الأردن.. إجراءات لتجنب الضغوط التضخمية بسبب أزمة البحر الأحمر
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
أعلنت الحكومة الأردنية اليوم الأربعاء اتخاذ إجراءات للتعامل مع ما سمتها "ضغوطا تضخمية محتملة" جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واضطرابات البحر الأحمر وباب المندب.
وذكر بيان لوزارة الصناعة والتجارة الأردنية أن تلك الإجراءات تهدف إلى المحافظة على المخزون الغذائي وانتظام سلال التوريد في المملكة، وضمان استقرار الأسعار وضبط السوق، خاصة قبل وخلال شهر رمضان.
وقالت الوزارة على لسان المتحدث باسمها ينال البرماوي إن "الإجراءات شملت وضع سقوف لأسعار الحاويات لغايات تخمين واحتساب الرسوم الجمركية لتخفيض الكلف، بما يبقيها على ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".
وأضاف البرماوي "تم الإيعاز إلى الجهات الرقابية والمختصة في العقبة للعمل على مدار 24 ساعة، لتسريع إجراءات التخليص على السلع، خاصة الغذائية".
وتابع "باشرت الشركة العامة للصوامع بتنفيذ توجيهات مجلس الوزراء بإتاحة المجال للقطاع الخاص لتخزين السلع الغذائية لدى شركة الصوامع بأسعار التكلفة وتقل 40% عن الأسعار المعتمدة خارجها".
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي حظرت الحكومة الأردنية تصدير سلع غذائية أساسية مثل السكر والأرز والزيوت النباتية، للمحافظة على المخزون وتوفير الكميات اللازمة للسوق المحلية.
ونص القرار الحكومي على "وقف العمل ببعض الاشتراطات الإجرائية لاستيراد سلع غذائية، لديمومتها في السوق المحلية مثل اللحوم".
وفي 15 يناير/كانون الثاني الجاري وجهت رئاسة الوزراء الأردنية الوزارات والجهات المعنية في المملكة باتخاذ تدابير وإجراءات للتعامل مع الآثار التضخمية المحتملة على السوق المحلية، بسبب التطورات في البحر الأحمر.
وارتفعت أسعار تكلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسبة وصلت إلى 170% بسبب هجمات الحوثيين على السفن المرتبطة بإسرائيل، وهو ما دفع شركات شحن إلى تعليق كل رحلاتها عبر المضيق.
وتضامنا مع قطاع غزة -الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أميركي- يستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية وأميركية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
السيولة في غزة .. أزمة تفاقم معاناة المواطنين تحت وطأة الغلاء والحصار
غزة ـ يمانيون
مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره التاسع عشر، تزداد الأوضاع المعيشية تعقيدًا وسط انهيار اقتصادي شامل، تتصدره أزمة السيولة المالية التي باتت تُحاصر يوميات السكان، وتحوّل تفاصيل حياتهم إلى سباق مرهق للبقاء وسط الغلاء الفاحش، وانعدام النقد، وارتفاع عمولات التكييش إلى مستويات صادمة.
في أحد الأزقة المدمّرة شرق مدينة غزة، يقف الحاج أبو مصطفى أمام محله الصغير، ينظم ما تبقى من البضائع القليلة على رفوفه، ويُحدّق في الداخلين بعينين غلب عليهما التعب.
يقول بصوت منخفض: “كنت أبيع على التطبيق لأسهّل على الناس أزمة الكاش، لكن للأسف ما عدنا نستطيع الشراء من التجار إلا نقدي، فاضطررت للعودة للبيع نقدًا فقط”.
ويضيف: “الناس ما عندها كاش، واللي بده يسحب من التطبيق بيدفع دم قلبه عمولة، صار الوضع لا يُحتمل، والموردين نفسهم صاروا يبيعونا بأسعار غالية وبشروط صعبة”.
عمولات خانقة..
أصبحت عمولة الحصول على النقد – المعروفة محليًا بـ”التكييش” – عبئًا يوميًا ينهك كاهل المواطنين.
ويُوضح الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “نحن أمام أزمة سيولة غير مسبوقة في القطاع، نتيجة الحصار المُطبق ورفض الاحتلال إدخال النقد، إضافة إلى غياب أي تدخل جاد من الجهات المالية الرسمية في الضفة أو غزة لتدارك الوضع”.
ويتابع: “بلغت عمولات التكييش أرقامًا غير منطقية، تتراوح بين 25% و35% من قيمة المبلغ، ما يعني أن المواطن يخسر ما يقارب ثلث أمواله فقط ليستلمها نقدًا، هذه النسبة تعتبر جريمة اقتصادية بحق الناس”.
ويرى أبو جياب أن “السوق السوداء” هي المستفيد الأكبر من هذا الواقع، مستغلة غياب الرقابة البنكية وتعطل عمل المؤسسات الرسمية: “في ظل انهيار الدور النقدي الرسمي، أصبح المواطن فريسة لتجار الأزمات الذين يتحكمون بالسيولة وبوسائل الدفع”.
ومنذ بداية الحرب أوقفت قوات الاحتلال إدخال السيولة النقدية إلى بنوك غزة، التي أغلقت مقراتها وبقيت تقدم خدمات محدودة أغلبها يرتبط بالتعامل مع التطبيق البنكية.
“أخسر لأعيش”..
محمد، موظف حكومي في غزة، يصف كيف تحوّلت الحياة إلى “رحلة بحث يومية عن النقد”، لا تقل قسوة عن مواجهة القصف.
يقول: “كنت أشتري من المتاجر عبر التطبيقات، بس مع الوقت سكرت المحلات، وصرت مجبر أسحب كاش بعمولة عالية، وأشتري من السوق بأسعار أغلى”.
أما أم يزن، أم لثلاثة أطفال، فتقول: “ما عندي خيار غير ألف على المحلات اللي بتبيع بالتطبيق، بس صارت نادرة، حتى مصروف الأولاد بطلت أقدر أعطيهم، لأن إذا ما معك كاش، ما بتقدر تشتري حتى الخبز”.
نقد تالف وأزمة مركبة
ويشير أبو جياب إلى تفاقم المشكلة بسبب انتشار العملة التالفة التي يرفض المتاجرون قبولها، ما زاد من حدة الأزمة: “انتشار العملة التالفة حوّلها إلى عبء إضافي، فتضاعف الضغط على الكاش السليم، مما جعل السيولة المتاحة أصغر بكثير من الحاجة الفعلية”.
وأضاف: “نحن بحاجة لحلول عاجلة، أهمها الضغط على الاحتلال لإدخال النقد بشكل منتظم، ودعم أنظمة الدفع الإلكتروني بشكل فعّال، وتوعية المواطنين بالتحول الرقمي، إلى جانب تدخل جاد من سلطة النقد الفلسطينية لإعادة هيكلة السوق وضبطه”.
أزمة نقد أم انهيار إنساني؟
ليست أزمة السيولة في غزة مجرد خلل اقتصادي، بل هي انعكاس مأساوي لحرب إبادة اقتصادية تشنّها إسرائيل ضد أكثر من مليوني إنسان.
ومع غياب الحلول الجذرية، وغياب سلطة نقد فاعلة، تبقى خيارات السكان محدودة، بينما تتضخم السوق السوداء، وتتحول الحياة إلى معركة يومية للبقاء.
يؤكد خبراء أن تخفيف الأزمة يبدأ من إعادة فتح المعابر، وإدخال النقد، وتفعيل أدوات رقابية حقيقية على السوق، بالتوازي مع تعزيز أدوات الدفع الرقمي، وتمكين المواطن من التكيّف دون أن يُستنزف في كل معاملة مالية.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام