أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم التذكير يوميًّا ببعض الأذكار الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل هذا يُعدُّ بدعة؟". 

لترد دار الإفتاء، موضحة: أن التذكير يوميًّا ببعض الأذكار الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، ولا حرج في فعله؛ لأنه يشتمل على كثيرٍ من المعاني الحسنة التي حثت عليها الشريعة الإسلامية، ولا بد أن تُراعى في هذا النذكير ضوابطه التي لا تخرجه عن كونه عملًا صالحًا يُبتغى منه وجه الله ونفع الناس، والتي منها: أن يكون في محلِّه، وأن يكون بأسلوب حسن مقبول؛ لئلا يكون مُنفِّرًا من طاعة الله تعالى، وألا يشتمل هذا التذكير على ما يظهر منه التسلط أو الإلزام، ككلمة: "حرام عليك لو لم ترسلها لغيرك"، وما شابه ذلك.

ولا يُعَدُّ ذلك بدعةً بحالٍ من الأحوال؛ لأنه فعل موافق لقواعد الشرع الشريف.

مصيبة كبيرة وإثم عظيم.. إياك من هذا الفعل يحرمك من عفو الله أفضل دعاء بعد كل صلاة .. يغفر جميع ذنوبك ويرزقك من حيث لا تحتسب بيان فضل ذكر الله تعالى

ذِكْرُ الله تعالى عبادةٌ مع كونها يسيرة إلا أنها عظيمة المنزلة كثيرة الأجر غزيرة الخير؛ فقد قال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ»؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى» أخرجه الترمذي في "سننه".

حكم التذكير يوميا ببعض الأذكار على مواقع التواصل الاجتماعي

تذكير الناس يوميًّا ببعض الأذكار الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي أمرٌ في ذاته حسنٌ يدخل في أبواب كثيرةٍ من أبواب الخير؛ فمن هذه الأبواب: أنه من باب الترغيب في الطاعة والعمل الصالح ودعوة الناس إليه ودلالتهم عليه، وهذا مما يُثاب عليه المسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم في "صحيحه".

قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (6/ 125، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(من دعا إلى هدًى) أي: إلى ما يهتدى به مِن العمل الصالح.. (كان له من الأجر مثل أُجور من تبعه).. لأن اتِّباعهم له تولَّد عن فِعله الذي هو مِن سُنَنِ المرسلين] اهـ.

وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد بمثل أجر فاعله: أنَّ له ثوابًا بذلك الفعل كما أن لفاعله ثوابًا، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواءً] اهـ.

ومنها أيضًا: أنه من باب التعاون على البر والتقوى الذي حثت عليه نصوص الشريعة؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، والأمر بالتعاون على الطاعة يشمل كذلك الإعانة عليها، وظاهرٌ أن هذا الفعل فيه إعانة أيضًا.

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (6/ 46، ط. دار الكتب المصرية): [وهو أمرٌ لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى، أي: ليعن بعضكم بعضًا، وتحاثوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه، وهذا موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الدَّالِّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»] اهـ.

ومنها: أنه من باب التناصح بين الناس الذي هو بمعنى إرشادهم لما فيه مصلحتهم في الدنيا والآخرة، فعن تميم الداري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ثلاثًا، قلنا: لمن؟ قال: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (2/ 39): [وأما نصيحة عامة المسلمين -وهم: من عدا ولاة الأمر- فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم] اهـ.

ومنها أيضًا: أنه وسيلة للوصول إلى فضيلة، ومعلومٌ أن الوسيلة إلى مقصدٍ فاضلٍِ تكون وسيلةً فاضلةً، كما قرره العلماء.

قال الإمام العز ابنُ عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 53-54، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [وللوسائلِ أحكامُ المقاصد، فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل، والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل، ثم تترتب الوسائل بترتب المصالح والمفاسد] اهـ.

ضوابط نشر الأذكار على مواقع التواصل الاجتماعي

مع أن تذكير الناس على مواقع التواصل بالأذكار الشرعية أمر مشروع وحسن إلا أنه ينبغي أن يكون مقيدًا ببعض الضوابط التي تجعله يُحقق الثمرة المرجوة منه، ومنها: أن يكون في محلِّه، وأن يكون بأسلوب حسن مقبول؛ لئلا يكون مُنفِّرًا من طاعة الله تعالى؛ لعموم كونه من الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، قال الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125].

ومنها: ألا يشتمل هذا التذكير على ما يظهر منه التسلط أو الإلزام، ككلمة: "حرام عليك لو لم ترسلها لغيرك"، وما شابه ذلك؛ لأن هذا من القول على الله تعالى بغير علم، قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33].

هل نشر الأذكار على مواقع التواصل الاجتماعي بدعة؟

هذا التذكيرُ بالأذكار الشرعية على مواقع التواصل أو غيرها -مع مراعاة ضوابطه- لا يدخل في نطاق البدعة المذمومة شرعًا؛ لأن البدعة المذمومة هي الفعل المستحدث المخالف لقواعد الشريعة، أما الموافقة لقواعد الشريعة فهي مباحة، وقد تكون مندوبة، بل وقد تكون واجبة.

قال العلامة العز ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (2/ 204): [البدعة فِعْلُ مَا لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تُعْرَض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة] اهـ.

وقال الإمام ابنُ عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 560، ط. دار الفكر): "البدعة خمسة أقسام: (قوله: أي صاحب بدعة) أي: محرمة، وإلَّا فقد تكون واجبة: كنصب الأدلة للرد على أهل الفرق الضالة، وتعلم النحو المفهم للكتاب والسنة، ومندوبة: كإحداث نحو رباط ومدرسة، وكل إحسان لم يكن في الصدر الأول، ومكروهة: كزخرفة المساجد، ومباحة: كالتوسع بلذيذ المآكل، والمشارب، والثياب] اهـ.

وقال العلامة الزركشي في "المنثور في القواعد الفقهية" (1/ 217-218، ط. أوقاف الكويت): [المُحدثات ضربان: أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سُنَّة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أُحدِث من الخير لا خلاف فيه، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام رمضان: نعمت البدعة هي، يعني: أنها محدثة لم تكن] اهـ.

فيظهر بما لا مجال معه للريب أن هذا الفعل مندوب إليه شرعًا، وأنه لا يدخل في البدع المنهي عنها شرعًا؛ لأنه ليس كل أمر مستحدث يكون منهيًّا عنه.

قال الإمام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 3، ط. دار المعرفة): [ليس كل ما أبدع منهيًّا، بل المنهي بدعة تضاد سنةً ثابتةً، وترفع أمرًا من الشرع مع بقاءِ علَّته، بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيَّرت الأسباب] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: على مواقع التواصل الاجتماعی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه الله تعالى قال الإمام أن یکون ع ل ى ال یکون م

إقرأ أيضاً:

الأمن يداهم بؤرة إجرامية.. بحوزتهم مخدرات بـ 3.6 مليون جنيه

 رصدت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بقطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المعنية نشاط تشكيل عصابى مكون من (5 عناصر إجرامية"لإثنين منهم معلومات جنائية") تخصص نشاطه الإجرامى فى الإتجار بالمواد المخدرة وترويجها وإدارته لبؤرة إجرامية بدائرة قسم شرطة أول شبرا الخيمة بالقليوبية.

عقب تقنين الإجراءات تم ضبطهمبدائرة القسم ، وبحوزتهم (10كيلو جرام لمخدر الهيدرو – 4كيلو جرام لمخدر الحشيش–3 كيلو جرام لمخدر الهيروين - كيلو جرام لمخدر البودر–عدد من الأقراص المخدرة – طبنجة وعدد من الطلقات – 2 قطعة سلاح أبيض).

هذا وتقدر القيمة المالية للمواد المخدرة المضبوطة بـ (3,600 مليون جنيه تقريباً)، تحرر محضر بالواقعة وجاري اتخاذ الإجراءات القانونية.

