سلط الدكتور سعد الحامد، المحلل السياسي والمستشار في النزاعات الدولية، الضوء على الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، وتؤثر على استقرارها وأمنها، مؤكدًا أن الصدام بين القوى الكبرى الذي يحاول أن يغير من شكل العالم ككل من قطب واحد إلى عالم متعدد الأقطاب على المستوى الاقتصادي والسياسي ومستوى المنظومة الدولية ككل؛ انعكس على دولنا العربية، كوننا نعيش داخل تلك المنظومة الدولية.

وأضاف الحامد، أن هناك صراعات تنطلق من داخل دول العربية، كالصراع في ليبيا والسودان، بالإضافة إلى حروب المياه عبر استغلال سلاح الماء كما يحدث الآن بين الجانبين الأثيوبي والمصري، وكذلك استهداف الحوثيين لحركة السفن على البحر، بالإضافة إلى ما يحدث الآن في غزة وهو نتيجة تأجيج الصراع داخل منطقتنا، مبينًا أنه كلما حاولت الدول الموجودة في المنطقة والدول ذات المكانة الجيواستراتيجية والاقتصادية إنهاء هذه الصراعات، تنشأ صراعات جديدة، وهذا يخدم مصالح القوى العظمى.

وأكد الدكتور الحامد، أنه إذا أردنا أن نصل إلى مرحلة الاستقرار وتخفيف الصراعات الموجودة، فلننظر إلى الدور الذي تنتهجه السعودية الآن من خلال امتصاص الصراعات والأزمات، مبينًا أنها سعت في أكثر من اتجاه لخفض التصعيد وحل الكثير من النزاعات انطلاقًا من ثقلها السياسي والاقتصادي، فعلى مستوى القضية الفلسطينية، سعت المملكة لخدمة القضية وتحقيق مصالحها من خلال التفاوض على التطبيع مع إسرائيل عبر اشتراط إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، بناءً على المبادرة العربية للسلام، بالإضافة لجهود المملكة لحل الصراع في اليمن من خلال مبادرة تهدف لإنهاء الحرب وتحقيق السلام هناك، بجانب دورها الإغاثي والإنساني عبر الدور الكبير الذي يلعبه مركز الملك سلمان للإغاثة.

وأشار المحلل السياسي والمستشار في النزاعات الدولية، إلى أن المملكة تتعامل بحكمة وتسعى للتنمية والتطور داخل حدودها على وجه الخصوص وفي المنطقة بشكل عام، لإيمانها أن الاستقرار سيعزز الأمن والسلم العالميين، ولذلك سعت لإيجاد حل في اليمن والعراق وسوريا من خلال إعادة العلاقات مع الجانب السوري، كما انتهجت المملكة سياسة «تصفير الخلافات» مع الجانب التركي، بالرغم ممارسات أنقرة في دعم الحملات الإعلامية المعادية، ودعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، أثناء ما يسمى «الربيع العربي».

وفي الختام، أكد الحامد أهمية تعزيز الجهود الدبلوماسية واستخدام الوساطة لإيجاد حلول تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، كون الدول العربية عانت الكثير من الحروب والأزمات بدءا من احتلال الكويت وتدخل القوات الأمريكية في العراق؛ ومرورًا بجائحة كورونا وما خلفته من آثار اقتصادية على العالم ككل، كذلك الحرب الاوكرانية وانعكاساتها على الغذاء والأمن والطاقة، كل هذه جوانب نجدها تؤثر بشكل كبير على سياسات الدول الاستراتيجية وخططها المستقبلية، إضافة إلى ما يحدث من استهداف الحوثيين لسفن الشحن على البحر الأحمر وبحر العرب وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على التجارة العالمية، مبينًا أن هناك دولًا محورية مثل السعودية ومصر والأردن والإمارات، بإمكانها أن تلعب دورًا إيجابيًا في إنهاء الصراعات وتحقيق الاستقرار في المنطقة، كما أن حل القضية الفلسطينية سيكون له تأثير إيجابي على الدول الأخرى.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: منطقة الشرق الأوسط الجهود الدبلوماسية فی المنطقة من خلال

إقرأ أيضاً:

حوار مع مُطَبِّع!

 

مدرين المكتومية

بكل واقحة وعنهجية زائفة تحدث بنبرة فارغة من المضمون أو القيمة: "لا بُد أن نكون واقعيين؛ فالافكار القومية والناصرية فشلت وماتت.. الدول اليوم تهتم بمصالحها فقط. وامريكا هي القوة العظمى الوحيدة والتي علينا أن نُرضِيها ونتعاون معها ونستفيد منها ومن تقدمها التكنولوجي، فهي الاقتصاد الاقوى في العالم... وإسرائيل هي جزء من أمريكا والتي لا توجد لدينا القدرة على محاربتها؛ فالافضل ان نكون في صفها...".

بهذه الكلمات المُستفزة والتي تعكس شعورًا مرعبًا بالدونية لدى المتكلم الذي كان يخاطبني أثناء تواجدي بأحد المطارات في انتظار رحلتي الجوية؛ إذ دار بيننا حديث عابر لم أكن أتوقع أن يقودنا إلى هذا الإسفاف الفكري وذلك الطرح العقيم البائس، الذي يعكس ضحالة المُتحدث. لم أكن أعلم أن هذا المسافر الذي التقيته صدفة في صالة الانتظار بالمطار، يؤمن بالتطبيع مع دولة الاحتلال دون حمرة خجل، أو الشعور بالعار، في ظل ما يمارسه جيش العدوان الإسرائيلي من مذابح يومية وجرائم إبادة جماعية وجرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني الأعزل. لقد كان من المؤسف أن يتحدث لي هذا المُطَبِّع، ويُعلن بكل وقاحة عن موقفه المؤيد للتطبيع مع قتلة الأطفال؛ بل ويرى في ذلك مكسبًا لحكومة بلاده وأي دولة تنتهج ذات المسار.

فاجأني عندما قال إنه يتعين على كل الدول العربية أن تُبرم اتفاقيات سلام مع إسرائيل وأن تبدأ تطبيع علاقاتها معها كي تستفيد من خبراتها التكنولوجية والمعرفية المتطورة.. في حقيقة الأمر وقع هذا الكلام علي بمثابة الصدمة، فقد هالني ذلك الاحتفاء غير المفهوم بدولة مارقة مُجرمة تقتل الأطفال والنساء والشباب والعجائز العُزل، وتُدمِّر دولة بأكملها تحت زعم "محاربة حماس"، بينما المقاومة لها كل الحق المشروع والمكفول بالقانون الدولي في الدفاع عن نفسها وممارسة كل الأعمال القتالية التي تساعدها على طرد المُحتل، مهما كان وفي أي ظروف.

حديث هذا المُطبِّع لم يختلف للأسف عن أحاديث بعض الحسابات المشبوهة على منصات التواصل الاجتماعي، أو أولئك المتحديث عبر فضائيات إقليمية بعينها تنحاز بسفور إلى المجرم الإسرائيلي، من خلال السماح له بعرض وجهة نظره دون تفنيد أو انتقاد؛ بل تمارس دورها الإعلامي بنوع من غياب المهنية والحياد، فتنخرط في تبني الرواية الإسرائيلية على حساب ما هو ظاهر للجميع من عمليات قتل وتدمير وقصف من كل مكان.

أمثال هؤلاء يعتقدون- من باب الخوف والهلع- أن أمريكا ومن ورائهم إسرائيل، قادرة على حماية بلدانهم وأنظمة الحكم فيها، في حين أن هاتين الدولتين لم يتمكنا من حماية أنفسهما!! ويا لها من مفارقة عجيبة، فكيف يستقوي أحدهم بالضعيف، بحجة أنه يملك السلاح الأقوى؟! وكيف يقبل نظام حكم على نفسه أن يتحالف مع الشيطان الأكبر من أجل ضمان الكرسي الذي يجلس عليه.

أيُ وهم وأيُ جهل سياسي يعاني منه هؤلاء المُطبعُّون؟ لماذا لا ينظرون إلى الاتحاد مع الدول العربية فيما بينها من أجل بناء تحالف استراتيجي سياسي واقتصادي قادر على مواجهة القوى العظمى وفرض شروطه عليها، وترسيخ الاستقرار والأمن في المنطقة، من خلال إجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على وقف العدوان الغاشم والبربري على الشعب الفلسطيني الأعزل، ومن ثم إعلان قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف؟! لماذا لا يستفيدون من المقدرات العربية والكوادر العربية التي تحقق النبوغ والتميز في مختلف الأقطار حول العالم، وأن تكون المخرجات العلمية والبحثية لهؤلاء العلماء والباحثين من حق دولهم وليس من حق الغرب الذي استضافهم وفتح لهم المجال، بسبب ضيق الحال في بلدانهم العربية؟!

لقد أنشأ الغرب الكيان الصهيوني كقاعدة عسكرية للغرب بهدف فرض الهيمنة على المنطقة العربية، وهو ما تريده امريكا بالطبع، من أجل تعزيز مبيعات السلاح لديها، وبيعه للعرب بأثمان باهظة يدفعها المواطن العربي من قوت يومه، فبدلًا من إنفاق هذه المليارات من الدولارات على التنمية العربية والوطنية في كل دولة، تتحول إلى الخزينة الأمريكية في صورة صفقات تسليح مليارية، رغم أن هذه الدول تعلم جيدًا أن لن تُطلق رصاصة واحدة، ولن تخوض حربًا أو حتى معركة مع أي عدو!

الخلاصة.. يجب أن يعلم الجميع، وأن نقول لأبنائنا أن التطبيع جريمة في حق الإنسانية، وخيانة عظمى لدماء الشهداء التي سالت وما تزال في أنحاء فلسطين المحتلة، وعلى كل شعوب العالم والعرب تحديدًا، رفض أي مظهر من مظاهر التطبيع مع العدو الصهيوني المُجرم، وتبني موقف صارم تجاه أي محاولات لغرس هذا السرطان في قلب الأمة العربية والإسلامية.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • بوحبيب بحث في بروكسل المبادرات الديبلوماسية لخفض التصعيد
  • دروس المصريين فى ٣٠ يونيو
  • مؤسسة ماعت تناقش مشكلة انتشار الأسلحة في المنطقة العربية منذ 2018
  • الأمين العام المساعد: الجامعة العربية تقف مع لبنان بشكل كامل (فيديو)
  • الأمين المساعد لجامعة الدول: نتضامن مع لبنان بعد التصعيد الإسرائيلي في الجنوب
  • بمشاركة أكثر من 280 علامة تجارية… انطلاق فعاليات معرض (فود إكسبو) للصناعات الغذائية
  • حوار مع مُطَبِّع!
  • بمشاركة المملكة.. ورشة عمل عن "منتدى التعاون العربي - الصيني"
  • انطلاق أعمال "قمة البنية التحتية المستدامة بين المملكة والمملكة المتحدة"
  • انطلاق أعمال “قمة البنية التحتية المستدامة بين المملكة والمملكة المتحدة”