبدأ بوش
"وقد أنشأت الولايات المتحدة، أو على الأقل سرّعت البرنامج النووي لإيران وكوريا الشمالية، خلال إدارة (الرئيس الأسبق) جورج دبليو بوش (2001-2009)"، كما أضاف بينافورتي.
وأوضح أن "ما يُسمى بمبدأ بوش، الذي حدد "الدول المارقة" وحدد "أعداء" واشنطن وسط صدمات (هجمات) 11 سبتمبر (2001)، أشار إلى أهداف محتملة "لهجمات وقائية"، بينها إيران وكوريا الشمالية".
وتابع: "ولا يزال البلدان يُعاملان على أنهما يشكلان تهديدا.. واليوم، تمكنت الدولتان من زيادة قدراتهما العسكرية وتتجهان نحو الانضمام إلى النادي النووي، على الرغم من آلاف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما. وهذا يثبت أن العقوبات الاقتصادية غير فعالة على الإطلاق في التشجيع على تغيير النظام".
واعتبر بينافورتي أن "إدارة بايدن خلقت الظروف اللازمة لتعزيز دور إيراني أكبر في الشرق الأوسط عبر استخدام المذبحة الفلسطينية كخطاب أساسي لحشد الدعم في المنطقة، على الرغم من التوازن الجيوسياسي للسعودية وتركيا".
اقرأ أيضاً
الضربات تزداد خطورة.. هل تقترب أمريكا وإيران من حافة الحرب؟
قنبلة نووية
كما زادت إيران قدرتها على تخصيب اليورانيوم، وفقا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أواخر عام 2023.
وأفاد التقرير بأنه اعتبارا من 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان لدى إيران 4.486 كجم من اليورانيوم، وهو ما يزيد 22 مرة عن 202.8 كجم المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، والذي انسحب منه في عام 2018 الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
وحاليا، تمتلك إيران نحو 128 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. وبحسب المعايير التي يستخدمها الروس والأمريكيون، لا بد من الوصول إلى 90% لإنتاج سلاح نووي.
وفي الربع الأول من عام 2023، أفادت تقارير بأن الوكالة الدولية عثرت على جزيئات من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 84٪ تقريبا. ويبدو أن تطوير القنبلة النووية الإيرانية أصبح مسألة وقت، بحسب بينافورتي.
واعتبر أن "الصراع في غزة كان بمثابة اختبار لإدارة بايدن لتحسين وجودها في المنطقة عبر سياسة متماسكة، مما يخلق الظروف الملائمة لقيام دولة فلسطينية من شأنها أن تضعف التطرف بشكل كبير، ومن ثم تساعد في احتواء نفوذ إيران الجيوسياسي، لكن الرؤية قصيرة النظر لواشنطن وتل أبيب منعتهما من إدراك ذلك".
اقرأ أيضاً
ليست أمريكا.. كاتب بريطاني: لهذا إيران هي القوة المهيمنة في المنطقة
المصدر | تشارلز بينافورتي/ مودرن دبلوماسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حرب غزة إيران أمريكا بوش بايدن ترامب نووي
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: إسرائيل تهدم شمال غزة وتجبر آلاف الفلسطينيين على الفرار
ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن إسرائيل تنفذ عمليات هدم واسعة النطاق وتقيم تحصينات عسكرية في المناطق السكنية في شمال غزة حيث أجبرت عشرات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من منازلهم، وفقا لصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو والمقابلات التي تم التحقق منها.
وقالت الصحيفة -في تحليل حول الأوضاع في غزة أوردته اليوم الثلاثاء- إن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه شن هجوما جويا وبريا في الخامس من أكتوبر الماضي في أقصى أجزاء شمال غزة - جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون - لطرد عناصر حماس الذين أعادوا تنظيم صفوفهم هناك وأن العملية "ستستمر طالما كان ذلك ضروريا".
طرد أكثر من 100 ألف فلسطيني
وأضافت أنه تم طرد أكثر من 100 ألف فلسطيني من المناطق المتضررة على مدار الأسابيع الحادية عشر الماضية، وفقا للأمم المتحدة، مما ترك عدد يقدر بنحو 30 ألفا إلى 50 ألف شخص- وهو عدد أقل من ثمن السكان ما قبل الحرب.
وتقول جماعات إنسانية إن المساعدات بالكاد وصلت إلى المنطقة منذ بداية أكتوبر بسبب القيود الإسرائيلية، ويحذر الخبراء من أن المجاعة ربما تكون قد تفشت بالفعل في بعض الأماكن.
