الصراع في الشرق الأوسط: خلافات الجيوسياسة والاقتصاد
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
إن الشرق الأوسط، وهو منطقة غارقة في نسيج غني من التاريخ والثقافة والدين، كان في كثير من الأحيان نقطة محورية للاهتمام العالمي بسبب تفاعلها المعقد بين الديناميكيات الجيوسياسية. في قلب هذه الشبكة المعقدة تكمن قصة من التنافس بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ورغم أن هذا التنافس يضرب بجذوره في التراث الثقافي والديني المشترك، فإنه يتغذى على طموحات سياسية متباينة، ومنافسة اقتصادية، ورؤى متناقضة لمستقبل المنطقة.
منافسة جيوسياسية واقتصادية متنوعة المساحات
تعد المملكة العربية السعودية، أكبر دولة في شبه الجزيرة العربية، لاعبا رئيسيا في المنطقة بسبب احتياطاتها النفطية الهائلة ووصايتها على الأماكن الإسلامية المقدسة. وهذا الدور المزدوج يمنح المملكة مزيجا فريدا من النفوذ الاقتصادي والديني، ولطالما شكلت الثروة النفطية للمملكة العمود الفقري لاقتصادها ونفوذها العالمي. ومع ذلك، فهي تسعى الآن إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، وهو تحول واضح في خطة رؤية 2030. وتهدف هذه المبادرة الطموحة إلى تطوير قطاعات الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والترفيه والسياحة. ومفتاح هذه الرؤية هو تطوير المشاريع الضخمة مثل نيوم، وهي مدينة مستقبلية من المتوقع أن تعمل بشكل مستقل عن الإطار الحكومي الحالي، مما يشير إلى تحول كبير في السياسات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية.
يمتد هذا التنافس إلى ما هو أبعد من الاقتصاد ،إلى المجال السياسي. لقد اختلف نهج الإمارات العربية المتحدة في السياسة الخارجية بشكل متزايد عن نهج المملكة العربية السعودية، كما يتضح من مواقفهما المختلفة في الصراع اليمني والليبي والسوداني والعلاقات مع القوى العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة. وبينما برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كأصل سياسي وعسكري قيم للولايات المتحدة، توترت علاقة المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة
وفي المقابل، ميزت دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي اتحاد يضم سبع إمارات، نفسها من خلال نهج تطلعي وأكثر ليبرالية في كثير من الأحيان مقارنة بنظيراتها الإقليمية. تشتهر دولة الإمارات العربية المتحدة بناطحات السحاب والتسوق الفاخر وصناعة السياحة المزدحمة، وقد نجحت في تنويع اقتصادها. وتعد إمارتها الرئيسية، دبي، مدينة عالمية ومركزا للأعمال في الشرق الأوسط. تركزت الاستراتيجية الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة على التجارة والسياحة وتعزيز بيئة الأعمال التجارية، الأمر الذي اجتذب عددا كبيرا من القوى العاملة الوافدة والمصالح التجارية الدولية.
يتجلى التنافس السعودي الإماراتي، رغم أنه ليس علنيا دائما، في مجالات مختلفة بما في ذلك القيادة في العالم الإسلامي، والهيمنة في قطاع النفط والغاز، والتأثير على المشهد الجيوسياسي الأوسع في الشرق الأوسط. ففي قطاع النفط على سبيل المثال، تعد كلا الدولتين من الأعضاء المؤثرين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وغالبا ما كانت لهما وجهات نظر مختلفة حول مستويات إنتاج النفط واستراتيجيات التسعير، وذلك بفعل عوامل وحوادث دولية كالحرب الروسية على أوكرانيا أو مناسبات الضغط على الولايات المتحدة.
السعودية التي تعتمد تقليديا على عائدات النفط، شرعت في رحلة لتنويع اقتصادها، وتشمل هذه الجهود تحرير الأعراف الاجتماعية وجذب الاستثمار الأجنبي. على سبيل المثال، أعلنت الرياض عن خطط لترسيخ مكانتها كمركز لوجستي رائد، مع إنشاء شركة طيران وطنية ثانية لتحدي هيمنة الإمارات في مجال الطيران. بالإضافة إلى ذلك، كلفت المملكة العربية السعودية الشركات متعددة الجنسيات بإنشاء مقرات إقليمية داخل المملكة بحلول نهاية كانون الثاني/ يناير من 2024، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها تحد مباشر لمكانة دبي كمركز للأعمال في المنطقة.