يأتي ذلك إدراكاً من  وزارة الداخلية بأهمية مواصلة اليقظة الأمنية والتصدى الحاسم وتوجيه الضربات الإستباقية لمتجرى المواد المخدرة لحماية المجتمع من أخطار المخدرات حفاظاً على النشء.

أمرت النيابة العامة بالشيخ زايد حبس شابين ٤ أيام على ذمة التحقيقات، في اتهامهما بابتزاز موظف بالمعاش وتهديده بمقطع فيديو فاضح وطلب مبالغ مالية منه.

وكشفت تحقيقات النيابة أن شابين أقدما على تصوير “ موظف بالمعاش أثناء ممارسة الفجور معه، ومن ثم قاما بسرقته وابتزازه ماليًا نظير عدم فضح أمره أمام عائلته ونشر مقطع الفيديو المصور له، على مواقع التواصل الإجتماعي. 

وأضافت تحقيقات النيابة، أن عجوز يبلغ من العمر 61 عامًا، موظف سابق بالمعاش، حضر إلى قسم شرطة الشيخ زايد أول، وأبلغ بتضرره من أحد الأشخاص سبق وأن تعرف عليه عن طريق أحد مواقع التواصل الاجتماعي غير المشهورة منذ قرابة الشهر، وقاما بممارسة علاقة مشبوهة سويا. 

وأضاف الموظف في بلاغه، أنه أثناء تواجده بصحبة هذا الشاب الذي تعرف عليه داخل شقة بأحد التجمعات السكنية بالمدينة، فوجئ باختباء شخص آخر داخل الشقة وراء الباب وقام بتصويرهما.

وذكر المجني عليه في بلاغه، أن الشابين هدداه بسلاح أبيض وسرقا هاتفه والكارت البنكي الخاص به وسحبا مبلغ 30 ألف جنيه عنوة، وبعد مرور شهر على هذه الواقعة قام الشابان بتهديده مرة أخرى بإرسال الفيديو إلى ابنه في حالة عدم تحويله مبلغ 100 ألف جنيه لهما لكنه رفض طلبهما.

وأضاف المجني عليه أن الشابين اتصلا بشقيقه وطلبا منه مبلغ 100 ألف جنيه، وإن لم يدفع سيقومان بنشر الفيديو الخاص بالضحية على مواقع التواصل الاجتماعي ولبعض أصدقائه المقربين ومعارفه وأقاربه.

وبعد فحص البلاغ وتقنين الإجراءات تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة من ضبط المتهمان وهما: ( م.ع - 27 سنة -عاطل) و( أ.ص - 26 سنة -عاطل)، مقيمين بدائرة قسم الشيخ زايد، وأمام جهات التحقيق اعترف المتهم الأول بتعرفه على الضحية بأحد المواقع غير المشهورة على شبكة الإنترنت واتفق معه على ممارسة الفجور، بينما اتفق المتهم الأول مع صديقه المتهم الثاني بتصويرهما خلسة بهدف ابتزازه فيما بعد، بالإضافة إلى قيامهما بالاستيلاء على حافظة نقوده وساعة ودبلة وهاتفه والفيزا، تم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية حيال الواقعة. 

مقالات مشابهة

  • سقوط 19 بلطجيا خلال حملات الداخلية لفرض السيطرة
  • الأمن يضبط 232 دراجة نارية مخالفة على الطرق السريعة
  • الأمن يوقع بـ 47 هاربا من أحكام قضائية بالأقاليم
  • ضبط 7 تشكيلات عصابية ارتكبوا 22 جريمة
  • الداخلية تنفذ 83 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة
  • ضبط قائد سيارة ملاكي لسيره عكس الاتجاه بطريق الإسماعيلية
  • سقوط عنصر إجرامي بحوزته حشيش بـ 4 ملايين جنيه
  • الأمن يداهم بؤرة إجرامية.. بحوزتهم مخدرات بـ 3.6 مليون جنيه
  • «الإفتاء» حكم الذكر جماعة وجهرا عقب صلاة العصر يوم الجمعة
  • تأملات قرآنية