القوات الإسرائيلية قامت بهدم أحياء بأكملها
ووفقا لتحليل أجرته صحيفة واشنطن بوست لصور الأقمار الصناعية عالية الدقة، فإن القوات الإسرائيلية قامت بهدم أحياء بأكملها، وإقامة تحصينات عسكرية وبنت طرقا جديدة وذلك مع إخلاء المناطق من الفلسطينيين. وتُظهِر الأدلة المرئية أن ما يقرب من نصف مخيم جباليا للاجئين تم هدمه أو تطهيره بين 14 أكتوبر و15 ديسمبر، الأمر الذي أدى إلى ربط طريق قائم في الغرب بمسار مركبات موسع في الشرق - مما أدى إلى إنشاء محور عسكري يمتد من البحر إلى السياج الحدودي مع إسرائيل.
ونسبت الصحيفة إلى محللين قولهم إن إنشاء هذا الممر، وتطهير مساحات من الأرض على جانبيه وبناء مواقع استيطانية محمية على شكل مربع يشبه تحويل الجيش الإسرائيلي لممر نتساريم، وهي منطقة عسكرية إسرائيلية استراتيجية في وسط غزة. وفي حين قطعت القوات الإسرائيلية ممر نتساريم عبر منطقة زراعية قليلة السكان إلى حد كبير، إلا أن عمليات إسرائيل في الشمال تتركز في الأحياء الحضرية الكثيفة - مما أدى فعليا إلى تدمير المدن الفلسطينية الشمالية.
إنشاء منطقة عازلة
وأشارت واشنطن بوست إلى أنه في حين لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي تفسير علني لأنشطته في التطهير والتحصين في الشمال، قال المحللون إن المحور الذي تم إنشاؤه حديثا يمكن أن يفصل أقصى الشمال عن مدينة غزة، مما يسمح لإسرائيل بإنشاء منطقة عازلة لعزل مجتمعاتها الجنوبية التي تعرضت للهجوم في 7 أكتوبر 2023.
وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي أصدر أوامر إخلاء مع تطور الهجوم، وطلب من المدنيين الفرار من أجل سلامتهم، دون أي تفاصيل حول موعد السماح لهم بالعودة - أو ما إذا كان سيُسمح لهم بذلك، فيما يظل مطلب حماس بالسماح للعائلات بالعودة إلى الشمال، خارج ممر نتساريم، خلال أي توقف في القتال نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار المحتمل واتفاقية إطلاق سراح الرهائن.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي رفض الإجابة على أسئلة محددة حول نتائج التحليل الذي أجرته. وفي بيان عام، قال الجيش إنه يستهدف "أهدافا عسكرية حصريا" وأنه "يتخذ جميع التدابير الممكنة للتخفيف من الأذى الذي يلحق بالمدنيين"، بما في ذلك إخبارهم بإخلاء "مناطق القتال العنيف".
ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إنه حتى الأول من ديسمبر، تم تدمير ثلث المباني جميعها في محافظة شمال غزة منذ بداية الحرب - بما في ذلك أكثر من 5000 في جباليا، وأكثر من 3000 في بيت لاهيا وأكثر من 2000 في بيت حانون، وفقا لأحدث البيانات من مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة. وأظهرت البيانات أن ستين بالمائة من الدمار في مخيم جباليا للاجئين وقع بين 6 سبتمبر وأول ديسمبر، واستمرت عمليات الهدم والتشريد في الأسابيع التي تلت ذلك.
وأظهرت صورة التقطتها الأقمار الصناعية في الخامس عشر من ديسمبر دمارا واسع النطاق في بيت لاهيا وجباليا، حيث تحولت سوق ومسجد ومتاجر ومنازل إلى أكوام من الخرسانة والغبار. وفي الرابع من ديسمبر، أجبر الجيش الإسرائيلي 5500 شخص كانوا يحتمون في المدارس في بيت لاهيا على الفرار جنوبا إلى مدينة غزة، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
وأضافت الصحيفة أنه في مقابلات أجريت عبر الهاتف والرسائل النصية على مدى عدة أسابيع، وصف 10 من سكان شمال غزة لصحيفة واشنطن بوست الاستهداف الواسع النطاق للأحياء المدنية من جانب القوات الإسرائيلية، والإخلاءات الجماعية الخطيرة حيث تم فصل الرجال والفتيان المراهقين عن النساء والأطفال، فضلا عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.