مكاسب تركيا وتنازلات السويد بعد حسم مسألة الناتو
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
وافق البرلمان التركي، الثلاثاء، على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، مما أزال آخر عقبة رئيسية أمام توسيع التكتل الغربي بعد تأخر الخطوة 20 شهرا، مما تسبب في إحباط بعض حلفاء أنقرة وانتزاع بعض التنازلات منهم.
واعترض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مايو 2022 على طلبي السويد وفنلندا الانضمام إلى الحلف العسكري.
ووافقت تركيا على طلب فنلندا الانضمام للحلف في أبريل 2023، لكنها، إلى جانب المجر العضو في حلف شمال الأطلسي أيضا، علقت طلب السويد.
ولم تقدم المجر أي مطالب محددة إلى ستوكهولم، لكن تركيا طالبت السويد باتخاذ المزيد من الخطوات للقضاء على من تعتبرهم "إرهابيين".
وفيما يلي نظرة فاحصة على ما قامت به ستوكهولم وهلسنكي وواشنطن ودول أخرى في حلف شمال الأطلسي، لـ"تهدئة مخاوف أنقرة".
ما التنازلات التي قدمتها السويد وفنلندا؟خلال اجتماع للحلف بمدريد في 2022، توصلت تركيا إلى اتفاق مع السويد وفنلندا وافقت بموجبه الدولتان على رفع حظر تصدير الأسلحة إلى تركيا واتخاذ إجراءات ضد أعضاء في حزب العمال الكردستاني المحظور، وما يسمى بحركة "كولن" الانفصالية التي تتهمها أنقرة بالمسؤولية عن محاولة انقلاب وقعت عام 2016.
وألغت ستوكهولم في 2022، حظرا على تصدير العتاد العسكري إلى تركيا، دون الكشف عن تفاصيل الشركات أو المنتجات.
وفي يونيو 2023، قدمت السويد مشروع قانون جديدا لمكافحة الإرهاب، ينص على أن الانضمام لأي منظمة إرهابية أمر غير مشروع، قائلة إنها بذلك تكون قد أوفت بالجزء الخاص بها في الاتفاق.
البرلمان التركي يصادق على انضمام السويد إلى الناتو.. وستوكهولم تعلق صادق البرلمان التركي، الثلاثاء، على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي في عملية تأخرت عاما ونيّف وعرقلت جهودا غربية لإبداء حزم إزاء الحرب التي تشنّها روسيا على أوكرانيا.وفي وقت لاحق من العام الماضي، منعت محكمة سويدية عليا تسليم اثنين من الأتراك تقول أنقرة إنهما من أنصار كولن. كما أيدت محكمة استئناف إدانة رجل بالشروع في تمويل حزب العمال الكردستاني، الذي يصنفه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جماعة إرهابية.
وردا على الانتقادات الموجهة إلى السويد من تركيا وغيرها من الدول ذات الأغلبية المسلمة، قال وزير العدل السويدي جونار سترومر، إن بلاده تدرس إمكانية تغيير قانون لمنع الناس من حرق نسخ من المصحف في الأماكن العامة.
ووافقت فنلندا من جانبها في 2022 على النظر في منح تصاريح لتصدير أسلحة إلى تركيا، على أساس كل حالة على حدة. وبعد انتظار دام قرابة العام، قالت أنقرة إنها وافقت على انضمام هلسنكي للحلف.
ما الذي فعلته الدول الأعضاء الأخرى في الحلف؟عندما قال أردوغان في مؤتمر للحلف في يوليو من العام الماضي إن السويد ستحصل في النهاية على الضوء الأخضر للانضمام للناتو، وافقت كندا العضو في الحلف أيضا على استئناف المحادثات مع تركيا بخصوص رفع القيود المفروضة على تصدير أجزاء من الطائرات المسيرة، ومنها المعدات البصرية.
ورفعت هولندا أيضا القيود المفروضة على شحنات الأسلحة إلى تركيا.
وفي أعقاب اجتماع بين الزعيمين التركي والسويدي في يوليو الماضي، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أن الحلف سيعين منسقا خاصا لمكافحة الإرهاب.
وأعلن الناتو في أكتوبر، تعيين مساعد الأمين العام توماس جوفوس في هذا المنصب.
إرسال مقاتلات "إف-16" الأميركية لأنقرةتمثلت إحدى المسائل التي كانت تعرقل المحادثات، في موافقة واشنطن على طلب أنقرة شراء طائرات مقاتلة من طراز إف-16، و79 مجموعة تحديث لطائراتها القديمة بقيمة 20 مليار دولار.
تركيا والسويد و"الناتو".. ما نعرفه عن رحلة خلاف يقترب من النهاية اقتربت عملية موافقة تركيا على انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى الخطوة الأخيرة، بعدما وافقت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي على بروتوكول انضمام الدولة الإسكندنافية، الثلاثاء.وبعد يوم من إعطاء أردوغان الضوء الأخضر للسويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في يوليو الماضي، قال البيت الأبيض إنه سيمضي قدما في نقل طائرات إف-16 إلى تركيا بالتشاور مع الكونغرس.