ويمتد هذا التنافس إلى ما هو أبعد من الاقتصاد ،إلى المجال السياسي. لقد اختلف نهج الإمارات العربية المتحدة في السياسة الخارجية بشكل متزايد عن نهج المملكة العربية السعودية، كما يتضح من مواقفهما المختلفة في الصراع اليمني والليبي والسوداني والعلاقات مع القوى العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة. وبينما برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كأصل سياسي وعسكري قيم للولايات المتحدة، توترت علاقة المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى تداعيات حادثة جمال خاشقجي.
اليمن كمنصة لظهور الخلافات إلى السطح
كانت السعودية والإمارات حليفتين خلال العملية العسكرية ضد جماعة الحوثي في اليمن باسم عاصفة الحزم التي انطلقت عام 2015. وسريعا، استدارت الإمارات من محاربة الحوثيين إلى محاولة السيطرة على المواقع الجيوستراتيجية على سواحل اليمن، وخاصة ميناءي عدن والمخاء والمناطق المطلة على مضيق باب المندب. عمدت الإمارات إلى إنشاء مليشيات المجلس الانتقالي الموالية لها في اليمن، حيث فرضت سطوتها على السواحل الجنوبية للبلاد بما فيها ميناء عدن وعدد من الجزر.
في نهاية 2019 انسحبت أبو ظبي عسكريا من اليمن، وتركت ذراعا طويلة تحقق مصالحها هناك عبر المجلس الانتقالي على حساب الحكومة المدعومة من السعودية. وشكل قرار الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، إقالة محافظ عدن الموالي للإمارات عيدروس الزبيدي؛ دليلا واضحا على تناقض سياسات البلدين في اليمن، حيث تدعم الرياض مركزية الحكومة في عدن بينما تدعم أبو ظبي المجلس الانتقالي الطامح لانفصال جنوب اليمن.
يعد التنافس بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة جانبا متعدد الأوجه ومتطورا في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، فهو يشمل المنافسة الاقتصادية، والسياسات الخارجية المتباينة، والمخاوف الإقليمية المتبادلة. ومع استمرار البلدين في تأكيد نفوذهما والتكيف مع الديناميكيات العالمية والإقليمية المتغيرة، فمن المرجح أن يلعب هذا التنافس دورا مهما في تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط
وعقب تجميد السعودية الصراع مع الحوثيين، ومحاولتها إنهاء الحرب هناك بالتوازي مع إحياء علاقتها بإيران، زادت حدة الخلاف بين البلدين وصار الحديث عن انفصال "اليمن الجنوبي" احتمالا قائما، وبالطبع بدعم من الإمارات. وعادت الخلافات إلى الظهور مرة أخرى بعد الخلاف حول كيفية التعامل مع استهداف الحوثيين للسفن المتجهة إلى إسرائيل، حيث قالت وكالة بلومبيرغ إن أبو ظبي تؤيد عملا عسكريا أمريكيا ضد الحوثيين، في حين أن الرياض كانت تخشى من أن تصعيدا كهذا ربما يؤدي إلى استفزاز الحوثيين وتعريض الهدنة الهشة في اليمن للخطر، وتقويض محاولات المملكة الرامية إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في البلاد. وهذا بالفعل ما حدث، إذ إن اتفاقية السلام بين الأطراف اليمنية الآن في مهب الريح بعد الضربات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين، كما أن تزايد التدخل العسكري لصالح إسرائيل في البحر الأحمر لم يحقق حرية الملاحة بل زاد من الوضع سوء.
في الختام، يعد التنافس بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة جانبا متعدد الأوجه ومتطورا في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، فهو يشمل المنافسة الاقتصادية، والسياسات الخارجية المتباينة، والمخاوف الإقليمية المتبادلة. ومع استمرار البلدين في تأكيد نفوذهما والتكيف مع الديناميكيات العالمية والإقليمية المتغيرة، فمن المرجح أن يلعب هذا التنافس دورا مهما في تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط. وستكون لنتائج هذا التنافس آثار ليس فقط على المنطقة، بل أيضا على العلاقات الاقتصادية والسياسية العالمية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التنافس السعودية الإمارات الخليج السعودية الإمارات تنافس سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الإمارات العربیة المتحدة المملکة العربیة السعودیة السعودیة والإمارات الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط هذا التنافس فی الیمن
إقرأ أيضاً:
26 فبراير ... إعلان المشروع الأمريكي!
إن عملية التغيير الإقليمي هو المطلب الذى سعى ويسعى إليه العدو الصهيوني منذ وجوده , والتغيير من وجهة نظره يعني قبوله مع تحقيق كامل أهدافه في التوسع والسيطرة ليصبح القوة الإقليمية الأكبر , مع استثمار علاقاته الخاصة بالقوة العظمي ليكون مركز انطلاقها في المنطقة ولتهيمن باسمه على مقدرات وثروات شعوبها .
