نزوح على صوت الرصاص.. صحفي يوثق نزوحه من خان يونس إلى رفح
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
على وقع الرصاص والقصف ينزح الأهالي من خان يونس قسرا إلى رفح هربا من البطش والقتل حاملين معهم أقصى ما يستطيعون نقله من مستلزماتهم وضروريات الحياة التي يحتاجونها.
بلال خالد صحفي من خان يونس وثق رحلة نزوحه من بيته إلى مدينة رفح تحت صوت الرصاص الكثيف، ونشر مجموعة من المقاطع عبر حسابه على إنستغرام، وعلق بالقول "تحت الرصاص والقذائف أغلقت باب بيتنا ونزحنا قسرا إلى رفح، ولا أعلم هل سنعود إليه أم لا، وهل سنعود ونجد بيتنا أم كومة ركام؟ وهل سنبقى أحياء حتى نفتح هذا الباب مرة أخرى؟ لا أحد يعلم".
ومع هذه الأسئلة التي طرحها خالد هناك سؤال آخر يتم طرحه على منصات التواصل بين سكان المدينة: هل الطرق سالكة من خان يونس إلى رفح؟ وأين هي الاشتباكات بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي؟
كما أظهرت المقاطع التي نشرها خالد نزوح الأهالي مشيا على الأقدام لمسافة تصل أكثر من 15 كيلومترا من خان يونس إلى رفح.
وبات عشرات آلاف النازحين في مراكز الإيواء بخان يونس محاصرين في ظل تصاعد القصف الإسرائيلي على المنطقة، مع تصدي فصائل المقاومة الفلسطينية لقوات الاحتلال التي تحاول التوغل في محاور عدة.
وقال مصدر طبي فلسطيني إن 50 فلسطينيا استشهدوا وأصيب 120 في قصف إسرائيلي استهدف المناطق الغربية لمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من خان یونس إلى رفح
إقرأ أيضاً:
ضبط البوصلة.. هل لا تزال سلميتنا أقوى من الرصاص؟
لا يمكن لأي إنسانٍ محبٍّ للحرية إلّا أن يفرح بزوال حكم الأسد، وأن يشارك الشعب السوري فرحته بحصوله على الحرية وفتح السجون، بل ندعو من أعماق قلوبنا أن تنجح الإدارة الجديدة في سوريا في إدارة المرحلة الانتقالية بنجاح. وما نراه ونسمعه من تصريحاتٍ وتطوراتٍ يبدو مبشِّرا بلا شك، ونسأل الله أن يوفقهم في تجاوز التحديات التي تواجههم.
مقارنة سوريا بمصر: وقفة ضرورية
لكن الحديث عن إسقاط ما حدث في سوريا على الملف المصري يحتاج إلى وقفة، بل إلى وقفاتٍ عميقة. هناك من يحاول تسويق فكرة أن التجربة السورية يمكن أن تُستنسخ في مصر، وأن شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص" قد انتهت صلاحيته. بل يذهب البعض إلى أن الطريق إلى الحرية يكمن في محاكاة ما فعله السوريون، معتبرين أن العمل السلمي لا جدوى منه.
هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص".
هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص"
الخوف من السوشيال ميديا: عائق جديد
لقد أصبح الخوف من تعليقات السوشيال ميديا وتياراتها الجارفة عائقا أمام تحكيم العقل والحكمة، وأضحى من يتصدى لهذه الأفكار مُتَّهَما بالضعف والهوان. لكن مسؤولية الكلمة وأمانة الفكر تحتم علينا أن نواجه الحقائق بشجاعة، وأن نطرح الأمور بموضوعية بعيدا عن الشعبوية أو المزايدات.
محاور لضبط البوصلة
لإعادة ضبط البوصلة، يجب تسليط الضوء على النقاط التالية:
أولا: اختلاف الواقعين السوري والمصري
الواقع السوري والواقع المصري مختلفان تماما. فالثورة السورية تحولت إلى مسلحة بعد أشهر من بدايتها، والنظام الحاكم كان طائفيا. ومع إخفاقاتٍ كثيرة، اكتسبت المعارضة السورية خبراتٍ متراكمة على مدار سنوات. وبعد ترتيب الصفوف ومحاولة إيجاد حلٍّ سياسي، رفض النظام السوري هذا الحل، وأدخل أطرافا خارجية طائفية مثل إيران، وأخرى دولية مثل روسيا. كل ذلك جعل الثوار في سوريا أمام خيارٍ وحيدٍ لإسقاط النظام.
أما في مصر فالمشهد مختلف، ولا تزال الأغلبية الساحقة من الشعب ترفض اللجوء إلى أي خياراتٍ غير سلمية، إدراكا منهم أن أي خيارٍ غير سلمي سيؤدي إلى فوضى مدمّرة. بالإضافة إلى ذلك، المجتمع المصري، رغم معاناته الاقتصادية ورغم رغبته في الحرية والكرامة والتغيير إلى الافضل، إلا انه لا يزال يتمسك بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة ويرفض المغامرات التي قد تهدمها.
فهل يدرك أصحاب نظرية إسقاط التجارب الأجنبية هذا الفارق الجوهري؟
ثانيا: الدور الحاسم للدبلوماسية في سوريا
في سوريا، ورغم القوة العسكرية لهيئة تحرير الشام ودعمها الخارجي، لم تكن القوة المسلحة وحدها هي التي حسمت الأمور، بل لعبت الدبلوماسية التركية دورا محوريا. فقد نجحت تركيا في تحييد روسيا وإيران، وأقنعت هذه القوى بأن مصلحتها ليست مع استمرار نظام الأسد. هذه الحكمة الدبلوماسية غابت عن أذهان الكثير من المنظرين الذين يروِّجون لأفكار غير سلمية.
البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة
ثالثا: الظهير الشعبي
لا يمكن تجاهل أن الظهير الشعبي في سوريا كان داعما بقوةٍ لما حدث. أما في مصر، فإن الشعب يعارض بشكلٍ واضحٍ أي خياراتٍ قد تجرُّ البلاد إلى الفوضى، حتى في ظل الأزمة الاقتصادية والمطالبة بالحرية والكرامة، فإن أي حراكٍ لا يحظى بدعمٍ شعبيٍّ كاسحٍ محكومٌ عليه بالفشل.
رؤية مستقبلية: التمسك بالسلمية
بعد استعراض هذه المحاور، يتضح أن خيار "سلميتنا أقوى من الرصاص" ليس مجرد شعار، بل هو استراتيجيةٌ واقعيةٌ تتناسب مع الظروف المصرية. النضال السلمي والدستوري هو الطريق الأكثر أمانا، حتى لو بدا طويل الأمد.
ماذا لو لم يستجب النظام؟
البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة، دون المساس بمؤسسات البلاد واستقرارها.
ختاما
قد يغضب هذا الطرح البعض، خصوصا أصحاب النظرة الصفرية الذين يرون أن الأمور إمّا أن تكون انتصارا كاملا أو هزيمة كاملة. لكن المسؤولية تحتم علينا أن ننظر إلى المشهد بموضوعية، وأن نسعى لإعادة ضبط البوصلة بعيدا عن الانفعالات. الطريق طويل، لكنه الوحيد الذي يمكن أن يحقق الحرية دون أن يهدم الوطن.