وأرسل أردوغان إلى البرلمان التركي طلب السويد الانضمام إلى الحلف لمناقشته في أكتوبر الماضي، لكنه قال علانية إن التصديق على الطلب سيتوقف على الحصول على طائرات إف-16 في النهاية.
وتقدمت أنقرة بطلب شراء طائرات إف-16 عام 2021، لكنها واجهت اعتراضات من الكونغرس بسبب تأخرها في توسيع الحلف العسكري وسجلها في مجال حقوق الإنسان. ومنذ ذلك الحين، لوحت أنقرة بإمكانية شراء طائرات يوروفايتر بدلا من ذلك.
تركيا والسويد والناتو.. إردوغان يلعب "ورقة غربية" بانتظار تحقيق الوعود قبل أيام قليلة ألقت واقعة حرق المصحف في العاصمة السويدية ستوكهولم، بظلالها على موافقة تركيا انضمام الدولة الإسكندنافية إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن خلال الساعات الأخيرة ظهرت تطورات إيجابية في هذا الملف بعد اجتماع ثلاثي جمع قادة الدولتين والأمين العام للحلف في العاصمة الليتوانية فيلنيوس. ما الوضع الحالي لطلب السويد؟من المتوقع أن يوقّع أردوغان في غضون أيام على قرار البرلمان ليصبح قانونا. وبعد ذلك، ستسلم تركيا الوثيقة النهائية التي تفيد بتصديقها إلى واشنطن بموجب قواعد حلف شمال الأطلسي.
ورغم أن تركيا كانت تمثل العقبة الرئيسية، فإن المجر لم تصدق بعد على طلب السويد أيضا. وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الثلاثاء، إنه دعا رئيس وزراء السويد لزيارة بودابست والتفاوض على عضوية بلاده في الحلف.
وتعهدت المجر بألا تكون آخر دولة تصدق على الطلب، لكن برلمانها في عطلة حتى منتصف فبراير تقريبا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إلى حلف شمال الأطلسی البرلمان الترکی طلب السوید على انضمام إلى ترکیا على طلب
إقرأ أيضاً:
تركيا وحماس.. هل تحل أنقرة عقدة التوازن بين الدعم وتجنب الضغط الأمريكي؟
أعادت التقارير حول انتقال مكتب حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى تركيا تسليط الضوء على العلاقات المتقدمة بين الجانبين، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول الدور المحتمل لأنقرة في ظل تعليق قطر للوساطة في المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، فضلا عن الخيط الرفيع الذي يتبعه الجانب التركي لتجنب أي ضغوطات غربية.
وقبل أيام، قالت مصادر في وزارة الخارجية التركية ردا على تقارير إسرائيلية حول انتقال مزعوم للمكتب السياسي لحماس إلى تركيا، إن "أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس يزورون تركيا من وقت لآخر".
وأضافت المصادر، بحسب وكالة الأناضول، أن "الادعاءات التي تشير إلى أن المكتب السياسي لحركة حماس انتقل إلى تركيا لا تعكس الحقيقة".
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن "قادة حماس ليسوا في الدوحة الآن"، مضيفا في إطار حديث عن التقارير حول إغلاق مكتب حماس في العاصمة القطرية أنه "في حال صدر قرار بإغلاق المكتب فسيصدر بشكل رسمي، لكن ذلك لم يحدث".
موقف تركيا من حماس
تحافظ تركيا على علاقة وطيدة مع حركة حماس، حيث رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرارا وتكرار بعد السابع من أكتوبر وصف الحركة الفلسطينية بأنها "منظمة إرهابية"، مشيرا إلى أنها حركة تحرر وطني. كما شبهها بحركة التحرر التركية التي نشطت من أجل استقلال تركيا إبان انهيار الدولة العثمانية.
والتقى أردوغان بالعديد من قادة حماس بشكل علني في إسطنبول بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة، بما في ذلك رئيس مكتبها السياسي السابق إسماعيل هنية، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي خلال زيارة كان يجريها إلى العاصمة الإيرانية طهران، نهاية شهر تموز /يوليو الماضي.
ورغم الدعم التركي المعلن لحركة حماس والقضية الفلسطينية مواقفها الحادة ضد الاحتلال، فإن هذه العلاقة الوطيدة بين الجانبين لم تصل إلى مستوى يضع أنقرة في مواجهة مباشرة مع البيت الأبيض الذي يتجهز لاستقبال إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتي برز فيها أسماء عديدة داعمة للاحتلال الإسرائيلي بقوة، حسب محللين.
ويلفت الكاتب التركي طه آكيول، إلى أن "أنقرة ترى أن استضافة حماس بشكل رسمي قد لا تكون مناسبة لموقعها في المنطقة"، مضيفا أن "تركيا لا تصنف الحركة كمنظمة إرهابية، لكنها تدرك أن مثل هذه الخطوة قد تثير حساسيات دولية، خاصة في ظل ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل".
