سودانايل:
2025-04-05@10:20:38 GMT

سياحة في كتاب الأمة والدولة (٢)

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

د. ليلى الضو أبوشمال تكتب
أضحى الصراع في المجتمعات العربية يدور بين فريقين، فريق منحاز للفكر الغربي والذي يرى أن إخفاق تجربة الحداثة كان بسبب الأبنية والتقاليد الموروثة، وعليه يجب القضاء على هذا البناء التقليدي ، والفريق الثاني المنحاز للموروث يرى أن إستيراد الفكرة الغربية هو سبب حالة التغريب والاغتراب، وهو ما يسبب المزيد من التدهور والحل في نظر هذا الفريق يكمن في العودة للأصول الموروثة، وللحقيقة هي معركة سياسية وفكرية تدور حول بنية الأمة وأسس اجتماعها البشري حيث تلمس مساحات مهمة ومؤثرة من بناءات الأمة وتقاليدها وعقائدها ، وفي الوقت نفسه فإن بناء الدولة والأنظمة المستوردة والذي كان له أثر على البنية الموروثة للأمة يعد مرحلة أولية اذا ما قورن بأي عمل يحاول تغيير وتفكيك البنية الإجتماعية الأساسية للأمة ، وهي مرحلة أكثر حرجا حيث تقترب الحداثة من تقاليد الأمة وتقترب من عقيدتها وبالجانب الآخر نجد بعض حركات الدفاع عن الموروث والعقيدة وإن تصاعدت في النصف الثاني من القرن العشرين اتخذت من استخدام القوه سلاحا لها مما كان له أثر على الاستقرار ومما ينذر باحتمالات للحرب الأهلية حتى وإن بدت أحيانا احتمالات بعيدة مع (ملاحظة أن طبعة الكتاب كما ورد في المقال السابق تمت في 2001 م ).


وأشار الكاتب رفيق أيضا إلى قضية النهضة في تلك المجتمعات وشروطها وفي تصوره والذي بلا شك يتفق معه الكثير فيه أن التعلم من التجارب التي يمر بها شعوب العالم المختلفة ضرورة أساسية لأي أمة تريد أن تنهض، فلا يجوز لشعب أو أمة أن تحقق النهوض من خلال معرفتها الذاتية دون معارف الشعوب والأمم الأخرى ، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في معنى التعلم من تجارب الآخرين، فالبعض يتصور أن التقدم الذي حققته حضارة ما يعد نموذجاً وطريقة للتقدم، وعلى الحضارات الأخرى أن تكرره أي هذا يعني أنه يفترض أن التجارب المتقدمة يمكن إعادة إنتاجها من حضارة لأخرى مما يشير إلى افتراض دور مجرد لاعتبارات المكان والتاريخ والموروث، وغيرها
كما أشار الكاتب إلى أن الأمة العربية والإسلامية تملك ماضيا من التجارب الناهضة ولها حضارات عربية أصيلة، وبالحديث عن التجارب يجب إعادة اكتشاف أصول الحضارة العربية الإسلامية وقيمها ومفاهيمها العليا ومضمونها الحضاري والثقافي والنموذج الغربي الذي يبهر هذه المجتمعات إنما استمد أسسه من النموذج اليوناني والروماني والذي استفاد من التجربة العربية.
والخلاصة في ذلك أن شروط النهضة تبدأ من التمسك بالأصول الحضارية وتغيير الفروع حتى الوصول لنموذج ناهض يعبر عن هوية الأمة الممتدة عبر التاريخ وفي الوقت نفسه يكون تجديدا مدركا للظرف الراهن ومستوعبا للصالح من تجارب الآخرين ، وبذلك لا تكون البناءات الموروثة عائقا كما يعتقد البعض بل العكس.
إن عملية استيراد الدولة كنموذج للحداثة قد تمت في زمن التراجع الحضاري وهذه الفترة أي فترة التراجع الحضاري تؤدي إلى فقدان الأمة لنموذجها الحضاري الناهض مما يفقدها أساليب مواجهة العصر وتفقد الأمة في زمن التراجع القدرة على التجديد مما يجعلها عاجزة عن تقديم نماذج جديدة مستمدة من الموروث الحضاري ، وفي غياب هذا النموذج الناهض و القدرة على التجديد يحدث ما يمكن تسميته بحالة الفراغ الحضاري وهي ليست فراغ من المضمون الحضاري للأمة والذي يبقى ويستمد في كل الظروف ولكنها حالة من فقدان الفكرة والنظام القابل للتطبيق.
ونواصل

leila.eldoow@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

إصدار كتاب “السودان: من النزاع إلى الوئام”

إصدار كتاب "السودان: من النزاع إلى الوئام"
بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب من 26 أبريل إلى 5 مايو 2025 - دار باركود للنشر والتوزيع.

يتناول الكتاب مجموعة من القضايا المحورية التي تهتم بشأن السودان وشعبه، ويستعرض مواضيع متنوعة بدءً بدور النيل كمصدر للإلهام، ومروراً إلى الهوية السودانية المتعددة، ثم وصولاً إلى القضايا السياسية والاجتماعية التي تعيق عملية التنمية في بلدنا الحبيب.
يوجه المؤلف الدكتور سامر عوض حسين كلماته صوب الشعب السوداني، داعياً إلى تحقيق السلام والوئام كوسيلة لبناء وطن له الحق في العيش والحياة. ويناقش الكتاب كذلك أهمية استثمار التنوع الثقافي والهوية السودانية المتعددة، التي عانت من الإهمال منذ الاستقلال، ويؤكد على ضرورة صياغة مشروع وطني شامل يجمع شمل السودان ككل.
يخصص الكاتب جزءاً من الكتاب لقضايا التعليم ودورها في مواجهة خطاب الكراهية، متطرقاً إلى الأزمات التي يمر بها النظام التعليمي بسبب الحروب المستمرة. كما يدعو إلى دعم دور المكتبات في حياتنا كشعوب محبة للقراءة، وخاصة المكتبات العامة، ويبرز أهمية المكتبات المنزلية في تعزيز الثقافة والمعرفة.
كما يولي المؤلف اهتماماً خاصاً بدور الشباب المحوري في إحداث التغيير السياسي، مسلطاً الضوء على النظرة الإيجابية تجاه الأجيال الجديدة التي قادت ثورة ديسمبر وطالبت بالحرية والسلام والعدالة. يناقش الكتاب أيضاً أثر الحرب على السودان، كتدمير المؤسسات التعليمية والمرافق الحيوية، والنزوح الجماعي، لكن على العكس من ذلك يبدي الكاتب تفاؤلاً كبيراَ بإمكانية إعادة الإعمار، مستشهداً ببعض التجارب للعديد من الدول التي نهضت بعد انقضاء حروبها. وفي نهاية الرحلة والمطاف يختتم المؤلف كتابه بمقال "آمال الغد"، مقالاً يعبر عن أحلام السودانيين الجائرة التي تسعى بالعودة إلى الحياة الطبيعية والسلام المستدام في يوم قريب.

يمثل هذا الكتاب دعوة صادقة من القلب للتفاؤل والعمل من أجل مستقبل أفضل لسوداننا وشعبه. ويحظي كتاب "السودان: من النزاع إلى الوئام" بتقديم مميز من البروفسور فدوى عبد الرحمن علي طه، مديرة جامعة الخرطوم السابقة، مما أضفى عليه بعداً ورؤيةً ثاقبة.

samir.alawad@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • معنى حديث «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا»، ونفي تحريضه على فعل الذنوب
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [165]
  • مكلارين يتصدر «التجارب الثالثة» في «جائزة اليابان»
  • مكلارين تتصدر التجارب الحرة الثالثة في سباق اليابان
  • شاهد.. سائق ألبين ينجو من حادث تصادم بسرعة مجنونة
  • فقرات من كتاب العار
  • موعد عيد الأضحى 2025.. كتاب التوفيقات الإلهامية يتنبأ من جديد
  • إصدار كتاب “السودان: من النزاع إلى الوئام”
  • رئيس سياحة النواب تكشف توصيات اللجنة بشأن مشروع تطوير منطقة الأهرامات
  • مجلة «كتاب» تتناول الجذور الثقافية العربية للإسباني غويتيسولو