النظريات الثلاث
إن عملية تغيير المنطقة العربية بما سميت بالشرق الأوسط أصبحت مطلبا أمريكيا وخاصة بعد نجاح غزوها للعراق في مطلع عام 2003م , وفي نفس الوقت مغنما صهيونيا على ضوء الروابط الاستراتيجية والمصالح مع الولايات المتحدة وطرحت عدة نظريات منها :
- موازين القوى : وهذه النظرية المتبناة من مراكز بحثية أمريكية وصهيونية متعددة , تقوم على أساس إعادة صياغة جيوسياسية لبلدان الشرق الأوسط تعتمد على تفكيك وإعادة بنائه على أسس قبلية وطائفية مع تكفل العناصر القائمة بفرض التوازنات المطلوب بين الكيانات السياسية الجديدة . فهذا هو مطلب العدو الصهيوني وعلى الرغم من تعثر الموقف الأمريكي في العراق , فإن العدو الصهيوني يرتاح كثيرا للمتناقضات الحادثة هناك . والتي يرى خبراؤه الاستراتيجيون أنه مع بقائها واستفحالها سوف تؤدى إلى تقسيم العراق وتفتته .
- الأمن الإقليمي : هذه النظرية التي تقوم على ما يعرف بالأمن الإقليمي أو تحالفات الدول ذات النسق السياسي والاقتصادي المتوافق . ومن الدول المرشحة لذك العدو الصهيوني والأر دن وتركيا وينتظر أن يكون العراق معهم بعد احتلالها من امريكا في إبريل 2003م , وهذا يذكر بما عُرف من الأربعينيات من القرن المنصرم بمشروع الهلال الخصيب - بدون سوريا- أو بحلف بغداد 1955م , مع اعتبار ترشيح " تل أبيب " كمركز للتحالف الإقليمي .
- تكريس الحرية : وهذه النظرية الثالثة والمعروفة بنظرية " تكريس الحرية " والتي أشارت إليها جريدة " يدعوت احرونوت " الصهيونية وتتخلص في تأكيد الإدارة الأمريكية على مبدأ الحرية في الشرق الأوسط كبديل عن مبدأ " الاحتواء " إبان فترة الحرب الباردة( 1945- 1991م ) , حيث تهدف هذه النظرية إلى توسيع نطاق الحريات الفردية في الشرق الأوسط فيما يخص الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية , مع الاستعداد لإزالة أي معوقات على أي مستوى حتى لو كانت أنظمة .
كذلك تهدف إلى الاستعداد لتدمير العدو , وهو بنظرها عدو أيديولوجي - محاربة الإرهاب - يتمثل في الأصولية الإسلامية وليس الإسلام ! ثم البناء والذي يتم من خلال نشر ما تسميها الديمقراطية وما يحتاجه ذلك من تغيير لبعض النظم القائمة وهذا التغيير لا يتم بالقوة إلا في حالة الضرورة القصوى وخاصة على ضوء معاناة القوات الأمريكية في العراق
إعلان المشروع
بعد دمج هذه النظريات الثلاث برز المشروع الأمريكي لتخرج امريكا بمشروع الشرق الأوسط الكبير , والذى يقف العدو الصهيوني على رأسه . وقد عرض الرئيس الأمريكي " بوش الأبن 2001- 2009م " أما مؤسسة " أمريكان انتربرايز " والمعروف عنها انحيازها الكامل للعدو الصهيوني .
وقد أفصح الرئيس بوش الابن بمشروعه الشرق الأوسط الجديد عن ضرورة إعادة تشكيل الخريطة السياسية للشرق الأوسط والعمل على نشر الديمقراطية في المنطقة , والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية كبيرة .
في حين أكدت " كونداليزا رايس " مستشارة الأمن القومي الأمريكي في شهر أغسطس 2003م , في مقال صحفي , على ضرورة تغيير الشرق الأوسط مثلما تم تغيير أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية , وأن العراق الجديد بعد الغزو سيكون نموذجا وعنصرا أساسيا في بناء شرق أوسط مبنى على نبذ الكراهية !.
وفي شهر فبراير2004م , نشرت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع ما اسمته " الشرق الأوسط الكبير " وقررت عرضه على دول مجموعة الثماني في قمتها في " سيتى أيلاند " بولاية جورجيا الأمريكية في يونيو 2004م . وفي مقدمة المشروع حددت الولايات المتحدة هدفها بأنه لحماية مصالحها الوطنية ومصالح حلفائها .