هذا الحذر التركي يتجلى في محاولات أنقرة المستمرة للتأكيد على أن تواصلها مع حماس يتم في إطار العلاقات الدبلوماسية والسياسية، دون تجاوز الخطوط التي قد تُفقدها دور الوسيط الإقليمي المحتمل الذي تسعى إليه.
وفي حين سارعت أنقرة إلى نفي صحة التقارير المشار إليها، سارعت الولايات المتحدة بدورها إلى تحذير تركيا من مغبة اتخاذ قرار بشأن استضافة مكتب حماس السياسي على أراضيها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، "سنوضح للحكومة التركية أن الأمور لم يعد بإمكانها أن تستمر كما كانت من قبل مع حماس".
وأضاف خلال مؤتمر صحفي، أن الولايات المتحدة "تعتقد بأنه يجب ألا يعيش زعماء منظمة إرهابية في راحة"، حسب تعبيره.
تعليقا على هذه النقطة، يشير المحلل التركي علي أسمر في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن تركيا تدرك حساسية هذا الملف، خاصة في ظل ارتباطها بالولايات المتحدة كعضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
ويقول إن من "غير الممكن لأنقرة تجاهل الضغوط الغربية، خصوصا مع الأزمات الاقتصادية التي تواجهها"، موضحا أن "فتح مكتب رسمي لحركة حماس قد يؤدي إلى زيادة التوتر مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو أمر لا تحتمله أنقرة في هذه المرحلة".
وبحسب أسمر، فإن "الوجود غير الرسمي لبعض قيادات حماس في تركيا لا يعني أن أنقرة تسعى لتصعيد العلاقة مع الحركة. بالعكس، هذا الوجود يتيح لأنقرة لعب دور الوسيط دون أن تظهر كطرف منحاز في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
الأبعاد الإقليمية والدولية
لطالما حاولت تركيا تقديم نفسها كوسيط في القضايا الإقليمية، خاصة في النزاعات الكبرى مثل الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر 2023.
ويرى أسمر أن استضافة حماس رسميا في تركيا قد تتعارض مع دور الوساطة الذي تطمح إليه أنقرة، ويتابع أن "تركيا قادرة على لعب دور الوسيط إذا حافظت على مسافة متوازنة من جميع الأطراف. وجود مكتب رسمي لحماس قد يجعلها طرفا صريحا في النزاع، مما يضعف من قدرتها على التوسط".
في الوقت نفسه، يشير إلى أن تركيا قد ترى في الوساطة لتحقيق تقدم في ملف حل الدولتين فرصة لتعزيز موقعها الإقليمي والدولي "لكن هذا يتطلب تنسيقا دقيقا مع الولايات المتحدة، التي تلعب دورا حاسما في أي تسوية سياسية”.
ورغم تعقيدات العلاقة بين تركيا وحماس، إلا أن أنقرة حافظت على دعمها للقضية الفلسطينية كجزء أساسي من سياستها الخارجية، حسب طه أكيول.
ويلفت آكيول في مقال نشره في موقع "قرار" الإخباري التركي، إلى أن "الدعم التركي للقضية الفلسطينية لا يعني التماهي الكامل مع حماس، إذ تدرك أنقرة أهمية الحفاظ على علاقتها مع الغرب، وبالتالي فهي تسعى لتحقيق التوازن بين دعمها للفلسطينيين وضمان عدم الإضرار بمصالحها الاستراتيجية".
ويتفق أسمر مع طرح آكيول إلى حد كبير، حيث يشدد على أن تركيا "لن تتخلى عن موقفها إزاء حماس، لكنها أيضا لن تسمح بأن تصبح هذه العلاقة عائقا أمام مصالحها الدولية".
"لذلك، تعمل تركيا على البقاء في موقف حذر، تسعى من خلاله إلى تحقيق توازن دقيق بين الأطراف"، يقول الباحث التركي.
وتأتي التقارير حول انتقال مكتب حماس إلى تركيا في وقت حساس تمر به العلاقات الدولية والإقليمية على وقع مخاوف من اتساع دائرة النار المشتعلة في الشرق الأوسط.
ومع صعود إدارة أمريكية جديدة قد تكون أكثر دعما للاحتلال الإسرائيلي، واستمرار الأزمة الاقتصادية الضاغطة على أنقرة التي تسعى في الوقت نفسه إلى وصول إلى توافق مع الولايات المتحدة يسمح لها بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في سوريا، تبدو الخيارات أمام تركيا إزاء حماس محدودة.
يرى طه آكيول أن "تركيا بحاجة إلى إعادة النظر في سياستها الإقليمية بمنطق عقلاني يأخذ بعين الاعتبار توازن القوى في المنطقة"، ويعتبر أن "الدعم غير المشروط لحماس قد يؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية”.
أما أسمر، فيرى أنه "من الممكن أن تلعب تركيا دورا أكبر في القضية الفلسطينية إذا ما حافظت على توازنها السياسي. الوساطة تتطلب الابتعاد عن الخطاب التصعيدي، والعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف".