اسرائيل…غزه وسياسة “الحل النهائي”
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
1
فى تقديري إن الحرب الدائرة الآن فى " غزة " بين اسرائيل و الفلسطينيين هى من أبشع الحروب فى عصرنا الراهن و أكثرها دموية، لأن الإسرائيليون فى واقع الأمر يستهدفون ابادة الفلسطينيين و من ثم تهجير من تبقى منهم حيا خارج وطنه.
فلا يعقل أن تقوم الدولة الإسرائيلية بقتل عشرين الف فلسطيني خلال ثلاث أشهر هى عمر الحرب، جلهم من الأطفال ، النساء و كبار السن، مستخدمة فى ذلك قنابل شديدة الانفجار التى يبلغ وزنها 2000 رطل بالاضافة الى مختلف الأسلحة الفتاكة ، و يتم ذلك بموافقة و دعم دول عظمى مثل أمريكا ، بريطانيا و كندا.
غنى عن القول ان أى مبرر يقال أو يساق لا يكفى لتبرير ذلك الفعل أو يقلل من جسامته أو يغير من طبيعته الأجرامية.
لقد أقامت دولة جنوب افريقيا دعوى ضد اسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تأسيسا على ان الأخيرة ارتكبت جرائم ،ابادة جماعية ( جونسايد ) فى غزه، و ذلك يمثل انتهاكا لنصوص و بنود اتفاقية الأمم المتحدة ( منع جريمة الأبادة الجماعية ) 1948 ، وبناء على ذلك طلبت من المحكمة اصدار قرار فورى و احترازى بوقف الحرب.
و تتلخص دعوى جنوب ا فريقيا فى أن افعال اسرائيل تعكس النية لابادة الشعب الفلسطينى مع ايراد كثير من الأدلة التى تدلل و تدعم ذلك الأتهام، اضافة الى ما أصدرته بعض المؤسسات الدولية التابعة للامم المتحدة التى تطالب بوقف الحرب الدائرة فى غزة مثل اليونسيف، برنامج الأغذية العالمى و منظمة الصحة العالمية ، و السماح بدخول الغذاء ، الماء ، الدواء و الوقود .
لقد سبق و تجاهلت اسرائيل قررات محكمة العدل الدولية ،خاصة ذلك القرار الذى صدر عام 2004 بعدم قانونية اقامة " الجدار العازل " عبر الضفة الغربية، لكنها فى هذه المرة حرصت على الظهور امام المحكمة لتقديم دفاعها و ذلك خوف العزلة الدولية و الادانات المتتالية من قبل المجتمع الدولى على ما تمارسه فى غزه.
مما يجدر بذكره فى السياق أن المحكمة الدولية تتكون من خمسة عشر عضوا ليس من بينهما دولة جنوب افريقيا و اسرائيل مما يعطيهما الحق قانونا بتعين قاضى من قبل كل منهما لمتابعة الاجراءات فى المحكمة. القرار الاحترازى الذى تطالب به جنوب افريقيا يمكن أن يصدر خلال شهرين او ثمانية اسابيع.
2
الحرب الدائرة رحاها فى غزه تؤكد تعطش الاسرائيلين لسفك الدماء كما تعكس أيضا ذلك تصريحاتهم المتعنته بعدم وقف الحرب حتى يتم القضاء على حماس. هم يعلمون جيدا ان ما يمارسونه من عدوان يشمل كل الفلسطينيين وليس حماس فقط ، و يتجلى ذلك فى أبشع صوره فى منع ايصال الغذاء و الضروريات من أدوية و قصف المستشفيات بالقنابل.....انهم يمارسون سياسة ( الحل النهائى ) التى مورست ضدهم من قبل النازى هتلر.
سياسة " الحل النهائى " هى سياسة انتهجتها النازية لتصفية اليهود فى أوربا بين الاعوام 1941- 1945 من منطلق عنصرى باعتبار الالمان هم من الجنس " الآرى " و اليهود أقل درجة منهم ، و راح ضحيتها أكثر من مليونى يهودى تم قتلهم بالغاز فى معسكرات " بليزاك " ، " بوخنفالد " و " اشفيتز " فى أبشع جريمة ارتكبت إبان القرن الماضى.
المدهش فى الأمر أن اسرائيل تقوم اليوم بتكرار ما وقع على أفرادها سابقا .... هنا يبرزتطابق دور الضحية مع الجلاد أى تبنى الضحية دور السفاح و ذلك هو مبلغ الدهشة . ذلك يدعوا الى طرح سؤال موضوعى....... هل يمكن لبعض الشعوب أن تمارس ما وقع عليها من عنف و اضطهاد على الآخرين ؟!
3
من البديهيات ان الشعب الفلسطينى عليه النضال لكسب قضيته، و لكن فى عصر النيولبرالية صارت السياسة الخارجية تلعب كبيراً، كما انها تأثر تأثيراً مباشراً على مجريات السياسة الداخلية . كما أصبحت المصالح المشتركة أيضا تتحكم فى السياسات الداخلية و الخارجية للدول ، هذا التوجه الجديد يعلى من أهمية وضرورة التضامن العالمى مع الشعوب المضطهدة أو المغلوب على أمرها.
على كافة الشعوب التوحد للتضامن مع الشعب الفلسطينى لوقف حرب الافناء الجائرة التى تدور الآن فى غزة كما يجب شجب و ادانة الدول أو الأفراد الذين يقومون بدعم و تحريض أسرائيل فى تلك المذبحة .
ففى ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية جاء فى المادة 25 ( المسئولية الجنائية الفردية ) فقرة " ج " بوقوع المسئولية الجنائية على الأفراد و تجريمهم و هم يقومون بتقديم ( العون أو التحريض او المساعدة بأى شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع فى ارتكابها ).
ان الشعوب مهما طال زمن اضطهادها و قمعها فهى منتصرة فى نهاية الأمر... ذلك ما تقوله وقائع التاريخ، لكن ذاكرة الأنظمة الديكتاتورية ضعيفة و هى تقوم فى العادة بتكرار ذات الخطأ عشرات المرات !
عدنان زاهر
19- 1 – 2024
elsadati2008@gmail.com
/////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
مطالب دولية بحماية المدنيين مع تزايد انتهاكات “حرب السودان”
طالبت الولايات المتحدة والأمم المتحدة طرفا الحرب السودانية بحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني، وسط تزايد متسارع في الانتهاكات التي يتعرض لها السكان في مناطق القتال، ورصدت هيئات حقوقية عدد من الانتهاكات المرتكبة من طرفي الحرب، شملت عمليات تعذيب أسرى وحملة اعتقالات وتصفيات وملاحقات طالت مئات المدنيين والسياسيين.
واتهم المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيف ماجانجو طرفي القتال باستهداف المدنيين العزل بالقصف الجوي والأرضي الذي تتعرض له الأسواق والأحياء السكنية بشكل شبه يومي.
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييللو: "يجب على قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والمجموعات المقاتلة معهما احترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين".
وأبدى حقوقيون، مخاوف كبيرة من تدهور أوضاع العالقين في مناطق الحرب، وتزايد الانتهاكات في ظل اتساع رقعة القتال المستمر منذ منتصف أبريل 2023 وشموله أكثر من 70 في المئة من مناطق البلاد والارتفاع الملحوظ في أعداد الضحايا المدنيين.
وتزايدت خلال الأيام الأربع الماضية الغارات الجوية التي ينفذها طيران الجيش، وعمليات القصف المستمرة من قبل قوات الدعم السريع.
ووفقا لتقديرات مرصد حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية أخرى فقد سقط منذ الأربعاء أكثر من 55 شخصا بسبب القصف الجوي على مناطق في دارفور بغرب البلاد والعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في الوسط، كما قتل وأصيب العشرات في عمليات قصف استهدفت عدد من الأسواق والأحياء السكنية في أم درمان شمال غرب الخرطوم وفي مدينة الفاشر بشمال دارفور.
وتقول الأمم المتحدة إن القصف الجوي والأرضي المتكرر من قبل طرفي الصراع أدى إلى خسائر كبيرة في أرواح المدنيين، وأثر سلباً على الأمن الغذائي وسبل العيش في بلد يواجه أزمة إنسانية وغذائية حادة، وطالبت بإجراء تحقيقات شاملة ومستقلة، ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته عن انتهاكات القانون الدولي.
وحذرت رحاب مبارك عضو مجموعة محامو الطوارئ من خطورة تلك الانتهاكات التي تضع طرفي القتال أمام طائلة القانون والمسائلة.
الإفلات من العقاب
في حين تعهدت قوات الجيش والدعم السريع مرارا بالتحقيق في الانتهاكات المرتكبة، إلا أن استمرار تلك الانتهاكات عزز الشعور بعدم جدية الطرفين في وقفها.
وعقب جريمة قطع الرؤوس التي ارتكبت في مدينة الأبيض عاصمة كردفان في غرب البلاد، العام الماضي، وعد الجيش في بيان صادر عن ناطقه الرسمي بإجراء تحقيقا في الواقعة، لكن رغم مرور نحو عام كامل لم يصدر الجيش حتى الآن أي بيان يؤكد إجراء التحقيق.
وفي الجانب الآخر، تعهدت قوات الدعم السريع بحماية المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، لكن العشرات قتلوا في مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ويرى حقوقيون أن استمرار الانتهاكات والأعمال الوحشية هو انعكاس طبيعي لغياب المسائلة.
وفي هذا السياق، يقول المحامي والخبير القانوني معز حضرة لموقع سكاي نيوز عربية إن الإفلات من العقاب أدى إلى تكرار الانتهاكات التي تجرمها اتفاقيات جنيف الأربع ومواثيق القانوني الدولي الإنساني واتفاقيات الصليب الأحمر.
ويضيف "الأفعال التي نشاهدها خلال الحرب الحالية تؤكد تجاهل أطراف الحرب للمواثيق والقوانين الدولية والمحلية".
ملاحقات وتصفيات
تزايدت خلال الفترة الأخيرة عمليات ملاحقة المدنيين على أساس عرقي وسياسي، واعتقل طلاب ونساء حكم على بعضهم بالإعدام تحت قانون الوجوه الغريبة، ويوم الجمعة قتل قيادي في
حزب الأمة بأحد معتقلات الجيش بمنطقة النيل الأزرق جنوب شرق البلاد.
ويوم السبت، أثار مقطع فيديو يظهر جنودا يهددون شابان بالحرق بعد أن غطوهم بإطارات سيارات قديمة، مخاوف كبيرة من تزايد الاستهداف الممنهج بتهمة الانتماء.
وفي الأشهر الماضية نشر ناشطون مقاطع فيديو بشعة تضمنت عمليات ذبح وقطع رؤوس وبقر بطون قام بها جنود الجيش، وأخرى تظهر عمليات قتل طالت مدنيين على يد قوات الدعم السريع.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي ايهاب مادبو أن مثل هذه الوقائع تؤكد الانحدار الكبير الذي وصلت اليه الحرب السودانية، وهي مرحلة لم تصل اليها أيا من الحروب التي حدثت في دول المنطقة خلال العقود الماضية، بحسب وصفه.
ويوضح في حديث لموقع سكاي نيوز عربية "الانتهاكات المتكررة التي وقعت منذ اندلاع الحرب وحتى الآن هي انعكاس لخطاب الكراهية والتحريض الذي تم بشكل منظم من غرف داعمة للحرب وتابعة لتنظيم الإخوان بهدف قطع الطريق أمام أي حل سلمي (...) هذا السلوك ورط البلاد في حرب يصعب السيطرة عليها".
سكاي نيوز عربية - أبوظبي