وذلك عبر الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتشجيع الديمقراطية والحكم الصالح , وتغيير سياسي على المدى الطويل . وبتعريف المشروع الأمريكي - الصهيوني لحدود ما سمى بالشرق الأوسط الكبير أنه المنطقة الممتدة من المغرب والمحيط الأطلسي غربا إلى أفغانستان و باكستان شرقا وأيضا تركيا وإيران والعدو الصهيوني .- فجميع بلدان هذه المنطقة هم دول عربية إسلامية فيما عدا العدو الصهيوني فهذا التعريف الجغرافي للشرق الأوسط الكبير يتوافق مع تعريف العدو الصهيوني .
تغيير الخريطة
وفي توجيه انتقادات لهذا المشروع الأمريكي - الصهيوني المسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير والذي إعلانه الرئيس الأمريكي بوش الأبن في 26 فبراير 2003م بعد احتلال العراق . يوضح " محمود عبد الطاهر " في مقال له تحت عنوان " إسرائيل وإعادة خريطة المنطقة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق " والمنشور في مجلة رسالة المشرق 2004م , التابعة لمركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة . بقوله : ( إن المشروع قد أغفل تماما الإشارة إلى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والصراع العربي - الإسرائيلي , والذي أشار إليهما في الأصل تقريري الأمم المتحدة - عام 2002, 2003 , لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة بشأن العالم العربي – حيث كانت الأولويات تحتم تأجيل أي عمليات تطوير اعتمادا على أولوية المعركة التي يعلو صوتها فوق أي صوت آخر .... وليس بمستغرب من تهميش للصراع العربي – الإسرائيلي كسبب من أسبا التوتر في المنطقة وازدواجية المعايير في التعامل الأمريكي فيما يخص إسرائيل .
وهو الأمر الذي يبرز الدور المنوط بإسرائيل في قيادة المنطقة وخاصة على ضوء تصنيفها أمريكيا في ورقة المشروع بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الإقليم )
ويضيف : ( عدم استشارة دول المنطقة في أعداد هذه المشروع أو استشراف رأى أي نخب سياسية أو حتى فيما يسمى جماعات المجتمع المدني في المنطقة . وأن هذا المشروع ينظر لكل دول المنطقة على أنها متماثلة وأن الإصلاح يمكن أن يطبق عليها بشكل واحد في حين أن لكل من هذه الدول التي يجمع بينها الإسلام فيما عدا إسرائيل خصوصيات تميزها بعضها عن بعض ..... تتجنب ورقة المشروع ذكر أهم وأخطر المشاكل في الشرق الأوسط والمنطقة وهو الاحتلال للصهيوني للأراضي العربية والصراع العربي مع العدو الصهيوني .
ولذا فإن نظريات الإصلاح التي طرحها المشروع توضح إلى حد بعيد الرؤية الأمريكية التي تريد أن توجد نمطا سياسيا متجانسا يحقق مصالح الولايات المتحدة وحلفائها , ويقضى على انماط سياسة عدتها الاستراتيجية الأمريكية أنها من بقايا مرحلة الحرب الباردة والتي لم تعد تتواءم مع معطيات المرحلة ومتغيراتها ) ! .
استراتيجية الفوضى
إن الخضوع للمتغيرات التي جاء بها مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد هو المدخل الرئيسي للفوضى في المنطقة لأنه عند أول إمكانية للتمرد على هذه المتغيرات سيكون الانفلات والصراعات والفوضى والتي يمكن في هذه الحالة أن تولد حالة لا يمكن السيطرة عليها . أما بخصوص الديمقراطية تعلم الولايات المتحدة قبل غيرها أن الديمقراطية مطلب لشعوب المنطقة التي هي عطشى لها ولكن في نفس الوقت فإنها تدرك جيدا أن قوى الحكم في المنطقة مدعوم أكثرها من الجانب الأمريكي وهي في الأساس نظم استبدادية. فالتغيير الذي هو نابع من المتغيرات يأتي لتثبيت المصالح الأمريكية ولحلفائها وعلى رأسهم إسرائيل , أي أن هذه المتغيرات هي وسيلة وليست غاية استراتيجية أمريكية . ولعل أمريكا ما تريده من خلال مشروعها الشرق الأوسط الكبير او الجديد هو اتباع سياسة استراتيجية الفوضى ليتمكن لها من استنزاف خيرات وثروات الشعوب في ظل عدم وجود دولة مركزية قوية بل دول هشة تمزقها الحروب والصراعات والاقتتال الداخلي والتدخلات الإقليمية والخارجية وهذا ما نشاهده اليوم وكل ذلك خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة .